الفتن وضوابط اجتنابها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4866 - عددالزوار : 1839328 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4433 - عددالزوار : 1182468 )           »          {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ المُؤْمِنِينَ}ا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 365 - عددالزوار : 78727 )           »          صفحات مِن ذاكرة التاريخ _____ متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 49 - عددالزوار : 26862 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 30311 )           »          الدِّين الإبراهيمي بين الحقيقة والضلال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 170 - عددالزوار : 53372 )           »          التمدد الشيعي في المغرب العربي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 40 )           »          المشروع الصهيوني (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 785 )           »          الصالون الأدبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 35 - عددالزوار : 25456 )           »          نصائح وضوابط إصلاحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 43 - عددالزوار : 15740 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-03-2020, 05:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,000
الدولة : Egypt
افتراضي الفتن وضوابط اجتنابها

الفتن وضوابط اجتنابها



الشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر





إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعود بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، وأمينه على وحيّه، ومبلغ الناس شرعه، وصلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:
أيها المؤمنون عباد الله، اتقوا الله - تعالى - فإن تقوى الله - جلّ وعلا - هي خير زاد يبلغ إلى رضوان الله، يقول الله - تعالى -: ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ ﴾ [البقرة : 197].

عباد الله:
لقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إن السعيد لمن جُنِّبَ الفتن"؛ رواه أبو داوود، وغيره بإسناد صحيح عن المقداد بن الأسود - رضي الله عنه.

عباد الله:
وها هنا يتساءل كثير من الغيورين والصلحاء والنصحاء، ممن يريدون لأنفسهم السلامة ويريدون لأمتهم أمة الإسلام الرفعة والعلو، يتساءلون هنا بما تُنال هذه السعادة؟ وكيف يُظفَرُ بهذا المقصود العظيم؟ وكيف تُتَقَى الفتُن؟ وكيف يجنَّبُها المرء المسلم؟ ويسلم من أنظارها وأشرارها وشررها وأخطارها؟ يتساءل كثير من الغيورين عن ذلك؛ لأن كل مسلم ناصح غيور لا يريد لنفسه الفتنة، ولا يريدها لأمته، لِمَا قام في قلبه من النصيحة لنفسه والنصيحة لعباد الله متمثلاً في ذلك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله، قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم))، ومقتضَى النصيحة - عباد الله - للنفس والغير أن يحذر العبد من الفتن، وأن يسعَى جاهدًا في البُعد عنها، والتخلُّص منها، وعدم الوقوع فيها، والتعوُّذ بالله - تبارك وتعالى - من شرّها ما ظهر منها وما بطن.

عباد الله:
وفي هذه الوقفة، أُنبِّهُ على نقاط مهمة وأُسس عظيمة وضوابطَ قويمة، يكون للمسلم بمراعاتها والتزامها التخلُّصُ من الفتن بإذن الله - تبارك وتعالى - وهي ضوابطُ قويمةٌ مستقاة من كتاب الله العزيز وسُنة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم.

عباد الله:
وإن أهم ما تُتَقى به الفتن ويتجنب به شرها وضررها، تقوى الله - جلّ وعلا - وملازمة تقواه في السر والعلانية والغيب والشهادة، والله تعالى يقول: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ ﴾ [الطلاق : 2 - 3]؛ يجعل له مخرجًا؛ أي: من كل فتنة وبلية وشر، في الدنيا والآخرة، ويقول الله – تعالى -: ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا ﴾ [الطلاق : 4]، والعاقبة دائمًا وأبدًا لأهل التقوى في الدنيا والآخرة.

عباد الله:
ولما وقعت الفتنة في زمن التابعين، أتَى نفر من النصحاء إلى طلق بن حبيب رحمه الله وقالوا: قد وقعت الفتنة فكيف نتقيها، قال: اتقوها بتقوى الله - جلّ وعلا - قالوا له: أجمل لنا التقوى وبين لنا معناها، فقال - رحمه الله -: "تقوى الله - جلّ وعلا - أن تعمل بطاعة الله على نور من الله ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله على نور من الله تخاف عقاب الله".

وبهذا عباد الله نعلم أن تقوى الله - جلّ وعلا - ليست كلمة يقولها المرء بلسانه أو دعوى يدعيها، وإنما تقوى الله - جلّ وعلا - جدٌّ واجتهاد ونصح للنفس بطاعة الله والتقرب إليه - جلّ وعلا - بما يرضيه، مع لزوم فعل الفرائض والواجبات والبعد عن المعاصي والمنكرات، فإن هذه هي حقيقة التقوى، ومن كان هذا شأنه وهذا وصفه، فإن العاقبةَ الحميدةَ والنهاية الرشيدة تكون له في الدنيا والآخرة.

عباد الله:
وإن من الضوابط المهمة لاجتناب الفتن، لزوم الكتاب والسُّنَّة والاعتصام بهما، فإن الاعتصام بالكتاب والسُّنَّة سبيل العزّ والنجاة والفلاح في الدنيا والآخرة، وقد قال الإمام مالك إمام دار الهجرة - رحمه الله -: "السُّنَّة سفينة نوح فمن ركبها نجا، ومن تركها هلك وغرق".

ومن أَمَّرَ السُّنَّة على نفسه - عباد الله - نطق بالحكمة وسلِمَ من الفتنة، وحصَّل خير الدنيا والآخرة، وقد ثبت في حديث العرباض بن سارية المُخَرَّجِ في السُّنن أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنه من يعش منكم، فسيرى اختلافًا كثيرًا؛ فعليكم بسُنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار))، فالنجاة - عباد الله - إنما تكون بالتمسُّك بالسُّنة سنة النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام - والبعدِ عن البدع والأهواء، وأن يحكم المرء نفسه، وأن يحكم المرء السنة على نفسه، فيما يأتي ويذر في حركاته وسكناته وقيامه وقعوده وجميع شؤونه، ومن كان هذا شأنه، فإنه يُعصم ويُوقَى بإذن الله من كل شر وبلاء وفتنة، وأما من يرخي لنفسه العِنان ويطلق لهواه الزِّمام، فإنه يجر على نفسه الشر ويجر على غيره من عباد الله البلاء والشر.

عباد الله:
وإن من الضوابط العظيمة لاتقاء الفتن وتجنبها، الرفق والأناة وعدم العجلة وعدم استعجال العواقب، والتأمل والنظر في عواقب الأمور، فإن العجلة لا تأتي بخير، والأناة فيها الخير والبركة، ومن كان عجولاً في أموره، فإنه لا يأمن على نفسه من الزلل والوقوع في الانحراف والخطل، وأما من كان رفيقًا في أموره متأنيًا في أهدافه ومقاصده بعيدًا عن العجلة والتهور والاندفاع، متأملاً وناظرًا في عواقب الأمور، فإنه بإذن الله - عز وجلّ - يصل إلى العاقبة الحميدة التي يسعد بها في الدنيا والآخرة، وقد جاء عن الصحابي الجليل عبدالله بن مسعود - رضي الله عنه - أنه قال: "إنها ستكون أمور مشتبهات فعليكم بالتُؤَدَة"؛ أي: عليكم بالأناة والبعد عن العجلة، قال: "فعليكم بالتُؤَدة، فإنك أَن تكون تابعًا في الخير، خيرٌ من أن تكون رأسًا في الشر"، وتأمَّلوا - رعاكم الله - هذه الكلمة العظيمة والتوجيه المبارك من هذا الصحابي الجليل - رضي الله عنه - إنك إن تكون تابعًا في الخير، خير من أن تكون رأسًا في الشر، إن من يندفع ويتهور في معالجة الأمور، ويبتعد عن سبيل الأناة، يفتح على نفسه وعلى غيره من عباد الله بابًا من الشر والبلاء يتحمل وزره، ويبوء بإثمه ويُحَصِّلُ عاقبته الوخيمة؛ لأنه فتح باب الشر، فتح باب الشر على نفسه وعلى غيره من عباد الله، قال أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من عباد الله مَن هُم مفاتيح للخير مغاليق للشر، ومنهم من هو مغلاق للخير مفتاح للشر، فطوبي لمن جعل الله مفتاح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفتاح الشر على يديه))؛ رواه ابن ماجه بإسناد صحيح.

عباد الله:
فليتأمل عبدُ الله المؤمن، فليتأمل في الأمور ولينظر في العواقب، وليكن حليمًا رفيقًا متأنيًا، بعيدًا عن الاندفاع والعجلة والتسرع، فإن العجلة والتسرع والاندفاع لا يجر لصاحبه إلا العواقب الوخيمة، والأضرار الأليمة، والنتائج السيئة التي تجر عليه وعلى غيره الوبال.

عباد الله:
وإن من الضوابط المهمة التي يحصل بها اتقاءُ الفتن واجتناب شرها، لزوم جماعة المسلمين، والبعد عن التفرق والاختلاف، فإن الفرقة شرٌ والجماعة رحمة، الجماعة - عباد الله - يحصل بها قوة لُحْمة المسلمين وشدة ارتباطهم، وقوة هيبتهم وتحقق اجتماع كلمتهم، ويحصل بها التعاون بينهم على البر والتقوى وعلى ما تكون فيه سعادتهم في الدنيا والآخرة، وأما الخلاف - عباد الله - فإنه يجرُّ عليهم شرورًا كثيرة وأضرارًا عديدة وبلاءً لا يحمدون عاقبته في الدنيا والآخرة، ولهذا جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث الوصيةُ بلزوم الجماعة والتحذير من الفرقة، وقد قال - عليه الصلاة والسلام -: ((وعليكم بالجماعة، فإن يد الله على الجماعة، ومن شذ، شذَّ في النار)).

عباد الله:
وإن من الضوابط العظيمة التي يلزمُ مراعاتها؛ لاتقاء الفتنة واجتناب شرها، الأخذ عن العلماء الراسخين والأئمة المحققين، وترك الأخذ عن الأصاغر من الناشئين في طلب العلم، والمقلِّين في التحصيل منه، يقول - صلى الله عليه وسلم - كما في سُنن أبي داوود وغيره، يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((البركة مع أكابركم)) تأمَّلوا - قوله عليه الصلاة والسلام -: ((البركة مع أكابركم))، وهو حديث صحيح ثابت، البركة مع الأكابر الذين رسخت أقدامهم في العلم، وطالت مدتهم في تحصيله، وأصبح لهم مكانة في الأمة بما آتاهم الله - عز وجلّ - من العلم والحكمة والرزانة، والأناة والنظر في عواقب الأمور، فمن كان مُعَوِّلاً على كلمة العلماء المحققين، والأئمة الراسخين، فإنه - بإذن الله - يحمد العاقبة في الدنيا والآخرة، ولهذا وجه الله - عز وجلّ - في محكم تنزيله، قال الله - تعالى -: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء : 83].


فعليكم عباد الله، بالإفادة من العلماء والرجوع إلى فتاوى المحققين من العلماء؛ لتكون لكم السلامة والأمانة والرفعة بإذن الله - تبارك وتعالى.

ثم عباد الله:
إن من الضوابط المهمة لتجنب الفتن، حسنُ الصلة بالله، دعاؤه - جلّ وعلا - فإن الدعاء مفتاح كل خير في الدنيا والآخرة، ولا سيَّما - عباد الله - سؤال الله - تبارك وتعالى - أن يجنب المسلمين الفتن ما ظهر منها وما بطن، والتعوذ به - تبارك وتعالى - من الفتن كلِّها، فإن من استعاذ بالله أعاذه، ومن سأل الله أعطاه، ومن ناداه - تبارك وتعالى - أعطاه سُؤله، وحقق رجاه، فإن الله - تبارك وتعالى - لا يخيب عبدًا دعاه، ولا يردُّ عبدًا ناداه، وهو القائل - عز وجلّ -: ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة : 186]، وإنا لنسأل الله الكريم بأسمائه الحُسنى وصفاته العلى أن يجنب المسلمين الفتنَ ما ظهر منها وما بطنَ، وأن يحفظ على المسلمين أمنهم وإيمانهم وأَمانهم، وأن يقيَهُم الشرور كلّها، وأن يُحمِدَهم العواقب، وأن يرزقهم المآلات الحميدة، والنهايات الرشيدة، وأن يهدي ضال المسلمين بمنِّه وكرمه لا إله إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربِّ العالمين.


الخطبة الثانية

الحمد لله عظيم الإحسان، واسع الفضل والجود والامتنان، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.

أما بعد:
أيها المؤمنون، عباد الله، اتقوا الله، فإن من اتقى الله، وقاه وأرشده إلى خير أمور دينه ودنياه.

عباد الله:
إننا جميعًا نقرأ في كل يوم وليلة فرضًا لازمًا واجبًا على كل مسلم، نقرأ فاتحة الكتاب، وفيه قول الله - تعالى -: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة : 6]، واجتماعنا - عباد الله - على هذه القراءة المتكررة في كل يوم وليلة ينبئنا أو يدلنا على أمر عظيم، وهو أن اجتماع المسلمين والتحام صفهم واتحاد كلمتهم، إنما يكون بلزوم هذا الصراط المستقيم والاستمساك به والاعتصام به، فإن به النجاة والسلامة والرفعة، يقول الله - تعالى -: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام : 153]، فعليكم - عباد الله - بصراط الله المستقيم، استمسكوا به ولا تعوجوا، فإن من استمسك بصراط الله المستقيم واعتصم به، كان من أهل النجاة والرفعة والسلامة في الدنيا والآخرة، وإنا لنسأل الله - جلّ وعلا - أن يهدينا وإياكم إليه صراطًا مستقيمًا، وأن يثبتنا على صراطه المستقيم، وأن يعيذنا وإياكم من الزلل بمنِّه وكرمه؛ إنه سميع الدعاء وهو أهل الرجاء، وهو حسبنا ونعم الوكيل.

وصلوا وسلموا - رحمكم الله - على إمام الخلق والداعي إلى صراط الله المستقيم محمد بن عبدالله، كما أمركم الله بذلك في كتابه، فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب : 56]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صلى علي واحدة، صلى الله عليه بها عشرًا))، اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم؛ إنك حميد مجيد، وارضَ اللهم عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين؛ أبى بكر الصديق وعمر الفاروق وعثمان ذي النورين وأبى السبطين علي، وارض اللهم عن الصحابة أجمعين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنِّك وكرمك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين يا ربَّ العالمين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتقاك واتبع رضاك يا ربَّ العالمين، اللهم وفق ولي أمرنا لما تحبُّ وترضَى، وأعنه على البر والتقوى، وسدده في أقواله وأعماله، وألبسه ثوب الصحة والعافية، يا ذا الجلال والإكرام، وارزقه البطانة الناصحة الصالحة يا حي يا قيوم، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم - واجعلهم رحمة ورأفة على عبادك المؤمنين، اللهم آت نفوسنا تقواها زكها أنت خير من زكاها، أنت وليُّها ومولاها.

اللهم إنا نسألك الهدى والسداد، اللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفة والغنى، اللهم أصلح ذات بيننا وألف بين قلوبنا، وأهدنا سُبل السلام، وأخرجنا من الظلمات إلى النور، وبارك في أسماعنا وأبصارنا، وقواتنا وأزواجنا، وأموالنا وأوقاتنا، واجعلنا مباركين أينما كنَّا، اللهم إنا نسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمنا منه، وما لم نعلم، ونعوذ بك من الشر كلِّه عاجله وآجله، ما علمنا منه وما لم نعلم، اللهم إنا نسألك الجنة وما قرَّب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك اللهم من النار، وما قرب إليها من قول أو عمل، اللهم إنا نعوذ بك من الفِتن ما ظهر منها وما بطن، اللهم اغفر لنا ذنبنا كله؛ دقه وجله، أوله وآخره، سره وعلنه، اللهم اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا، وما أسررنا وما أعلناَّ، وما أنت أعلم به منا، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت، اللهم اغفر ذنوب المذنبين من المسلمين وتُبْ على التائبين، واكتب الصحة والسلامة والعافية لعموم المسلمين، اللهم فرج همّ المهمومين من المسلمين، ونفّس كرب المكروبين، واقضِ الدَّيْن عن المدينين، واشفِ مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اهدنا إليك صراطًا مستقيمًا، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله، اذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 59.95 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.27 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.79%)]