مدرسة الصيام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 854 - عددالزوار : 75146 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 32688 )           »          من أحكام سجود السهو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 47 )           »          فضل الدعاء وأوقات الإجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 32 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 2049 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1290 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          مفهوم القرآن في الاصطلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          تفسير سورة الكافرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 09-05-2020, 12:23 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,962
الدولة : Egypt
افتراضي مدرسة الصيام

مدرسة الصيام
محمد بن إبراهيم السبر


الخطبة الأولى
الحمد لله الذي جعل الصيام جنة، وجعله سبيلاً موصلاً إلى الجنة، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة ورفع به الظلمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه والتابعين وعلى من سار على نهجهم واقتفى أثرهم واستن بسنتهم إلى يوم الدين وعلينا وعلى عباد الله الصالحين.
أما بعد: فيا أيها الصائمون: اجعلوا من صيامكم سبباً موصلاً إلى تقوى ربكم جلا وعلا، قال - تعالى -: (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون).
أيها المسلمون: ها نحن نعيش أيام رمضان ولياليه المباركة والمسلم والمسلمة إذ يعيشان هذا الشهر الكريم هما في مدرسة وجامعة عريقةٍ في تاريخها، جليلةٍ في مبادئها، عظيمة في مآثرها. إنها مدرسةٌ وجامعةٌ فتحت أبوابها لتستقبل أفواج الدارسين في كل أرجاء المعمورة، مدرسةٌ لا يحدها وطن، ولا يحويها زمن، لا تضيق عن استيعاب مريديها، ولا تغلق بابها دون أحد منهم، فصولها المساجد والبيوت الإسلامية، وكراريسها المصاحف والسنة النبوية، إنها مدرسة الصيام التي يتعلم منها المسلمون ويتهذب بها العابدون ويتحنث بها المتنسكون.
يا صائماً ترك الطعام تعفـفـا *** أضحى رفيق الجوع واللواء
ابشر بعيدك في القيامة رحمةً *** محفوفـةً بالبر والإحسـان
يا صائماً عافت جوارحه الخنى *** ابشر برضوان من الديـان
عفوٍ ومغفرةٍ ومسكـن جنـةٍ *** تأوي بها من مدخل الريان
رمضان شهر الصيام والقيام وشهر القرآن والدعاء وشهر الجود والكرم وشهر الصدقة والمواساة، قال الله - تعالى -: (شهر رمضان الذي أنزل فيه القران هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان). وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((كُل عملِ ابن آدم له الحسنة بعشرة أمثالها إلي سبعمائة ضعف يقول الله - عز وجل -: إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي للصائم فرحتان فرحةٌ عند فطره، وفرحةٌ عند لقاء ربه، ولخلوف فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك)) متفق عليه.
ومن دروس مدرسة الصيام: أن هذا الصيام يشعرك بالوحدة الإسلامية فتشعر بإخوانك في أقاصي الأرض ومغاربها، تصوم كما يصومون، وتفطر كما يفطرون، فابتداء الصوم واحد، وانتهاء الصوم واحد، وزمانه على الناس واحد، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الصوم يوم تصومون، والإفطار يوم تفطرون، والأضحى يوم تضحون)(. رواه الترمذي.
ومن دروس مدرسة الصيام أنه يشعرنا بالتعبد لله جلا وعلا والإخلاص له والامتثال لأوامره جلا وعلا وعندما يغيب عند العبد استشعار الإخلاص، ويتلاشى استشعار التعبد في شرائع الدين تتحول الصلوات إلى حركاتٍ بدنية رياضية، عندما يغيب التعبد يتحول الصوم إلى جوع وعطش وحمية، عندما يغيب التعبد يتحول الحج إلى نزهةٍ ورحلةٍ ترفيهية، عندما يغيب التعبد تتحول الزكاة إلى عطايا وهباتٍ دافعها المجاملةُ والمحاباةُ، عندما يغيب التعبد لا يستسلم الإنسان إلى أمر الله ولا ينتهي عند نهيه، وعندما يحضر التعبد فانه يصوم لله ابتغاءَ ثوابه وطلباً لرجائه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه))، وعندما يحضر التعبد فإنه يدع شهوته وطعامه وشرابه لأجل الله، أكلٌ وشربٌ في امتثالٍ لأمر الله: (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)، ولهذا كان مستحباً للعبد المسلم الصائم أن يأكل عند الإفطار وأن يأكل عند السحور وكُرِه له الوصال وإذا جاء النهار فلا أكل حينئذٍ كل ذلك تعبداً لله - عز وجل - وإذا طلع الفجر أمسك عن طعامه وشرابه وعن سائر المفطرات وباقي المفسدات امتثالاً لأمر الله - تعالى -: (ثم أتموا الصيام إلى الليل).
هكذا يربينا الصيام على كمال الامتثال والتسليم وعلى كمال العبودية لله أمره ربه أن يأكل في وقت فامتثل وأن يصوم في وقت فامتثل، والقضية ليست مجرد أذواق وأمزجة ولا مجرد شهوات، إنما هي طاعة لله جلا وعلا وتنفيذ لأوامره جلا وعلا وهذا كمال العبودية لله - تعالى -..
فلنحقق صيامنا معشر المسلمين ولنجعله إيماناً واحتساباً لله جلا وعلا كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)).
ومن دروس مدرسة الصيام أنه يربينا على العبادة والتحنث وتحمل التكاليف الشرعية فلئن كان المسلم يعبد ربه جلا وعلا في سائر عامه إلا انه يأخذ في رمضان دورةً عباديةً يزيد فيها من جرعات الطاعة ونكهاتِ الإيمان والإخلاص حتى يقوى على ما تبقى من الشهور فيجعل هذه الفرصة العظيمة منطلقاً إلى الخيرات.
يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه)) فرمضان شهر القيام وقيام الليل هو دأب نبينا - صلى الله عليه وسلم - ودأب الصحابة ودأب الصالحين من بعدهم، قال - تعالى -: (يا أيها المزمل * قم الليل إلا قليلاً * نصفه أو انقص منه قليلاً * أو زد عليه ورتل القران ترتيلاً * إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً)، وقال: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً * والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً)، بل قال - جل وعلا - في صفات عباده المحسنين: (كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون * وبالأسحار هم يستغفرون)، وقال - صلى الله عليه وسلم -: (( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل)).
فعلى المسلم أن يحرص على أداء صلاة التراويح وأن يكملها مع الإمام، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة))، رواه أهل السنن
قـم في الدجى واتل الكتـاب *** ولا تنم إلا كنومة حائر ولهان
فلربما تأتى المنيـة بغتـــة *** فتساق من فرش إلى أكفـان
يا حبذا عينان في غسق الدجى *** من خشية الرحمن باكيتـان
فالله ينـزل كُلَ آخـر ليـلـة *** لسمائه الدنيا بلا نـكــران
فيقولُ هل من سائـلٍ فأجيبَـه *** فأنا القريبُ أجيبُ منْ ناداني
من دروس مدرسة الصيام: أنه يدرب النفس ويوطنها على هجر المعاصي وترك الذنوب: فالمعنى السامي للصيام أنه يجمع بين التقوى الحسية والتقوى المعنوية فمن أخل بواحدةٍ منها فما استكمل الصيام، ولذا قال جلا وعلا: (لعلكم تتقون).
يؤكد هذا المعنى أيها الصوام قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) رواه البخاري، وقوله: ((ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللهو والرفث)) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، هذا هو الصيام الحقيقي فإذا تحقق فيه ذلك كان جنةً من المعاصي، فالصيام الذي لا يمنعك من المعاصي ليس بصيام، والصيام الذي لا يمنعك من النظر إلى الحرام والسب والشتم والتلاحي والخصام والغيبة والنميمة والقيل والقال والولوغ في الأعراض ليس بصيام، إنما الصيام من اللغو والرفث وإذا تحقق ذلك كان جنةً من المعاصي وبالتالي جنةً ووقايةً من النار قال - صلى الله عليه وسلم -: ((الصيام جنة فإذا كان يومُ صوم أحدكم فلا يرفثْ ولا يفسقْ ولا يجهلْ فان سابه أحدٌ فليقل إني امرؤ صائم)) رواه الشيخان.
إني صائم كلمةٌ تحمل في طياتها معاني كظم الغيظ كلمة ترفع عن الجاهلين وتنبئ بمقابلة السيئة بالحسنة فلا سباب ولا مهاترات، ولا غش ولا خاصم، قال جابر - رضي الله عنه - فيقول: إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم ودع عنك أذى الجار وليكن عليك وقارٌ وسكينةٌ ولا يكنْ يومُ صومِك ويومُ فطرِك سواءً، وكان السلف يكثرون في رمضان الجلوسَ في المساجد على القرآن والاعتكاف والطاعة يقولون نحفظ صيامنا ولا نجرحه.
إذا لم يكن في السمع مني تصـاون *** وفي بصري غض وفي منطقي صمت
فحظي إذن من صومي الجوع والظمأ *** فإن قلت إني صمت يومي فما صمت
من دروس مدرسة الصيام عباد الله: أنه فرصة للتربية الإسلامية الحقة، قالت الربيع بنت معوذ - رضي الله عنها - عن صيام عاشوراء: " فكنا نصومه بعدُ ونصومه صبياننا ونجعل لهم اللعبة من العهن - يعني الصوف- فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناه ذلك حتى نكون عند الإفطار " رواه البخاري ومسلم، هكذا كان الصحابة يربون أبنائهم على أداء الشعائر والعبادات ويدربونهم في الترقي في مدارج الكمال والتعبد لله جلا وعلا، وهو منهج تربوي نبوي قال - صلى الله عليه وسلم -: ((مروا أبناءكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر))، وأقرَّ - صلى الله عليه وسلم - حجَّ الصبي ومن سنته أنه كان يسلم على الصبيان.
وفي هذا إيحاء للآباء والمربين: أن المسلم لابد أن يهيئ أبناءَه ويُعدهم ويدربهم لإيجاب الشرائع والعبادات قبل أن تفرض عليهم، فإن الشيء إذا جاء مباشرةً استثقلته النفس ولكنها إذا دربت عليه أو على شيء منه مع بعض المرغبات والمحفزات استقبلته وسهل عليها فيربون على ذلك قبل البلوغ فإذا جاء البلوغ اعتادوا على هذا وفي ذلك تعويد لهم على الشرائع.
وصور تدريب الشباب والفتيان على الخير في رمضان كثيرة لعل منها:
- أن يدربوا على صلاة التراويح والقيام ولو على جزء منها مع المحافظة على الفرائض طبعاً.
- أن يختم الصبي القران كاملاً في رمضان مع المتابعة مع الترغيب والتحفيز.
- تعويدهم على الصدقةِ والإطعام وتفطير الصائمين وهكذا نعودهم على الصدقة والإحساس بآلام الآخرين مع تبيين فضل الصدقة.
- تحفيظهم دعاء القنوت ودعاء ليلة القدر.
نقول ما سلف عباد الله ونحن نرى في رمضان لبعض الشباب ضياعاً فلا إلى المساجد يمشون ولا إلى الخير يدرجون، نراهم يتقلبون بين قنوات الماجنة ومسلسلات كلها طيش وسفه وضلال واستهزاء، وبين ذئاب بشرية تجوس خلال الديار تريد إضلالهم وإسقاطهم في أتون المسكرات والمخدرات والجرائم الأخلاقية والله - تعالى -يقول: (قوا أنفسكم وأهليكم ناراً)، ورسوله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته)) ويقول: ((إن الله سائل كل رجل عما استرعاه أحفظ ذلك أم ضيعه، حتى يسأل الرجل عن أهل بيته)).
من دروس الصيام عباد الله: أنه تكافل وترابط ومواساة شعور بالآم المسلمين وإحساس بالمظلومين والمحرومين، تكافل ومواساة عن طريق إطعام الطعام قال - تعالى -: (ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً)، بل كان السلف يحرصون على إطعام الطعام بل ويقدمونه على كثير من العبادات ولا يشترط في المُطعَم كما ذكر أهل العلم أن يكون فقيراً.
ورمضان مدرسة الجود فقد " كان رسول الله أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان كان أجود من الريح بالخير المرسلة "، قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: أحب الصيام الزيادة في الجود في شهر رمضان اقتداءً برسول الله ولحاجة الناس فيه إلى مصالحهم ولتشاغل كثير منهم فيه بالعبادة، وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم كابن عمر وداود الطائي ومالك وأحمد وكان ابن عمر لا يفطر إلا مع اليتامى والمساكين، وربما علم أن أهله قد ردوهم "يعني ردوا الفقراء والمساكين" فلم يفطر تلك الليلة. بل كان بعض السلف يطعم إخوانه وهو صائم ويقوم على خدمتهم وعلى أمرهم كما كان الحسن وابن المبارك يفعلان ذلك.
والصدقة والنفقة في سبيل الله من أسباب القرب من الله ومن أسباب دخول الجنة وهي لا تنقص مالاً من منفق، قال - تعالى -: (وما أنفقتم من شيء في سبيل الله يوفى إليكم وانتم لا تظلمون)، وقال: (وما أنفقتم من شيءٍ فهو يخلفه وهو خير الرازقين)، ويقول - صلى الله عليه وسلم -: ((ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله العبد بعفوٍ إلا عزاً وما تواضع أحد إلا رفعه)) رواه مسلم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى،، وبعد فاتقوا الله عباد الله حق التقوى.
وخاتمة دروس مدرسة رمضان معاشر الصوام: أن رمضان هو شهر الجدية والعزيمة والحركة والعمل فمعاركنا الفاصلة التي رفعت رأس الأمة عالياً وكانت للإسلام فرقاناً وللأمة فتحاً كانت في رمضان غزوة بدر وفتح مكة ومرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - من تبوك، وموقعه عين جالوت..
رمضان قوة نفسية عبادة وطاعة، وامتناع وصبر، ومجاهدة وقوة بدنية، يجمعها احتساب الأجر وأدراك أسرار الصيام والقيام فرمضان يبعث في النفوس قوة العزيمة ومضاء الإرادة وليس شهراً للنوم والتراخي وللكسل والفتور، أرأيت أقواماً يصومون عن الطعام لكن لا يصومون عن الحرام، ومن انهزم بينه وبين نفسه فلم يطيق الصبر ساعاتٍ من نهارٍ عن معصيةٍ أو لغوٍ فلسوف يكون أشد انهزاماً أمام أعباء المجاهدة، ومن لم يطق الصبر سويعاتٍ فلسوف يكون عاجزاً عن التصدي في المعارك أياماً وشهوراً وأعواماً، فالمهزوم في الميدان الصغير مع نفسه ليس أهلاً لأن يحرز النصر في الميدان الكبير مع أعدائه، من أعلن استسلامه في معركة مع شهوة نفسيةٍ محدودة فكيف تنتصر على الشدائد والفتن والمحن.
فاللهم اجعل صيامنا صياما حقيقيا مقبولاً واجعله إيمانا واحتسابا إيمانا بما عندك يا ربنا واحتسابا لثوابك يا مولانا.

__________________
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 09-05-2020, 12:24 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,962
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مدرسة الصيام

رمضان شهر التوبة
ناصر بن محمد الأحمد


الخطبة الأولى:

أما بعد: روى البخاري في صحيحه قال حدثنا عَبْدان، عن أبي حمزة عن الأَعْمش، عن سعيد بن جُبير، عن أبي عبد الرحمن السُّلَمي، عن أبي موسى الأشعري، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما أحدٌ أصبر على أذى سمعه من الله، يدَّعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم)).

هذا حديث عظيم أيها الإخوة، يدل على صبر الله عز وجل، الصبر الذي لا يبلغه صبر. وأي صبر من أن يؤذي المخلوق الضعيف الحقير، يؤذي ربه وخالقه، ومع هذا الأذى يصبر الله عز وجل عليه، ولا ينتقم منه، بل يعافيه في بدنه، ويرزقه من الطيبات. هل تعلمون صبراً أعظم من هذا.

لو أن أحدكم لحقه ضرر أو أذى من أي شخص، تجده لابد أن ينتقم منه، ولو صار طيباً فإنه يتجاوز عنه، لكن أن يصل الأمر أن يحسن إليه، فهذا لا يحصل إلا من عظماء النفوس. يقول عليه الصلاة والسلام: ((ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم)).

لكن السؤال الآن: كيف يكون أذى الإنسان لربه؟ أو ما هي الصور والمجالات التي يؤذي فيها الإنسان، رب العزة. إن صور الإيذاء كثيرة، وكثيرة جداً، منها، ما ذكر في الحديث، وهو نسبة الولد إلى الله عز وجل.

ومن الإيذاء، ارتكاب المنهيات، والإصرار عليها، فكل معصية يفعلها العبد، تعتبر أذية لله عز وجل. وكل مخالفة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، تعتبر أذية لله عز وجل. فتأملوا كل هذه المعاصي التي يفعلها العباد، وكلها أذية لله عز وجل، وفي المقابل صبر الله علينا. فاتقوا الله أيها المسلمون. أما تخشون من قوله سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِى الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً) [الأحزاب: 57]، قال ابن جرير رحمه الله تعالى: "أي الذين يؤذون ربهم بمعصيتهم إياه، وركوبهم ما حرم عليهم".

أيها المسلمون، مع ما نفعل من المعاصي، ومع مخالفتنا الكثيرة لأوامر الله عز وجل، فإنه سبحانه وتعالى يحسن إلينا بالصحة في أبداننا، والشفاء من أسقامنا، وكِلاءتنا بالليل والنهار مما يعرض لنا، ويرزقنا بتسخير ما في السماوات والأرض لنا. ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله، يدعون له الولد، ثم يعافيهم ويرزقهم. إنه ليس أمامنا -يا عباد الله- إلا التوبة. التوبة الناصحة الصادقة.

(وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مّن رَّبّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) [آل عمران: 135، 136]. وقال تعالى: (وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31]، وأخبر سبحانه وتعالى أنه يحب التوابين.

وقال عليه الصلاة والسلام: ((يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب إلى الله في اليوم مائة مرة)) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها)).

فاتقوا الله عباد الله، توبوا إلى ربكم، توبة نصوحاً، فإن الله عز وجل قد أمهلنا كثيراً، وصبر علينا كثيراً، لا نمتثل بأمره، ولا ننتهي عن نهيه، وهو عز وجل مع ذلك، يرزقنا بالليل والنهار (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ تُوبُواْ إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفّرَ عَنكُمْ سَيّئَـاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ) [التحريم: 8].

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: والنصح في التوبة يتضمن ثلاثة أشياء:

الأول: تعميم جميع الذنوب واستغراقها بها، بحيث لا يدع ذنباً إلا تناولته.

الثاني: إجماع العزم والصدق بكليته عليها بحيث لا يبقى تردد ولا تلوم ولا انتظار، بل يجمع كل إرادته وعزيمته مبادراً بها.

الثالث: تخليصها من الشوائب والعلل القادحة، في إخلاصها ووقوعها، لمحض الخوف من خشية الله. والرغبة فيما لديه، والرهبة مما عنده، لا كمن يتوب لحفظ جاهه وحرمته ومنصبه ورياسته، أو لحفظ حاله، أو لحفظ قوته وماله، أو استدعاء حمد الناس، أو لهربٍ من ذمهم، أو لئلا يتسلط عليه السفهاء، أو لقضاء نهمته من الدنيا، أو لإفلاسه وعجزه ونحو ذلك.

أيها المسلمون، شهر رمضان على الأبواب، لم يبقَ على قدوم الضيف إلا أيام قلائل، وإنها والله فرصة -يا عباد الله-، فرصة لا تعوض، من فاته شهر رمضان فقد فاته خيرٌ كثيرٌ.

جددوا توبتكم -يا عباد الله-، عسى أن يكتبنا المولى من عتقائه في هذا الشهر.

وأي فرصة، في شهر، تصفد فيه الشياطين، وتفتح فيه أبواب الجنان، إذا لم نتب من ذنوبنا في رمضان، فمتى نتوب، إذا لم نتخلص من شوائبنا ومعاصينا، في شهر الرحمة، وفي شهر القرآن، فمتى يكون؟

دعوني على نفسي أنوح وأندب *** بدمـع غزيـر واكـفٍ يتصـبب

دعوني على نفسي أنوح فإنني *** أخاف على نفسـي الضعيفة تعطب

وإني حقيـق بالتضـرع والبكـا *** إذا مـا هـدا النَّوام والليـل غيهب

وجـالت دواعي الحزن من كل جانب *** وغارت نجوم الليل وانقضى كوكب

كفـى أن عينـي بالدمـوع بخيلـةٌ *** وإنـي بآفـات الذنـوب معـذّب

فمن لي إذا نادى المنادى بمن عصى *** إلى أين التجائـي إلى أيـن أهـرب

وقـد ظهرت تلـك الفضـائح كلها *** وقد قرب الميـزان والنـار تلهـب

فيا طول حزني ثم يا طـول حسـرتي *** لئـن كنت في قعـر الجحيم أعذب

فقـد فـاز بالملك العظيـم عصابـةٌ *** تبيت قياماً في دجـى الليل ترهـب

إذا أشـرف الجبار من فـوق عرشه *** وقد زينت حور الجنان الكواعـب

فنـاداهمُ أهـلاً وسـهلاً ومرحباً *** أبحـب لكم داري وما شئتم أطلبوا

اعلموا رحمكم الله، أن التوبة إذا صحت، بأن اجتمعت شروطها، وانتفت موانعها قبلت بلا شك، إذا وقعت قبل نزول الموت، ولو كانت عن أي ذنب، وكانت قبل طلوع الشمس من مغربها، كما قال تعالى: (يَوْمَ يَأْتِى بَعْضُ ءايَـاتِ رَبّكَ لاَ يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ ءامَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِى إِيمَانِهَا خَيْرًا) [الأنعام: 158]. روى الإمام أحمد والترمذي، من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر)).

قلت لكم أيها الأخوة، بأن التوبة تقبل، إذا صحت شروطها وانتفت موانعها، فلا يكفي في قبول التوبة أن يأتي الإنسان بشروطها، لكن لابد من انتفاء الموانع والعقبات. فمن المعوقات الضارة، التسويف بالتوبة. بعض عباد الله، يعلم بأنه مذنب، ويعلم بأنه على معصية، ولكنه يؤخر التوبة، فلا أعلم، من أين علم هذا المسكين أنه يبقى إلى أن يتوب، فتارك المبادرة بالتوبة بين خطرين عظيمين:

أحدهما: أن تتراكم الظلمة على قلبه من المعاصي، حتى تصير طبعاً له.

ثانيهما: أن يعاجله المرض، فلا يجد مهلة للاشتغال بمحو ما وقع من الظلمة في قلبه، فيأتي ربه بقلب غير سليم، أو يدرك الموت.

إن مثل من يؤجل التوبة، كمثل من احتاج إلى قلع شجرة، فرآها قوية لا تنقلع إلا بمشقة شديدة، فقال: أؤخرها سنة ثم أعود أليها، وهو يعلم أن الشجرة كلما بقيت ازدادت قوة لرسوخها، وكلما طال عمره ازداد ضعفه.

يقول العلامة، الإمام ابن القيم رحمه الله: إذا أراد الله بعبده خيراً، فتح له أبواب التوبة والندم والذل والانكسار والافتقار، والاستعانة به، ودوام التضرع والدعاء، والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات، ما تكون تلك السيئة سبب رحمته، حتى يقول عدو الله ـ إبليس ـ يا ليتني تركته ولم أوقعه.

وهذا معنى قول بعض السلف، إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة، ويعمل الحسنة يدخل بها النار. قالوا كيف؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينه، خائفاً منه، مشفقاً وجلاً باكياً نادماً، مستحيياً من ربه، ناكس الرأس بين يديه، منكسر القلب له، فيكون ذلك الذنب، أنفع له من طاعات كثيرة، بما ترتب عليه من هذه الأمور، التي بها سعادة العبد وفلاحه، حتى يكون ذلك الذنب سبب دخول الجنة، ويفعل الحسنة، فلا يزال يمن بها على ربه، ويتكبر بها، ويرى نفسه شيئاً، ويعجب بها، ويستطيل بها، ويقول فعلت وفعلت، فيورثه من العُجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكون سبب هلاكه.

نسأل الله عز وجل، أن يوفقنا إلى ما فيه خيري الدنيا والآخرة.

إنه ولي ذلك والقادر عليه. أقول قولي هذا.

الخطبة الثانية:

أما بعد: عباد الله، هذه آخر جمعة لنا في هذا الشهر، وبعد أيام قلائل يهلُّ علينا رمضان، ضيفاً كريماً عزيزاً، شهر كله خير وبركات، شهر المنح والهبات، شهر محفوف بالرحمة، والمغفرة، والعتق من النار، شهر التائبين من معاصيهم، شهر العائدين إلى ربهم، هل يجد التائب فرصة أفضل من شهر تستغفر له الملائكة حتى يفطر. هل هناك فرصة أعظم أيها الإخوة، من شهر يغفر الله عز وجل فيه، لأمة محمد صلى الله عليه وسلم في آخر ليلة فيه، إذا قاموا بما ينبغي أن يقوموا به من الصيام والقيام.

إن رمضان سبب لمغفرة الذنوب، وتكفير السيئات، ففي الصحيحين، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر له ما تقدم من ذنبه)).

كان معنا في العام الماضي، أناس انتقلوا إلى ربهم، وهم اليوم من الموتى، لم يدركوا رمضان هذه السنة، فهل نستشعر هذه الحقيقة، هل نستشعر هذا الفضل من رب العالمين علينا، بأن جعلنا ندرك هذا الشهر، وأعطانا فرصة أخرى لكي نعود إليه، ونترك معاصينا وراءنا، ولا نعود إليها بعد رمضان، كما يفعل غالب الناس هداهم الله.

ياذا الذي ما كفـاه الذنب في رجب *** حتى عصى ربه في شهر شعبان

لقد أظلك شهر الصوم بعدهما *** فـلا تصيره أيضاً شهر عصيان

واتل القرآن وسـبح فيـه مجتهداً *** فإنـه شهر تسـبيح وقرآن

كم كنت تعرف ممن صام في سلف *** من بين أهل وجيـران وإخوان

أفنـاهم الموت واستبقاك بعدهمـو *** حياً فما أقرب القاصي من الداني

عباد الله، لازموا صلاة التراويح، ولا تفرطوا فيها فإن ثوابها عظيم، روى الإمام أحمد والترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من قام مع الإمام حتى ينصرف كُتِبَ له قيام ليلة)).

وقال عليه الصلاة والسلام: ((من قام رمضان إيماناً واحتساباً، غفر ما تقدم من ذنبه)) متفق عليه.

والتراويح يا عباد الله، سنة مؤكدة، وفعل الصحابة لها مشهور، وتلقته الأمة بالقبول، خلفاً بعد سلف.

ليس هناك تلفظ بنية الصوم، كما يفعله بعض العامة، وذلك بقوله بعد سحور كل يوم. نويت أن أصوم هذا اليوم لله تعالى. فإن هذا بدعة، والنية محلها القلب.

ثم عليكم تلاوة القرآن: اقتداءً بنبيكم صلى الله عليه وسلم، فقد كان يلقاه جبريل ويدارسه القرآن في شهر رمضان، وكان السلف الصالح، يكثرون من تلاوة القرآن في رمضان، لما لهذا الشهر من خاصِيَّة بالقرآن، على غيره من الشهور. قال تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة: 185].

ولتكن قراءتكم بتدبر وخشوع، وحضور قلب، وترتيل لآياته، ولا يكن همُ أحدكم الختمة فقط، كما يفعله بعض الناس هداهم الله، وهو أنهم يتباهون بعدد الختمات. اقرؤوه في المساجد والبيوت، وأكثروا من تلاوته وترديده، ألزِموا أولادَكم بتلاوته أيضا، وتفقدوهم في ذلك، ولا تتركوهم يهيمون في الشوارع طوال ليالي رمضان كما هو حال الأغلب والله المستعان.

اقتصدوا في شراء الأطعمة والأشربة في رمضان، لا داعي لما عليه الحال اليوم، من تنويع في المآكل والمشارب إلى حد الإسراف والتبذير، فإن هذا لم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يفعله السلف قبلنا، بل هو من الأمور التي فرضناها نحن على أنفسنا لغير حاجة، -فاتقوا الله أيها المسلمون-، وليكن صوم رمضان، تذكيراً لكم بما يمر به غيركم من الحاجة والجوع، ونحن على العكس، نستهلك في رمضان من الأكل ما يعادل شهرين أو ثلاثة من غيره من الأشهر، وهذا لا يليق بعاقل أيها الإخوة.

النوم: وما أدراك ما النوم، هناك صنف من الناس، لا يعرف رمضان، إلا أنه شهر النوم، فتجده معظم نهاره نائماً، لا يقوم إلا لأداء المفروضات ثم يعود ويواصل المسيرة، والذي شر منه، من لا يقوم حتى للصلوات، إنا لله وإنا إليه راجعون.

كيف فهم معنى الصيام، هذا الصنف من البشر، لا أدري، غالب الناس تجده في رمضان أقل نشاطاً من غيره، الغالب عليه الكسل والخمول، وإذا سألته، قال الناس صيام. سبحان الله. وكأن الله عز وجل، لم يفرض الصيام إلا ليقل النشاط والحركة والإنتاج، وهذا فهم لا شك في انحرافه.

ولا أريد أن أفصل في أن كبرى انتصارات ومعارك المسلمين كانت في رمضان.

التقاويم: الذي أقصده، ما رسخ في أذهان كثير من الناس، صحة التقاويم، وأن التقويم الموضوع قبل زمن، بأن رمضان يكون يوم كذا لابد أن يكون. وهذا غير صحيح. فالاعتماد على التقاويم في تحديد بداية أو نهاية رمضان، من الأمور غير المشروعة، والتي تعد من البدع، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: ((صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)). أي رؤية الهلال. فإن وافقت التقاويم رؤية الهلال فبها، وإذا خالفت، فإن الذي أُمِرْنا به هو الاعتماد على الرؤية، وليس على التقويم. ومن جعل التقويم هو الأساس، فإنه قد أحدث في الدين ما ليس منه، والرسول عليه الصلاة والسلام يقول كما عند البخاري وغيره: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)).

وصلوا وسلموا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.66 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.61%)]