|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الاحتياج شريفة الغامدي مِن أكثر الأمور التي تشعرنا بقيمتنا وأهميتنا - على الأقل: لدى أنفسنا -: احتياجُ الآخرين لنا، ذلك الاحتياج الذي يجعلنا نسارع لِمَدِّ أيدي العوْن بشَتَّى صورِه لِمن يلجأ إلينا؛ رغبةً في البَذْل والإحسان، وتفريج الكرْب، وإدخال السرور، وابتغاء الأجر، و....، و... مُبهِجٌ ذلك الشعور إلى درجةٍ قد تطغي البعض، فينتفخ كبرياءً، وتمتلئ نفسه نشوةً مُطغيةً، تجعله يتعالى ويتباهى؛ بل وقد يستذل من احتاج إليه، ويذكِّره بمرَّات احتياجه، خاصة إذا كان ذلك الاحتياجُ ماديًّا، فيلحق إحسانه بالمَنِّ والأذى، وهو مِن أعظم الأُمُور المذمومة والمُبْطِلة للعَمَل؛ يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لاَ يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264]. ويزداد الطغيان عندما يكون في الملأ ليُرائي بعملِه؛ ابتغاء ثناءِ الناس، حينها يكون قد نال ثوابَه فعلاً من الناس مدْحًا وثناءً وإطراءً يملأ الآفاق، ولكنَّه أسقط ثوابَ الآخرة، الذي هو خيرٌ وأبقى. فماذا وجد؟ هناك الكثيرُ مِمَّن لا يحفظون ماء وجوههم عن السؤال بدَعْوى الاحتياج، مع أنَّهم ليسوا بتلك الدرجة من الاحتياج، التي تجعلهم يقفون صُفُوفًا ولساعات طوال أمام أبواب مَن يتَسَوَّلُون رضاه وماله، يتمَلَّقون ويتَصَنَّعون، ويتَحَمَّلون ما لا يُحتمل منَ المهانة والإذلال؛ طمعًا فيما يستزيدون به مِن مباهج الدنيا ولذائذها، ولو بهدر الكرامة، مع أن الله تعالى امْتَدَح مَن يتعَفَّفُون عن السؤال رغم الحاجة؛ فقال: {لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا} [البقرة: 273]. فكيف بِمَنْ يسأل لغير حاجة، ودون أسباب، ويقف على موصد الأبواب، ويبيت على الأعتاب؛ انتظارًا للجواب؟! أو يجول في الطرُقات يسأل كلَّ مَن مرَّ به، ويمد يده التي لَم يعد يمنعها الحياءُ منَ الانبساط لكل مارٍّ؛ فمن معطٍ، ومن مانع، ومن متفضلٍ، ومن مُذِلٍّ؟! وقد شغلتْه الحياة، يجوبها طولاً وعرْضًا؛ بحثًا فيها عما يرفعه، فشغلتْه عن الآخرة، فلم يرتفعْ لا في الأولى، ولا في الأخرى. فماذا وجد؟ يجب أن يدركَ الإنسانُ أنَّ إحسان الآخرين وتفضُّلَهم عليه عند احتياجه لهم مرة - لا يعني أبدًا أنهم مُلْزَمُون بالإحسان له في كلِّ مرة، ولا التكلُّف لإجابة مطالبِه واحتياجاته، وأنَّ الله وحْدَه الذي يقضي الحاجات، وهو مَن يُسَخِّر مِن عباده مَن يقْضي حاجات الآخرين - لا يُغلق بابه ولا يرد طالبه؛ {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: 58]، يُجيب المضطر، ويكشف الغَم والسوء، ويُفَرِّج الكروب؛ {أَمْ مَنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ} [النمل: 62]. والله يُعطي العبد مِن فضْله الواسع فوق ما يرجو ويؤَمِّل، والجاهل الخاسِرُ مَن ترك ما عند رب الناس، والْتجَأ لِما في أيدي الناس. فيا ترى ماذا وجد؟!
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |