|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من عقوبات المعاصي الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمدُ لله نحمَدُه، ونستَعِينه ونستَهدِيه، ونستَغفِره ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفسنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، صلَّى لله عليه وعلى آله وصحابته وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله: اتَّقوا الله - تعالى - فبتقواه تحصل لكم السعادة، واشكُروه على نِعَمِه المترادفة، وخيراته الممتدَّة فإنَّكم في نعمةٍ تحسدون عليها في وقتٍ لم يكن فيه بلد من بلاد العالم تعيش كعيشتكم؛ فهناك التقاتل، والتناحُر، وسفك الدماء، وهتك الأعراض، وسلب الأموال وخَراب الدِّيار، وإهلاك الحرث والنسل؛ وما ذاك إلا بسبب البُعد عن منهج الله، وارتكاب المعاصي، والانغماس في الملذات والشهوات الضارَّة التي تنسي الواجب، وتَحُول دون أداء ما أمر الله به، وتُسهِّل ارتكاب ما حرَّم الله. عباد الله: لقد دبَّ إليكم داء الأمم، وحدقت بكم الشرور، وظهرت المعاصي: من ترك الصلوات، وأكْل الربا، وتناول المسكرات والمخدِّرات، وتبرُّج النساء، وصرف الأموال فيما يُغضِب الربَّ - جلَّ وعلا - وعكَف الأكثر من الناس على الملاهي: من سماع الأغاني، والنظَر إلى الصور والأجسام العارية العاهرة، وغرفت العقول في بحر الغَفلة، ونسيت أو تناسَتْ ما يُحِيطُ بها من شُرور وويلات، لقد وُعِظنا بغيرنا فهل من متَّعظ؟ حُروب مُستَعرة أكلت الرطب واليابس، تشاهد وتسمع على مَرِّ السنين، وكأنَّها مخصوصةٌ لِمَن يُعانِيها، ويلاقي ويلاتها، وكأنَّ السور قد ضُرِبَ علينا، والسقف أمَّننا، فلا يصلنا ما وصل إلى غيرنا، رجالٌ ونساءٌ وأطفال يموتون جوعًا في تلك البلاد، وأكثر الولائم والمآكِل تُرمَى في الأماكن القَذِرة في بلادنا، وولائم الزواج تُحمَل في السيارات ويُقذَف بها في الصحاري تخلصًا منها، إنها مصيبة أُصِيبت بها بلادُنا ونحن في غفلةٍ عمَّا أصابنا، وكأنَّنا فد أمنَّا العقوبات التي حلَّت بغيرنا، فما الذي يُؤمِّننا وقد عُمِلت أسباب العُقوبات، وتساكَت الناس على إنكارها، وقلَّ تمعُّر الوجه لله، وأصبح أكثر الناس سِباع جيفة مُنشَغِلين في تجاذُبها، مُتلطِّخين بأقذارها، لا يعمل إلا لها ولا يَغار إلا عليها، سِلْمًا لِمَن اجتنبها وحربًا على مَن اجتذبها، والبعض الآخَر قد غرق في لهوه ولذَّاته، لا يُفكِّر في دِين ولا دُنيا، يبذل أغلى ما لديه فيما يعودُ عليه بالخسران في الدنيا والآخِرة، قد وجد مَن يُعِينه ويُوفِّر له وسائل الشر، فسماسرة أعداء الإسلام والمسلمين من أبناء بلادنا قد وفَّروا لمواطنيهم أنواع آلات اللهو والمجون، وفساد الأخلاق وذهاب الشِّيَم، وقتل الغيرة على المحارم. لقد غَزانا أعداؤنا بأبنائنا، وإنَّ مصيبة الداء في البطن أعظم منها على ظاهر الجسم، والعدوُّ الظاهر يمكن أخْذ الحيطة له ودِفاعه قبل أنْ يصل، أمَّا العدو الباطن فإنَّ شرَّه وضرره يستَفحِل قبل ظهوره، وقد يصعُب علاجه بعد أنْ يتمكَّن من الجسم؛ ولهذا فقد وفَّر الأعداء عليهم مُؤنة المشقَّة والتَّعَب، وأراحُوا أنفسهم في بلادهم بأبناء المسلمين السُّذَّج، الذين لا يُفكِّرون إلا في جمْع المادَّة، ولو كان ذلك على حِساب ذَهاب أمَّة الإسلام، أو الذين تربَّوا في أحضان الأعداء، وشربوا سُمومَهم، وأصبَحُوا أفاعي يلدَغون الناس، ويبثُّون فيهم السُّموم. فيا عباد الله: إنَّنا على خطَر إنْ لم نتدارك أنفسنا، ونتفقَّد أحوالنا، ونتناصَح فيما بيننا، ونكون يدًا واحدة على عدوِّنا، ونصدُق مع الله في أقوالنا وأفعالنا، فما الفائدة من الدنيا مع المصير السيِّئ في الآخِرة، وما لذَّة ساعة يَقضِيها العبد في لهوه، ويفتَخِر فيها بملبسه ومشربه، ومسكنه وماله، يعقُبها خوفٌ ورعبٌ على النفس والعرض والمال، إنَّ حياةً كهذه لا ينبغي أنْ يَغْتَرَّ بها عاقلٌ، فعلينا جميعًا أنْ ننتبه لأنفسنا قبل أنْ يحلَّ بنا ما حلَّ بغيرنا؛ بسبب المعاصي ومخالفة أمر الله، فالسعيد مَن وُعِظَ بغيره. ولا يظن أحدٌ أنَّنا نلنا ما نلنا من أمن ورغد عيش بسبب قوَّتنا واستِعدادنا، لا؛ إنما ذلك بسبب تمسُّكنا بكتاب ربِّنا وهدي نبينا، وكلَّما بعد العبد عن الله وعن هدْي رسول الله، ناله من الشرِّ بقدْر ما بعد عن منهج الله وعن صراطه المستقيم، ولا أدلَّ على ذلك من واقع العالم اليوم، فِتَنٌ كقِطَعِ الليل المظلم، يُرقِّق بعضها بعضًا، فحصنوا أنفسكم يا عباد الله منها بالتمسُّك بدينكم، والإقلاع عن الذنوب والمعاصي، وعمَّا يكون سببًا لحلول الوَيْلات والنَّكبات. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله العظيم: ﴿ فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ﴾ [طه: 123-126]. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم، إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه إنَّه هو الغفور الرحيم. واعلَموا أنَّ النِّعَم تحتاج إلى شكرٍ عملي، وقيد بالأعمال الصالحة، وأنَّ الذنوب والمعاصي سببٌ لزوالها، وقد أنعَمَ الله علينا في هذا البلاد بنعمة الإسلام، وبه وبالتمسُّك بتعاليمه كثُرت وترادفت علينا النِّعَم، ولكنْ يُخشَى من زوالها أو زوال بعضها بسبب ما ارتُكِب من ذنوب، ومعاصي، ومخالفات لأوامر الله، وارتكاب لمحارمه، فعلينا جميعًا أنْ نتَّقِي الله في أنفُسنا، وفيمَن تحت أيدينا، من أهل ومال، وأنْ نُحافِظ على ما نحنُ فيه من نعمة، وأنْ نَزدادَ من الأعمال الصالحة، لنَزداد نعمةً على النِّعَم الموجودة، فاتَّقوا الله يا عباد الله قبل أنْ يحلَّ بكُم ما لا تُحمَد عقباه، قبل أنْ يتأسَّف الجميع على التفريط والإهمال، اتَّقوا الله وهبُّوا من هذه الغفلة، تناصَحوا، واستنكِروا المنكر، وتعاونوا على البر والتقوى، وتناهوا عن المنكر، ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، راقِبُوا الله في السرِّ والعلانية، فلا سعادة إلا بالرُّجوع إلى الله، والتمسُّك بتعاليم دينه، والصدق والإخلاص في ذلك، ومحاسبة النفوس، وكبح جماحها من التمادِي في غيِّها ولهوها وضَلالها، فما أرخص الأموال لو أُصِيبت البلاد بمصيبةٍ تُكدِّر صفوها، وما فائدة التأسُّف على التفريط عند ذلك؟ فاتَّقوا الله يا عباد الله.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |