|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في التحذير من عواقب الذنوب الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمد لله الذي خلق الجنَّ والإنس ليعبُدوه، وتكفَّل بأرزاقهم، وحذَّرهم عواقب الذنوب والمعاصي، وابتلاهم بأنواع من المصائب، ليرجعوا إليه، وحذَّرَهم عواقب الإصرار على ما ارتكبوه من مخالفات، أحمده - سبحانه - حمدًا كثيرًا وأشكره، والشكر له من نعمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، أرسله رحمةً للعالمين، ومبشرًا ونذيرًا، صلَّى لله عليه وعلى آله وصحابته، الذين جاهَدُوا في الله حق جهاده، وقادوا قومًا إلى الجنَّة بالسلاسل وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله: اتَّقوا الله - تعالى - واستَيقِظوا من رقداتكم، وهبُّوا من غفلاتكم، فقد تكرَّرت المواعظ، وتوالت المصائب، وكثُرت الحوادث، وكأنَّه قد صكَّ لكم صك الأمان، وأنَّ ما يحدُث لا يجري عليكم، وإنما هو خاصٌّ بغيركم ممَّن يحصل له ذلك، لقد ماتت القلوب، وتراكمت عليها الذنوب؛ فلا تحسُّ بما يجري ويدور حولها، حروب منذ سنين في أفغانستان ابتُلِيت بها من دولةٍ من أكبر الدول الكافرة والحاقدة على الإسلام والمسلمين، وحرب دخَلتْ عامها الثالث بين العراق وإيران، وقتال وتناحر، وخَراب دِيار بين أهل بلدةٍ واحدة هي لبنان، وأخيرًا سُلِّط عليهم عدوٌّ شرير، أخبث خلق الله على الأرض اليهود، وما زال يَسُومهم ويُشعِل نار الحرب بينهم، مع ما قام به منذ عشرات السنين من تشريدٍ للفلسطينيين، واستيلاءٍ على دِيارهم، وأخيرًا يُلاحِقهم في مخيَّماتهم، ويفتك بأطفالهم ونسائهم وشيوخهم، وبالأمس القريب ما أصابَ اليمن من زلزالٍ خرَّب العديد من القُرَى، وأهلك الكثير من السكَّان، وصدَّع الجبال الراسية، إنَّها مواعظُ لو صادفتْ قلوبًا واعية وسالمة من سواد الذنوب والمعاصي. لقد ظهرت المعاصي من استهانةٍ بالصلاة، وتكاسُل عن أدائها، خُصوصًا جماعة في المساجد، وربما تركها البعض بالكلية، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاةُ؛ فمَن ترَكَها فقد كفَر))؛ رواه أحمد وأبو داود والنسائي. وظهَر التعامُل بالربا عَلَنًا في البنوك، ولدى الكثير من التجَّار، والله - سبحانه وتعالى - يقول: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [البقرة: 278-279]. فتوعَّد الله آكِلَ الربا بهذا الوعيد الشديد، وشُرِبت الخمور وتعاطى الكثير المخدرات، وظهر التبرُّج، والسفور، وقلَّ الحياء لدى كثيرٍ من النساء، وزاحمنَ الرجال في الطرقات وفي أماكن البيع والشراء، وقلَّت الغيرة من الرجال على النساء، وعكف الرجال والنساء والصبيان على الملاهي، وتنوَّعت آلاتها ووسائلها، وأُنفِقت فيها الأموال الطائلة، وتنافَس الكثير من أبناء البلاد في توريدها وتوفيرها، وأصبَحُوا سماسرةً وأعوانًا لأعداء الإسلام والمسلمين، فلا أربح الله تجارتهم، ولا نفقتْ سلعتهم، فقد أعانوا على فَساد الأخلاق، وخَراب البلاد. رُوِي عن أبي أمامة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يلبَثُ قومٌ من هذه الأمَّة على طعم وشرب ولهو ولعب، فيُصبِحون قد مُسِخوا قردةً وخنازير، وليصيبنَّهم خسف وقذف حتى يصبح الناس فيقولوا: خُسِف الليلة ببني فلان بدار فلان، وليرسلنَّ عليهم حجارة من السماء كما أُرسِلتْ على قوم لوط، على قبائل فيها وعلى دور، وليرسلنَّ عليهم الريح العَقِيم التي أهلكتْ عادًا على قبائل فيها وعلى دور؛ بشربهم الخمر، ولبسهم الحرير، واتِّخاذهم القينات، وأكلهم الربا وقطيعة الرَّحِم))[1]. فيا عباد الله: إنَّكم في نعمةٍ مكفورة، وليس استِمرارها دليلاً على الرضا؛ فقد يكون ذلك ابتلاءً وامتحانًا إذا قُوبِلت بالمعاصي واستُعمِلت نِعَمُ الله في مساخطه، فإنَّ الله يمهل ولا يهمل، وإذا أخذ فإنَّ أخْذه شديد. فاتَّقوا الله يا عباد الله، يا مَن أضعتم أوامر الله وارتكبتم محارمه، ويا مَن حملكم الطمع والجشع على جمع المال بالباطل، ويا مِن بعتُم البلاد وأهلها بأبخس الأثمان، اتَّقوا الله في أمَّتكم وفي بلادكم، لا تُعِينوا غُزاة الكفر والإلحاد على إخراب البلاد، فإنَّ لكم يومًا ستُحاسَبون فيه على أعمالكم، وسوف تلقون جَزاءكم إن لم تقلعوا وترجعوا إلى ربِّكم، ما دُمتُم في زمن الإمهال فارجعوا قبل حُلول النِّقَم في الدنيا والعذاب في الآخرة، واتَّعِظوا بغيركم، فالسعيد مَن وُعِظَ بغيره، ولا تظنُّوا أنَّ ما أصاب غيركم لن يصيبكم إذا عملتم أسبابه، فالله - سبحانه وتعالى - أرسل الرسل مُبشِّرين ومُنذِرين، ونبيُّنا - صلوات الله وسلامه عليه - ما ترك خيرًا إلا دلَّنا عليه، ولا شرًّا إلا حذَّرَنا منه، فحاسِبُوا أنفُسَكم قبل أنْ تُحاسَبوا، واعلَموا أنَّ الله لا يُغيِّر ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: قال الله العظيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [آل عمران: 130-132]. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتابَ عليَّ وعليكم، إنَّه هو التوَّاب الرحيم. أقول هذا، وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنب، فاستغفِروه، إنَّه هو الغفور الرحيم. واعلَموا أنَّ الله - سبحانه وتعالى - قد أنعَمَ علينا في بلادنا بنِعَمٍ كثيرة، أعظمها نعمة الإسلام، وما نعيشه اليوم من أمن وطمأنينة وراحة، ورغد عيش وقلة حوادث، إنما هو بسبب تمسُّكنا بتعاليم ربنا، ولكن لهذه النعمة حُسَّاد، وقد غُزِينا من قِبَل أعدائنا، وبأبنائنا، ودبَّ إلينا داء الأمم، ومن أعظم ما ابتُلِينا به هو انفتاح الدنيا، والتنافُس فيها، والحرص على الحصول عليها بأي وسيلة من الوسائل، سواء كانت حلالاً أم حرامًا، وسواء كان في ذلك صلاح البلاد وأهلها أو خرابها، وقلَّ مَن يتَّقِي الله في الحصول على المال، وقلَّ مَن يصرفه في طرقه المشروعة، بل صار عونًا على الكثير من الناس على المعاصي، وانشَغَل الكثير عن طاعة الله، وشُكر نِعَمِه، وأُصِيبت القلوب بالغفلة، فلا تحسُّ بما يُحِيط بها، ولا تُفكِّر في عَواقِب أعمالها السيِّئة، وأصبح الكثير كالحيوانات السائمة، تُرعَى ولا تدري منى تُقدَّم للذبح، ولو كانت العُقوبة دنيويَّة فقط لهانَ الأمر، ولكنَّ وراء ذلك ما وراءه، وفي الآخِرة من أهوال وعُقوبات ونار تتلظَّى. عن خبَّاب - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((ستكونُ فتنةٌ يموتُ فيها قلبُ الرجل كما يموت بدنه؛ يصبح مؤمنًا ويمسى كافرًا، ويمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا، يبيع دينه بعرض من الدنيا))[2]. وعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((لكلِّ أمَّة فتنة، وفتنة أمَّتي المال))[3]. فاتَّقوا الله يا عباد الله، وارجِعُوا إلى ربكم، فلا خير في دُنيا لم يحكمها الدِّين، ولا سعادةَ في دُنيا يَعقُبُها شَقاوة، والناصح لنفسه مَن يُحاسِبها قبل أنْ تُحاسَب. فارجِعُوا إلى الله. [1] في سنن ابن ماجه مختصر جدًّا: (2 /1349). [2] رواه ابن ماجه بمعناه: (2 /1305). [3] الدر المنثور: 6 /288.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |