|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة عن التوبة إلى الله تعالى أ. عبدالعزيز بن أحمد الغامدي الخطبة الأولى عباد الله، يحيط بابن آدم أعداءٌ كثير، من شياطين الإنس والجن، يحسّنون القبيح؛ ويقبحون الحسن، ينضم إليهم النفس الأمارة بالسوء والهوى، يدعونه إلى الشهوات، ويقودونه إلى مهاوي الردى، لينحدر في موبقات الذنوب. يصاحب ذلك عند المؤمن ضيق وحرج وشعور بالذنب والخطيئة. فتأتي رحمة الله العليمِ الحكيمِ الرؤوفِ الرحيمِ اللطيفِ الخبير؛ الذي فتح لعباده أبواب التوبة؛ ودلهم على الاستغفار؛ وجعل لهم من أعمالهم الصالحة كفارات؛ وفي ابتلاءاتهم مكفرات. بل إنه سبحانه بفضله وكرمه يبدل سيئات التائبين حسنات: ﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا * يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ﴾ [النساء: 27، 28]. أيها الإخوة في الله، لقد جعل الله في التوبة ملاذًا مكينًا وملجأ حصينًا، يَلِجَه المذنبُ معترفا بذنبه؛ مؤملًا في ربه؛ نادمًا على فعله؛ غير مصرٍّ على خطيئته، يحتمي بحمى الاستغفار؛ ويُتبعُ السيئةَ الحسنة؛ فيكفِّر الله عنه سيئاته، ويرفع من درجاته. التوبة الصادقة تمحو الخطيئات مهما عظمت حتى الكفرَ والشرك: ﴿ قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ﴾ [الأنفال: 38]. لقد فتح الله أبوابَه لكل التائبين، يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، يقول جل وعلا في الحديث القدسي: ((يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم))، ويقول سبحانه في كتابه: ﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الزمر: 53]، ويقول تعالى: ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا ﴾ [النساء: 110]. عباد الله، إنّ مَن ظنَّ أنَّ ذنبًا لا يتسع لعفو الله فقد ظن بربه ظنَّ السُوء. كم من عبد كان مسرفا على نفسه بالمعاصي بعيدا عن طاعة الله، فمَنَّ الله عليه بتوبة محت عنه ما سلف وصار عابدا لله خلوقا مع عباد الله؛ وصار من أهل المساجد قانتًا لله ساجدًا وقائمًا يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه. أيها المؤمنون، يقول صلى الله عليه وسلم: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، ولذا فمن تدنس بشيء من قذر المعاصي فليبادر بغسله بماء التوبة والاستغفار؛ فإن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا أذنب عبد فقال: ربِّ إني عملت ذنبًا فاغفر لي فقال الله: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ بالذنب، قد غفرت لعبدي... )). وسئل علي رضي الله عنه عن العبد يذنب؟ قال: يستغفر الله ويتوب. قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله ويتوب. قيل: فإن عاد؟ قال: يستغفر الله ويتوب. قيل حتى متى؟ حتى يكون الشيطان هو المحسور. وقيل للحسن البصري رحمه الله: ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود؟ فقال: ودَّ الشيطان لو ظفر منكم بهذا، فلا تملُّوا من الاستغفار. إلى جانب التوبة والاستغفار - أيها الإخوة - تأتي الأعمال الصالحة من الفرائض والتطوعات تكَفَّر بها السيئات، وتُرفع بها الدرجات، مِنْ طهارة وصلاة وصيام وصدقة وعمرة وحج وذكر وتلاوة قرآن وغيرها. قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله يقضي فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة )، وقال صلى الله عليه وسلم ![]() يضاف إلى ذلك يا عباد الله ما يصيب المسلمَ من البلايا في النفس والمال والولد، وما يعرض له من مصائب الحياة ونوائب الدهر، فهي كفارات للذنوب، ماحيات للخطايا، رافعات للدرجات. في الصحيحين قال صلى الله عليه وسلم: ((ما من مصيبة تصيب المسلمَ إلا كفّر الله له بها؛ حتى الشوكة يشاكها ))، وفي رواية: (( إلا رفع الله له بها درجة؛ وحط عنه بها خطيئة )). وفي الموطأ والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة)). إخوة الإيمان، إن العبد إذا اتجه إلى ربه بعزم صادق وتوبة نصوح موقنا برحمة ربه واجتهد في الصالحات دخلت الطمأنينة إلى قلبه، وانفتحت أمامه أبواب الأمل في الله، واستعاد الثقة بنفسه، واستقام على الطريقة، واستتر بستر الله. ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [التحريم: 8]. أقول ما سمعتم.. الخطبة الثانية الحمد لله غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب، أحمده سبحانه وأشكره وأسأله المزيد من فضله وكرمه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله؛ قدوةَ المستغفرين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى الآل والأصحاب، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد: فاتقوا الله - أيها المؤمنون - واعلموا أن من الناس من يخدعه طولُ الأمل؛ أو نضرةُ الشباب والصحة؛ وزهرةُ النعيم؛ وتوافرُ النعم، فيُقدِم على الخطيئة؛ ويُسوِّف في التوبة، لا يفكر في عاقبة، ولا يخشى سوء الخاتمة، وما خدع إلا نفسه؛ والموت يأتي بغتة: ﴿ وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ﴾ [النساء: 18]. ومن الناس من إذا أحدث ذنباً سارع بالتوبة، قد جعل من نفسه رقيبا على نفسه؛ يبادرُ بغسل الخطايا بالإنابة والاستغفار وعمل الصالحات، فهذا حريٌ أن ينضمَّ في سِلك المتقين الموعودين بجنة عرضها السماوات والأرض؛ ممن عناهم الله بقوله: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾ [آل عمران: 135، 136]. فهذه حال الفريقين أيها المؤمنون، فاتقوا الله وأنيبوا إليه، وكونوا من المتقين المنيبين المستغفرين. اللهم اجعلنا من المتقين المنيبين المستغفرين..
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |