نفع الناس وإيذاؤهم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 188 - عددالزوار : 17238 )           »          ألا تحب أن تُذكر في الملأ الأعلى؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 54 )           »          شرح وترجمة حديث: ألا تسمعون؟ إن البذاذة من الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 50 )           »          التوفيق بين الزهد في الدنيا وإظهار العبد نعم الله عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 63 )           »          بساطة العيش (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »          فوائد من التفسير (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 62 )           »          أوهام الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 52 )           »          يأخذ بقلبي مطلع سورة صٓ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          ثمرات التقوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          الرحمة في الحدود (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 46 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-12-2020, 06:13 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,312
الدولة : Egypt
افتراضي نفع الناس وإيذاؤهم

نفع الناس وإيذاؤهم


الشيخ د. : إبراهيم بن صالح العجلان



عناصر الخطبة

1/ بشارة ونذارة لأهل الإيمان 2/ أعظم ما يقرب من الجنة ويباعد من النار 3/ أعمال يسيرة وأجور كبيرة 4/ صنائع المعروف مزارع الآخرة 5/ صور بذل المعروف للمسلمين 6/ وصايا ونصائح لأهل المعروف والإحسان 7/ مفاسد الإضرار بالمسلمين وبكل ما فيه روح 8/ قبح الإضرار المعنوي بالآخرين


اقتباس

أَهْلُ الْمَعْرُوفِ أَحْبَابُ الرَّحْمَنِ يَتَقَلَّبُونَ فِي دُنْيَاهُمْ فِي مَعُونَةِ اللهِ وَتَوْفِيقِهِ مَعَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَالإِطْرَاءِ الْجَلِيلِ، وصَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ مَزَارِعُ الآخِرَةِ الَّتِي يَبْذُرُهَا الْعَبْدُ فِي دُنْيَاهُ، صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ بَرَكَةٌ فِي الْعُمْرِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَبَابٌ مَتِينٌ يَتَّقِي بِهِ الْعَبْدُ حَوَادِثَ الدَّهْرِ وَأَتْرَاحَ الْحَيَاةِ، فأَكْرِمْ بِأَهْلِ الْمَعْرُوفِ الَّذِينَ هُمْ شَامَةٌ فِي جَبِينِ الْمُجْتَمَعِ!! سَلامٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ أَنْ ..









الْحَمْدُ للهِ، اصْطَفَى لِمَحَبَّتِهِ الْأَخْيَارَ فَصَرَفَ قُلُوبَهُمْ فِي طَاعَتِهِ وَمَرْضَاتِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ، أَحْمَدُهُ –سُبْحَانَهُ- وَأَشْكُرُهُ شُكْرَ الشَّاكِرِينَ الْأَبْرَارَ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، مُقَلِّبُ الْقُلُوبِ وَالْأَبْصَارِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمُصْطَفَى الْمُخْتَارُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطَّيِّبِينَ الْأَطْهَارَ وَعَلَى جَمِيعِ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ، وَمَنْ سَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ، مَا أَظْلَمَ اللَّيْلُ وَأَضَاءَ النَّهَارُ وَاقْتُفي أَثَرُهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقَرَارِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى؛ فَإِنَّهَا خَيْرُ الزَّادِ وَهِيَ وَصِيَّةُ الرَّحْمَنِ لِعِبَادِهِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ، لِخَلْقِ أَوَّلِهِمْ وَآخِرِهِمْ: (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ) [النِّسَاءِ: 131].
مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: رَوَى الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ".
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ: حَقِيقَةٌ بَيَّنَهَا لَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهِيَ بِشَارَةٌ وَنِذَارَةٌ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ تَجْعَلُهُمْ يَسِيرُونَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا بَيْنَ جَنَاحَيِ الرَّجَاءِ وَالْخَوْفِ.
وَالْمُرَادُ بِقُرْبِ الْعَبْدِ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ؛ أَيْ بِحَسْبِ عَمَلِهِ وَسَعْيِهِ فِي الدُّنْيَا؛ فَكَمْ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي يَزْهَدُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، وَهِيَ تُقَرِّبُ مِنَ الْجَنَّةِ، بَلْ وَتَكُونُ سَبَبًا لِدُخُولِهَا!!
وَكَمَا أَنَّ الْجَنَّةَ قَرِيبَةٌ وَمُيَسَّرٌ طَرِيقُهَا فَكَذَا النَّارُ لَصِيقَةٌ وَمُزْلِقَةٌ دَرْبُهَا، وَهَذِهِ حَقِيقَةٌ بَيَّنَهَا لَنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِينَ قَالَ: "الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ، وَالنَّارُ مِثْلُ ذَلِكَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.
وَالْمُرَادُ بِقُرْبِ الْعَبْدِ مِنَ الْجَنَّةِ أَوِ النَّارِ أَيْ بِحَسْبِ عَمَلِهِ وَسَعْيِهِ فِي الدُّنْيَا؛ فَأَعْمَالٌ صَالِحَاتٌ يَزْهَدُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ تُقَرِّبُ مِنَ الْجَنَّةِ وَتَكُونُ سَبَبًا لِدُخُولِهَا، وَسَيِّئَاتٌ وَخَطِيئَاتٌ يَتَهَاوَنُ فِيهَا كَثِيرٌ مِنَ الْعِبَادِ تُقَرِّبُ مِنَ النَّارِ وَتَكُونُ سَبَبًا لِوُلُوجِهَا.
وَكَمْ مِنَ الْمَعَاصِي وَالْخَطِيئَاتِ الَّتِي يَتَهَاوَنُ فِيهَا الْكَثِيرُونَ وَهِيَ تُقَرِّبُ إِلَى النَّارِ، بَلْ تَكُونُ سَبَبًا لِدُخُولِهَا!!
أَلا وَإِنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُقَرِّبُ إِلَى الْجَنَّةِ مِنَ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ: إِيصَال النَّفْعِ إِلَى النَّاسِ، وَإِدْخَال السُّرُورِ عَلَيْهِمْ، كَمَا أنَّ مِنْ أَعْظَمِ مَا يُقَرِّبُ إِلَى النَّارِ مِنَ الْأَعْمَالِ: إِضْرَار النَّاسِ وَإِدْخَال الْحُزْنِ عَلَيْهِمْ (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهْ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهْ) [الزلزلة: 7- 8].
تَأَمَّلْ مَعِي -يَا رَعَاكَ اللهُ- فِي هَذِهِ الآثَارِ النَّبَوِيَّةِ كَيْفَ أَنَّ أَعْمَالًا هِيَ فِي نَظَرِ الْكَثِيرِ مِنَ النَّاسِ حَقِيرَةٌ صَغِيرَةٌ لَكِنَّهَا فِي مِيزَانِ الشَّرْعِ عَظِيمَةٌ اسْتَوْجَبَ أَصْحَابُهَا الْجَنَّةَ وَالْمَغْفِرَةَ.
رَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال: "بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي بِطَرِيقٍ وَجَدَ غُصْنَ شَوْكٍ عَلَى الطَّرِيقِ فَأَخَّرَهُ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ فَغَفَرَ لَهُ".
وَجَاءَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: "نَزَعَ رَجُلٌ لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ غُصْنَ شَوْكٍ عَنْ طَرِيقٍ إِمَّا كَانَ فِي شَجَرَةٍ فَقَطَعَهُ فَأَلْقَاهُ، وَإِمَّا كَانَ مَوْضُوعًا فَأَمَاطَهُ فَشَكَرَ اللهُ لَهُ بِهَا فَأَدْخَلَهُ الْجَنَّةَ".
وَرَوَى الشَّيْخَانِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ قَدْ كَادَ يَقْتُلُهُ الْعَطَشُ إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا -أَيْ خُفَّهَا- فَاسْتَقَتْ لَهُ بِهِ فَسَقَتْهُ إِيَّاهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ".

فَانْظُرْ -يَا رَعَاكَ اللهُ- إِزَاحَة غُصْنِ شَوْكٍ وَسُقْيَا كَلْبٍ، كَمْ هِيَ صَغِيرَةٌ فِي أَعْيُنِ كَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ مِثْلُ هَذِهِ الأَعْمَالِ! لَكِنَّهَا فِي مَقَامِ الإِكْرَامِ الْإِلَهِيِّ وَالْإِحْسَانِ الرَّبَّانِيِّ عَظِيمَةٌ، وَإِذَا كَانَت إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي هُوَ أَدْنَى شُعَبِ الْإِيمَانِ اسْتَوْجَبَ صَاحِبُهُ الْمَغْفِرَةَ؛ فَكَيْفَ بِمَنْ حَقَّقَ رُتَبَ الْإِيمَانِ الْعُلْيَا كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَبِرِّ الْوَالِدَيْنِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَالْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ!!


إِذَا كَانَ مَنْ أَزَاحَ غُصْنَ شَوْكٍ عَنِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْإِخْلَاصِ اسْتَوْجَبَ مِثْلَ هَذَا الْأَجْرَ الْعَظِيمَ؛ فَكَيْفَ بِمَنْ أَزَاحَ عَنِ النَّاسِ مَا يُؤْذِيهِمْ فِي دِينِهِمْ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، أَوْ مَا يُؤْذِيهِمْ فِي مَعَاشِهِمْ مِنَ الظُّلْمِ وَأَكْلِ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ!!


إِذَا كَانَ سُقْيَا كَلْبٍ قَدِ اسْتَوْجَبَ صَاحِبُهُ عِنْدَ اللهِ هَذِهِ الْمَغْفِرَةَ؛ فَكَيفَ بِمَنْ هُوَ أَكْرَمُ عَنْدَ اللهِ مِنَ الْحَيَوَانِ!!


كَيْفَ بِمَنْ سَقَا مُسْلِمًا أَوْ أَطْعَمَهُ أَوْ كَسَاهُ! كَيْفَ بِمَنْ كَفْكَفَ دُمُوعَ الأَرَامِلِ وَالأَيْتَامِ أَوْ سَدَّ جُوعَ مِسْكِينٍ مُتَعَفِّفٍ لَا يَعْلَمُ حَالَهُ إِلَّا اللهُ!


إِنَّهَا وَاللهِ أَبْوَابٌ مِنَ الْخَيْرِ عَظِيمَةٌ مُيَسَّرَةٌ، وَإِنَّهَا يَسِيرَةٌ عَلَى مَنْ يَسَّرَهَا اللهُ عَلَيْهِ، وَصَدَقَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "الْجَنَّةُ أَقْرَبُ إِلَى أَحَدِكُمْ مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ".


عِبَادَ اللهِ: اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- يَرْحَمُ عِبَادَهُ الرُّحَمَاءَ، وَيُيَسِّرُ عَلَى أَهْلِ التَّيْسِيرِ، وَيَرْفُقُ بِمَنْ رَفُقَ بِخَلْقِهِ، يَقُولُ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ؛ فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الْخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ". رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.


أَهْلُ الْمَعْرُوفِ أَحْبَابُ الرَّحْمَنِ يَتَقَلَّبُونَ فِي دُنْيَاهُمْ فِي مَعُونَةِ اللهِ وَتَوْفِيقِهِ مَعَ الذِّكْرِ الْجَمِيلِ وَالإِطْرَاءِ الْجَلِيلِ، يَقُولُ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ". رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.


وَيَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ". خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.


فأَكْرِمْ بِأَهْلِ الْمَعْرُوفِ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللهُ سِخِرِيًّا لِعِبَادِهِ، أَكْرِمْ بِأُولَئِكَ الرِّجَالِ الَّذِينَ هُمْ شَامَةٌ فِي جَبِينِ الْمُجْتَمَعِ، سَلَامٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ أَنْ عَاشُوا هُمُومَ إِخْوَانِهِمُ الْمُسْلِمِينَ فَكَانُوا سَبَبًا فِي تَفْرِيجِهَا، سَلامٌ عَلَيْهِمْ يَوْمَ أَنْ تَحَسَّسُوا حَاجَاتِ الْمُحْتَاجِينَ وَتَلَمَّسُوا بُؤْسَ الْبَائِسِينَ.


صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ مَزَارِعُ الآخِرَةِ الَّتِي يَبْذُرُهَا الْعَبْدُ فِي دُنْيَاهُ، صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ بَرَكَةٌ فِي الْعُمْرِ وَالْمَالِ وَالْوَلَدِ، وَبَابٌ مَتِينٌ يَتَّقِي بِهِ الْعَبْدُ حَوَادِثَ الدَّهْرِ وَأَتْرَاحَ الْحَيَاةِ، يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "صَنَائِعُ الْمَعْرُوفِ تَقِي مَصَارِعَ السُّوءِ، وَصَدَقَةُ السِّرِّ تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ". أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ.


إِخْوَةَ الإِيمَانِ: بَذْلُ الْمَعْرُوفِ لِلْمُسْلِمِينَ لَهُ أَوْجُهٌ كَثِيرَةٌ؛ مِنْ أَشْرَفِهَا وَأَعْلاهَا: بَذْلُ الْمَالِ وَإِنْفَاقُهُ لِلْمَعْدُومِ وَالْمُحْتَاجِ، يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللهِ أَوِ الْقَائِمِ اللَّيْلَ الصَّائِمِ النَّهَارَ". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.


وَمِنْ أَبْوَابِ بَذْلِ الْمَعْرُوفِ الْعَظِيمَةِ: الدَّعْوَةُ إِلَى اللهِ، وَتَعْلِيمُ الْمُسْلِمِينَ أَمْرَ دِينِهِمْ، وَهَذَا بَابٌ لا يَعْرِفُ مِقْدَارَهُ إِلَّا اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-، رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِ فَاعِلِهِ".


إِخْوَةَ الْإِيمَانِ: أَيُّ مَعْرُوٍف أَعْظَمُ وَأَجَلُّ يَوْمَ أَنْ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي لَمْلَمَةِ شَمْلٍ قَدْ تَفَرَّقَ أَوْ جَمْعِ قُلُوبٍ قَدْ تَنَافَرَتْ؟! أَيُّ خَيْرٍ أَفْضَلُ يَوْمَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ سَبَبًا فِي وَصْلِ رَحِمٍ قَدْ تَقَطَّعَتْ وَتَهَاجَرَتْ: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) [النِّسَاءِ: 114].


وَمِنْ أَبْوَابِ الْمَعْرُوفِ الَّتِي تُذْكَرُ فَتُشْكَرُ: بَذْلُ الشَّفَاعَةِ الْحَسَنَةِ، تِلْكَ الشَّفَاعَةُ الَّتِي لا تَحُولُ بَيْنَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللهِ، وَلَا تُؤَثِّرُ عَلَى حَقِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، وَلَا يُتَوَصَّلُ بِهَا إِلَى مَظْلَمَةٍ؛ فَتِلْكَ مِنَ الشَّفَاعَةِ الْمُبَارَكَةِ، يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا) [النِّسَاءِ: 85]، وَيَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.


مُوَاسَاةُ الْمُصَابِينَ وَالْمَكْلُومِينَ بِالْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ الَّتِي تُثَبِّتُ الْقُلُوبَ، وَتُسَلِّي النُّفُوسَ، وَتُخَفِّفُ الْمُصَابَ مِنْ أَبْوَابِ الْمَعْرُوفِ الَّتِي يَبْقَى أَثَرُهَا وَتَزْرَعُ الْمَحَبَّةَ وَالْأُلْفَةَ، يَقُولُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.


يَا صَاحِبَ الْمَعْرُوفِ: وَأَنْتَ تُحْسِنُ إِلَى إِخْوَانِكَ الْمُسْلِمِينَ لَا تَغِبْ عَنْكَ هَذِهِ الْأُمُورُ:


أَوَّلاً: اِحْمَدِ اللهَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- أَنِ اصْطَفَاكَ وَاخْتَارَكَ لأَنْ تَقُومَ بِالْخَيرِ وَالْبَذْلِ؛ فَأَنْتَ تَتَبَوَّأُ مَنْزِلَةً عِلْمِيَّةً مِنَ اللهِ تَسْتَحِقُّ الشُّكْرَ وَالْعِرْفَانَ.


ثَانِيًا: اِجْعَلْ مَعْرُوفَكَ خَالِصًا لِوَجْهِ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لا رِيَاءَ فِيهِ وَلا سُمْعَةَ وَلا انْتِظَارَ ثَنَاءٍ مِنْ مَخْلُوقٍ، وَكُنْ فِي زُمْرَةِ عِبَادِ الرَّحْمَنِ الأَبْرَارِ الَّذِينَ قَالَ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- عَلَى لِسَانِهِمْ: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا) [الْإِنْسَانِ: 9].


وَمِنَ الإِخْلَاصِ: الإِسْرَارُ بِالْمَعْرُوفِ؛ كَمَا قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ) [الْبَقَرَةِ: 271]، وَمِنَ السَّبْعَةِ الَّذِينَ يَحُوزُونَ الظِّلَالَ يَوْمَ الْحَرِّ الشَّدِيدِ: "رَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ"، وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الإِخْلَاصِ وَإِخْفَاءِ الصَّدَقَةِ.


ثَالِثًا: تَذَكَّرْ -أَخِي صَاحِبَ الْمَعْرُوفِ- أَنَّ الْمَعْرُوفَ هُوَ نَوْعٌ مِنَ الْمُعَامَلَةِ مَعَ اللهِ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ مُعَامَلَةً مَعَ الْخَلْقِ؛ فَاسْتَشْعِرْ أَنَّكَ تَتَعَامَلُ مَعَ رَبِّكَ بِهَذَا الْعَمَلِ الصَّالِح، اسْتَشْعِرْ قَوْلَ رَبِّكَ فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ؛ يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: "يَا ابْنَ آدَمَ: مَرِضْتُ فَلَمْ تَعُدْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ: كَيْفَ أَعُودُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟! قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ عَبْدِي فُلانًا مَرِضَ فَلَمْ تَعُدْهُ؟! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ عُدْتَهُ لَوَجَدْتَنِي عِنْدَهُ؟! يَا ابْنَ آدَمَ: اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قَالَ: يَا رَبِّ: وَكَيْفَ أُطْعِمُكَ وَأَنْتَ رَبُّ الْعَالَمِينَ؟! قَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهُ اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلَانٌ فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟! أَمَا عَلِمْتَ أَنَّكَ لَوْ أَطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذَلِكَ عِنْدِي؟! … الْحَدِيثِ". خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ.


رَابِعًا: يَا صَاحِبَ الْمَعْرُوفِ: إِيَّاكَ ثُمَّ إِيَّاكَ أَنْ تُتْبِعَ مَعْرُوفَكَ بِمَنٍّ أَوْ أَذًى، فَإِنَّ هَذَا مُبْطِلٌ لِعَمَلِكَ، مُزِيلٌ لِأَجْرِكَ مَعَ كَوْنِهِ مِنَ الْأَخْلَاقِ الْمَذْمُومَةِ الَّتِي تَأْبَاهَا النُّفُوسُ السَّوِيَّةُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى) [الْبَقَرَةِ: 264].


وَأَنْتَ -يَا مَنْ صُنِعَ لَهُ الْمَعْرُوف- لا تَغِبْ عَنْكَ هَذِهِ الْأُمُورُ:


أَوَّلاً: شُكْرُ اللهِ -عَزَّ وَجَلَّ- إِذْ هُوَ الْمُنْعِمُ الْحَقِيقِيُّ؛ فَهُوَ أَوْلَى بِالْحَمْدِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، قَالَ -تَعَالَى-: (يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَهَا) [النَّحْلِ: 83]، قَالَ عَوْفُ بْنُ عَبْدِ اللهِ: "إِنْكَارُهُمْ إِيَّاهَا أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: لَوْلا فُلانٌ أَصَابَنِي كَذَا وَكَذَا، وَلَوْلَا فُلَانٌ لَمْ أُصَبْ بِكَذَا وَكَذَا".


ثَانِيًا: شُكْرُ صَاحِبِ الْمَعْرُوفِ وَالدُّعَاءُ لَهُ، يَقُولُ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ لا يَشْكُرُ اللهَ". رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.


وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ فِي سُنَنِهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: "مَنْ أَتَى إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَعْلَمُوا أَنْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ".


ثَالِثًا: قَبُولُ الْمَعْرُوفِ الَّذِي أُسْدِيَ إِلَيْكَ، فَلا غَضَاضَةَ وَلا حَرَجَ فِي ذَلِكَ، فَعَنْ خَالِدِ بْنِ عَدِيٍّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: "مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ وَلا إِشْرَافِ نَفْسٍ فَلْيَقْبَلْهُ وَلا يَرُدَّهُ، فَإِنَّمَا هُوَ رِزْقٌ سَاقَهُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ- إِلَيْهِ". رَوَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ.


فَسَارِعُوا -أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- إِلَى بَذْلِ الْمَعْرُوفِ وَاسْتِدْرَاءِ الْخَيْرِ، فَلا يُدْرَى وَالهِو أَيُّ أَبْوَابِهِ فِيهِ الْفَلَاحُ وَالنَّجَاةُ، وَصَدَقَ نَبِيُّنَا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا تَحْقِرَنَّ مِنَ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَ أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ".


أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: (وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) [الْبَقَرَةِ: 195].


بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِهَدْيِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ، أَقُولُ مَا سَمِعْتُمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.




الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:


الَحْمَدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ؛ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.


أَمَّا بَعْدُ:


فَيَا عِبَادَ اللهِ: كَمَا أَنَّ صَنَائِعَ الْمَعْرُوفِ مِنْ أَعْظَمِ الْقُرَبِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى الْجَنَّةِ؛ فَإِنَّ الإِضْرَارَ بِالنَّاسِ وَالْقِيَامَ بِمَا يُؤْذِيهِمْ فِي دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ مِنْ أَعْظَمِ الْأَعْمَالِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى النَّارِ.


وَتَأَمَّلْ -أَخِي الْمُسْلِمَ- عُقُوبَةَ أَهْلِ النَّمِيمَةِ وَالْغِيبَةِ وَالْبُهْتَانِ، عَظُمَ جُرْمُهَا وَاشْتَدَّ وَعِيدُهَا لِمَا فِيهَا مِنَ الْإِضْرَارِ بِالْمُسْلِمِينَ وَإِيذَائِهِمْ.


بَلْ أَبْعَدُ مِنْ ذَلِكَ إِيذَاءُ الْبَهِيمَةِ وَإِضْرَارُهَا مِنْ أَسْبَابِ دُخُولِ النَّارِ، رَأَى النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- النَّارَ فَرَأَى فِيهَا امْرَأَةً تَخْدِشُهَا هِرَّةٌ، قَالَ: "مَا شَأنُ هَذِهِ؟!"، قَالُوا: "حَبَسَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ جُوعًا". رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ.


وَهَذَا الْإِيذَاءُ لِلْمُسْلِمِينَ رُبَّمَا كَانَ إِيذَاءً حِسِّيًّا، كَمَنْ يَعْتَدِي عَلَى مُمْتَلَكَاتِ الْمُسْلِمِينَ وَأَمْوَالِهِمْ، أَوْ يَمْنَعُ حَقَّ الْمِسْكِينِ وَالضَّعِيفِ، أَوْ يَظْلِمُ الْعُمَّالَ وَيُمَاطِلُ فِي صَرْفِ أُجُورِهِمْ، أَوْ يَأْكُلُ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ مِنْ خِلَالِ الدِّعَايَاتِ الْمُضَلِّلَةِ أَوِ الْغِشِّ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ أَوِ الْكَذِبِ فِي تَرْوِيجِ السِّلَعِ.


إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْإِضْرَارِ الْحِسِّيِّ، وَقَدْ يَكُونُ الْإِيذَاءُ مَعْنَوِيًّا كَمَنْ يُؤْذِي الْمُؤْمِنِينَ فِي دِينِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ مِنْ خِلَالِ فَتْحِ أَبْوَابِ الشَّرِّ وَالْإِفْسَادِ الْإِعْلَامِيِّ، وَنَشْرِ الرَّذِيلَةِ الَّتِي تَهْدِمُ الْقِيَمَ، وَتُزَلْزِلُ الثَّوَابِتَ بِلَا خَوْفٍ مِنْ خَالِقٍ، فَهَذَا وَاللهِ مِنْ أَعْظَمِ أَبْوَابِ الْإِيذَاءِ: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) [الْأَحْزَابِ: 58].


وَإِذَا كَانَ خَيْرُ الْأَعْمَالِ مَا كَانَ نَفْعُهُ مُتَعَدِّيًا فَإِنَّ شر الأعمال ما كان شره مستعديا.


وصدق الله: (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ).


فَاتَّقُوا الله -عِبَادَ الله- وَلَا تَحْقِرُوا مِنَ السَّيِّئَاتِ صَغِيرًا؛ فَإِنَّ السَّيِّئَاتِ يُذْهِبْنَ الحَسَنَاتِ، وَقَدْ يُحْرَمُ الْعَبْدُ أَبْوَابًا مِنَ الْخَيْرِ بِذَنْبٍ أَصَابَهُ، أَوْ تَهَاوَنَ فَيَهَ. وَفَي الْحَدِيْثِ: "إِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمً الرِّزْقَ بِذِنْبِ يُصِيبُه".


هذا وصلوا وسلموا -رحمكم الله- على خير البرية …




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 67.36 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.69 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.48%)]