مشروع هدم الأقصى أصبح فى حيز التنفيذ

[mahmoud eysa]

مشروع الأقصى في حيز التنفيذ لماذا يبطش الصهاينة بمقدساتنا؟!

مشروع هدم الأقصى أصبح فى حيز التنفيذ

لكي نتحدث عن أمتنا الممزقة لا نحتاج إلى مقدمات، وعندما نتساءل عن أسباب ذلها لا نحتاج إلى مبررات، وعندما تزف إلينا وكالات الأنباء أخبارها (المشئومة!!) باقتراب هدم المسجد الأقصى... علينا ألا نبكي أو نتباكى... فنحن الذين صنعنا المأساة!! وسنصنع مثلها غدا، وبعد غد، وبعد بعد، إلى أن تعود إلينا إنسانيتنا أولاً.. وإيماننا ثانيا.
تقرير: ياسر غريب
ما تقوم به إسرائيل من أعمال حفر تهدد المسجد الأقصى ليس جديدا على إسرائيل، فمخططهم معروف منذ زمن طويل، لكن الجديد ما صدر عن الإسرائيليين بتصعيد الموقف، فقد حذر الشيخ رائد صلاح رئيس مؤسسة الأقصى وزعيم الحركة الإسلامية من نية إسرائيل لهدم جزء من المسجد الأقصى فى العملية التى تقام أعلى بوابة المغاربة المواجهة للحائط الغربى للمسجد الأقصى.
ونقل التلفزيون (الإسرائيلي!!) ذاته عن الشيخ صلاح قوله: "إننى لدى معلومات تشهد بالتأكيد على أن نظام الحكم في إسرائيل قام بتجهيز المعدات الميكنية المطلوبة لتنفيذ الهدم المخطط له".
وأضاف بالقول: "إننى أ؛ذر من تداعيات تحول هذا المخطط إلى حقيقة، حيث يقومون الآن بالتخطيط لهدم الغرفتين المواجهتين لبوابة المغاربة، ويعنى ذلك هدم جزء من المسجد الأقصى".
وأشار الشيخ صلاح خلال حديثه إلى أن الحفريات الأثرية التى تقوم إسرائيل بالتنقيب عنها فى عين سيلوان "مدينة داود" تتقدم بها مباشرة باتجاه المسجد الأقصى.
وقد دعا الشيخ صلاح الحكومات في الأردن ومصر والمغرب لتحمل المسئولية لإزالة تلك الحفريات من حدود المسجد الأقصى الذى بات معرضا للخطر، مؤكدا أن عنصر الوقت مهم للغاية لعدم تنفيذ المخطط اليهودى.
وفى سياق متصل، صرح الشيخ عكرمة صبرى رئيس المجلس الإسلامى الأعلى بأن "المخطط الإسرائيلي الإجرامى هو محاولة لتغيير معالم المنطقة ومهاجمة المسجد الأقصى". وأكد الشيخ صبرى "أن المسلمين لن يسمحوا بإصابة المسجد الأقصى بأى ضرر".

مصادمات من أجل الأقصى

وبعد بدء عمليات الحفر تحت سمع الجيش الإسرائيلى وبصره، بل وتحت حمايته وإشرافه، ساد التوتر مدينة القدس فحدثت عدة اشتباكات شهدت قيام الشرطة الإسرائيلية بإطلاق قنابل صوتية على مصلين فلسطينيين في محيط المسجد الأقصى.
ومع تصاعد غضب الفلسطينيين بسبب أعمال الحفر قرب المسجد، اقتحم نحو 200 شرطى المنطقة الواقعة في القدس القديمة التى شهدت مصادمات سابقة واستبكت مع عشرات من الشبان بينما احتجزت عشرات المصلين داخل المسجد.
كما اعتقل الجيش الإسرائيلى عشرات الأشخاص، بعضهم من شوارع خارج أسوار المدينة القديمة، وكان كثير من المصلين قد أصيبوا داخل المسجد الأقصى نتيجة الغازات المسيلة للدموع وقنابل الصوت.
وتتمركز الشرطة الإسرائيلية في محيط المسجد الأقصى لمواجهة احتجاجات الفلسطينيين وخصوصاً بعد صلاة الجمعة بإرسال المئات من عناصرها.

إدانات بالجملة

لم يدفع إسرائيل عن غيها الاحتجاجات والتنديدات على كثرتها، فأصحاب التأثير، وأصحاب القرار السياسى رفعوا أيديهم عن التدخل في تلك المأساة، والعالم الغربى يشاهد الوضع وكأنه لا يرى شيئا، والأمم المتحدة التى تغير لون وجهها من الأسود إلى الأصفر، لم يتغير فؤادها، ويرق للشعوب المقهورة والبلاد المستضعفة...
وقد نبه الاتحاد العالمى لعلماء المسلمين الأمة الإسلامية إلى الخطر الداهم الذى يواجهه المسجد الأقصى المبارك بتهديد العصابات الصهيونية المتطرفة بمهاجمته، مهيبا بالعلماء والدعاة والمفكرين والمثقفين فى كل مكان أن يقوموا بواجبهم فى تنبيه الأمة إلى هذا الخطر المحدق بالمسجد الأقصى وهذه المحاولات الدائبة للعدوان عليه.
وأشار إلى أن إقدام اليهود على هذه الخطوة الخطيرة نحو هدم المسجد الأقصى ما كان ليتم بهذه السهولة لو لم يكن هناك انشغال فلسطينى ودولى بفتنة داخلية تدور رحاها على هذه الأرض المباركة.
وأوضح البيان أن الاتحاد إذ يدين كل هذه الاعتداءات والممارسات البعيدة كل البعد عن الإسلام وعن العروبة وعن الوطنية، يهيب بالفلسطينيين أن يقفوا صفا واحدا لنجدة القدس الشريف، وإنقاذ الأقصى..
كذلك أدان حزب الله الاعتداءات على حرمة المسجد الأقصى والاعتداء على المصلين وأهالى مدينة القدس والأسلوب الوحشي.
ورأى الحزب فى بيان أصدره احتجاجا على تلك الأحداث أن التواطؤ الدولى يترك الشعب الفلسطينى الأعزل في مواجهة جيش مدجج بالسلاح ينفذ مشروعًا مبيتا لتهويد المدينة المقدسة تحت شعار القيام بإصلاحات مزعومة.
وشدد البيان على أن تدنيس المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين يمس معتقدات ومشاعر مئات ملايين المسلمين والعرب فضلا عن كونه اغتصابا لحقوق الشعب الفلسطينى، وقال البيان: إن تدنيس الأقصى والاعتداء على الشعب الفلسطينى يفرض على الحكومات والشعوب والهيئات الدينية والحقوقية والمجتمع المدني في العالم العربي والإسلامى أن تتحمل مسئوليتها برفع الصوت عاليا ومواجهة التمادى العدوانى الإسرائيلى ومؤازرة الشعب الفلسطينى بكل ما يحتاجه لإكمال صموده البطولى ومقاومته المستمرة للاحتلال الإسرائيلى.

الاقتتال الداخلي أكبر خدمة للصهيونية

ترى هل كان الاقتتال الداخلي بين الأطراف الفلسطينية المتشاكسة هو الدافع القوى لإسرائيل لإرتكاب أفعالها المشينة في الأماكن المقدسة؟ وهل سيكون حق المسجد الأقصى فى رقبة من انشغلوا عنه إلى مصالح شخصية لا تمت للوطنية بصلة؟! وهل إسرائيل تحتاج إلى مبرر مثل هذا لتنفيذ مآربها؟
أيا كانت الإجابة فإن المأساة الفلسطينية الحالية لا تكاد تؤدى بالمسجد الأقصى فحسب، وهى الكارثة التى التفت إليها العالم، وإنما هذه المأساة قد تكون سببا رئيسا فى حالة من الإحباط فى الشارع الفلسطينى والعربى والإسلامى لمدة طويلة لا يعلم مداها إلا الله، حتى تلتئم جروح الفتنة!!
لقد دفعت هذه الحالة من التردى الفلسطينى البعض بإنكار هويته، فكتب عبدالبارى عطوان افتتاحية القدس العربى بتاريخ 24/1/2007 مقالا عنوانه: "أخجل من كوني فلسطينياً"، وقى مقال آخر كتب نضال حمد فى مقاله بتاريخ 27/1/2007 المعنون "يا لعار بنادقكم" قائلاً: "أصبحنا نخجل من كوننا فلسطينيين، ونكاد لا نجرؤ على النظر فى عيون أصدقاء شعبنا من الأوروبيين، ونخاف من حماقات القطعان المسلحة عليهم وعلى قضيتنا".
إن الأزمة الفلسطينية الراهنة تحولت من أزمة سياسية تطحن برحاها عزيمة الجهاد إلى أزمة نفسية تعصف بآمال هذه الأمة فى العودة مرة أخرى إلى ساحة الوجود والشهود.

قمة الإحباط

لقد وصل الأمر بشباب الأمة من الإحباط مبلغه، فلا أمل فى النجاة فى وقت يتنافس الفلسطينيون فيه على لا شيئ، ويضيعون كل شيئ، حتى بسمة الأمل التى كان يراها المسلمون فى أقصى بقاع الأرض على وجه الطفل الفلسطينى المجاهد الذى يحمل حجرا فى وجه الآلية العسكرية الضخمة.. ضاعت هى الأخرى.
ومن الأسف الأسيف أن يصل الأمر إلى أن يرسم بعض الشباب المسلمين سيناريو للأحداث المستقبلية على أحد مواقع الإنترنت، فيتخيل هدم المسجد الأقصى وردود الأفعال، فيقول: "قامت جماعة يهودية متطرفة بتفجير عبوة ناسفة أسفل المسجد الأقصى مما أدى إلى تدمير كلى للمسجد الأقصى ساعد على ذلك عمليات الحفر المستمرة أسفل المسجد".
وتعالت سحب الغبار عالية نتيجة للتفجير المريع الذى راح ضحيته المئات من المصلين وارتسمت علامات الحزن على الآباء الذين فقدوا أبناءهم وعلى الأبناء الذين فقدوا آباءهم".
وقد عبر إيهود أولمرت رئيس الوزراء الإسرائيلي عن أسفه لعملية التفجير ووصفها بعملية سيئة وألمح أن من قام بهذه الفعلة بكل تأكيد مجنون وبالطبع ليس على المجنون حرج..
كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون عملية التفجير فى مؤتمر صحفى أقامه بالمقر العام للأمم المتحدة بنيويورك، ووصف عملية التفجير بالعمل غير المسئول وطالب الفلسطينيين بضبط النفس.

الموقف الرسمى

دعت الجامعة العربية إلى اجتماع لمندوبى الدول الأعضاء لمناقشة الأوضاع فى القدس الشريف، ونقلت وكالات الأنباء عن محمد صبيح الأمين العام المساعد للجامعة العربية تعقيبه على أعمال الحفر التى تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلى عند باب المغاربة والحرم القدسى حيث اتهم إسرائيل بالإمعان فى تغيير معالم المدينة وديموغرافيا القدس، وبإنتهاك معاهدات جنيف ببناء معابد يهودية فى القدس الشرقية.
وفى مصر تدرس الحكومة بالتنسيق مع الدول العربية والجامعة العربية إعداد مشروع قرار يعرض على مجلس وزراء الخارجية العرب فى اجتماعهم المقبل يتضمن إدانة قوية لمحاولات إسرائيل المستمرة لطمس وتغيير معالم مدينة القدس الشريف وإضفاء الطابع اليهودى عليها.
وصرح السفير هانى خلاف مساعد وزير الخارجية للشئون العربية أن مشروع القرار المقترح يتضمن صلاثة عناصر وهى حصر كافة المخططات بما فيها محاولة بناء متحف مكان المقبرة الإسلامية المعروفة باسم مأمن الله، ومصادرة 1328 دونما من أراضى منطقة عنانا شرق القدس لاستخدامها فى إقامة الجدار العازل، وكذلك بناء كنيس يهودى فى النفق الغربى المحاذى لجدار المسجد الأقصى بطول 530متراً، ومخطط فتح نفق آخر ما بين مغارة سليمان وباب الصمود على مساحة 13 دونما لتحويلها إلى منطقة سياحية ذات مرافق متكاملة.
وأضاف خلاف أن مشروع القرار العربى المقترح يتضمن تعزيز الصندوق المالى الذى أنشئ فى إطار الجامعة العربية لدعم المسجد الأقصى والحفاظ عليه.
وأوضح السفير هانى خلاف أن مشروع القرار يتضمن أيضاً التحرك لدى اليونسكو وفى إطار المنظمة العربية للتربية والعلوم والثقافة والمنظمات الإسلامية المماثلة لصياغة آلية مشتركة لرصد ومتابعة مخططات الترميم الضرورية للأماكن المقدسة والآثار الإسلامية فى القدس والحفاظ عليها من تأثير العوامل المناخية والطبيعية وإيقاف أية محاولة إسرائيل لطمس أو تغيير معالمها