قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الإسلام يدعو لحرية التملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          آثار مدارس الاستشراق على الفكر العربي والإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          الاستشراق والقرآنيون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          عقيدة التوحيد، وعمل شياطين الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          منهج شياطين الإنس في الشرك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          وسواس غريب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فقدت العذرية أثناء ممارسة العادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          العزلة والرهاب الاجتماعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          أخفيت على زوجتي مرضي النفسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          اضطراب الهوية الجنسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 22-09-2021, 10:46 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,379
الدولة : Egypt
افتراضي قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك

قبسات من أدب الدكتور راشد المبارك


د. أحمد البراء الأميري





الأدب ما تأخُذُ به نفسَك من محمود الخِصال، وكريمِ الفِعال، وهو - كذلك - فنُّ القَوْلِ الجميل، شِعرًا كان أو نثرًا، فالأدب - بهذا النَّظَرِ - أدَبان، ومن كلَيْهما أخَذ الدكتور راشد المبارك حظًّا وافرًا.

أمَّا أدب النَّفس فلا يعرفُه في أديبنا إلا مَن عاشَرَه عن قُرْبٍ وطالَتْ عِشرتُه له، وأنا واحدٌ من هؤلاء؛ إذ جاوَزَتْ صُحبَتي له ثلاثين سنةً رأيتُه فيها في غضَبِه ورِضاه، وصحَّته وسقمه، ومنشطه ومكرهه، فوجدت فيه مجموعةً من المَزايا هو فيها نسيج وحدِه؛ ولا يملكُ مَن عرَفَه حقَّ المعرفة إلا أنْ يحلَّه من نفسه مكانةً خاصَّة، سواء وافَقَه الرأيَ أم خالَفَه.

لقد زرَع أبو بسام في قلب كلِّ شخص عرَفَه شُجَيرةَ وردٍ؛ سقاها تعهُّدًا وودًّا، وتفقُّدًا ورفدًا.

هذه لمحةٌ عن أدب النفس الذي عَزَّ في هذه الأيَّام وفي سواها، والذي وجدتُ من حقِّ الوفاء عليَّ أنْ أُقدِّمَ به بين يدي حديثي عن أدب القول.

أمَّا أدب القول الذي هو شعرٌ ونثرٌ فقد تألَّقَ بساحتيه شاعرُنا، حتى لَيَصدُقُ فيه قولُ أخينا الشاعر المبدع الدكتور عبدالكريم المشهداني في قصيدته "اليراع المزهر":
تَدَفَّقْ كَمَا شِئْتَ يَا شَاعِرُ
فَفِيكَ اسْتَوَى النَّاظِمُ النَّاثِرُ

وَلِمْ لا يُذَلُّ عَصِيُّ الكَلامِ
وَأَنْتَ بِهِ اللاَّعِبُ المَاهِرُ

وَتَسْتَلِمُ الشُّرَّدُ النَّافِرَاتُ
كَمَا قَادَ مَأْسُورَهُ الآسِرُ

فَإِمَّا نَظَمْتَ وَإِمَّا نَثَرْتَ
فَأَنْتَ مُرَوِّضُهَا السَّاحِرُ


نثرُ الدكتور راشد المبارك نوعان: أدبي وعلمي؛ أمَّا الأدبي فأضربُ عليه مثالين مُوجزين - وحسبُك من القِلادة ما أحاطَ بالعنُق - وهما ما كتبه على البديهة إهداءً لي على كتابه "قراءة في دفاتر مجهولة" وديوانه الأول "رسالة إلى والدة".

قال في الأول: أخي أبا عمر، هذه الصفحات صَدًى استبَقَ - هذه المرَّةَ - الصوت الذي بعَثَه، وهو صوتُ قلَّةٍ من الرائين أنت واحدٌ منهم، مع الودِّ والتحيَّة.

وقال في الثاني: الأخ الكريم أبا عمر، خَفقات جناح، إذا قُدِّرَ لها أنْ تُلامِسَ بعض أوتارك فقد وصَلتْ إليك!

وأمَّا ما سمَّيته - تجاوزًا - النثر العلمي فهو سائر كتاباته التي تقرؤها في كتبه: هذا الكون ماذا نعرف عنه؟ وفلسفة الكراهية، وشِعر نزار بين احتباسين، وقراءة في دفاتر مهجورة، وهو الذي قال في تقديمه شيخنا الكبير محمد الغزالي - رحمه الله - ما نصُّه:

"عرفت الدكتور (راشد المبارك) من سِنين، ومنذ عرفتُه حرصت على صُحبته ومجالسته وقِراءته؛ فهو عقلٌ كبير، وخُلُقٌ رحبٌ، والطريف أنَّه أستاذٌ في علوم الكون والحياة، ولكنَّه مَكِين في الأدب العربي، خبيرٌ بشِعره ونَثره، ويظهَرُ ذلك في أسلوبه الذي يتضمَّن عباراتٍ فنيَّة من مصطلحات الفيزياء والكيمياء، ولعلَّه يظهر قبل ذلك في مَنطِقه العقلي حين يُعالج قضايا مختلفة بين الدِّين والحضارة والتاريخ...".

وقد صدَق الشيخ الغزالي - رحمه الله - فالمنطقُ العقليُّ لأيِّ كاتب يظهرُ في أسلوبه؛ ذلك أنَّ الجُمَل الموجزة البسيطة غيرُ الجُمَل الطويلة المركَّبة، والأفكار الواضحة اليسيرة غير الأفكار الغامضة العسيرة على فهْم القُرَّاء العاديين... وأُعطِي مثالاً واحدًا على الجُمَلِ الطويلة المركَّبة؛ هو السطور التي قدَّم بها أديبُنا لمقاله: "دعوةٌ إلى قراءةٍ في دفاترَ مهجورةٍ"، قال: "إذا بَدَا لفردٍ أو أفرادٍ أنَّ في هذا الفصل نبرةً حادَّة، أو تصوُّرًا يصدمُ ما أَلِفت أنفسُنا، من دَعَةِ فكرٍ صنَعَها الإلفُ الطويل لنَمَطٍ واحدٍ من التعليل والتحليل يتكرَّر في ديمومةٍ وإلحاحٍ فيما يُقرَأ ويُشاهَدُ ويُذاع، فليست الحدَّةُ ولا الإيلامُ مقصدًا من مقاصد هذا الفصل، ولا غايةً من غاياته، ولكنَّها دعوةٌ للنفس وللآخَرين إلى محاولةٍ لفهم بَواعِث ما يُعانِيهِ العالَم الإسلامي والوطَن العربي، وتشخيصٍ لسببِ ما هو عليه من حالٍ ليس مظهرًا من مظاهر الصحَّة، ولكنَّه عَرَضٌ من أعراض مرضٍ لم تجدْ قواميس الطب له تعريفًا".

أنتقلُ الآن للحديث عن الشِّعر الذي يُشكِّل الشطرَ الأعظم من أدب الدكتور راشد المبارك، والذي ضَمَّهُ ديوانه "رسالة إلى ولادة" بجزأيه: الأول والثاني؛ لأقتبسَ منه بعضَ القبسات، أُمهِّدُ لها بالحديث عن مِفتاح شخصيَّة الشاعر التي تُعِينُنا على فهْم شِعره.

كان من عادة الأستاذ عباس محمود العقاد - رحمه الله - عندما كتب "العبقريات" أنْ يعقدَ في الحديث عن كلِّ عظيمٍ فصلاً بعنوان: "مفتاح شخصيَّته"، وكان ممَّا قالَه وهو يتحدَّثُ عن عظمة سيدنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - في تعريف هذا المفتاح: "مفتاح الشخصيَّة: هو الأداة الصغيرة التي تفتحُ لنا أبوابَها، وتنفذُ بنا وَراء أسوارِها وجُدرانها، وهو كمفتاح البيت في كثيرٍ من المشابه والأغراض، فيكون البيت كالحِصن المغلق ما لم تكن معك هذه الأداة، فإذا عالَجتَه بها فلا حِصْنَ ولا أغلاق!".

وأستدركُ على العقاد - رحمه الله - فأقول: إنَّ النَّفس البشريَّة أغنَى وأوسعُ من أنْ يفتح أغلاقَها مِفتاحٌ واحد، بل البيت الصغير لا يفتحُ أبواب غُرَفِه المتعدِّدةِ مفتاحٌ واحد، ناهيكَ عن خَزائنه وأدراجه، وأسراره وأستاره، فكيف بالإنسان؟!

لكنَّ هذا الاستدراكَ لا يمنعُني من الاستِفادة من الفكرة الذكيَّة للعقاد في حديثنا عن الدكتور راشد المبارك.

إنَّ من أهمِّ مفاتيح شخصيَّة الدكتور راشد المبارك التي تفتحُ لك أبوابها، وتُلقِي الضوءَ على شِعره: حبَّ الجمال في كلِّ وُجوهِه: في المرأة، والزهرة، واللون، وفي التعبير البارع، والتصوير الدَّقيق.

ومفتاحٌ آخَر لا يقلُّ أهميَّةً عن الأوَّل هو (الإحساس المرهف) بآلام الآخَرين ومُعاناتهم إحساسًا يكدرُ عليه صفوَه، ويشعرُه بالذَّنب كأنَّه المسؤول عن مُعاناتهم وآلامِهم.

إنَّ استحضارَ هذين المعنيَيْن يعينُنا على الغوصِ في أعماق شِعره، غوصًا لا يقدرُ عليه إلا الخبراءُ في صَيْدِ اللآلئ؛ فشِعرُه ليس للخاصَّة دائمًا، بل هو لخاصَّة الخاصَّة أحيانًا، عندما يمعنُ في الغَوْصِ أو التحليق.

القبسة الأولى: العطَش:
إنَّ الطبيعة تجنحُ إلى الارتِواء، لكنَّك عندما تقرأ "العطش" في شِعر أبي بسام تحنُّ إليه، آمِلاً أنْ تنطفئ نار ظمَئِك بالسبب الذي أورى نارَ عطشِه، وهذا ليس استِنتاجًا يتعبُ القارئ في الوصول إليه، بل هو التعريف الذي اختارَه الشاعر لدِيوانه عندما قال عنه: هذه الصفحات هي:
خَفَقَاتٌ مِنْ جَنَاحٍ عَاشِقٍ
أَيْكَةٌ تَخْضَلُ فِي بَوْحٍ كَنَارْ

قَطَعَ العُمْرَ حَنِينًا ظَامِئًا
لِنَدًى، وَرْدٌ إِلَى ذَوْبِ نَضَارْ

بَاحِثًا فِي عَطَشٍ، فِي لَهْفَةٍ
عَنْ يَنَابِيعَ، وَعَنْ ضَوْءِ نَهَارْ

يَا حَنِينَ الضَّوْءِ أَظْمَأْتَ الظَّمَا
فِي حَشَاشَاتِي، وَأَبْعَدْتَ المَدَارْ


ومع أنَّ الإبحارَ في هذا التيَّار كثيرُ الأخطار، فإنِّي أجدُ أن لا بُدَّ لي من الإشارة إلى قصيدة (مفاتن) التي يخاطبُ الشاعر صاحبتَها بقوله:
دُنْيَا مِنَ الشَّهَوَاتِ الحُمْرِ صَاخِبَةٌ
تَجْتَاحُ جِسْمَكِ تَغْلِي فِي الشَّرَايِينِ


ومطلعها:
عَيْنَاكِ تَسْلُبُ لُبِّي، تَسْتَثِيرُ دَمِي
تُفَجِّرُ الرَّغْبَةَ الخَرْسَاءَ، تُغْرِينِي

تُغْوِي ابْتِهَالاتُ قَلْبِي، تَسْتَبِدُّ بِهَا
بِعَاصِفٍ مِنْ فُتُونِ الحُسْنِ مَجْنُونِ


وتأتي قصيدة: "عطش نهر" ظمأً مختلفًا عن ظمأ "فتون"، يغلبُ فيها ظمأ النَّفس على ظمَأ الحس، تأتي في أربعة عشر بيتًا، ختامها هذا التوسُّل:
صُبِّي بَهَاكِ بِقَلْبٍ لا ارْتِوَاءَ لَهُ
وَأَطْفِئِي فِيهِ مَا لاقَى مِنَ الحَرَقِ



يتبع


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 121.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 119.46 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.42%)]