|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() الحمد لله رب العالمين وضاح سيف الجبزي الحمد لله الذي افتتح كتابه بالحمد، فقال: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الفاتحة: 2]. ![]() ![]() ![]() إلهي، تَمَّ نُورُك فَهدَيْتَ فَلَكَ الْحَمْد، عَظُمَ حِلْمُك فَعَفَرتَ فَلَكَ الْحَمْد، بَسَطْت يَدَك فَأَعْطَيْت فَلَكَ الْحَمْد رَبَّنَا، وَجْهُك أَكْرَمُ الْوُجُوه، وَجَاهُك أعظمُ الْجَاه، وَعَطِيَّتُك أَفْضَلُ الْعَطِيَّةِ وَأَهْنَاهَا، تُطَاعُ رَبَّنَا فَتَشْكُر، وَتُعْصَى فَتَغْفِر، وتُجِيبُ الْمُضْطَرَّ، وَتَكْشِفُ الضُّرَّ، وَتَشْفِي السَّقِيمَ، وَتَغْفِرُ الذَّنْبَ، وَتَقْبَلُ التَّوْبَةَ، ولاَ يَجْزِي بآلائِكَ أَحَدٌ، ولا يَبْلُغُ مِدْحَتَكَ قَوْلُ قَائِلٍ. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تعنُو لها القلوبُ خضوعًا وامتِثالًا، سبحانه تقدَّس ذاتًا وصفاتٍ وجمالًا، وعزَّ عظمةً وعلوًّا وجلالًا، وتعالى مجدًا ورفعةً وكمالًا، سبحانه برَى الخلائقَ فلا نقصَ يعرُوها ولا اعتِلالًا. وأزكى صلواتِ الله وتسليماتِه على معلِّم الناسِ الخير، وهادي البشريةِ إلى الرشد، وقائد الخلق إلى الحق، ومخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراطِ العزيز الحميد، سيدِنا وإمامِنا وحبيبِنا وأسوتنا وقائدِ ركبِنا محمدٍ، وعلى آله وصحبه الذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أُنزل معه أولئك هم المفلحون، ورضي الله عمن دعا بدعوته واهتدى بسنته وجاهد جهاده إلى يوم الدين. وبعد، أيها المسلمون: إنّ نعم الله علينا عظيمة، وآلاءه جسيمة، وفضله لا حد له، وكرمه لا ند له، وعطاؤه لا مثيل له؛ الإسلام نعمة، والإيمان نعمة، والتوحيد نعمة، والعبادة نعمة، والقرآن نعمة، والعقل والفكر نعمة، والخلق في أحسن تقويم نعمة، والسمع والبصر واللسان والجنان نعمة، والأهل والأبناء والمسكن والمطعم والمشرب والملبس والصحة والعافية نعمة، والأمن والسلامة نعمة.. وحاصل الأمر: ﴿ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [إبراهيم: 34]. عباد الله، كان العرب إذا نال أحدهم شربة لبن ممذوق بالماء، وخمس تميرات صغار، ظن نفسه ملكًا. قال الشاعر: إِذَا مَا أَصَبْنَا كُلَّ يَوْمٍ مُذَيْقَةً ![]() وَخَمْسَ تُمَيْرَاتٍ صِغَارِ كَوَانِزِ ![]() فالحمدُ لله على نعمه العظيمة وآلائه الجسيمة، والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، أبلغُ ما يكونُ الحمدُ وأشملُه، وأجملُ ما يكونُ وأجزلُه، وأزكى ما يكونُ وأكمَلُهُ.. وأتمُّهُ وأعمُّه، حمدًا لا انقطاع لراتبه ولا إقلاع لسحائبه، حمدًا يكون لإنعامه مجازيًا ولإحسانه موازيًا، وإن كانت آلاؤه لا تجازى، ولا توازى، ولا تبارى، ولا تجارى، حمدًا يتردد أنفاس الصدور، ويتكرر تكرر لحظات العيون، حمدًا يستنزل الرحمة ويستكشف الغمة، حمدًا يبلغ الحق ويقتصيه، ويمتري المزيد ويقتضيه، حمدًا يؤنس وحشي النعم من الزوال، ويحرسها من التغير والانتقال. له الحمدُ كلُّ الحمدِ لا مُبتدا لهُ ![]() ولا مُنتهى واللهُ بالحمدِ أجدرُ ![]() ![]() ![]() عباد الله، إن حمدَ الله يعني: الثناء على الله تعالى لصفات كماله، ونعوت جلاله، وآيات جماله، والثناء عليه لإحسانه لعبده، وجميل فعاله به، مع حبه وتعظيمه تبارك وتعالى. وقد قيل: الْحَمْدُ بِاللِّسَانِ قَوْلًا. قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾ [الإسراء:111]، وَالشُّكْرُ بِالأَرْكَانِ فِعْلًا، قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا ﴾ [سبأ: 13][1]. وَقِيلَ: لَمَّا عَلِمَ سُبْحَانَهُ عَجْزَ عِبَادِهِ عَنْ حَمْدِهِ، حَمِدَ نَفْسَهُ بِنَفْسِهِ لِنَفْسِهِ فِي الْأَزَلِ، فَاسْتِفْرَاغُ طَوْقِ عِبَادِهِ هُوَ مَحَلُّ الْعَجْزِ عِنْ حَمْدِهِ. أَلَا تَرَى سَيِّدَ الْمُرْسَلِينَ كَيْفَ أَظْهَرَ الْعَجْزَ بِقَوْلِهِ: «لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ»[2]. وَأَنْشَدُوا: إِذَا نَحْنُ أَثْنَيْنَا عَلَيْكَ بِصَالِحٍ ![]() فَأَنْتَ كَمَا نُثْنِي وَفَوْقَ الَّذِي نُثْنِي[3] ![]() ![]() ![]() عباد الله: الله تعالى حميدٌ مجيد، وهو المحمود على كل حال، وكتابه بدأ بالحمد، وكلمة التوحيد تقرن بالحمد: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهذه الكلمة -﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبّ الْعَالَمِينَ ﴾-: جمعت ما تضيق عنه المجلدات، واتفق دون عدِّه عقول الخلائق، ويكفي أن الله جعلها أول كتابه وآخر دعاء أهل الجنة. فالحمدُ كلُّ الحمدِ للخلّاق ![]() رب العباد وقاسم الأرزاقِ ![]() ![]() عباد الله، إن فاتحة الكتاب تعلمنا أن الحمد لا يمكن أن يكون إلا لله وحده؛ ذلك: أن استيجاب الحمد والتعظيم إنما يكون لأحد أربعة وجوه؛ أحدها كماله في ذاته وصفاته، وثانيها إحسانه وإنعامه، وثالثها رجاء تواصل هذا الإحسان في المستقبل، ورابعها الخوف من قهره وسطوته.. فكأنه تعالى يقول: إن كنتم ممن يعظمون الكمال الذاتي فإنني إله العالمين، وهو المراد من قوله: «الْحَمْدُ لِلَّهِ»، وإن كنتم تعظِّمون للإحسان فأنا «رَبُّ الْعَالَمِينَ»، وإن كنتم تعظِّمون للطَّمع في المستقبل فأنا «الرَّحْمَنُ الرَّحِيم»، وإن كنتم تعظمون للخوف فأنا «مَالِكُ يَوْمِ الدِّينِ». فالْحَمْدُ لِلَّهِرَبّ الْعَالَمِينَ.. الحمدُ لله على آلائه التي تملأ الآفاق، وعلى نعمه التي تطوق القلوب والأعناق.. نعمٍ توالى لو نقوم بحقِّها ![]() لله بتنا راكعين وسُجَّدا ![]() ![]() ![]() عباد الله، أول سورة في ترتيب المصحف الشريف مبدوءة بالحمد، وبها افتتحت خمس سور من القرآن، واختمت بها خمس سُوَرٍ كذلك، تكرَّرَت هذه الآية بلفظها في ستة مواضع، وتكرَّرَت كلمة الحمدُ لله في ثلاثةٍ وعشرين موضعًا. والْحَمْدُ هو أول الكلام ونهايته، وأول الخلق وخاتمته، وقد حمد الله تعالى ذاته العليا في أول الخلق فقال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾[الأنعام: 1]. واختتمه بالحمد فقال: ﴿ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[الزمر: 75]. وحمد نفسه على امتناع اتصافه بما لا يليق بكماله وجلاله، وعلى تنزهه عن الشريك والنظير -سبحانه- وتنزّهه عن النقائص والعيوب فقال: ﴿ وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾[الإسراء: 111]. وحمد نفسه على نعمة التوحيد وإخلاص العبادة له وحده: ﴿ هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ﴾[غافر: 65]. وحمد نفسه على علوّه وكبريائه كما قال -جلّ جلالُه-: ﴿ فَلِلَّهِ الحَمْدُ رَبِّ السَّمَوَاتِ وَرَبِّ الأَرْضِ رَبِّ العَالَمِينَ * وَلَهُ الكِبْرِيَآءُ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ ﴾[الجاثية: 36- 37]. وهُو الحَمِيدُ فَكُلُّ حَمْدٍ واقِعٌ ![]() أوْ كان مَفْرُوضًا مَدَى الأَزْمانِ ![]() واللهُ يحمد في كل زمان، وفي كل مكان، وقد حمد نفسه في الأولى والآخرة، وأخبر عن سريان حمده في العالم العلوي والسفلي: ﴿ وَهُوَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾[القصص: 70]، ﴿ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ ﴾[الروم: 18]، ﴿ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾ [سبأ: 1]. كما حمد نفسه على نعمة الخلق والإيجاد، قال تعالى: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾ [الأنعام: 1]. وحمد نفسه على نعمة الهدى والرشاد؛ ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾[النمل: 93]. والمهتدون، المتبعون طرق الهدى، وسبل الرشاد، يقرون بذلك قائلين: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ ﴾ [الأعراف: 43]. كما حمد نفسه على نعمة الإمداد.. إمداده عباده بالنعم الحسية، قال تعالى:﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾[الفاتحة: 2]، فالرب هو المربي لعباده، المصلحُ لشؤونهم بنعمه. ومن نعمة إمداده: إمداده عباده بالنعم المعنوية التي تصلح أرواحهم، وتهديهم إلى الصراط المستقيم، وذلك بنور الوحي المبين، قال -جلَّ جلالُه-:﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجَا ﴾[الكهف: 1]. إذن: فهو سبحانه يحمد على نعمة الْإِيجَاد والإرشاد وَالْإِمْدَاد. وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ كَلِمَةُ كُلِّ شَاكِرٍ[4]: قال نوحٌ - عليه السلام: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي نَجَّانَا مِنْ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [المؤمنون: 28]. وقال إبراهيمُ -عليه السلام-: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ﴾[إبراهيم: 39]. وقال داودُ وسليمانُ: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[النمل: 15]. وقالها سبحانه لسيدِ المرسلين محمد بن عبدالله -صلوات ربي وسلامه عليه-: ﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾ [الإسراء: 111]، وقال له: ﴿ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾[النمل: 59]. وقال عن ملائكته، وحملة عرشه: ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [الشورى: 5]، ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [غافر: 7]. وقال عنهم أيضًا: ﴿ وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الزمر: 75]. وأَهْلُ الْجَنَّةِ يحمدونه قائلين: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ ﴾[فاطر: 34]. فيحمدونه على نعمة تحقق وعده لهم بدخول الجنة والنجاةِ من النار، فهم يترنمون قائلين: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ﴾[الزمر: 74]. كما أن الحمدَ يكونُ آخرَ دعائهم؛ شكرًا لمولاهم على ما تفضل وأجزل: ﴿ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ * دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [يونس: 9-10]. حتى يصير التحميد كالنَّفَس، كما قال صلى الله عليه وسلم: «يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ، كَمَا تُلْهَمُونَ النَّفَسَ»[5]. فسبحان المُتَّصِفِ بِجَمِيعِ نُعُوتِ الْجَلَالِ وَصِفَاتِ الْكَمَال، الْمُنَزَّه عَنِ النَّقَائِصِ وَالْمُحَالِ، الْمُتَعَالِي عَلَى الْأَشْبَاهِ وَالْأَمْثَالِ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى وَالْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى. لك الحمدُ، إني كلما جار مقصدي ![]() وحُلَّتْ عُرَى نفسي وضلَّ ضلالُها ![]() ![]() عَنِ الْأَسْوَدِ بْنِ سَرِيعٍ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي مَدَحْتُ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ بِمَحَامِدَ، قَالَ: «أَمَا إِنَّ رَبَّكَ يُحِبُّ الْحَمْدَ»[6]. وتعالوا بنا لنستمع إلى جملةٍ من كلِمه الطيب، وعبيره الفواح، وهو يشحذ هممنا إلى الاستكثار من حمد الملك الديان جل جلاله، يقول صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَفْضَلَ عِبَادِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْحَمَّادُونَ»[7]. ويقول: «أَوَّلُ مَنْ يُدْعَى إِلَى الْجَنَّةِ الَّذِينَ يَحْمَدُونَ اللَّهَ فِي السَّرَّاءِ، وَالضَّرَّاءِ»[8]. «إِنَّ الْمُؤْمِنَ تَخْرُجُ نَفْسُهُ مِنْ بَيْنِ جَنْبَيْهِ وَهُوَ يَحْمَدُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ»[9]. عبد الله، ما أوسع السماء! وما أعظم الميزان! يقول صلى الله عليه وسلم: «والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَأُ الْمِيزَانَ»[10]. ولأنها تملأ الميزان، فاسمع كيف يرشدنا حبيبنا وقرة أعيننا صلى الله عليه وسلم، وكيف يلفت انتباهنا إلى أهمية هذه الكلمة؟! يقول صلى الله عليه وسلم: «خُذُوا جُنَّتَكُمْ»، قُلْنَا: مِنْ عَدُوًّ حَضَرَ؟ قَالَ: «لَا، وَلَكِنْ خُذُوا جُنَّتَكُمْ مِنَ النَّارِ، قُولُوا: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ فَإِنَّهُنَّ مُقَدَّمَاتٌ وَمُؤَخَّرَاتٌ وَمُنَجِّيَاتٌ وَهُنَّ الْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ»[11]. يقول صلى الله عليه وسلم «أَفْضَلُ الذِّكْرِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَفْضَلُ الدُّعَاءِ الْحَمْدُ لِلَّهِ»[12]. ويقول صلى الله عليه وسلم: «وَمَنْ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ مِائَةَ مَرَّةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا كَانَ أَفْضَلَ مِنْ مِائَةِ فَرَسٍ يُحْمَلُ عَلَيْهَا»[13]. إن الحمدَ سببٌ لرضا الرب عن العبد «إِنَّ اللهَ لَيَرْضَى عَنِ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا»[14]. فاللهم ارض عنا وارزقنا حمدك وشكرك. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() عباد الله: ومما يجلي مكانة تلك الكلمة، ويعلي شأنها؛ أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يبتدئ كتبه بالحمد، ويفتتح كلامه بالحمد، بل اسمه صلى الله عليه وسلم يحمل معاني الحمد؛ فهو محمد وأحمد.. قال الله فيما بشر به عيسى -عليه السلام-: ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ﴾[الصف: 6]، وأحمد من أساليب التفضيل؛ فاسمه أحمد، ودينه أحمد، وفعله أحمد، وهو كذلك محمودٌ في أخلاقه، وخلاله، وأحواله، وصفاته، وإنه ليأتي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة وبيده لواء الحمد، قال الله: ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا ﴾[الإسراء: 79]، وَبِذَلِكَ سُمِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: فَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ ![]() فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ ![]() ![]() ![]() وإنَّ العالم -من أزله إلى أبده- لم يعرِف إنسانًا مشى على الأرض، استغرق في الحمد، حتى ملأ الكون بابتهالات الحمد، وعمر الليالي بأنوار الحمد، وأفاض على القلوب برحيق الحمد، وبثّ في النفوس والأسماع والأفئدة عبير الحمد، مثل هذا المحمد المحمود الأحمد صلى الله عليه وسلم. لقد كان يتحرك صلى الله عليه وسلم مع طلائع الصبح المقبل قائلًا: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وَعَافَانِي فِي جَسَدِي، وَأَذِنَ لِي بِذِكْرِهِ»[15]. انظر كيف يستقبل الحياة بتَرحاب وتفاؤل: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي رَدَّ عَلَيَّ رُوحِي». إن العمر الذي ملكناه نعمة يجب أن نحمد الله عليها، ونحسنَ استغلالها، وإن الشروق والغروب لمن أعظم المنن التي امتن الله بها على عباده: ﴿ اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ﴾ [غافر: 61]. وعظمة الحياة في العافية، وما أجمل أن يكون المرء سليم البدن، تنهض أجهزته وعضلاته بوظائفها كلِّها دون إعياء أو ملال، إن المسلم عندئِذٍ ينطلق في كل أفق ليؤدي واجباته باقتدار ورغبة، وذلك سر حمد الله على العافية المتاحة. إذن: كان صلى الله عليه وسلم إذا استيقظ حمد الله. وكَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا اسْتَجَدَّ ثَوْبًا سَمَّاهُ بِاسْمِهِ قَمِيصٌ -أَوْ عِمَامَةٌ- ثُمَّ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ، أَنْتَ كَسَوْتَنِيهِ، أَسْأَلُكَ مِنْ خَيْرِهِ وَخَيْرِ مَا صُنِعَ لَهُ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّهِ وَشَرِّ مَا صُنِعَ لَهُ»[16]. كَانَ إِذَا أَكَلَ أَوْ شَرِبَ قَالَ «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَ، وَسَقَى، وَسَوَّغَهُ، وَجَعَلَ لَهُ مَخْرَجًا»[17]. وَإِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: «اللَّهُمَّ أَطْعَمْتَ وَأَسْقَيْتَ، وَأَغْنَيْتَ، وَأَقْنَيْتَ، وَهَدَيْتَ، وَاجْتَبَيْتَ، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى مَا أَعْطَيْتَ»[18]. إن ألفاظ اللغة لتعجز عن ملاحقة هذا الجيَشان المنساب في كل دعوة من دعواته صلى الله عليه وسلم. «كان إِذَا فَرَغَ مِنْ طَعَامِهِ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانَا وَأَرْوَانَا، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مَكْفُورٍ»، وإِذَا رَفَعَ مَائِدَتَهُ قَالَ: «الحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، غَيْرَ مَكْفِيٍّ وَلاَ مُوَدَّعٍ، وَلاَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، رَبَّنَا»[19]. وكان يقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ، وَمَنْ لَبِسَ ثَوْبًا فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَسَانِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ؛ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[20]. كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَتَاهُ الْأَمْرُ يَسُرُّهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ». وَإِذَا أَتَاهُ الْأَمْرُ يَكْرَهُهُ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ»[21]. كَانَ صلى الله عليه وسلم، إِذَا رَفَعَ ظَهْرَهُ مِنَ الرُّكُوعِ، قَالَ: «سَمِعَ اللهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ، مِلْءُ السَّمَاوَاتِ، وَمِلْءُ الْأَرْضِ وَمِلْءُ مَا شِئْتَ مِنْ شَيْءٍ بَعْدُ»[22]. كان يقول: «إِذَا قَالَ الإِمَامُ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: اللَّهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الحَمْدُ، فَإِنَّهُ مَنْ وَافَقَ قَوْلُهُ قَوْلَ المَلاَئِكَةِ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»[23]. عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ، قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّي وَرَاءَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ: رَبَّنَا وَلَكَ الحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ، قَالَ: «مَنِ المُتَكَلِّمُ» قَالَ: أَنَا، قَالَ: «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ»[24]. وصلى وراءه مرةً رجلٌ فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا صَلَّى النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: «مَنْ ذَا الَّذِي قَالَ هَذَا؟ قَالَ الرَّجُلُ: أَنَا، وَمَا أَرَدْتُ إِلَّا الْخَيْرَ. فَقَالَ: «لَقَدْ فُتِحَتْ لَهَا أَبْوَابُ السَّمَاءِ، فَمَا نَهْنَهَهَا شَيْءٌ دُونَ الْعَرْشِ»[25]. كَانَ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا، وَكَفَانَا وَآوَانَا، فَكَمْ مِمَّنْ لَا كَافِيَ لَهُ وَلَا مُؤْوِيَ»[26]. وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «مَنْ قَالَ إِذَا أَوَى إِلَى فِرَاشِهِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي كَفَانِي وَآوَانِي، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَطْعِمْنِي وَسَقَانِي، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَنَّ عَلَيَّ فَأَفْضَلَ، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِعِزَّتِكَ أَنْ تُنَجِّيَنِي مِنَ النَّارِ، فَقَدْ حَمِدَ اللَّهَ بِجَمِيعِ مَحَامِدِ الْخَلْقِ كُلِّهِمْ»[27]. بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم، وأستغفر الله.. الخطبة الثانية الحمد لله حمدًا يوافي ما تزايد من النعم، والشكر له على ما أولانا من الفضل والكرم، لا أحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه، والصلاة والسلام على محمد سيد العرب والعجم، المبعوث لسائر الأمم، وعلى آله وأصحابه والتابعين له بإحسان إلى يوم الدين... وبعد: وَأَبْلَجُ مَحْمُودِ الثَّنَاءِ خَصَصْتُهُ ![]() بِأَفْضَلِ أَقْوَالِي وَأَفْضَلِ أَحْمُدِي ![]() ![]() ![]() عباد الله: إن مما يلفت النظر في عظيم مكانة كلمة (الحمد لله)؛ أن ثمت بيتًا في الجنة باسمها، فعَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «إِذَا مَاتَ وَلَدُ العَبْدِ قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ، فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الجَنَّةِ، وَسَمُّوهُ بَيْتَ الحَمْدِ»[28]. فَلَهُ الْمَحَامِدُ وَالْمَدَائِحُ كُلُّهَا ![]() بِخَوَاطِرِي وَجَوَارِحِي وَلِسَانِي ![]() ![]() ![]() عَنْ عَنْبَسَةَ بْنِ الْأَزْهَرِ، قَالَ: كَانَ مُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ -قَاضِي أَهْلِ الْكُوفَةِ- قَرِيبَ الْجِوَارِ مِنِّي، فَرُبَّمَا سَمِعْتُهُ فِي بَعْضِ اللَّيْلِ يَقُولُ وَيَرْفَعُ صَوْتَهُ: أَنَا الصَّغِيرُ الَّذِي رَبَّيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا الضَّعِيفُ الَّذِي قَوَّيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا الْفَقِيرُ الَّذِي أَغْنَيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ،أَنَاالْغَرِيبُالَّذِيوَصَّيْتَهُفَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا الصُّعْلُوكُ الَّذِي مَوَّلْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا الْأَعْزَبُ الَّذِي زَوَّجْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا السَّاغِبُ الَّذِي أَشْبَعْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا الْعَارِي الَّذِي كَسَوْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا الْمُسَافِرُ الَّذِي صَاحَبْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا الْغَائِبُ الَّذِي أَدَّيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَا الرَّاجِلُ الَّذِي حَمَلْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ وَأَنَا الْمَرِيضُ الَّذِي شَفَيْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ، وَأَنَاالسَّائِلُالَّذِيأَعْطَيْتَهُفَلَكَ الْحَمْدُ،وَأَنَا الدَّاعِي الَّذِي أَجَبْتَهُ فَلَكَ الْحَمْدُ رَبَّنَا حَمْدًا كَثِيرًا عَلَى كُلِّ حَمْدٍ[29]. وكان الْحَسَنُ إِذَا ابْتَدَأَ حَدِيثَهُ يَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ، اللهُمَّ رَبَّنَا لَكَ الْحَمْدُ بِمَا خَلَقْتَنَا وَرَزَقْتَنَا وَهَدَيْتَنَا وَعَلَّمْتَنَا وَأَنْقَذْتَنَا وَفَرّجَتْ عَنَّا لَكَ الْحَمْدُ بِالْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ، وَلَكَ الْحَمْدُ بِالْأَهْلِ وَالْمَالِ وَالْمُعَافَاةِ، كَبَتَّ عَدُوَّنَا، وَبَسَطْتَ رِزْقَنَا، وَأَظْهَرْتَ أَمتَنَا، وَجَمَعْتَ فُرْقَتَنَا، وَأَحْسَنْتَ مُعَافَاتِنَا، وَمِنْ كُلِّ وَاللهِ مَا سَأَلْنَاكَ رَبَّنَا أَعْطَيْتَنَا، فَلَكَ الْحَمْدُ عَلَى ذَلِكَ حَمْدًا كَثِيرًا، لَكَ الْحَمْدُ بِكُلِّ نِعْمَةٍ أَنْعَمْتَ بِهَا عَلَيْنَا فِي قَدِيمٍ أَوْ حَدِيثٍ أَوْ سِرٍّ أَوْ عَلَانِيَةٍ أَوْ خَاصَّةٍ أَوْ عَامَّةٍ أَوْ حَيٍّ أَوْ مَيِّتٍ أَوْ شَاهِدٍ أَوْ غَائِبٍ، لَكَ الْحَمْدُ حَتَّى تَرْضَى، وَلَكَ الْحَمْدُ إِذَا رَضِيتَ[30]. قال الفضيل بن عياض: مَن أكثر من قول: الحمد لله، كثر الداعي له، قيل له: ومن أين قلت هذا؟ قال: لأن كل من يصلي يقول: سمع الله لمن حمده[31]. عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، قَالَ: مَا مِنْ رَجُلٍ يَرَى نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْهِ فَيَقُولُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي بِنِعْمَتِهِ تَتِمُّ الصَّالِحَاتُ إِلَّا أَغْنَاهُ اللهُ تَعَالَى وَزَادَهُ[32]. فالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا خَلَقَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ مَا أَحْصَى كِتَابُهُ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ كُلِّ شَيْءٍ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ مِلْءَ كُلِّ شَيْءٍ. والْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ خَلْقِهِ، وَرِضَا نَفْسِهِ، وَزِنَةَ عَرْشِهِ، وَمِدَادَ كَلِمَاتِهِ، والحمد لله عدد ما أحاط به قلمه، وخط قلمه وأحصاه كتابه. اللهم أَعِنَّا ولا تُعِن علينا، وانصُرْنا ولا تَنصُر علينا، وامْكُر لنا ولا تمكر علينا، واهدنا ويسر الهدى لنا، وانصُرنا على من بغى علينا.. ربِّ اجعلنا لك لك شكَّارين، لك ذكَّارين، لك رهَّابين، لك مِطْواعين، لك مُخْبِتين، إليك أوَّاهين مُنيبين، ربنا تقَبَّل توبتَنا، واغْسِل حَوْبَتنا، وأجِبْ دعوتَنا، وثبِّتْ حُجَّتنا، وسدِّد ألسنتَنا، واهدِ قلوبنا، واسلُلْ سَخَائِمَ صدورنا. اللهم اجعلنا ممن نريد بقولنا وعملنا وجهك والدار والآخرة؛ وأثبنا عليه أجرًا عظيمًا. اللهم املأ قلوبنا إيمانا بك ويقينا بك، ومعرفة لك، وتصديقًا لك، وحبًا لك، وشوقًا إلى لقائك. [1]تفسير الثعلبي (2/377). [2]رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن عائشة رضي الله عنها، باب ما يقال في الركوع والسجود (1/352). [3]تفسير القرطبي (1/135). [4]تفسير القرطبي (1/134). [5]رواه مسلم في صحيحه، من حديث جابر رضي الله عنه، باب في صفات الجنة وأهلها وتسبيحهم فيها بكرة وعشيا (4/2180). [6]رواه البخاري في الأدب المفرد، باب من الشعر حكمة، ص(298)، ورواه الطحاوي في شرح معاني الآثار(4/298)، حسنه الألباني، صحيح الأدب المفرد، ص(320). [7]رواه الطبراني في المعجم الكبير، من حديث عمران بن حصين رضي الله عنه (18/124)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة(4/158). [8]رواه الحاكم في المستدرك، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وقال: صحيح على شرط الشيخان ولم يخرجاه (1/681). [9]رواه أحمد في مسنده، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما (3/100، 101)، قال أحمد شاكر: إسناده حسن، ورواه البيهقي في شعب الإيمان (12/429)، صححه الألباني، صحيح الجامع الصغير (1/391). [10]رواه مسلم في صحيحه، من حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، باب فضل الوضوء (1/203). [11]رواه الطبراني في الدعاء، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ص (480)، وفي المعجم الصغير(1/249)، ورواه البيهقي في الدعوات الكبير(1/201)، صححه الألباني، صحيح الجامع الصغير(1/612). [12]رواه ابن ماجة في سننه، من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنهما (2/1249)، ورواه الترمذي في السنن (6/14)، والنسائي في السنن الكبرى (9/306)، وابن حبان في صحيحه (3/126)، صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (2/221). [13]رواه النسائي في السنن الكبرى، من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما (9/302)، ورواه في عمل اليوم والليلة، ص (477)، ورواه الطبراني في مسند الشاميين (1/296)، حسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب (1/415). [14]رواه مسلم في صحيحه، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، باب استحباب حمد الله تعالى بعد الأكل والشرب (4/2095). [15]رواه ابن السني في عمل اليوم والليلة، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، ص (12)، ورواه السيوطي في الجامع الصغير(1/32)، حسنه الألباني، صحيح الجامع الصغير(1/121). [16]رواه أحمد في مسنده، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (17/348)، ورواه أبو داؤود في سننه (4/41)، والحاكم في المستدرك (4/213)، صححه الألباني، صحيح الجامع الصغير (2/853). [17]رواه أبو داؤود في سننه، من حديث أبي أيوب الأنصاري (3/366)، والنسائي في السنن الكبرى (6/308، 9/115)، وابن حبان في صحيحه (12/23)، والطبراني في الدعاء ص (280)، والمعجم الكبير (4/182)، صححه الألباني، صحيح الجامع الصغير (2/856). [18]رواه أحمد في مسنده، من حديث عبدالرحمن بن جبير عن رجل خدم النبي (31/304، 38/242)، ورواه النسائي في السنن الكبرى (6/310)، صححه الألباني، تخريج الكلم الطيب (1/152). [19]رواه البخاري في صحيحه، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه، باب ما يقول إذا فرغ من طعامه(7/82). [20]رواه أبو يعلى في مسنده، من حديث سهل بن معاذ عن أبيه رضي الله عنهما (3/62)، قال حسين سليم أسد: إسناده حسن، ورواه الحاكم في المستدرك، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (4/213)، حسنه الألباني، تخريج الكلم الطيب (1/151). [21]رواه الحاكم في المستدرك، من حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (1/677)، ورواه البيهقي في الآداب ص (294)، والدعوات (1/488)، وشعب الإيمان (6/217)، صححه الألباني، صحيح الجامع الصغير (2/850). [22]رواه مسلم في صحيحه، من حديث ابن أبي أوفى رضي الله عنه، باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع (1/346). [23]رواه البخاري في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب فضل اللهم ربنا لك الحمد (1/158)، وفي باب إذا قال أحدكم: آمين والملائكة في السماء... (4/114)، ورواه مسلم، باب التسميع، والتحميد، والتأمين (1/306). [24]رواه البخاري في صحيحه، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، باب فضل اللهم ربنا لك الحمد (1/159). [25]رواه ابن ماجه في سننه، من حديث عبدالجبار بن وائل عن أبيه، باب فضل الحامدين (2/1249)، ورواه الطبراني في الدعاء ص (176)، والمعجم الكبير(22/25، 26)، قال الألباني: ضعيف، لكن، الصحيحة نحوه من حديث ابن عمر وأنس دون قوله: " فما نهنهها.. .صحيح وضعيف سنن ابن ماجه(8/302)، وشاهده أخرجه مسلم في صحيحه، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة(1/419). [26]رواه مسلم في صحيحه، من حديث أنس رضي الله عنه، باب ما يقول عند النوم وأخذ المضجع (4/2085). [27]رواه الحاكم في المستدرك، من حديث أنس رضي الله عنه، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه (1/730)، صححه الألباني، السلسلة الصحيحة (15/20). [28]رواه الترمذي في سننه وقال: هذا حديث حسن غريب (2/505)، ورواه البيهقي في الآداب ص(306)، حسنه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب(2/447). [29]شعب الإيمان (6/325). [30]شعب الإيمان (6/322). [31]البصائر والذخائر (3/72). [32]حلية الأولياء (2/148).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |