(أحوال الناس في استقبال رمضان) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 221 - عددالزوار : 21868 )           »          الفرق بين الفقه وأصول الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          هل يقتضي النهي فساد المنهي عنه (الاتجاهات، المآخذ) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 25 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 53 - عددالزوار : 40990 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 109 - عددالزوار : 69012 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 64 - عددالزوار : 34446 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14646 - عددالزوار : 868514 )           »          شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 617 - عددالزوار : 199909 )           »          كبر الهمَّة في العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          علماء الحديث مهرة متقنون/ الإمام البخاري وشيخه أبو نعيم نموذجا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 10-03-2024, 12:26 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,489
الدولة : Egypt
افتراضي (أحوال الناس في استقبال رمضان)

(أحوال الناس في استقبال رمضان)
يحيى بن حسن حترش

الخطبة الأولى
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.


﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].


﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71]، أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المسلمون عباد الله، وها هو الزمان يجري، وها هي الأيام تنقضي، وها هي الشهور قد انسلخت، وها هي الأعوام قد انقضت، وها هي أمة الإسلام، في مشارق الأرض ومغاربها لم يبقَ لها إلا بضعة أيام حتى تستقبل هلال شهر رمضان، وشهرِ الصيام، والقيام، والقرآن: ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].
أمة الإسلام، لقد جعل الله الصيام أحد دعائم الإسلام العظام، وجعل فيه من الآيات ما يعجز عنه جميع الأنام، فها هو العالم كله يعيش في بحار الشهوات، والمشتهيات، والماديات، والمغريات، فيأتي الله بالصيام في شهر رمضان ليجعل سدس العالم طوعًا يقف عن شهواته، ومشتهياته، ليُحلِّق بروحه مع جمال الصوم، ونفحاته، وليرى بقية العالم المعرض عن خالقه، وعبادته، والذين يسعون ويجتهدون في غرس الشهوات، والانكباب حول الملذات بين عباده، أن المسلمين لا يقدمون رغباتهم، وشهواتهم، ولا ما يفتنون، ويُغرون به من قبل أعدائهم، عن طاعة خالقهم، وأن حبه في قلوبهم أعظم من حاجتهم إلى طعامهم، وشرابهم، وضروريات حياتهم.

فلو اجتمعت وأجمعت دول العالم، ومفكروها، وعباقرتها، وفلاسفها، ليجعلوا مئات الآلاف من الملايين تصوم يومًا واحدًا فقط ما وجدوا لذلك سبيلًا، ولوجدوا فيهم اختلافًا كثيرًا.

فما أعظم هذا الشهر الكريم! وما أجمل أن ترى المسلمين في العالم أجمع وهم في عبادة واحدة لله رب العالمين! إنها شعيرة جليلة، وعبادة مهيبة، تنبيك بعظمة هذا الدين، وبانقياد المسلمين لخالق الأولين والآخرين.

ها هو أحد الذين كانوا يعيشون على غير ملة الإسلام يحكي قصة إسلامه، وأنها كانت بسبب رمضان، قال: إنه تعجَّـب من المسلمين في قريته، كيف كانت وجوهُهُم تتقلَّـب في السماء عندما انصرم الشهر الذي قبل شهر الصـوم، وكأنهـم ينتظرون إشارة من خالق الكون، فلما رأوا الهلال فرحوا فرحًا عظيمًا، وكأنهم بُشِّـروا بأعظم البُشْرى، ولم أتوقَّـع أن يكون فرحهم، وبُشْراهم بأنهم سيمتنعون عن الشهوات طيلة شهـر بأكمله، وسيحرمون أنفسهم من الطيبات، والمشتهيات كلٌّ باختياره، ومن تلقاء نفسه!

هذه الشهوات التي يتنافس البشر عليها، وتزهق الأرواح من أجلها، وتقوم الحروب، وتُباد أمم بسببها، لكنَّ المسلمين في شهر رمضان يمتنعون عن نسائهم، وعن طعامهم وشرابهم؛ استجابة لخالقهم الذي أمرهم، وكتب الصيام عليهم، قال: فصمتُ معهـم، وأنا لا أعرف الإسلام، ولم أنطـق بالشهادتـين، بل أكتفي بالامتناع عن الشراب والطعام، وكنت أفطر إذا سمعت أذان المسجد لصلاة المغـرب، وأذهب فأصلي معهم في الليل - صلاة التراويح - وأصنع مثل ما يصنعون، غير أنني لا أتكلـم بشيء، لكنني أجد راحة عجيبة، وسكينة لم تعرفها روحي من سنوات عديدة، حتى إذا انتصف الشهر، لاحظني إمام المسجد وكأنني غريب عن القوم، فسأل عنـي، فلما أخبرته بأمري دهش من قصتي اندهاشًا حمله على أن يجمع الناس حولي ليسمعوا منـي، فلما سمعوا قصتي علَّموني الإسلام، فنطقت بالشهادتين، فكبروا وقالوا: أنت أسلمت على يد رمضان، وسمَّوني رمضـان.
فديتكَ زائرًا في كل عام
تُحيَّا بالسلامةِ والسَّلامِ
وتُقبِلُ كالغمام يَفِيضُ حِينًا
وَيبقى بعدَهُ أثرُ الغمامِ


فيا الله من هذه الآية العظيمة، ومن هذه الشعيرة الجليلة! وكيف لا تكون كذلك، وقد جعل الله في هذا الشهر من الأعمال والفضائل العظام ما لم يجعله في جميع أشهر العام!

فمن ذلك تفتيح أبواب الجنان، وتغليق أبواب النيران.

فقد روى البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة، وغلقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين»[1].

سبحان ربي العظيم! أي عون، وأي إكرام من الكريم الرحيم بأن يصفد لك الشياطين في هذا الشهر الكريم؟!

وقد يقول قائل ويسأل سائل: وإذا كان ذلك كذلك فما بالنا نرى ما نرى من الشجار والخصام في شهر رمضان؟! يجيبك الإمام القرطبي رضي الله عنه بقوله: «فالجواب من أوجه:
أولًا:إنما تغل عن الصائمين الصوم الذي حوفظ على شروطه، وروعيت آدابه، أما من لم يحافظ عليه فلا يُغل عن فاعله الشياطين.

ثانيًا:وقوع الشر له أسباب أخرى من غير الشياطين؛ وهي النفوس الخبيثة، والعادات الركيكة، والشياطين الإنسية»[2].

وروى الترمذي، وابن ماجه، وصححه الألباني، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار، فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي منادٍ: يا باغي الخير أقْبِل، و يا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار، وذلك كل ليلة»[3].

ومن فضائل شهر رمضان، أنه يسمى شهر الصبر كما وصفه بذلك صلى الله عليه وسلم، فقد روى الإمام أحمد في مسنده، وصححه الألباني رحمهما الله عن عَلِيِّ بن أبي طالب رضي الله عنه: أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «صَوْمُ شَهْرِ الصَّبْرِ، وَثَلاثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ يَذْهَبْنَ بِوَحَرِ الصَّدْرِ»[4].


فرمضان هو شهر الصبر يا أمة الإسلام، فإن الصبر لا يظهر في شيء من العبادات كظهوره في الصيام؛ لذلك خصَّه الله لنفسه، وضاعف في أجره؛ فقد روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام، فإنه لي، وأنا أجزي به. والصيام جنة، فإذا كان يوم صوم أحدكم؛ فلا يرفث، ولا يصخب، فإن سابَّه أحد أو قاتله فليقل: إني صائم. والذي نفس محمد بيده لخلوفُ فم الصائم أطيبُ عند الله من ريح المسك. للصائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربَّه فرح بصومه!»[5].

وفي رواية له: «يترك طعامه، وشرابه، وشهوته من أجلي، الصيام لي، وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها»[6].

وفي رواية لمسلم: «كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي، وأنا أجزي به؛ يدع شهوته، وطعامه من أجلي. للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوفُ فيه أطيبُ عند الله من ريح المسك»[7].

قال القرطبي رضي الله عنه: ومعنى (وأنا أجزي به): «أن الأعمال قد كشفت مقادير ثوابها للناس، وأنها تضاعف من عشرة إلى سبعمائة ضعف إلى ما شاء الله، و(أنا أجزي به)؛ أي: أجازي عليه جزاءً كثيرًا من غير تعيين لمقداره، وهو كقوله: ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]»[8].

لهذه الفضائل ولغيرها؛ كان السلف: «يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان، ثم يدعونه ستة أشهر أن يتقبله منهم».

فلتهنأ الأمة الإسلامية بحلول هذا الشهر العظيم، وليهنأ المسلمون جميعًا في مشارق الأرض ومغاربها بهذا الموسم الكريم.

إنه فرصة للطائعين؛ للاستزادة من الأعمال الصالحة، والمنافسة في التجارة الرابحة، وفرصة للمذنبين للتوبة والإنابة، والاستغفار عما كان من تقصير في الشهور الماضية، وكيف لا يفرح المؤمن بتفتيح أبواب الجنان، وكيف لا يفرح المذنب بتغليق أبواب النيران؟ يا لها من فرصة لا يحرمها إلا محروم، ولا يفرط فيها إلا خاسر مشئوم.

فالله الله يا عباد الله بالجد والتشمير، دون استثقال للصيام، واستطالةٍ للأيام:
رمضان أقبلَ يا أُولي الألبابِ
فاستقبِلوهُ بعدَ طولِ غيابِ
عامٌ مضى من عُمْرِنا في غفلةٍ
فتنبَّهوا فالعمرُ ظلُّ سَحابِ


معاشر المسلمين والمسلمات، في ظل هذه الخيرات، وهذه الفضائل والبركات التي ستحل بنا بعد أيام معدودات، دعونا نتأمل في أحوال كثير من العالم الإسلامي في استقبالهم لشهر رمضان، وكيف هو استعدادهم، لشهر القرآن، والغفران، فنقول – مع الأسف الشديد- إننا نجد العجب العجاب، ونرى في الناس ما يثير الحزن، والاستغراب، فالناس ألوان وأشكال في استقبال رمضان، معظمها مخالفة لشرع الله تعالى، فمنهم من يستقبله بالاحتفالات، والمسابقات، وإعداد برامج الأفلام والمسلسلات التي تظهر فيها المتبرجات السافرات، ومنهم من يستقبله بإعداد الأغاني واللقاءات، مع المطربين والمطربات، والممثلين والممثلات، ومنهم من يستقبله بإعداد المباريات والأمسيات الرمضانية، والانشغال عن الطاعات، والأعمال الإيمانية، وما هكذا تورد يا سعد الإبل! ما هكذا -والله- يُستقبل رمضان؛ بالمعاصي والحرام، ومحاربة الملك الديَّان.

ومنهم من يستقبله بشراء الشاشات؛ ليرى فيها القنوات الهابطات، الساذجات التي تسحق وقته، ووقت أهله، وأولاده، ولا يخرج عليه رمضان إلا وقد ملأ أفكار رعيته، وشحن عقول أهله، وأولاده بالأفلام الساقطة الكرتونية، أو بمشاهدة الألعاب والمسابقات الوهمية، والله المستعان.

أهكذا يكون الصيام، يا أمة الإسلام، أهذا هو حظُّك من الصيام، ومن شهر رمضان، وشهر القرآن!
إذا لم يكن في السمع مني تصاوُنٌ
وفي بصري غضٌّ وفي منطقي صمت
فحظِّي إذًا من صومي الجوع والظمأ
فإن قلت إني صمت يومًا فما صمت

ومنهم من يستقبله بالنزول إلى الأسواق والازدحام فيها؛ لشراء ألوان الشراب والطعام، وإذا لم يتيسَّر له ذلك أظهر الهم والاغتمام، وكأنه شهر أكل وشرب، لا شهر صيام وقيام، وكأنه شهر الملذات، والمشتهيات، لا شهر الطاعات والقربات، لمثل هؤلاء نقول:
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته
أتطلب الربح فيما فيه خسران
أقبل على النفس واستكمل فضائلها
فأنت بالروح لا بالجسم إنسان

هذا - مع الأسف- حال كثير من الناس في استقبال رمضان، وأعظم غرابة، ومرارة، وأشد لؤمًا ونكارةً من لا يحبون الصيام، ويتشاءمون، بل ويكرهون رمضان، ويعدونه قاطعًا لشهواتهم، ومانعًا لهم من مشتهياتهم، وملذاتهم، حتى قال قائلهم:
إذا العشرون من شعبان ولَّت
فواصل شرب ليلك بالنهار
ولا تشرب بأقداح صغار
فإن الوقت ضاق عن الصغار

وذكر ابن رجب في لطائف المعارف[9]، قال: كان رجل في زمن الرشيد ينشد ويقول:
أتاني شهر الصوم لا كان من شهر
ولا صمت شهرًا بعده آخر الدهر
فلو كان يعديني الأنام بقوة
على الشهر لاستعديتهم على الشهر

قال: فأصابه مرض فكان يصرع في اليوم مرات، ومات قبل أن يبلغ رمضان التالي، بل قد وصل لؤم بعضهم إلى أن يأمر الناس بترك الصيام زعمًا منه أن ذلك يعطلهم عن أعمالهم، ويخفف من إنتاجهم، كما زعم الرئيس التونسي أبو رقيبة حين طلب من الشيخ العلامة الطاهر بن عاشـور أن يفتي للعمال بالفطر في رمضان، فظهر العلامـة الطاهر بن عاشور على الإذاعة، فَتَلا قوله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183] ثم قال: صـدق الله، وكـذب أبو رقيـبة: ﴿ فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الأنعام: 45].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 102.30 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 100.58 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.68%)]