|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المؤمن حق الإيمان خميس النقيب الإيمان هو المصدر الحقيقيُّ للسَّكِينة، وهو المنبع الفيَّاض للطمأنينة، وهو الدافع الأساسيُّ للجَبْرِ والنصر، فالعبد المؤمن حقَّ الإيمان دائمًا لديه ثقة بأن الله معه وبجانبه ولن يتركه؛ تلك هي حلاوة الإيمان التي يتذوَّقها العبد مكافأة لما صبر، وعدلًا لما اجتهد، لكي يصل إلى هذه الدرجة السامية. الإيمان هو أسمى العقائد التي يصل إليها الإنسان، وإذا ذاق القلب حلاوة الإيمان، ما اشتهي شيئًا بعد ذلك أبدًا. إذًا من هو المؤمن حق الإيمان؟ عن أنس رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم لقِيَ رجلًا يُقال له: حارثة، في بعض سِكَكِ المدينة، فقال: كيف أصبحت يا حارثةُ؟ قال: أصبحت مؤمنًا حقًّا، قال: إن لكل إيمان حقيقةً، فما حقيقةُ إيمانك؟ قال: عَزَفَتْ نفسي عن الدنيا، فأظْمَأْتُ نهاري، وأسهرت لَيلِي، وكأني بعرش ربي بارزًا، وكأني بأهل الجنة في الجنة يتنعمون فيها، وكأني بأهل النار في النار يُعذَّبون، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أصبْتَ فالْزَمْ، مؤمنٌ نوَّر الله قلبه))؛ [رواه البزار]؛ قال الله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 4]؛ قال العلماء: أولئك الذين اتصفوا بتلك الصفات هم المؤمنون حقًّا؛ لأنهم جمعوا بين الإسلام والإيمان، بين الأعمال الباطنة والأعمال الظاهرة، بين العلم والعمل، بين أداء حقوق الله وحقوق عباد الله. المؤمن حق الإيمان يعلم أن الإيمان أعلى درجات الإسلام، وهي منزلة عظيمة، لا يرتقي لها المنافق بأي حال من الأحوال، وأن الإيمان قوة دونها الإنسان ضعيف، والمؤمن يهزم الجيوش بقوته وعقيدته، قبل سلاحه وعتاده. المؤمن حق الإيمان يعلم أن العقيدة هي المحرك الأساسي للإنسان، فكلما كان معتقد الإنسان قويًّا، كان إيمانه عميقًا، ولا يمكن أن يتأثر أبدًا، والله تعالى حين يرضى عن العبد يُمِدُّ قلبه بالصبر، ويرزقه الجبر والنصر، يمنحه السعادة والريادة، يتذوق حلاوة الإيمان، ويَتَعَمْلَقُ في قلبه الإسلام. المؤمن حق الإيمان يعلم أن أشد ساعات الليل سوادًا يبزغ منها شعاع الفجر، وأشد ساعات السماء غيومًا ينزل منها المطر، وأشد لحظات المرأة إيلامًا بعدها المخاض ونزول الولد. المؤمن حق الإيمان قويٌّ، وإن لم يكن معه سلاح، غنيٌّ وإن لم يكن معه أموال، عزيز وإن لم يكن وراءه اتباع، تحيطه النعمة ولا تبطره، تُحاصره الشدة ولا تقهره، تُداهمه الضائقة ولا تنهره. المؤمن حق الإيمان يعلم أن مع الدمعة بسمةً، ومع الخوف أمنًا، ومع الفزع سَكِينةً، ومع الحزن فرحًا، فلا يضيق له ذرعًا، ولا ترتعش له يد، ولا تلين له قناة، فمن المحال دوام الحال، وأفضل العبادة انتظار الفرج. المؤمن حق الإيمان يعلم أن الأيام دول، والدهر متقلب، واللياليَ حبالَى، والغيب مستور، وكل يوم هو في شأن، ولعل الله يُحدِث بعد ذلك أمرًا، وإن مع العسر يسرًا، إن مع العسر يسرًا. والليالي من الزمان حبالَى ![]() مُثْقَلَات يَلِدْنَ كلَّ عجيبِ ![]() ![]() ![]() المؤمن حق الإيمان إذا داهمته داهية، أو كان في ضيق، أو انخرط في شدة، ينظر إلى الجانب المشرق منها، وإذا لدغه عقرب، يعلم أنه مصل واقٍ، ومناعة حصينة ضد سُمِّ الحيَّات، يتكيف مع واقعه الجاف، ويتناغم مع صحراء القفر ليُخرِج لنا منها زهرًا ووردًا وياسمينًا؛ والله يقول: ﴿ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 216]. المؤمن حق الإيمان يعلم أن كل هذه الشدائد والمحن بعدها فَرَجٌ قريب، فبعد الجوع شبع، وبعد الظمأ رِيٌّ، وبعد السهر نوم، وبعد المرض عافية، سوف يصل الغائب، ويهتدي الضال، ويُفَكُّ العاني، وينقشع الظلام: ﴿ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ ﴾ [المائدة: 52]. المؤمن حق الإيمان يعلم أن اليأس كفر، وأن القنوط خطر يقتل الرجال، ويهزم الأبطال، ويحطم الأجيال، وأن أخطر شيء يصيب الأمة أنْ تُهْزَمَ من الداخل، ولن يتأتى ذلك إلا إذا وقعت في اليأس، أو أن تركن إلى الهوان، أو أن تحب الدنيا وتكره الموت، عندها يتكالب عليها الأَكَلَةُ، ويطمع فيها القتلة. المؤمن حق الإيمان يعلم أن حياة الإنسان في هذه الدنيا لا تخلو من حالين: شدة، أو فرج، وكلاهما ابتلاء للإنسان، ولا ينجح فيهما إلا المؤمن حق الإيمان؛ فعن صهيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن؛ إن أصابته سرَّاءُ شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاءُ صَبَرَ، فكان خيرًا له))؛ [مسلم]. المؤمن حق الإيمان يعلم أن الإيمان القويَّ حتمًا يَلِدُ الخُلُقَ القويَّ، والصبر عند النقمة، والشكر عند النعمة جناحا المؤمن يطير بهما بعيدًا عن العوائق إلى ربٍّ كريم، وإله غفور رحيم، وجنة عرضها السماوات والأرض، كيف؟ الإيمان يُبنى على الصبر والشكر، فنصفه صبر، ونصفه شكر، فعلى حسب صبر العبد وشكره، تكون قوة إيمانه؛ [ابن القيم (الفوائد)]. المؤمن حق الإيمان يعلم أنه إذا تكالب الأحزاب، وازداد الحراب، وسُدَّتِ الأبواب، وزُلزلت القلوب حتى توارت بالحجاب، كان هو الواثقَ بربه، المستعين به، المتوجِّه إليه، المتوكل عليه، لا يعدم الأسباب، ولا يترك الأبواب، ولا يهجر رب الأرباب. المؤمن حق الإيمان لا بتجاهل السنن الربانية، ويعلم أن الباطل قد يكون أقوى من الحق من حيث العدد والعُدَّة، لكن الحق دومًا في انتصار، والباطل في انكسار، النصر حتمًا سيكون من نصيب أصحاب الحق، والله من ورائهم يدافع عنهم، يخذل من خذلهم، ويهزم من خانهم وتآمر عليهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ ﴾ [الحج: 38]. المؤمن حق الإيمان يعلم أن الله تعالى يجيب المضطر إذا دعاه، ويكشف السوء، ويقبل التوبة عن عباده، ويعفو عن السيئات، وهو الملاذ في الشدة، والأنيس في الوحشة، والنصير في القلة، والنور في الظلمة. يتجه إليه المؤمن إذا حارب، واثقًا في النصر؛ لأنه مع الله، فالله معه وله: ﴿ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ ﴾ [الصافات: 172]، كيف؟ حين سار موسى بقومه وهم شرذمة قليلون، اتبعهم فرعون بجنوده، وطغيانه واستبداده، وحقده وبطشه وجبروته، هل هناك أمل أن ينجو أحد، بالمقياس المادي، ولو واحدًا بالمليار؟ لا. ﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [الشعراء: 61]، البحر أمامهم، والعدو من خلفهم، والخوف يملأ قلوبهم، بالنظرة المادية مُدْرَكون لا محالة، لكن موسى ذهب إلى ربه، يلوذ به ويحتمي بحماه، ويهتدي بهداه، ﴿ قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الشعراء: 62]، فجاءت الإجابة الفورية، وكانت النتيجة الحتمية، والإجراءات الصارمة، والرسائل القاصمة لعدو الله البغيض، فرعون اللعين، ﴿ فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾ [الشعراء: 63]، تحوَّل الأمر في آخر لحظة بقدرة القادر جل وعلا، كيف؟ ﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الْآخَرِينَ * وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشعراء: 64 - 68]، أغرق الله فرعون وجنده، ونجى موسى وقومه، بالماء نفسه، وفي الوقت نفسه، إنه تعالى منتقم من أعدائه، رحيم بعباده. وها هو نوح عليه السلام ناح في الناس سنين طوالًا، ودعاهم إلى الله على كل حال، لكن لم يؤمن به إلا النزر القليل، غير أنه أخذ بالأسباب، وطرق الأبواب، ورجا رب الأرباب: ﴿ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ ﴾ [القمر: 10]. بثلاث كلمات كان رجاؤه، فتحقق له ما أراد أيضًا في ثلاث كلمات، كيف؟ ﴿ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ * وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ ﴾ [القمر: 11، 12]، وبهذا الماء أغرق الله الفاسدين، ونجَّى المؤمنين. ولقد هاجر صلى الله عليه وسلم وحارب وانتصر، وقامت الدولة الإسلامية، واتسعت رقعتها، وقَوِيَت شوكتها، ثم يتكالب الأعداء، ويتدافع العملاء، ويتحد الشرك الوثني مع الغدر اليهودي؛ ليتصدى لوحي السماء، ويشتد الأمر على النبي وأصحابه؛ قريش وغطفان من خارج المدينة، واليهود والمنافقون من الداخل، وإليك - عزيزي القارئ - تصوير الموقف تمامًا في كتاب الله: ﴿ إِذْ جَاءُوكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا ﴾ [الأحزاب: 10، 11]، في هذه الساعة العصيبة قد يتلاشى الأمل، ويخبو الرجاء، ويحل القنوط، لكن المؤمن حق الإيمان يظل قويًّا بربه، معتصمًا بدينه، محافظًا على مبدئه. في معركة الفرقان بدر الكبرى ما توقَّع أحدٌ أن ينتصر المسلمون؛ فهم قلة في العدد والعدة، إلا رسول الله يزرع الأمل، محدِّدًا مواقعَ مصارع صناديد قريش، فلم يتخلف أحد عن موقعه الذي حدده المصطفى إلا وقُتل عنده، ثلاثمائة ونيِّف أمام أكثر من ألف؛ حتى قال صلى الله عليه وسلم: ((اللهم إن تهلِك هذه العصابة، فلن تُعبَد في الأرض أبدًا... اللهم إنهم جياع فأطعمهم، حُفاة فاحملهم...))، وانتصر المسلمون: ﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾ [آل عمران: 123]. ولقد ظل القدس أسيرًا ما يقارب تسعين عامًا، حتى جاء صلاح الدين الأيوبي، فضرب قيده، وفك أسره بحول الله وقوته. ودار الزمن دورته، وتداولت الأيام، وتسارعت الأعوام، وتكرر العداء لأمة الإسلام، فتجمع منافقو الداخل مع مجرمي الخارج؛ لينالوا من الشعوب المسلمة، حتى أحرقوا المساجد، وقتلوا الرُّكَّع السجود، علاوة على هدم البيوت، وحرق سكانها في شتى البقاع الإسلامية. في مصر انتصر المسلمون في العاشر من رمضان، السادس من أكتوبر، بصيحة: الله أكبر، عندما ترسخ في قلوبهم أن الله أكبر من الأعداء، أكبر من سلاحهم وعتادهم، وأن إيمانهم أقوى وأمضى. في تركيا ظل العسكر جاثمين على صدور الشعب عقودًا من الزمن، وضرب الفساد أطناب البلاد، وكثر الفاسدون في كل الدواوين، حتى أخرج الله من الشعب صالحين مُصلحين، استطاعوا بتقواهم وتفانيهم أن يصلوا بدولة تركيا إلى مصافِّ الدول العظمى؛ اقتصاديًّا، واجتماعيًّا، وعلميًّا، وأخلاقيًّا، وسياسيًّا. وها هم أبطال فلسطين الحبيبة، وفرسان غزة الأبية، يحاربون بإيمانهم وعقيدتهم، جيشًا سمَّى نفسه الجيش الذي لا يُقهَر، أقوى جيوش العصر الحديث، الذي فرض هيمنته على الشرق الأوسط بكامله، وتعدَّى إلى غيره، إلا فرسان غزة الأبية، وأبطال فلسطين الوفية، أصحاب الكرامة والعزة والحرية. إن حلفاء الشياطين يمدون الأعداء بالعتاد والسلاح، برًّا وبحرًا وجوًّا، لكن هيهات هيهات، كل ذلك يتهاوى أمام قوة الإيمان، ويتلاشى أمام صحيح العبادة وسليم العقيدة. هكذا يجب ألَّا ييأس المؤمن؛ لأن اليأس شيمة الكافرين، وطريق المنافقين: ﴿ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]. المؤمن حق الإيمان يصبر وهو يعلم عظيم الأجر، كيف؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما يصيب المسلم من نَصَبٍ ولا وَصَبٍ، ولا همٍّ ولا حزن، ولا أذًى ولا غمٍّ، حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه))؛ [متفق عليه]. المؤمن حق الإيمان يتطهر بعمله وابتلائه في الدنيا قبل ملاقاة ربه، كيف؟ عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله، حتى يلقى الله وما عليه خطيئة))؛ [ابن حبان، والترمذي، والحاكم]. المؤمن حق الإيمان يعلم أن الضعيف لا يظل ضعيفًا أبدَ الدهر، والمريض لا يبقى مريضًا طول العمر، وإنما يجعل الله من بعد الضعف قوةً، ومن بعد المرض صحة، ومن بعد العسر يسرًا، ومن بعد الخوف أمنًا، يجعل الله من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فَرَجًا. لكن هل يستوي المجاهدون والقاعدون؟ كلا ثم كلا، هناك تفاوت في الإيمان؛ قال ربنا: ﴿ لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 95]. ماذا حدث للأمة، وجعلها في سُبات عميق، وغفلة مقيتة؟ أصبح المرء يجري وراء دنيا يُصيبها، أو امرأة ينكحها، تفتنه الدنيا فيصبح معها كالخاتم في الإصبع، ويدور حول شهواته ونزواته كالثور يدور في الساقية، إلا من رحم ربي وعصم، لذلك تكالبت عليهم الأمم؛ وفي الحديث الصحيح: ((يُوشِك الأمم أن تداعى عليكم)). للأسف ثلاثون دولة إسلامية، اختلفوا وتفرقوا وتشرذموا، لذلك فشلوا وذهبت ريحهم، وتمكَّنت الأمم من رقابهم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم، كما تداعى الأَكَلَةُ إلى قصعتها، فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذٍ؟ قال: بل أنتم يومئذٍ كثير))؛ مليار وخمسمائة مليون، رُبُع سكان الأرض، يملكون معظم ثرواتها، لكنهم أحبوا الدنيا، وكرهوا الموت، فكان هذا حالهم: ((بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غُثاء كغُثاء السَّيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابةَ منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن، قيل: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: حب الدنيا، وكراهية الموت))؛ [أبو داود عن ثوبان]. ولن يعودوا لعزهم إلا إذا استقَوا العزة من رب العالمين، ومن رسوله الصادق الأمين: ﴿ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [المنافقون: 8]. ولن يرجعوا لمجدهم إلا إذا سلكوا طريق الأولين، الطريق المستقيم، طريق رب العالمين: ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153]. وهكذا جاء إسلامنا الحنيف يصلح أحوالنا، ويطهر مجتمعاتنا، لتكون أمتنا المحمدية من أعظم الأمم، وحضارتنا الإسلامية من أرقى الحضارات، ويباهي بنا نبيُّنا الأُمَمَ يوم القيامة. اللهم انصر المستضعفين في كل وقت وحين، وانصر إخواننا المجاهدين في فلسطين يا رب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |