|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
منهج أهل الحق وأهل الزيغ في التعامل مع المحكم والمتشابه: موازين الاستقامة والانحراف د. عبدالسلام حمود غالب التعامل مع آيات المحكم والمتشابه هو المحك الحقيقي الذي يُبين سلامة المنهج العقدي والفكري للإنسان، أو انحرافه وزيغه. فالنص القرآني في (آل عمران: 7) يوضح بجلاء مسارين حول ذلك: أولًا: منهج أهل الحق (الراسخون في العلم): أهل الحق والإيمان والراسخون في العلم هم الذين يؤمنون بأن القرآن كله من عند الله تعالى، وأنه لا تناقض فيه ولا اختلاف، بل هو آيات مُحكمة ومُتقنة. فإذا التبس عليهم أمر شيء من المتشابه، فإنهم يتبعون منهجًا علميًا رصينًا وقويمًا: 1.يردون المتشابه إلى المحكم (التفسير ببعض القرآن): وهذا هو الأساس المنهجي المتين. فالمحكم هو الأصل الذي يُفسر به المتشابه ويُبين معناه ويُزال ما قد يُوهم التعارض. هذا يتطلب استقراءً للنصوص، وجمعًا للآيات ذات الصلة بالموضوع الواحد، ثم تدبرًا لها وتوضيحا لمعناها. 2.يُسلمون بما لم يُدركوا معناه (الإيمان بالغيب والتواضع العلمي): إذا كان المتشابه من النوع الذي استأثر الله بعلمه (المتشابه المطلق)، فإنهم يُسلمون به ويُؤمنون، ولا يُحاولون الخوض في كيفية ما استأثر الله به من علم. يقولون: "آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا"، ويُدركون أن علمهم محدود، وأن الله تعالى هو العليم الحكيم. هذا يُنمي فيهم التواضع العلمي والاعتراف بحدود العقل البشري. 3.يسألون أهل الذكر (طلب العلم الصحيح): إن لم يكونوا هم أنفسهم من أهل العلم القادرين على الاستدلال والاستنباط، فإنهم يلجؤون إلى سؤال أهل العلم والراسخين فيه، كما قال تعالى: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]. وهذا يُحافظ على المرجعية العلمية الصحيحة ويمنع الفوضى في الفهم. 4.التدبر العميق والاستقراء الشامل: يُعد التدبر لكامل القرآن، والاستقراء لجميع الآيات المتعلقة بمسألة ما، وجمعها، من أهم أدوات الراسخين في العلم لفهم المتشابه، حيث أن القرآن يُفسر بعضه بعضًا. ثانيًا: منهج أهل الزيغ والضلال (تتبع المتشابه للهوى والفتنة): أما أهل الضلال والزيغ (الذين في قلوبهم مرض وشك)، فقد عمدوا قديمًا وحديثًا إلى تتبع المتشابه من القرآن والسنة، لا طلبًا للحق، بل ابتغاء الفتنة والتشكيك في دين الله، وتوهموا بهذا المتشابه ما لا يليق بالله عز وجل ولا بكتابه ولا برسوله، لأغراض دنيوية أو لتبرير أفكارهم الباطلة. إنهم لا يُريدون الحق، بل يُريدون أن يُحرّفوا النصوص لتوافق أهواءهم ومقاصدهم الفاسدة. غاياتهم كما بين القران: 1- ابتغاء الفتنة: أي إضلال الناس وبث الشبهات في قلوبهم، وجعلهم يُشككون في دينهم أو في القرآن. 2- ابتغاء تأويله (تحريفه): أي تحريف معنى المتشابه على ما يريدون هم، لجعله حجة لهم على باطلهم، أو لتبرير بدعهم وأهوائهم. أساليبهم: 1- تتبع المتشابه: لا يهتمون بالمحكم الواضح الذي يدحض باطلهم، بل يختارون النصوص التي يُمكن تحريفها. 2- ضرب الآيات بعضها ببعض: يُقدمون الآيات المتشابهة التي يُوهم ظاهرها التعارض، ويُحاولون إيهام الناس بوجود تناقض في القرآن، دون العودة إلى المحكم الذي يُبين معنى المتشابه. 3- العناد واتباع الهوى: حتى بعد بيان الحق، فإنهم يُصرّون على زيغهم؛ لأن غايتهم ليست الوصول إلى الحق. مثال (كلام ابن عثيمين عن النصارى): اتبع النصارى المتشابه في قوله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾ [النساء: 171]، وادعوا تعدد الآلهة وقالوا: إن الله ثالث ثلاثة، وأنه ابن الله. وقد تركوا المحكم الصريح الدال على أن الله واحد لا شريك له، وأن عيسى عليه السلام عبد الله ورسوله، مثل قوله تعالى: ﴿ وَإِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 163]، وقوله: ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ وَجَعَلْنَاهُ مَثَلًا لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ ﴾ [الزخرف: 59]، وقوله: ﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ عِندَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ ﴾ [آل عمران: 59]. رد الراسخين في العلم: الراسخون في العلم يحملون المتشابه (كلمة.. وروح منه) على التعظيم لعيسى عليه السلام وبيان خلقه المعجز، ويُرجعونه إلى المحكم الذي يُؤكد على توحيد الله المطلق وعبودية عيسى عليه السلام، ويُبينون أن دعوى النصارى كفر، قال تعالى: ﴿ لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ ۘ وَمَا مِنْ إِلَٰهٍ إِلَّا إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ﴾ [المائدة: 73]. وقد تصدى أهل العلم عبر العصور لمثل هذه الشبهات الباطلة، وألفوا مؤلفات نافعة وقيمة في رد هذا التشكيك وبيان الحق، وإقامة الحجة على أهل الزيغ. ومن ذلك ما ألفه الإمام ابن قتيبة رحمه الله (ت276هـ) بعنوان: تأويل مختلف الحديث، حيث رد فيه الشبهات حول الأحاديث التي قد يُوهم ظاهرها التعارض. وما ألفه الشيخ العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله (ت1393هـ) بعنوان: "دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب"، والذي يُعد تحفة علمية في الجمع بين الآيات القرآنية التي يُوهم ظاهرها التناقض. هذه الجهود العلمية العظيمة تُؤكد أنه ليس بحمد الله بين آيات الكتاب تناقض ولا اضطراب، وليس بين السنة والقرآن تعارض؛ لأن الأمر كله من عند الله تعالى، وقد قال سبحانه: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 82].
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |