|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
|
الوطن في قلوب الشباب والفتيات عدنان بن سلمان الدريويش إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ- أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ- وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ؛ فَهِيَ الْعِصْمَةُ مِنَ الْبَلَايَا، وَالْمَنْعَةُ مِنَ الرَّزَايَا، ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ [الطلاق: 2، 3]. يا عِبَادَ اللَّهِ، لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا بِنِعَمٍ كَثِيرَةٍ مُتَعَدِّدَةٍ، لَا يُمْكِنُ لِأَحَدٍ أَنْ يَحْصُرَها، ﴿وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: 18]، وَيَأْتِي فِي مُقَدِّمَةِ هَذِهِ النِّعَمِ الْعَظِيمَةِ نِعْمَةُ الْإِسْلَامِ وَالتَّوْحِيدِ، كما قَالَ جَلَّ وَعَلَا: ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا﴾ [المائدة: 3]، ومِنْ مُقْتَضَيَاتِ شُكْرِ اللَّهِ عَلَى نِعْمَةِ التَّوْحِيدِ، أَنْ نَسْعَى فِي تَوْحِيدِ الصَّفِّ، وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ، وَنَبْذِ الْفُرْقَةِ وَالِاخْتِلَافِ، وَطَاعَةِ مَنْ وَلَّاهُ اللَّهُ أَمْرَنَا فِي غَيْرِ مَعْصِيَةِ اللَّهِ؛ فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: «بَايَعْنَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، فِي الْمَنْشَطِ وَالْمَكْرَهِ، وَأَلَّا نُنَازِعَ الْأَمْرَ أَهْلَهُ، وَأَنْ نَقُومَ، أَوْ: نَقُولَ بِالْحَقِّ حَيْثُمَا كُنَّا، لَا نَخَافُ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ»؛ (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ). أيها المسلمون، فَطَرَ اللهُ النفوسَ البشريةَ على حبِّ الأوطان، والانتماء إلى البلدان، تلك الديار التي نشأنا بين جنباتها، وأكلنا من خيراتها، فالإبلُ تحنُّ إلى أوطانِهَا، والصقورُ تهفوا إلى أوكارِها، والوحوش ترنُوا إلى غاباتها، وكما فطرَ اللهُ الرضيعَ أن يحنَّ إلى أمّهِ، مهدِ طفولتِهِ، ومنبعِ أمانِهِ، ومصدرِ رزقِهِ، فَطرَ الإنسانَ أن يحنَّ إلى وَطَنِهِ، دارِ إِقَامَتِهِ وَأَمَانِهِ، ومصدرِ راحتِهِ وانتمائِهِ، ومرتعِ صِبَاهُ، وَمَنْزِلِ شَبَابِهِ، ومما يدلُّ على أصالةِ حبِّ الوطن في النفوس، أنَّ الله عز وجل شبَّهَ خروج الإنسان من الوطن بخروج الروحِ من الجسد، قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 66]. يا عِبَادَ اللَّهِ، هَذَا رَسُولُكُمْ صلى الله عليه وسلم يُعْلِنُ عَنْ حُبِّهِ لِمَكَّةَ وَهُوَ يُغَادِرُهَا مُهَاجِرًا إِلَى الْمَدِينَةِ.. فعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَدِيِّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ وَهُوَ وَاقِفٌ بِالْحَزْوَرَةِ فِي سُوقِ مَكَّةَ: «وَاَللَّهِ إنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إلَى اللَّهِ، وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ»؛ صَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. أيها الشباب، عليكم أن تقدروا لهذا الوطن الغالي مكانته، وأن تقوموا بواجبكم تجاهه، ومن واجبنا لبلادنا ما يلي: أولًا: وجوبُ حبِّها، والانتماءِ إليها، وإظهارُ ذلك، فعن عبدِاللهِ بن عديِّ بنِ الحمراءِ قال: رأيتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وهوَ على ناقتِه واقفٌ بالحَزورةِ- موضعٌ بمكةَ- يقولُ: «واللهِ إنَّكِ لخيرُ أرضِ اللهِ، وأحبُّ أرضِ اللهِ إليّ..»؛ صححه الألباني. ثانيًا: طاعة ولاة الأمر، والدعاء لهم، قالَ صلى الله عليه وسلم: «مَن خَلَعَ يَدًا مِن طاعَةٍ، لَقِيَ اللَّهَ يَومَ القِيامَةِ لا حُجَّةَ له، وَمَن ماتَ وَليسَ في عُنُقِهِ بَيْعَةٌ، ماتَ مِيتَةً جاهِلِيَّةً»؛ أخرجه مسلم، وقدْ تقرَّرَ عندَ أهلِ السُّنةِ أنَّه لا دينَ إلا بجماعةٍ، ولا جماعةَ إلا بإمامةٍ، ولا إمامةَ إلا بطاعةٍ. نفعني الله وإيَّاكم بهدي نبيه وبسنة نبيه- صلى الله عليه وسلم- أقول قُولِي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهَدَى، وَصَلَّى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.قال الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: 1]. يا عباد الله، واعلموا أن من واجبنا تجاه بلادنا الحبيبة كذلك: ثالثًا: شكر نِعَم الله عز وجل على بلادنا، ومن أعظمها نعمة الأمن، وائتلاف الكلمة، والتفاف الرعية حول الراعي، والأُلْفة واللُّحمة بين أبنائِه، فبالشكر تدومُ النِّعَم، قال سبحانه: ﴿وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ﴾ [إبراهيم: 7]. رابعًا: ومن واجبنا تجاه بلادنا أن نكونَ غصَّةً صلبةً، وشوكةً حادَّةً في حلق كل من يحاولُ زعزعةَ أمن وطننا واستقراره، أو العبث بمقدراته، أو شق عصا الطاعة والخروج عن الجماعة، وبث الشكوك والسموم بين أبنائه. فاحذروا يا شباب الوطن أن تكونوا أداةً لهدم وطنكم، وتخريب أرضكم، أو الخروج على ولاة أمرِكم، سواء بجهلكم، أو بتكاسلكم في تحرِّي الدقة عند نقل أي رسالة، أو ترديد أي مقالة عنه. خامسًا: ومن واجبنا تجاه هذا الوطن: الحفاظ على أرضه، ومكتسباته، وممتلكاته العامة والخاصة، بعدم الإضرار بها، أو التعدِّي عليها، واحترام الأنظمة، والمساهمة الفاعلة في مسيرة البناء والتنمية، والقيام على خدمة أبناء الوطن، والبذل في سبيل نهضته وتطوُّره، وتقدُّمه. هذا وصلُّوا وسلِّموا عباد الله، على نبيكم؛ استجابة لأمر ربكم: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وَاخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ، اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ، ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً﴾ [البقرة: 201]، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ. عِبَادَ اللَّهِ، ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل: 90]؛ فَاذْكُرُوا اللَّهَ يَذْكُرْكُمْ، وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ، ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ [العنكبوت: 45].
__________________
|
![]() |
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |