هل نحنوا مسيرون ام مخيرون ؟؟؟؟؟؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح زاد المستقنع في اختصار المقنع للشيخ محمد الشنقيطي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 550 - عددالزوار : 302415 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 2 - عددالزوار : 1546 )           »          فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 43 )           »          الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          فضل الصبر على المدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 58 )           »          الفرق بين إفساد الميزان وإخساره (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3086 - عددالزوار : 332003 )           »          تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 22-03-2008, 06:09 PM
مريم 2008 مريم 2008 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Mar 2008
مكان الإقامة: قطر
الجنس :
المشاركات: 11
Cool هل نحنوا مسيرون ام مخيرون ؟؟؟؟؟؟

سؤال يراود الكثير من الناس , ونتعرض له من المشككين في حتمية يوم القيامة وفائدة الحساب أمام الله جل وعلا , وكيف نكون مخيرين وحياتنا مسجلة منذ لحظة ولادتنا وحتى لحظة مماتنا؟

( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعقِلُونَ ) (غافر 67)
وقال تعالى ( وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (هود 6) .
فلطالما أن الله جل وعلا يعلم البداية والنهاية لكل هذا الكون , فما الفائدة من اختيارنا ؟

الفارق في ذلك هو الزمن , الذي يحكم هذا الكون منذ أن خلقه الله تعالى وصير فيه الزمن , ( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ .... ) ( التوبة 36)
وبين لنا أن نهاية هذا الكون سيكون يوم القيامة ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ( الزمر 67) أي وقت حدوث يوم القيامة .

ونظم الزمن لهذا الكون وجعل فيه سنين وأشهر وأيام , ولكي يشعرنا بأهمية الأيام التي نتداولها ( .. وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ ...) (آل عمران 140) بين لنا أنه تعالى خلق الأرض في ستة أيام ( وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ ) (ق 38 )
وفصل لنا هذه الأيام الستة ( قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ . وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء لِّلسَّائِلِينَ ) ( فصلت 9, 10)
وذلك ليبين لنا أهمية الزمن في هذا الكون .

ثم بين لنا أن الأيام تختلف في طولها وفترتها الزمنية بهذا الكون الشاسع عن أيامنا على هذه الأرض فضرب لنا مثلا بذلك ( .. وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ ) ( الحج 47) وقال ( تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ ) ( المعارج 4)
ولم يبين لنا مكان هذا اليوم في هذا الكون الشاسع وكلمة ( عند ) تدل على مكان ما في هذا الكون العظيم الذي هو ملك لله تعالى ( لِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) ( المائدة 120 ) .
كأن تدخل دكان وتسأل صاحبه عندك قلم رصاص مثلا , فيجيب نعم عندي وليس بالضرورة أن يكون على الطاولة أمامه , فيقول لك في الممر الثاني على الرف الأول مثلا , فجوابه بنعم عندي لأنه يملك كل ماتحتويه المكتبة . ولله المثل الأعلى .
وذلك لكي يتصور الإنسان حجم هذا الكون الهائل الذي أبدعه الله تعالى جلت قدرته .

ولكن هذا الزمن غير موجود عند الله جل وعلا في الدار الآخرة فهو الأول والآخر (هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) ( الحديد 3)
وكذلك غير موجود في البرزخ ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً ) ( الإسراء 52)
وقال ( قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ . قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ ) ( المؤمنون 112, 113)
وقال ( يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا . يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا عَشْرًا . نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا يَوْمًا ) ( طه 102, 103, 104)

ولكن مافائدة ذلك في اختيارنا ؟

لو أن أستاذا سأل أحد الطلبة أن يختار عددا ما من ( 1 إلى 5 ) فأي عدد من هذه الأرقام سيختار التلميذ ستكون في معلوم الأستاذ ولن يفاجئ باختياره , ولكنه لا يعرف بالتحديد أي منها سيختار التلميذ حتى اللحظة والثانية الأخيرة لأنها من علم الغيب عنده , وستكون في علمه بمجرد أن يختار التلميذ إحداها كونه محكوم بالزمن .

أما عند الله جل وعلا حيث فلا زمن عنده منذ الأزل وإلى الأبد وهو تعالى عالم الغيب ( أَوَلاَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ ) ( البقرة 77)
( وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) ( الأنعام 59 )

وهذا الكون كله قائم بأمر كلمة الله جل وعلا ( كن ) وهي دلالة عدم وجود الزمن ( وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُن فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنفَخُ فِي الصُّوَرِ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ ) (الأنعام 73 )

وحيث أن جميع الخيارات من الله سبحانه وتعالى أمامنا لانهائية وغير محدودة , فأيا مايكون خيارنا فهو بعلم الله وهو بملئ إرادتنا ( مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيدًا ) ( النساء 79) .
وهنا نسبت اختيار ( حسنة ) لله تعالى ( فَمِنَ اللّهِ ) واختيار السيئة من نفسك مع أن الإختيارين من نفس الإنسان , والسبب أن الله تعالى خلق الناس على الفطرة ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ) ( الروم 30) والفطرة هي اختيار المفيد والنافع غير الضار بشكل تلقائي , وحيث أن كل ماتختاره هو من علم الغيب لله فهي جميعها من الله (... وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِ اللّهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَـذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ فَمَا لِهَـؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا) ( النساء 78).

ووجود هذا الكون منذ بدئه إلى عدمه معلوم بأمر الله تعالى , وأن أحدنا منذ لحظة ولادته إلى لحظة وفاته معلوم بأمر الله ( وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ( الأنعام 60)

فخيارنا معلوم بعلم الله ولكن مشيئة الخيار من هذه الإحتمالات اللانهائية هو من أنفسنا ( وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ ... ) ( الكهف 29 ) .. ( إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ... ) ( الإسراء 7 )
حتى الرسل الكرام عليهم السلام لا يعلمون الغيب ومسؤولون عن خياراتهم ( قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (الأعراف 188) وهذا يبين أن علم الغيب لله تعالى لا يمنع حرية الاختيار ولا يلغي المحاسبة على الخيارات .

وعلى هذا فسيكون حسابنا على خيارنا بإرادتنا بعد أن بين الله تعالى لنا سبل الخير ( وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( الأنعام 153)
ولهذا فنحن مخيرون في هذه الدنيا ومحاسبون على خياراتنا أمام الله بعد أن اخترنا حمل الأمانة وهي العقل ( إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ) (الأحزاب 72 )
وأشهدنا على انفسنا ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ ) (الأعراف 172)
ولذلك لن يقبل الله بعد أن حملنا الأمانة ومنحنا الإختيار أن نقول الله أمرنا بذلك ( وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) ( الأعراف 28 )
وبعد أن بين لنا طريق الخير طلب منا تجنب أشياء بينها لنا في كتبه السماوية التي أنزل وعلى لسان رسله الذين بعثهم بالحق عليهم السلام .

أما نحن فمسيرون في بعض الأمور , فنحن مسيرون في لحظة ولادتنا ولحظة مماتنا ولا نملك أن نختار أن نولد في يوم كذا أو أن نموت في يوم كذا ولا نحاسب على ذلك , ولكن نحاسب إن نحن قتلنا أنفسنا بغير الحق فهذا من اختيارنا, وقتل النفس بالحق هو الجهاد في سبيل الله لرد الإعتداء فيما لو تعرضنا له وتمت لنا الشهادة في سبيل الله .

ونحن مسيرون في أشكالنا وحركة أعضائنا الداخلية , فنحن لانختار لون بشرتنا ولا لون شعرنا ولا أطوالنا وأوزاننا ولا نملك التحكم بحركة الدورة الدموية وحركة أمعاءنا في داخلنا , ولانحاسب على ذلك .
ولكن نحاسب إن نحن حاولنا إخلال هذا النظام الذي خلقنا الله عليه إن تناولنا المحرمات التي تذهب العقل أو أسرفنا في طعامنا ولو كان حلالا فيزيد من ضربات القلب مثلا ويؤدي إلى الوفاة أو إلى علة ما .

وقد طلب الله تعالى منا أن نكون معتدلين ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُواْ زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ) ( الأعراف 31)

هذا النظام الدقيق المنتظم في أنفسنا وفي هذا الكون الذي خلقه الله تعالى في هذه الحياة الدنيا , سيتغير في الدار الآخرة ( يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ ) (إبراهيم 48)
وستسكن نفوسنا في غير هذا الجسد المحكوم بالزمن والذي يكبر ويهرم ويشيخ بمرور الزمن ( هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّى مِن قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (غافر 67)

وقد بين الله تعالى ذلك حين خلق آدم عليه السلام ( خَلَقَ الْإِنسَانَ مِن صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ ) ( الرحمن 14) ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ ) ( الحجر 28)
وأسكنه وزوجه الجنة على هذه الهيئة , حيث لا زمن في الجنة وحيث الأجسام لا تبلى , إلى أن وسوس له الشيطان بأن يأكل من الشجرة (فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى ) ( طه 120) , فتغير بذلك كينونة جسده وزوجه ( فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ) ( طه 120)
ولم تعد هذه الأجسام صالحة للعيش في الجنة فأمرهم ربهم بأن يهبطوا منها جميعا ( فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ . فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ . قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ) ( البقرة 38,37,36) . ( قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى ) ( طه 123)

وهذا التغيير في كينونة الخلق كان ليطال إبليس نفسه الذي خلقه الله تعالى من نار ( وَخَلَقَ الْجَانَّ مِن مَّارِجٍ مِّن نَّارٍ ) ( الرحمن 15)
حيث أمرهم بالهبوط جميعا , ولولا أن طلب من الله تعالى أن يؤخره إلى يوم القيامة , لكان مصيره مثل بني آدم , أن يكبر ويهرم ويموت ( قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ . وَإِنَّ عَلَيْكَ اللَّعْنَةَ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ . قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ . قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ . إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ) ( الحجر 34/38)
ولكن الله تعالى أخره إلى يوم القيامة ومنع عنه الهرم والكبر والفناء إلى يوم القيامة , ليكون لنا امتحان في ذلك , أنتبع أوامر الله تعالى ؟ أم نتبع خطوات الشيطان ؟ ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ . إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) (البقرة 169,168)
وهذا أيضا من اختيارنا في هذه الدنيا ومسؤولون ومحاسبون عنه يوم القيامة.

فانظر يا أخي المؤمن ماذا يكون خيارك وانظر كيف ستلقى الله يوم القيامة حين سيسألك عن خياراتك هذه المسجلة في صحيفة أعمالك ( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) (الأعراف 185)


الإيمـان بالقدر

الإيمان بالقدر : هو الاعتقاد الجازم بأن الله خالق كل شيء وربه ومليكه ، وأنه تعالى قدر المقادير خيرها وشرها ، حلوها ومرها ، وهو الذي خلق الضلالة والهداية ، والشقاوة والسعادة وأن الآجال والأرزاق بيده سبحانه وتعالى .
والقدر بفتح الدال: تقدير الله تعالى للكائنات حسبما سبق به علمه واقتضته حكمته.
والإيمان بالقدر يتضمن أربعة أمور:
الأول : الإيمان بأن الله تعالى عالم بكل شيء جملة و تفصيلا، أزلاً وأبداً، سواء كان ذلك مما يتعلق بأفعاله أوبأفعال عباده.
الثاني : الإيمان بأن الله كتب ذلك في اللوح المحفوظ ، وفي هذين الأمرين يقول الله تعالى:{أَلَمْ تَعْلَمْ أَنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السّمَآءِوَالأرْضِ إِنّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنّ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ}54 .
الثالث: الإيمان بأن جميع الكائنات لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى ، سواء كانت مما يتعلق بفعله، أم مما يتعلق بفعل المخلوقين، قال الله تعالى فيما يتعلق بفعله: {وَرَبّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ}55.
وقال تعالى فيما يتعلق بفعل المخلوقين : {وَلَوْ شَآءَ اللّهُ لَسَلّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ}56.
الرابع : الإيمان بأن جميع الكائنات مخلوقة لله تعالى بذواتها وصفاتها وحركاتها ، قال تعالى : {اللّهُ خَالِقُ كُـلّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَىَ كُلّ شَيْءٍوَكِيلٌ}57،وقال{وَخَلَقَ كُلّ شَيْءٍ فَقَدّرَهُ تَقْدِيراً}58،وقال عن نبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه قال لقومه:{وَاللّهُ خَلَقَكُمْ وَمَاتَعْمَلُونَ}59 .
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا ينافي أن يكون للعبد مشيئة في أفعاله الاختيارية وقدره عليها ، لأن الشرع والواقع دالان على إثبات ذلك له.
أماالشرع: فقد قال الله تعالى في المشيئة: {فَمَن شَآءَ اتّخَذَ إِلَىَ رَبّهِمَآباً}60 ، وقال : {فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنّىَ شِئْتُمْ}61 ، وقال في القدرة : {فَاتّقُواْ اللّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُواْ وَأَطِيعُواْ}62 ، وقال : {لاَيُكَلّفُ اللّهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَااكْتَسَبَتْ }63 .
وأما الواقع: فإن كل إنسان يعلم أن له مشيئة وقدرة بهما يفعلوبهما يترك ، ويفرق بين ما يقع بإرادته كالمشي ، وما يقع بغير إرادته كالارتعاش ،لكن مشيئة العبد وقدرته واقعتان بمشيئة الله تعالى وقدرته ، لقوله تعالى : {لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَسْتَقِيمَ * وَمَا تَشَآءُونَ إِلاّ أَن يَشَآءَ اللّهُ رَبّ الْعَالَمِينَ}64 ، ولأن الكون كله ملك لله تعالى فلا يكون في ملكه شيء بدون علمه ومشيئته .
والإيمان بالقدر على ما وصفنا لا يمنح العبد حجة على ترك الواجبات ، أو فعل من المعاصي ، وعلى هذا فاحتجاجه باطل من وجوه :
الأول : قوله تعالى : {سَيَقُولُ الّذِينَ أَشْرَكُواْ لَوْ شَآءَ اللّهُ مَآأَشْرَكْنَا وَلاَ آبَاؤُنَا وَلاَ حَرّمْنَا مِن شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذّبَ الّذِينَمِن قَبْلِهِم حَتّىَ ذَاقُواْ بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِندَكُم مّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَآ إِن تَتّبِعُونَ إِلاّ الظّنّ وَإِنْ أَنتُمْ إَلاّتَخْرُصُونَ}65 ، ولوكان لهم حجة بالقدر ما أذاقهم الله بأسه.
الثاني : قوله تعالى : {رّسُلاً مّبَشّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاّ يَكُونَ لِلنّاسِ عَلَى اللّهِ حُجّةٌ بَعْدَ الرّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزاً حَكِيماً}66 ، ولو كان القدرة حجة للمخالفين لم تنتف بإرسال الرسل لأن المخالفة بعد إرسالهم واقعة بقدرة الله تعالى .
وللإيمان بالقدر ثمرات جليلة منها:
الأولى : الاعتماد على الله تعالى عندفعل الأسباب بحيث لا يعتمد على السبب نفسه لأن كل شيء بقدر الله تعالى.
الثانية : أن لا يعجب المرء بنفسه عند حصول مراده ، لان حصوله نعمة من الله تعالى بما قدره من أسباب الخير والنجاح وإعجابه بنفسه ينسيه شكر هذه النعمة.
الثالثة : الطمأنينة والراحة النفسية بما يجري عليه من أقدار الله تعالى، فلايقلق بفوات محبوب أو حصول مكروه، لأن ذلك بقدر الله الذي له ملك السماوات والأرض وهو كائن لا محالة، وفي ذلك يقول الله تعالى: {مَآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ فِيَ أَنفُسِكُمْ إِلاّ فِي كِتَابٍ مّن قَبْلِ أَن نّبْرَأَهَآ إِنّذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرٌ * لّكَيْلاَ تَأْسَوْاْ عَلَىَ مَا فَاتَكُمْ وَلاَتَفْرَحُواْ بِمَآ آتَاكُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبّ كُلّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ}67.ويقول النبي بالقدر:"عجبـا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ". رواه مسلم.
وقد ضل في القدر طائفتان:
الأولى : الجبرية الذين قالوا إن العبد مجبر على عمله وليس له فيه إرادة ولا قدرة.
الثانية : القدرية الذين قالوا إن العبد مستقل بعمله في الإرادة والقدرة وليس لمشيئة الله تعالى وقدرته فيه أثر.


والله تعالـــــــى أعلـــــــــم
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 02-07-2008, 07:22 PM
الصورة الرمزية طلحه
طلحه طلحه غير متصل
عضو متألق
 
تاريخ التسجيل: Jun 2008
مكان الإقامة: الجيزه
الجنس :
المشاركات: 656
الدولة : Egypt
59 59 السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

جزاكي الله خيرا علي هذا الموضوع الجميل
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 03-07-2008, 10:38 PM
الصورة الرمزية صقر الشفاء
صقر الشفاء صقر الشفاء غير متصل
قلم مميز
 
تاريخ التسجيل: Mar 2007
مكان الإقامة: الشفاء
الجنس :
المشاركات: 829
افتراضي

بارك الله فيك اخي الطيب على الموضوع
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 25-09-2008, 06:40 AM
الصورة الرمزية أبو الشيماء
أبو الشيماء أبو الشيماء غير متصل
مراقب الملتقيات
 
تاريخ التسجيل: Jul 2008
مكان الإقامة: أينما شاء الله
الجنس :
المشاركات: 6,416
الدولة : Morocco
افتراضي

الانسان مسير في بعض الحالات ..مخير في بعض الحالات الأخرى..و يمتاز بالعقل و الفكر و مناط الاختيار بين البدائل..فان الشيء الذي لا بديل له..لا فكر ولا اختيار فيه. لأن الفكر هو المقياس الذي يميز بين البدائل..و الأمور الاختيارية و عقلك حاضر... فلك أن تفعل او لا تفعل./
و لقد خلق الله الانسان ولا حيلة له في خلق نفسه و يميته و لا حيلة له في موته ..لأن هذا قدر الله وذاك قدر الله..
و لا ينفصل قدر عن قدر..بل جعل الله الايمان اختياريا./
لأن الله يحب أن يحبه العبد ويقبل عليه مختارا غير مجبر و يتعلق به و هو قادر على عصيانه ./ (أبو الشيماء)
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 25-09-2008, 07:01 AM
aziz1 aziz1 غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Sep 2008
مكان الإقامة: saudia riyadh
الجنس :
المشاركات: 2
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي

الانسان بالتأكيد مخير وليس مسير
والتسيير هناء المقصود به السنن الثابتة التي خلقها الله عزوجل وهي مثلا لو القيت بنفسك من علو عشرة امتار على ارض صلبة لحصل لك كسور اما لو القيت نفسك في بركة ماء لن يصيبك شيء
والله سبحانه وتعالى هدى قوم هود ولكن هم فضلوا العمى على الهدى كما في الاية الكريمة
وقبل كل شيء يجب عدم ارهاق نفس الانسان بهذه الامور
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 80.24 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 76.81 كيلو بايت... تم توفير 3.43 كيلو بايت...بمعدل (4.27%)]