|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [النحل: 111] د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي تمهيد: من فضل الله ورحمته أن أكرمنا بشريعة واضحة المعالم، نظمت شؤون حياتنا بكل تفاصيلها؛ دقها وجلها، تسير بحسب سُنن وقَوانين كونية واجتماعية وفق إرادة الله تعالى، قال تعالى: ﴿سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾ [الأحزاب: 62]، وقد منح الله تعالى الإنسان وأكرمه بإدراكات وملكات يدير بها شؤون حياته بحسب هذه القوانين والسنن، ومن وفقه الله وسدده في الأخذ بها؛ نال الخير في الدنيا والآخرة، وكلما كان الإنسان من الله أقرب، آخذًا بهذه القوانين والسنن، وملتزمًا بأداء أوامره، واجتناب نواهيه؛ سَعد في حياته، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [النحل: 97]، قال ابن كثير رحمه الله: "هذا وعد من الله تعالى لمن عمل صالحًا؛ وهو العمل المتابع لكتاب الله تعالى وسنة نبيه من ذكر، أو أنثى من بني آدم، وقلبه مؤمن بالله ورسوله، وإن هذا العمل المأمور به مشروع من عند الله؛ بأن يحييه الله حياة طيبة في الدنيا، وأن يجزيه بأحسن ما عمله في الدار الآخرة". أقوال العلماء في تفسير الآية موضوع المقال: قال السعدي رحمه الله:"﴿تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا﴾ كلٌّ يقول: نفسي.. نفسي لا يهمه سوى نفسه، ففي ذلك اليوم يفتقر العبد إلى حصول مثقال ذرة من الخير، ﴿وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ﴾ [النحل: 111] من خير وشر ﴿وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [النحل: 111]، فلا يزاد في سيئاتهم، ولا ينقص من حسناتهم ﴿فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [يس: 54]". وقال المراغي رحمه الله: "يوم تأتي كل نفس تخاصم عن نفسها، وتحاجّ عنها، وتسعى في خلاصها، بما أسلفت في الدنيا من عمل، ولا يهمها شأن غيرها من ولد، ووالد، وقريب، ﴿وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [النحل: 111]؛ أي: وتُعطى كل نفس جزاء ما عملت في الدنيا من طاعة، أو معصية، فيُجزى المحسن بما قدم من إحسان، والمسيء بما أسلف من إساءة، ولا يعاقب محسن، ولا يثاب مسيء؛ والخلاصة: إن كل إنسان يجادل عن ذاته لا يهمه شأن غيره؛ كما قال: ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: 37]". الملامح التربوية المستنبطة من الآية موضوع المقال: أولًا: الحياة ميدان عمل بلا حساب، وسباق إلى فعل الخيرات، قال تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ﴾ [الواقعة: 10، 11]، والآخرة ميدان حساب بلا عمل، وجزاء كل نفس بما عملت، قال تعالى: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [الواقعة: 24]، وقد نبهت الآية موضوع المقال إلى دقة الحساب يوم القيامة ﴿وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ﴾، فكل قول، أو عمل يصدر من الإنسان لا يخفى على الله منه شيء ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ﴾ [آل عمران: 5]، فالكل محاسب عليه، ولو رمشة عين، فالله يَعْلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾ [غافر: 19]، ويوم القيامة تُعرض الأعمال للجزاء والحساب ﴿يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ﴾ [الحاقة: 18]، قال المراغي رحمه الله: أي: "فيومئذ تحاسبون وتسألون، لا يخفى على الله شيء من أموركم، فإنه تعالى عليم بكل شيء، لا يعزب عنه شيء في الأرض ولا في السماء، وفي هذا تهديد شديد، وزجر عظيم، ومبالغة لا تخفى، وفضيحة للكافرين، وسرور للمؤمنين بظهور ما كان خفيًّا عليهم من أعمالهم، وبذلك يتكامل حبورهم وسرورهم، وفي هذا العرض إقامة للحجة، ومبالغة في إظهار العدل"، فهذه التوجيهات تتضمن تنبيهًا وتحذيرًا للإنسان لمراقبة الله تعالى في أعماله وأقواله وحركاته وسكناته في جهره وسرِّه، نسأل الله تعالى أن يسدد أعمالنا وأقوالنا، وأن يثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. ثانيًا: حثَّ الإسلام على صلة الأرحام وجعلها من أعظم القُربات، ورَتّب عليها الأجر العظيم، كما حذَّر من قطيعتها، وجعلها من كبائر الذنوب التي تستوجب العقوبة، وقد وردت العديد من الآيات القرآنية التي تؤكد أهمية صلة الرحم، ومنها قول الله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، قال ابن باز رحمه الله: "واتقوا الأرحام أن تقطعوها، فإن قطيعة الرحم من أقبح الجرائم، وصلة الرحم من أفضل القربات، والله أمر العباد أن يصلوا أرحامهم، وحذرهم من قطيعتها ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ [محمد: 22، 23]، وفي الحديث الصحيح يقول صلى الله عليه وسلم: "لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ"؛ (صحيح مسلم، حديث رقم: 2556)، فهذا يدل على أن قطيعة الرحم من الكبائر". ثالثًا: على الرغم من أن صلة الأرحام من أعظم القُربات في الدنيا، وأن قطيعتها من أقبح الجرائم، إلا أن المشهد يوم القيامة يختلف تمامًا؛ حيث تتغير الأولويات، وينشغل كل إنسان بنفسه، متجردًا من روابط القرابة والمودة التي كانت تجمعه بأحبته في الدنيا، وقد صوَّر القرآن الكريم هذا المشهد بأبلغ تصوير، كما في قوله تعالى: ﴿فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾ [عبس: 33 - 37]. قال السعدي رحمه الله: "أي: إذا جاءت صيحة القيامة، التي تصخ لهولها الأسماع، وتنزعج لها الأفئدة يومئذٍ، مما يرى الناس من الأهوال وشدة الحاجة لسالف الأعمال ﴿يَفِرُّ الْمَرْءُ﴾ من أعز الناس إليه، وأشفقهم لديه، ﴿مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ﴾؛ أي: زوجته ﴿وَبَنِيهِ﴾؛ وذلك لأنه ﴿لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ﴾؛ أي: قد شغلته نفسه، واهتمَّ لفكاكها، ولم يكن له التفات إلى غيرها"، هذا المشهد العظيم يذكّر الإنسان بحقيقة الدنيا، حيث تكون الروابط قائمة على المصالح والمشاعر، بينما في الآخرة لا يبقى إلا العمل الصالح، فهو الوحيد الذي ينفع صاحبه في ذلك اليوم العصيب. رابعًا: يُعد الإيمان بالله تعالى أحد الأركان الأساسية في العقيدة الإسلامية، كما جاء في حديث جبريل المشهور، حين سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان، فأجابه: "الإيمان أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقَدَر كله خيره وشره"؛ (الألباني، صحيح ابن ماجه، حديث رقم: 53)، ومن ثمرات الإيمان باليوم الآخر أن يدفع الإنسان إلى الاستعداد له بالأعمال الصالحة، فينشغل بما ينجيه من أهوال يوم القيامة، ويكون من الفائزين بفضل الله ورحمته، كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ﴾ [البروج: 11]، والمؤمن الذي امتلأ قلبه يقينًا بالبعث والجزاء، لا يساوره أدنى شك في أنه سيقف بين يدي الله للحساب، وكلما ازداد إيمانه، ازداد خوفه من لقاء الله واستشعر مسؤولية أعماله؛ ولهذا كان من الواجب على المسلم أن يسعى جاهدًا إلى تقوية إيمانه، من خلال توحيد الله تعالى بإخلاص، والإكثار من الأعمال الصالحة، والتزود بالخيرات، ليكون مستعدًّا لذلك اليوم العظيم. فاللهم سلمنا في الدنيا والآخرة، واجعلنا من الفائزين برحمتك. خامسًا: جَعَل الإسلام التراحم والتآخي بين المسلمين من القيم الأساسية التي يقوم عليها المجتمع، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ [الحجرات: 10]، وأكد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى في قوله: "لا يُؤْمِنُ أحدُكُم حتى يُحِبَّ لِأَخِيهِ ما يُحِبُّ لنفسِهِ من الخيرِ"؛ (صحيح البخاري، رقم: 13، صحيح مسلم، رقم: 45)، وتعددت التوجيهات الإسلامية التي تحث على المحبة والتراحم والتعاون والإيثار بين المسلمين؛ لما في ذلك من تعزيز لروابط المجتمع، إلا أن هذه الأخوة التي تجمع الناس في الدنيا تتلاشى يوم القيامة، حيث ينشغل كل إنسان بنفسه ومصيره، فلكل مرحلة من مراحل الوجود -"الدنيا، البرزخ، الآخرة"- نظام محكم يسير وفق سنن الله تعالى، والسعيد هو من استعدَّ لكل مرحلة بما شرع الله تعالى، وحرص على تزكية نفسه بالأعمال الصالحة، قال الله تعالى: ﴿وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ﴾ [الحج: 78]، قال القرطبي رحمه الله: "هو إشارة إلى امتثال جميع ما أمر الله به، والانتهاء عن كل ما نهى الله عنه؛ أي: جاهدوا أنفسكم في طاعة الله وردوها عن الهوى، وجاهدوا الشيطان في رد وسوسته، والظلمة في رد ظلمهم، والكافرين في رد كفرهم"، ولأجل ذلك، كان من جميل الدعاء الذي أوصى به النبي صلى الله عليه سلم أن نقول: "اللَّهُمَّ رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً، وفي الآخِرَةِ حَسَنَةً، وقِنَا عَذَابَ النَّارِ"؛ (صحيح البخاري، رقم: 4522، صحيح مسلم، رقم: 2690) ليكون سعينا في الدنيا متزنًا بين العمل الصالح والفوز بالنعيم الأبدي في الآخرة. سادسًا: مهما اجتهد العبد في طاعة ربه عز وجل، فإنه لا يسلم من التقصير، فطبيعة الإنسان تجعله عرضة للخطأ، لكن الله برحمته يفتح له باب التوبة والاستغفار، ليعود إليه كلما زلَّت قدمه، وقد نبَّه القرآن الكريم إلى حال المتقين الذين إذا حصل لهم انحراف عن جادة الصواب تذكروا وعادوا إلى رشدهم، فقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ * وَإِخْوَانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ﴾ [الأعراف: 201، 202]، ومن رحمة الله أنه وفَّق عباده المؤمنين للعودة إليه، وألهمهم الاستغفار والتوبة، فقال تعالى: ﴿فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا﴾ [الإسراء: 25]، وجعل جزاءهم عظيمًا، حيث قال: ﴿وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظ﴾ [ق: 31، 32]، قال السعدي رحمه الله: "أي: هذه الجنة وما فيها، مما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، هي التي وعد الله كل أوَّاب؛ أي: رجَّاع إلى الله، في جميع الأوقات، بذكره وحبه، والاستعانة به، ودعائه، وخوفه، ورجائه، ﴿حَفِيظ﴾؛ أي: يحافظ على ما أمر الله به، بامتثاله على وجه الإخلاص والإكمال له"، فما أعظم رحمة الله! إذ فتح لعباده باب التوبة، ولم يغلقه أمام المذنبين، بل جعل العودة إليه سببًا لنيل المغفرة والنعيم المقيم. سابعًا: إن الله جل جلاله عدله مطلق، لا يظلم أحدًا، ولو بمقدار ذرة، بل يُحاسب عباده بالحق والإنصاف، فيجازي المحسن بإحسانه، والمسيء بإساءته، وقد أكد الله تعالى هذا المبدأ في قوله: ﴿وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ﴾ [النحل: 111]، وفي يوم القيامة، تُنصب الموازين العادلة، حيث يُحاسَب العباد على أعمالهم بدقة متناهية، حتى وإن كانت بحجم ذرة، قال الله تعالى: ﴿وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾ [الأنبياء: 47]، قال ابن كثير رحمه الله: "أي: ونضع الموازين العدل ليوم القيامة، وقوله: ﴿فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ﴾؛ كما قال تعالى: ﴿وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا﴾ [الكهف: 49]، وقال: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 40]. ثامنًا: إن الله تعالى مُنزَّه عن الظلم، حرَّمه على نفسه وجعله محرمًا بين عباده، تأكيدًا على خطورته وعواقبه الوخيمة، فقد جاء في الحديث القدسي: "يا عبادي إنِّي حرَّمتُ الظُّلمَ على نفسي وجعلتُهُ بينَكم محرَّمًا فلا تَظالموا"؛ (صحيح مسلم، رقم: 2577)، وحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الظلم في الدنيا وعواقبه في الآخرة، فقال: "اتَّقُوا الظُّلم؛ فإنَّ الظُّلمَ ظُلُماتٌ يومَ القيامةِ"؛ (صحيح مسلم، رقم: 2578)، والآيات القرآنية الدالة على تحريم الظلم كثيرة، ومنها قوله تعالى: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: 227]، قال ابن باز رحمه الله: "الظلم عاقبته وخيمة، وشرُّه عظيم، وهو من الفساد في الأرض؛ ولهذا حرَّمه الله عز وجل لما يترتب عليه من العدوان والشر والفساد والبغضاء والعداوة"، فينبغي للمسلم أن يحذر كل صور الظلم، سواء ظلم النفس بالتقصير في حقوق الله، أو ظلم الآخرين بأكل أموالهم بغير حق، أو الاعتداء عليهم بأي شكل من الأشكال، فإن الخصومات تُحسم بين يدي الله تعالى يوم القيامة، وصدق القائل: إِلى الديّانِ يَوم الدينِ نَمضي ![]() وَعِندَ اللهِ تَجتَمِعُ الخُصومُ ![]() وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 2 ( الأعضاء 0 والزوار 2) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |