
25-05-2025, 02:52 PM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,816
الدولة :
|
|
عندما تتعطل الذاكرة!
عندما تتعطل الذاكرة!
- من النعم التي قد تغيب عن بعضنا أن الإنسان يتذكر ما يريد متى يريد، ويستعمل هذه الذاكرة فيما ينفعه ويدبر أمره، ولكن إذا خانته الذاكرة خسر وندم! لذا سميت الذاكرة بـ(وعاء العلم وصوان الحكمة)، وقيل أيضا «إن الذكاء دون حافظة أشبه بغربال لا يكاد يمسك ما تضعه فيه». وقيل أيضا: «الحافظة واسطة من وسائط الكمال».
- والذاكرة هي وعاء الفكر الإنساني؛ لذا منَّ الله على هذه الأمة بأن حفظ لها معجزتها الخالدة (القرآن الكريم)، قال -تعالى-: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} (الحجر:9)، أما الأحاديث النبوية فقد انبرى لها العلماء، فوزنوها بميزان الذهب، فأخرجوا المكذوب منها وأبقوا الصحيح؛ فحفظوها بدقة متناهية.
- وكان العلماء يتنافسون في الحفظ والتذكر، حتى قيل: إن الإمام الشافعي من أحفظ أهل دهره، وقيل: إن إمام المحدثين أحمد بن حنبل كان يحفظ مليون حديث من أحاديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، وحفظة كتاب الله في كل زمان ومكان لا يمكن حصرهم.
- وجاء القرآن بالحث على ذكر نعم الله، وأعظمها نعمة الهداية والتوحيد! قال -تعالى-: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ} (البقرة:152)، ووصف الله المتذكرين بأنهم أصحاب العقول النيرة، قال -تعالى-: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} (البقرة:269)، أما الكفار فيضلون وينسون ما ذكَّرهم الله به من الهدى، قال -تعالى-: {فَنَسُوا حَظًّا مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ} (المائد:14)؛ لذا ينبغي عدم مخالطتهم والجلوس معهم، قال -تعالى-: {فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (الأنعام:68).
- ولعل من أصعب المواقف على الإنسان أن يُحرم التذكر، قال -تعالى-: {وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى (23) يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي} (الفجر:23-24)، فبسبب عناده وتسويفه للتوبة، فإنه عندما يرى بدايات العذاب، وأن جهنم يؤتى بها بالسلاسل، هنا يتذكر ما قدمه من خير وشر، ولكنه يُحرم الذكرى أي الاستفادة من خبراته في الاتعاظ والتوبة؛ فقد فرط في الدنيا أيما تفريط! فالذكرى هنا لا تنفعه؛ فقد فات أوانها، وذهب زمانها، ومن أين له الانتفاع بهذا التذكر؟ فهو تذكُّرٌ قد جاء في غير وقت الانتفاع به، وهو وقت الحساب على الأعمال، لا وقت التوبة من السيئ منها.
- حقا إن الذاكرة نعمة عظيمة من الله؛ فهي الرابط الأوحد الذي يربط الإنسان بأمسه؛ لذا فإن كل حيٍّ، لديه فرصة عظيمة وكنز ثمين، ألا وهي حياته، فهي رأس ماله؛ إذ يستطيع القيام بأقوال وأفعال يسيرة، ينال بها رضا الله -سبحانه وتعالى-، حتى لا يأتي يوم القيامة فيندم على نسيانه، ويقول: يا ليتني قدمت في الدنيا أعمال الخير والبر لحياتي في الآخرة!
اعداد: سالم الناشي
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|