الحج: أسرار وثمرات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4874 - عددالزوار : 1864251 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4442 - عددالزوار : 1201628 )           »          أحداث الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          إن الله لا يحب المسرفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          (المروءة والخلق والحياء) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          إذا أحبك الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          عفة النفس: فضائلها وأنواعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم يوم أمس, 05:27 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,455
الدولة : Egypt
افتراضي الحج: أسرار وثمرات

الحج: أسرار وثمرات

د. محمد بن مجدوع الشهري

الحمد لله البديع في سننه، الجليل في حكمه، القاهر في ملكه، الذي كتب على القلوب ألَّا تسكن إلا بذكره، وجعل في الأرواح شوقًا لا يخبو إلا برضاه، وأشهد أن لا إله إلا الله، خالقُ الوجود من عدم، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، سيد الأنام، نطقت الأكوان بنبوته، صلى الله وسلم عليه، وعلى آله وصحبه؛ أما بعد:
فاتقوا الله أيها المؤمنون، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.

أيَا سمع الزمان، ويا قلب المكان، ويا نداء الأبد، توقَّف؛ فإننا اليوم لسنا أمام حدث يُروى، بل الرحلة التي إذا لامستها الأرواح، تنكَّرت للدنيا، وتعلَّقت بسرٍّ لا يُقال، وجمال لا يُحكى، أمنية كل مسلم، وأنس كل مؤمن، وبُلغة كل منقطع لربه، تتقطع القلوب اشتياقًا إليه، وتحتفي الأقدام مشيًا إلى عَرَصاته، وتَبَحُّ الحناجر تلبيةً لدعوته؛ ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27].

قال صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، إن الله فرض عليكم الحج، فحُجُّوا، فقال رجل: أكلَّ عام يا رسول الله؟ فسكت حتى قالها ثلاثًا، فقال رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم: لو قلت: نعم، لَوجبت، ولَما استطعتم، ذروني ما تركتكم))؛ [رواه مسلم].

بيتٌ حجَّه الأنبياء، وقصده الحنفاء، بيت خطَّته الركائب والركاب، وحفِيت أقدام على تلك الأودية والهضاب، حجَّ النبي صلى الله عليه وسلم بموكب مد البصر ما بين راكب وماشٍ، فكان كلما مر على وادٍ قال: ((أي وادٍ هذا؟ قالوا: هذا وادي الأزرق، قال: كأني أنظر إلى موسى عليه السلام هابطًا من الثَّنيَّة، له جُؤار إلى الله بالتلبية، ثم سار حتى أتى على ثنية، فقال: أي ثنية هذه؟ قالوا: هَرْشَى، قال: كأني أنظر إلى يونس على ناقة حمراءَ، عليه جُبة صوف، خِطام ناقته ليف، مارًّا بهذا الوادي ملبيًا)).

الحج أمنية الأمنيات، وشوق القلوب، ومغفرة الذنوب، فالحج هو تجسيد للطاعة، وترجمة للتوحيد، وتجريد للعبودية، يتجرد فيه العبد من ملابس الدنيا، كما سيتجرد يومَ يقوم الناس لرب العالمين، لا تُلام النفوس وهي تتلهف أخباره، وتلهث لبلوغه، وتدفع الغالي والنفيس من أجل الحصول للوصول إليه؛ أيُّ قلب لا يتقطع اشتياقًا لتلك الربوع، وذاك الرضاب؟ وفضائله تقرع الأذان، وتشق الأسماع، من كلام سيد الأنام عليه الصلاة والسلام: ((من حجَّ لله فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه، والعمرة إلى العمرة كفَّارة لما بينهما، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة))؛ [متفق عليه].

قال ابن رجب: "الحج المبرور هو الذي يجتمع فيه الإخلاص والمتابعة، ويكون خاليًا من الرفث والفسوق والجدال"، الحج كم تآلفت فيه قلوب، وفُرِّجت كُرُوب، وحُطَّت فيه أوزار، وغُفرت ذنوب! الحج فرض وركن من أركان الإسلام لا يسقط عمن استطاع إليه سبيلًا: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97].

ومن تمنى بصدقٍ بلوغَ تلك المشاعر، وترقرقت محاجره متلهفًا لبيت الله الحرام، ولم يستطع لذلك سبيلًا؛ لمرضٍ ألمَّ به وأقعده عن المسير، أو لقلة ذات اليد، أو خَشِيَ من أخطاره، أو لعدم حصول تصريح لأدائه، فإن الله يعذره ويبلغه بكرمه أجره: ((إن بالمدينة أقوامًا، ما سِرتم مسيرًا، ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم، حبسهم العذر، شاركوكم الأجر))؛ [متفق عليه]، وقال صلى الله عليه وسلم: ((مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر: رجل آتاه الله مالًا وعلمًا، فهو يعمل به في ماله ينفقه في حقه، ورجل آتاه الله علمًا ولم يؤتِه مالًا، فهو يقول: لو كان لي مثل مال هذا، عمِلت فيه مثل الذي يعمل، قال رسول الله: فهما في الأجر سواء...))؛ [رواه أحمد].

ولكن الخسران والحرمان أن يُهدر الإنسان الأموالَ في تنزه وسياحة وتوسع، ثم يُحجم عن الحج، ويرى نفسه مع غير المستطيعين، فحققوا أركان دينكم، وكل نفقة في الخير فهي مخلوفة، والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، فمن وجد في نفسه الطاقة، وفتح الله له باب الرزق، فليسارع إلى الحج؛ فإنه عروج إلى السماء، وعهد مع الرب العليِّ، وفرصة لا تُدرك في كل حين؛ قال عمر رضي الله عنه: "شُدُّوا الرِّحال في طلب هذه الفريضة قبل أن يُحال بينكم وبينها".

عباد الله، من أسرار الحج: الإخلاص لله وحده، فلا رياء ولا سمعة؛ فقد جاء في الحديث: ((من حج لله، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كيوم ولدته أمه))؛ [متفق عليه]؛ قال الإمام النووي: "فيه بيان لكمال الأجر، وأن الحج المبرور يكفر الذنوب كلها".

ثانيًا: تربية النفس على الانقياد، فيسعى الحاجُّ بين الصفا والمروة، ويقف بعرفة، ويبيت بمزدلفة، ويرمي الجمار، كل ذلك بانقياد وتسليم؛ قال ابن القيم: "في الحج تتجلى معاني العبودية بأسمى صورها؛ فهو رياضة للنفس، وخلوع من جبة الكبر والاغترار".

ثالثًا: التذكير بيوم القيامة، فلا مناصب ولا جواهر ولا زينة، كل في الإحرام سواء، كأنهم في موقف الحشر؛ قال الحسن البصري: "الحاج يلبس الإحرام كما سيلبس أكفانه، فمن لم يصلح نفسه في الحج، فأين ومتى؟".

رابعًا: الحج تجمُّع للأمة، ومعرِض لوحدتها، فلا عِرقَ ولا لون ولا جنس، الكل في بيت واحد، يلبُّون نداءً واحدًا: لبيك اللهم لبيك؛ قال الإمام الشاطبي: "في الحج تتجلى أسمى صور الأُخوة الإسلامية؛ حيث يستوي الغني والفقير، والقوي والضعيف، تحت لواء الطاعة".

فيا من أقبل على الحج، طهِّر قلبك، ونقِّ نيتك، وارجُ ربك، فهذه فرصة لا تعوَّض، ويا من لم يقدَّر له الحج، فليعلم أن الله قريب، وأن من صدق الله، بلغه الله منازل العابدين؛ ﴿ وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27].

الحج فرصة لمن ناله ووصل لتلك الرحاب الطاهرة، لهدم جاهلية الإنسان وتجديد الإيمان؛ ففي صحيح مسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن العاص: ((أمَا علمت أن الحج يهدم ما كان قبله؟))، ومن فرض الحج فليتعلم مناسكه، وليحُجَّ مستنًّا ومتبعًا كما حج المصطفى صلى الله عليه وسلم، شعاره: لعل خفًّا يقع على خف، وليحفظ بصره، وليُمسك لسانه إلا من ذكر الله وما والاه، الحج إخلاص وطاعة وإنابة، لا مباهاة ورياء وتصوير؛ قال أنس بن مالك: ((حج النبي صلى الله عليه وسلم على رحل رثٍّ، وقطيفة لا تساوي أربعة دراهم، ثم قال: اللهم حجَّةً لا رياء فيها، ولا سُمعة)).

الحج دعاء وإخبات، ورجاء مع حسن اتباع، ثم يبشر بعدها بكرم الله وعطائه وقبوله، فالله لا يضيع أجر من أحسن عملًا، اللهم اجعلنا ممن كتبت لهم الحج المبرور، والعمل الصالح المشكور، وارزقنا زيارة بيتك، وصحبة نبيك صلى الله عليه وسلم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله الذي شرع لعباده الحجَّ، وجعله فريضةً في العمر مرةً، وجعل فيه معاني العبودية والطاعة والتجرد، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، وسلم تسليمًا كثيرًا؛ أما بعد أيها المؤمنون:
فإن الحج فريضة عظيمة، جعله الله مظهرًا للتوحيد، وإن من أجَلِّ ما يتقرب به إلى الله في الحج من جملة الطاعات، أنه وجه من وجوه تحقيق العبودية، وإن من رحمة الله بعباده أَنْ جعل لهذه الفريضة تعليماتٍ دقيقةً، ونظامًا ينظم سير الحاج من بدء رحلته حتى آخر نسكه، وفي التزامه بذلك تحقيق لمعنى الطاعة لله والانضباط بنظامه، والالتزام بتعاليمه؛ قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ﴾ [الحج: 32].

وفي الحج تجمُّع الأمة، ولا يصلح جمع بغير نظام، وفي هذه العصور التي تزاحمت فيها الأمم إلى بيت الله الحرام، وزادت أعداد الحُجَّاج حتى بلغت ملايين النفوس، برزت حاجة ملحَّة إلى التنظيم الدقيق، والإدارة الرشيدة، حفاظًا على الأرواح، وتحقيقًا للمقاصد الشرعية من أداء العبادة، وهنا يظهر جهد المملكة العربية السعودية حرسها الله، في خدمة ضيوف الرحمن، فقد بذلت من الجهود ما لم يسبق في تاريخ الحج قط؛ حيث بذلت كل ما تملكه من طاقة وإمكانات في تطوير الحرمين، وتوسيعهما، وتهيئة المشاعر، وتسهيل التنقل، وضبط الجموع، بأحدث الوسائل، وأدق الأنظمة، وما ذلك إلا لتكون العبادة كما أرادها الله؛ في سكينة، ونظام، وأمن، وإيمان.

قال السعدي رحمه الله: "والنظام في شؤون العبادات والمعاملات هو مما تقتضيه المصالح، وتُدفع به المفاسد، والإسلام جاء به وأمر به، وإن التقيُّد بتلك الأنظمة صيانةٌ وسلامة لجميع الحُجَّاج، وهي عبادة لله عز وجل؛ قال صلى الله عليه وسلم: ((من أطاعني فقد أطاع الله، ومن أطاع الأمير فقد أطاعني))؛ [رواه البخاري ومسلم]، وقد نصَّ الإمام النووي على أن التزام أوامر ولاة الأمور في تنظيم المناسك مشروع ما لم يخالف نصًّا، وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: "إذا أقرت الدولة نظامًا لتنظيم الحج، وكان فيه مصلحة للعباد، ويسهل عليهم أداء المنسك، ويدفع الضرر عنهم، فإنه يجب التقيد به، ومن خالفه فهو آثِمٌ".

فالشكر كل الشكر لهذه الدولة المباركة، والوفاء كل الوفاء لقيادتها الرشيدة، وما تصريفها لملايين الحجاج في أيام معدودات إلا شاهدٌ صادقٌ على نجاح النظام ووضوح الرؤية، فاللهم اجزِهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وبارك لهم في جهودهم، واجعل ذلك في موازين حسناتهم، اللهم اجعل هذا البلد آمنًا مطمئنًّا، وسائر بلاد المسلمين، وأدِم عليه نعمة الأمن والإيمان، والتوفيق والرضوان، اللهم أدِم علينا نعمتك، وبارك في دولتنا، اللهم اجْزِ وليَّ أمرنا وولي عهده وجنود الدولة وموظفيها ومتطوعيها عن الإسلام والحُجَّاج خير الجزاء.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 70.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 68.54 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.45%)]