إذا أحبك الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         أحداث الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          إن الله لا يحب المسرفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          (المروءة والخلق والحياء) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          إذا أحبك الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          عفة النفس: فضائلها وأنواعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          سمات المسلم الإيجابي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم يوم أمس, 10:51 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,455
الدولة : Egypt
افتراضي إذا أحبك الله

إذا أحبك الله

الشيخ عبدالله محمد الطوالة

الحمد لله، الحكيم العلَّام، الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ، الحي القيوم، الباقي سرمدًا على الدوام.. لا تأخذه سِنةٌ ولا يموت ولا ينام، سبحانه وبحمده.. عزّ جلاله فلا تدركه الأفهام، وتعالى كماله فلا تحيط به الأوهام، ﴿ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ﴾ [الرحمن:78].

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ، ولا ربَّ سواهُ.. كُنْ مـَعَ اللهِ تـَرَى اللهَ مَعَـكْ.. وَاتْركِ الْكـلَّ وحـاذِرْ طمَعَـكْ.. كُنْ به مُعْتصِمـًا، أسْلِـمْ لَـهُ.. واصْنعِ المعْروفَ معْ مَنْ صَنَعَكْ.. فَإذَا أعْـطَاكَ، فمَـنْ يمنعُـــهُ؟.. ثُمَّ مَنْ يـُعطِي إِذَا مَا مَنَعـــكْ؟

وأشهدُ أن محمدًا عبدُ الله ورسولهُ، وصفيهُ وخليلهُ، نبيٌ متى ما سارَ! سارَ النُّورُ معهُ، وإذا نامَ! ضمَّخَ الطيبُ مضْجعهُ، وإذا تكلَّمَ! أصغى لهُ الكونُ كلهُ يسْمعهُ، وإذا قاتلَ عدوًا! نزلت الملائكةُ تنْصُرهُ وتمنعُهُ.. صلى الله عليه وسلم وباركَ عليهِ، وعلى آله وأصحابهِ ومن بإحسانٍ تبِعهُ إلى يوم الدين.

أمَّا بعْدُ: فاتَّقُوا اللهَ تعالَى وأطِيعُوهُ، وأنقِذُوا أنفُسكُم، واستبْرِئُوا لدينِكُم، واجْتنبِوا ما تشابهَ عليكُم، واعلموا أن المعاصِي حِمَى اللَّهِ، ومنْ يرْتع حوْلَ الحِمَى يُوشِكُ أنْ يقعَ فيهِ، فدع ما يُريبك إلى ما لا يُريبك.. وإن من حُسنِ إسلامِ المرءِ تركهُ ما لا يعنيهِ، ﴿ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الأَلْبَابِ ﴾ [البقرة:197].

معاشر المؤمنين الكرام: يُجمعُ العارفون أن تعلُقَ القلبِ بالله جلَّ وعلا، هو سِرُّ سعادةِ العبدِ في الدنيا والأخرى.. وأنَّ قوة الارتباطَ بالخالق العظيمِ تبارك وتعالى، يَغمرُ القلبَ أُنسًا وطُمأنينةً، ويسكُبُ في النفسِ راحةً وسكينةً.. وأنّ وقفةً تأملٍ وتفكرٍ في محرابِ العظمةِ، تزيدُ الإيمانَ واليقينَ، وتقوي المحبةَ والخشيةَ، وتزيد الرجاءَ والمراقبةَ.

اللهُ؛ يا أعذبَ الألفاظِ في لغتي.. ويا أَجَلَّ حرُوفٍ فِي مَعَانيها.. اللهُ يا أروعَ الأسماءِ كم سعُدَت.. نفسي وفاضَ سروريِ حينَ أرويها.

فربنا العظيم تبارك وتعالى: أحاطَ بكلِّ شيءٍ عِلما، ووسعِ كلَّ شيءٍ رحمةً وحِلمَا، وقهرَ كلَّ مخلوقٍ عِزةً وحُكما، ﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [طه:110].

سبحانهُ وبحمدهِ: ذلَّ لجبروتهِ العظماءُ، ووجِلَّ من خشيته الأقويَاءُ، وقامت بقدرته كل الاشياء، ﴿ وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ ﴾ [هود:7].

جلَّ في عُلاه: لا تُدركهُ الأبصارُ، ولا تُغيرهُ الأعْصَارُ، ولا تتوهمُه الأفكارُ، وكلُّ شيءٍ عندهُ بمقدار.

سبحانهُ وبحمدهِ: تواضعَ كلُّ شيءٍ لعظمته، وذلَّ كُلُّ شيءٍ لعزتِه، وخضعَ كلُّ شيءٍ لهيبتهِ، واستسلَمَ كُلُّ شيءٍ لمشيئته، ﴿ وَمَنْ عِنْدَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ ﴾ [الأنبياء:19]..

تباركَ ربنا وتعالى: تنزَّه عن الشركاء والأنداد، وتقدَّسَ عن الأشباهِ والأضدادِ، وتعالى عن الزوجةِ والأولاد، وجلَّ عن الشركاء والأنداد.. ﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ﴾ [آل عمران:30]..

جلَّ جلاله: مَن تكلمَ سمعَه، ومن سكَتَ علِمَه، ومن تابَ قبِلَهُ ورحمَه، ﴿ وَاللَّهُ يَحْكُمُ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ [الرعد:41]..

عزّ ربنا وجلَّ: خزائنهُ ملئَا.. ويمينهُ بالخير سحّاءَ.. ولا يتعَاظَمُهُ عطاَءُ.. يُنفقُ كيفَ يشاء، ولا يُعجِزهُ شيءٌ في الأرض ولا في السماء..

تباركَ ربنا وتقدس: تسبحُ لهُ السماواتُ وأملاكُهُا، والنجُومُ وأفلاكُهَا، والأرضُ وفِجَاجُها، والبِحارُ وأمواجُها، والجبالُ وأحجارها، والأشجارُ وثِمارُها، ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء:44]..

معاشر المؤمنين الكرام: حين يتأمَّلُ المؤمنُ آياتِ المحبةِ في كتاب اللهِ جلَّ وعلا، فإنه سيجدُ أمرًا عجبًا.. فاللهُ جلَّ جلالهُ يُحِبُّ المؤمنين، ويُحِبُّ المحسنين، ويُحِبُّ المتقين، ويُحِبُّ الصابرين، ويُحِبُّ المتوكلين، ويُحِبُّ المقسِطين، ويُحِبُّ التوابين ويُحِبُّ المتطهرين، ويُحِبُّ الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيانٌ مرصوص.. إذن فعلاقَةُ اللهِ تبارك وتعالى بعبادةِ المؤمِنينَ عَلاقةٌ مُميزةٌ، تَفِيضُ رحمةً ووُدًا، ورأفةً ولُطفًا..

محبَّةُ اللهِ تبارك وتعالى لعبده المؤمن.. هي رُوح الحياة، فمن حُرِمَها فهو من جُملةِ الأمواتِ، وهي نُورُ البصيرة، فمن فَاتتهُ تاهَ في بِحارِ الظُلمَاتِ، وهي شِفَاءُ النفوس، فمن فَقدَهُا حَلَّتْ به الآفَاتُ، وهي أُنسُ القلوب، فمن لم يَظفرْ بهِا تَقطعتْ نفْسُهُ حَسراتٌ.. وواللهِ وبالله وتالله إنَّ إكْرامَ اللهِ تعالى لعبدِهِ المؤمِن بأنْ يجعلَ قلبهُ عامِرًا بحُبِّ اللهِ تعالى، والله إنَّ ذلكَ لأمرٌ عظيمٌ، جدُّ عظيم.. فكيفَ إذا تَفضَلَ الغني الكريمُ على عبدهِ فأحبَّهُ..

تنبَّه يا رعاك الله: فاللهُ.. الله العليُ العظيم، الكبير المتعال، الغني الحميد، العزيزُ القدير، مَالِكُ الأمْلاك، ومسيرُ الأفْلاك، ربُّ كُلِّ شيءٍ ومَلِيكهُ.. هذا الإلهُ العظِيمُ الجلِيلُ، يَتفضَلُ على عَبيدهِ فيُحِبَّهُم.. واللهِ إنَّهُ لأمرٌ جَلَلٌ كُبَّارٌ، لا يُحِيطُ بوصفِهِ بَيانٌ، ولا يُعَبِرُ عنهُ أبلَغُ لِسَانٍ..

ثم تأمَّل فهناك المزيد: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا ﴾ [مريم:96]، فهو برحمتهِ وفضلِهِ سبحانه ليس (يُحِبُّهُمْ) فقط، بل إنه يحبهم ويُحبِّبَهُم إلى أوليائِهِ، ويضعُ لهم القبول.. وهم إنما (يُحِبُّونَهُ) هِدايةً منهُ وفضْلًا.. فالفضلُ في الحالين لهُ سُبحانَهُ وبحمدِه.. ﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [البقرة:105].. وكونهم (يُحِبُّونَهُ) سُبحانَهُ فلا غَرابَةَ، فالـمُحسِنُ يُحَبَّ بداهةً وطَبعًا، كيفَ لا وهو الذي خَلقَ ورَزقَ، وهو الذي هَدى ووَفقَ، وهو الذي أَعانَ ويسَّر، وهو الذي يتفضلُ فيَتقبلُ، وهو الذي يُثيبُ ويَشكُرْ، ثمَّ مِسكُ الخِتَامِ وتَاجُ العَطاءِ يتكرم فـ (يُحِبُّهُمْ)، جاء في حديثٍ قُدسيٍ صحيحٍ: "وما يزالُ عبدِي يتقربُ إليَّ بالنوافلِ حتى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، ولَئِن سأَلنِي لأُعْطِيَنَّهُ، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه"، وفي صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنَّ اللهَ تعالى إذا أحبَّ عبدًا دعا جبريل، فقال: إني أُحِبُّ فلانًا فأحبِبهُ، فيُحِبهُ جبريلُ، ثم يُنادِي جبريلُ في السماء، فيقول: "إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلانًا فأحِبُّوهُ، فيُحِبُّهُ أهْلُ السَّماءِ، قالَ ثُمَّ يُوضَعُ له القَبُولُ في الأرْضِ"..

اللهم فإنا نسألك حُبكَ وحُبَّ من يُحبُّك وحُبَّ العملِ الذي يقربنا إلى حُبِّك، اللهم اجعل حُبَّك أحبَّ إلينا من كُلِّ شيء.. واملأ به قلوبنا وصدورنا وكل ذرةٍ من كياننا.. بفضلك ورحمتك يا أكرم الأكرمين..

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم.. بسم الله الرحمن الرحيم:
﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون * الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُون * لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ لاَ تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيم ﴾ [يونس:62]..
أقول ما تسمعون..

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى،
أما بعد: فاتقوا الله عباد الله وكونوا مع الصاقين، وكونوا من ﴿ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب ﴾ [الزمر:18]..

معاشر المؤمنين الكرام: حبُّ الله تعالى هو لبُّ الدين، وروح العبادة، وأصلُ الإيمان.. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "العبادةُ هي كمالُ المحبة مع كمال الذل، ولا تَعبُدَ إلا ممن يُحبُّ أعظمَ الحب".. وفي الحديث الصحيح: (ثلاثٌ من كنَّ فيه وجدَ بهنَّ حلاوةَ الإيمان، أولها: أن يكونَ اللهُ ورسولُهُ أحبَّ إليه مما سواهما...).. فدلّ ذلك على أنّ الإيمان الحق لا يكتمل إلا بالحب، وأن الحلاوةَ لا تُعطى إلا لمن أحبَّ.. ثم إن كلُّ محبةٍ في الدنيا قد سببًا في مذلتك، إلا محبةُ اللهِ فإنها تُعزك وترفعك.. كما أنَّ كلَّ محبةٍ فستفارقها أو تُفارقك.. إلا محبةُ المولى جل وعلا فهي معك إلى ما لا نهاية.. وكلُّ محبةٍ تنتهي بالموت، إلا محبتهُ سبحانه، فإنها تتضاعفُ بعد الموت.. فلا إله إلا الله!! ربٌّ هذه صفاته وكرمه!.. أفلا يُحبَّ.

جاء أعرابيٌّ إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله متى الساعة؟.. فقال له صلى الله عليه وسلم: "وماذا أعددتَ لها؟".. قال: ما أعددتُ لها كثيرَ صلاةٍ ولا صيامٍ، إلا أني أحبُّ اللهَ ورسولَه.. فقال صلى الله عليه وسلم: "فأنت مع من أحببتَ".. قال الصحابة: "فما فرحنا بعد الإسلام بشيءٍ كفرحِنا بها".

فحبُّ اللهِ تعالى أيها الكرام: هو الحبُّ الخَالِصُ النَّافعُ، فليسَ هناكَ من يُحبُّ لذاتِه إلا اللهُ، وكلُّ ما سِوى اللهِ، فلا يُحبُّ إلا للهِ، فيا حسرتا على من ضيَّعَ أيامَه في الحبِّ الحرامِ، ويا أسفى على من نثرَ أشواقَه في أبياتِ الغرامِ، ويا خسارةَ من أصابَه بسببِ حبُّ المَخلوقينَ الجُنونُ والهُيامُ، ويا بؤسًا وتعسا لمن خرج من الدنيا وما ذاقَ حُبَّ ذي الجلالِ والإكرامِ.

فانزلْ يا رعاك الله إلى منازلِ محبةِ العظيمِ، وهيا لتذوقَ طعمَ أنعم النَّعيمِ، قَالَ مَالكُ بنُ دِينارٍ رحمَه اللهُ: مَساكينُ أهلُ الدُّنيا، خَرجوا مِنها وما ذَاقوا أَطيبَ ما فيها، قِيل له: وما أطيبُ ما فيها، قَالَ: مَعرفةُ اللهِ عَزَّ وجَلَّ ومحبتُهُ..

فيا من تريد سعادة الدنيا وفوز الآخرة، اعلم أن حبَّ الله جل وعلا هو أصل كل سعادة وفوز، وإنّ من أعظم ثمراتِ حبِّ الله تعالى لعبده: حفظهُ وولايته، وتوفيقهُ وهدايته، وحمايتهُ ونصرته.. قال تعالى: ﴿ أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون ﴾ [يونس:62]، وفي الحديث القدسي الصحيح: "من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب".

ومن ثمرات حبِّ الله جلّ وعلا لعبده: ما جاء في صحيح البخاري، قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أحبَّ اللهُ عبدًا نادى جبريل: إنّ اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبه، فيُحبه جبريل، ثم ينادي في أهل السماء: إنَّ اللهَ يحبُّ فلانًا فأحبوه، فيحبهُ أهلُ السماء، ثم يوضعُ له القبول في الأرض".. فتراهُ محبوبًا مُوقّرًا، حتى في قلوب من لا يعرفونه، لأنّ اللهَ وضعَ له القَبول.

ومن ثمرات حبِّ الله جلّ وعلا لعبده: نجاتهُ يوم القيامة بإذن الله: في الحديث الصحيح: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المرءُ مع من أحبّ)، فما أعظمها من بشارةٍ للمحبين.

ومن ثمرات حبِّ الله جلَّ وعلا لعبده: تسديدهُ وإعانته، فلا يقعُ منه إلا ما يُرضي الله، في الحديث القدسي الصحيح: "ولا يزالُ عبدي يتقربُ إليّ بالنوافل حتى أحبّه، فإذا أحببته: كنت سمعهُ الذي يسمع به، وبصرهُ الذي يُبصر به، ويدهُ التي يبطشُ بها، ورجلهُ التي يمشي بها".

ومن ثمرات محبة الله تعالى لعبده: استجابةُ الدعاء جاء في تتمةِ الحديث السابق: "وإن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنه".

ومن ثمرات حبِّ الله جل وعلا لعبده: أن يُحسنَ له الخاتمة، ففي الحديث الصحيح، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا أحبَّ اللهُ عَبدًا عسَّلَه. قالوا: ما عسَّلَه يا رسولَ اللهِ؟ قال: يُوفِّقُ لهُ عملًا صالحًا بين يدَي أجلِه حتَّى يرضَى عنهُ مَن حولَه".

وهكذا يا عباد الله: فإذا أحبك الله: أحبك أهلُ السماء، ووضع لك القبول في الأرض، وأحبتك القلوب.. إذا أحبك الله: قبل عملك ولو كان قليلًا، وبارك في وقتك ولو كان قصيرًا، ونفع بك ولو كنت ضعيفًا.

إذا أحبك الله: حماك من الفتن، ووقاك من الزلل، وسترك في الدنيا والآخرة.. إذا أحبك الله: كنت في حفظه، ونُصرته، وتأييده، ومنتهى أمانه وبره، وخير دنياه وأخراه".

إذا أحبّك الله: وفقك وسددك، وأعانك وثبّتك، وجعل لك لسان صدقٍ في الآخرين، وختم لك بخاتمة السعادة، وبعثك على خير حال.. وسهّل لك سبيل الجنة.

ألا فليكن حُبُّ الله تعالى أعظمَ ما يطلَبهُ المسلم في حياته، وأغلى ما يسعى إليه فإذا أحبك الله: فلا يضرك ما فاتك بعد ذلك.

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ ألَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُون* نُزُلًا مِّنْ غَفُورٍ رَّحِيم ﴾ [فصلت:30].

ويا بن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى، والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان.

اللهم صل على محمد........




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 57.34 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 55.67 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.92%)]