إن خير من استأجرت القوي الأمين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4874 - عددالزوار : 1864720 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4442 - عددالزوار : 1201973 )           »          أحداث الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          إن الله لا يحب المسرفين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          (المروءة والخلق والحياء) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية منها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          إذا أحبك الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          عفة النفس: فضائلها وأنواعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-10-2020, 02:11 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,455
الدولة : Egypt
افتراضي إن خير من استأجرت القوي الأمين

إن خير من استأجرت القوي الأمين
د. محمد ويلالي


يقول الله - تعالى - على لسان إحدى ابنتي شعيب - عليه السلام - لما اقترحت على أبيها أن يتخذ سيدنا موسى - عليه السلام - مسؤولاَ بالأجر: ﴿ يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26]. قال الإمام الطبري - رحمه الله -: "تقول: إن خير من تستأجره للرعي، القويُّ على حفظ ماشيتك، والقيامِ عليها في إصلاحها وصلاحها، الأمينُ الذي لا تَخاف خيانته فيما تأمنه عليه". وقال ابن عباس - رضي الله عنه -: "أمين فيما وَلِيَ، أمين على ما استُودع".

إن الأمانة من أعظم الركائز التي قامت عليها السماوات والأرض، وأعلى أنواع الأمانة، حفظُ الدين، والذودُ من أجل إقامة فرائضه، وحد حدوده. قال تعالى: ﴿ إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا ﴾ [الأحزاب: 72]. قال قتادة: "الأمانة: الدين، والفرائض، والحدود". وقال الطبري: "وقال آخرون: بل عُني بالأمانة في هذا الموضع: أماناتُ الناس".

وترتقي خطورة الأمانة في الإسلام إلى درجة تكون علامة على الإيمان أو عدم الأيمان. قال نبينا - صلى الله عليه وسلم -: "لاَ إِيمَانَ لِمَنْ لاَ أَمَانَةَ لَهُ، وَلاَ دِينَ لِمَنْ لاَ عَهْدَ لَهُ" صحيح الجامع.

ومقعد الإنسان في الآخرة هو مقعده في الدنيا، هو يصنعه بيده، وهو يوجهه إلى ما اختار من جهته. فمن اتخذ مقعدا في الدنيا ليباهي به، أو يقضي مصالحه به، أو يعزف عن مصالح الناس التي علقت بعنقه، فقد خاب وخسر. فعَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِي - رضي الله عنه - أَنَّ رِجَالاً مِنَ الْمُنَافِقِينَ فِي عَهْدِ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - كَانُوا إِذَا خَرَجَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَى الْغَزْوِ تَخَلَّفُوا عَنْهُ، وَفَرِحُوا بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - اعْتَذَرُوا إِلَيْهِ، وَحَلَفُوا، وَأَحَبُّوا أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا، فَنَزَلَتْ: ﴿ لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ ﴾ [آل عمران: 188].

عجباً ممن يتملكه الفرح لمسؤولية تعلق بها أو تعلقت به، ويتيه زهوا بين الأتراب والأصحاب، ويميس فخرا بين الجيران والأقرباء، يدق الطبول، ويقيم الحفلات، وكأنه ظفر بفوز لا يرام، وامتلك غنيمة لا تضام، في وقت عَلَّمنا فيه ديننا أن الأمانة تأتي ولا تؤتى، وأن المسؤولية تبحث عن صاحبها، وليس هو الذي يفتش عنها.

فعن أبي موسى - رضي الله عنه - قال: "دخلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - أنا ورجلان من بني عمي. فقال أحد الرجلين: يا رسول الله، أَمِّرْنا على بعض ما وَلاَّ ك الله - عز وجل -. وقال الآخر مثل ذلك. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنا والله لا نولي على هذا العمل أحدا سأله، ولا أحدا حَرَص عليه" متفق عليه.

وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت: يا رسول الله، ألا تستعملني - أي: ألا تعطيني ولاية أو إمارة -؟ قال: فضرب بيده - صلى الله عليه وسلم - على منكبي ثم قال: "يا أبا ذر، إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه" مسلم.

ولما جاء أهل نجران إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلتمسون منه مسؤولا أمينا، يقف على حاجاتهم، ويقضي مصالحهم، ويحسن إدارة شؤونهم، قال لهم: "لأبعثن إليكم رجلا أمينا حَقَّ أَمِين". قال حذيفة: فاستشرف لها الناس. فبعث أبا عبيدة بن الجراح. متفق عليه، وهو الرجل المناسب في المكان المناسب، الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم -: "لكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح" متفق عليه.

الأمين يعلم أنه مراقب على عمله، والرقيب هو الله، مسؤول عن وظيفته ومسؤولياته، والسائل هو الله. قال تعالى: ﴿ هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجاثية: 29]. وفي الحديث: "كُلُّكم راعٍ، وكُلُكم مسؤولٌ عن رعيَّته" متفق عليه.

الأمين يعلم أن الغش في الوظيفة يجر عليه ويلات الدنيا والآخرة، في الدنيا يفضحه الله، فيكتشف الناس كذبه، وخيانته، وتزويره، فيعيش بقية عمره ذليلا مهينا، مشارا إليه بأصبع المكر والخيانة. ويوم القيامة يفضحه الله على رؤوس الأشهاد، خزياً وعاراً وشناراً. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إِنَّ الْغَادِرَ يُنْصَبُ لَهُ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ هَذِهِ غَدْرَةُ فُلاَنِ بْنِ فُلاَنٍ".

الأمين يجعل نفسه طوع يد من استأمنه، الذي ما اعتلى منصبه إلا بسبب ثقته فيه، وحسن ظنه به، فيحرم عليه أن يشق على الناس، أو يتماطل في قضاء مصالحهم، أو يتأخر في مد يد العون إليهم. قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾ [المؤمنون: 8]. قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي: إذا ائتمنوا لم يخونوا، وإذا عاهدوا لم يغدروا، وهذه صفات المؤمنين".

وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا، فشق عليهم فاشقُق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفُق به" مسلم.

ومن مشين الشق على الناس، الاحتجاب عنهم، وإغلاق الباب في وجوههم، والخوف من ملاقاتهم بمصالحهم، ومواجهتهم بمآربهم وحاجاتهم. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ وَلاَّهُ اللَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - شَيْئًا مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاحْتَجَبَ دُونَ حَاجَتِهِمْ، وَخَلَّتِهِمْ، وَفَقْرِهِمُ، احْتَجَبَ اللَّهُ عَنْهُ دُونَ حَاجَتِهِ، وَخَلَّتِهِ، وَفَقْرِهِ" صحيح سنن أبي داود.

الأمين يعلم أن في الاحتجاب إذلالا للناس الذين قصدوا نفعه، واستضعافا لأصحاب الحاجات الذي أَمَّلوا معونته، وإضاعة لحقوق من توسموا خدمته وإنصافه. خطب عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ذات يوم في العمال فقال: "إني استعملكم على أمة محمد لتقيموا بهم الصلاة، وتقضوا بينهم بالحق، وتَقسموا بينهم بالعدل، ولا تجلدوا المسلمين فتذلوهم، ولا تضيعوا حقوقهم فتفتنوهم".

الأمين عفيف عن أخذ الرشاوى والهدايا، ينظر إلى ما في يده، ولا يتطاول إلى ما في أيدي الناس، ويقنع بحلال رزقه، ولا يلتفت إلى مال غيره. ومن فعل، فقد صدق عليه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ليأتيَنَّ على الناس زمان، لا يُبالي المرء بما أخذ المال، أمِنْ حلال أم من حرام" البخاري. ذلك أن "هدايا العمال غلول" - كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - صحيح الجامع. وقال - صلى الله عليه وسلم -:"مَن استعملناه على عمل، فرزقناه رزقاً، فما أخذ بعد ذلك فهو غلول" صحيح سنن أبي داود.

وورد في الصحيح "أنَّ أوَّل ما ينتن من الإنسان بطنه، فمَن استطاع أن لا يأكل إلاَّ طيباً فليفعل" البخاري.
فاحذر يا رعاك الله، أن يأتي المظلوم يوم القيامة آخذا بتلابيبك، مطالبا إياك بحقوقه التي ضيعتها، وبحاجاته التي نسيتها، يوم لا يكون المقابل درهما ولا دينارا، ولا ملكا ولا عقارا، إنما هي الحسنات والسيئات. و اللبيب من عرف قدره، وأدى الذي عليه.
أرعى الأمانة لا أخون أمانتي ♦♦♦ إن الخؤون على الطريق الأنكبِ

فما أهلك المجتمعات الإسلامية مثل ضياع الأمانات، وما قوى من أطماع غيرنا فيها مثل تسابقنا إلى الدنيا، واقتناص مناصبها، والفرح بملذاتها، حين صار هَم كثير منا احتواشَ الدرهم والدينار، بحق أو بغير حق، بكفاءة أو بغير كفاءة، باقتدار أو باحتيال، مما لا يبقى معه إلا انتظار الساعة.

ثبت في صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: بينما النبي - صلى الله عليه وسلم - في مجلس يحدث القوم، جاءه أعرابي فقال: متى الساعة؟. فمضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحدث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال. وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذ قضى حديثه قال: "أين - أراه - السائل عن الساعة؟". قال: ها أنا يا رسول الله. قال: "فإذا ضُعيت الأمانة فانتظر الساعة". قال كيف إضاعتها؟. قال: "إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة".

ذكر ابن كثير في "البداية والنهاية" أن رجلا جاء إلى أبي شجاع وزير الخليفة المقتدي العباسي، وقال له: إلى جانبنا أرملة لها أربعة أولاد، وهم عُراة جياع. فما كان منه إلا أن بَعث إليهم مع رجل من خاصته نفقةً، وكِسوة، وطعامًا، ونزع ثيابه في البرد الشديد وقال: "والله لا ألبَسها حتى ترجع إليَّ بخبرهم". فذهب الرجل مُسرعًا، فأدى إلى الأرملة وأولادِها ما حمله إليهم، فلما رجع، أخبره أنهم فرِحوا بذلك، ودعَوا للوزير، فسُرَّ بذلك ولبِس ثيابه.

فمتى سيختفي من مجتمعاتنا الجياع والمحرومون؟ متى تغتني الأرملة، ويكتفي اليتيم؟ متى تنطفئ جذوة الصراخ والشكاة من شبه غياب أيسر وسائل العيش الكريم، من تعليم جيد، وصحة ميسورة، وإدارة هينة؟
وإذا اؤتمنت على الأمانة فارعها ♦♦♦ إن الكريم على الأمانة راعِ


اللهم يسر أمور مسؤولينا، ووفقهم لما تحبه وترضاه، واجعلهم فاتحة خير ويمن علينا، اللهم اجعلهم سبيل سرورنا، وصمام أمننا، وطريق ازدهار بلدنا.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 54.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 53.24 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.05%)]