آفاق الرّحمة وأجواء المودّة
تفتحُ عينيك ـ وأنت بعدُ طفلٌ صغير ـ لترى إبتسامة حانية عذبة ترفرفُ على وجهك .. إنّها إبتسامة أمّك الرحيمة الرفيقة المحبّة لك .
وتبدأ مشاعرك بالإحساس بما حولك ، فترى أباً يحدب عليك ، وإخوة يلاطفونك ، وجدّاً أو جدّة يفيضون حناناً عليك .
ثمّ تدرجُ في مدارج الحياة فتلتقي أناساً كثيرين يحبّونك ويحترمونك .. تألفهم ويألفونك .. فيهم الأصدقاء وفيهم الزملاء وفيهم الإخوان .
وتبلغ مبلغ الرجولة فيهفو قلبك إلى فتاة تتمنّى أن تشاركك الحياة وتكون لك زوجةً مخلصةً أمينة حبيبة مطيعة ، فيكونُ لك ما تريد ، ويجعل الله بينكما مودّة ورحمة ، فيهنأ العيش وترغد الحياة وتصفو الأيام بنعيم القرب والمعاشرة والمشاطرة في الأفراح وفي الأحزان .
وتُرزقُ بالبنين وبالبنات فتجدُ في قلبك حبّاً طافحاً ورحمة جارفة تعذقها على كلِّ واحد منهم ..
مرّت امرأة ـ ذات يوم ـ من أمام المسجد النبويّ ، وهي تحتضن طفلها الذي شغفها حبّاً ، فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه : «اُنظروا إلى رحمة هذه المرأة بابنها .. إنّ الله أرحمُ بعباده من الأمّ بوليدها» .
ويمرّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يوماً آخر بحمامة تحتضن بيضها برفق وحنوّ مؤمّلة نفسها بفراخ يحومون حولها ، ويفتحون مناقيرهم الصغيرة طلباً للرحمة بهم ، فتلقي في فمّ كلِّ منهم حبّة يختلط طعمها اللذيذ بطعم الحبّ الألذّ ..
فيقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «اُنظروا إلى رحمة هذه الحمامة ببيضها .. إنّ رحمة الله بعباده لأشدُّ من رحمتها بفراخها» .
هذا إذن عالمٌ أُسس على (الرحمة) وقام عليها .
والرحمة تعني العطف والرقّة والخير والنعمة ، وهي لا تفيضُ إلاّ من قلب صاف محبّ .
أحببْ غيرَك تكن رحيماً به .
وإذا أحبّك كان رحيماً بك .
وإذا أحببتما بعضكما فاحت الرحمة وانتشرت .. وتنشِّق الناسُ أريجها .
وتسأل : لماذا إذن هذه القسوة أينما ندير وجوهنا .. فقسوةٌ في بعض البيوت .. وقسوة بين بعض الأصدقاء .. وقسوة في بعض الحكام والمسؤولين .. وقسوة بين الأنظمة والدول
منقووول