|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التبيان في بيان حقوق القرآن السيد مراد سلامة عناصر الخطبة: الحق الأول: حق الإيمان والتصديق. الحق الثاني: حق التلاوة. الحق الثالث: حق التدبر. الحق الرابع: حق العمل به. الحق الخامس: التحاكم إلى القرآن. الحق السادس: حق الاستشفاء به. الخطبة الأولى أمة الإسلام: نعيش في ذلك اليوم الأغر الميمون مع خير كتاب أُنزل، هو دستور هذه الأمة بل هو الروح الذي به تحيا الأمة وتبعث من ظلمة الشرك والكفر ﴿ وكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ * صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ ﴾ [الشورى: 52، 53]. وإن كتابنا القرآن لهو مفجر العلوم ومنبعها، ودائرة شمسها ومطلعها، أودع فيه علم كل شيء، وأبان فيه كل هدْيٍ وغي. فترى كل ذي فن منه يستمد وعليه يعتمد ". [ الإتقان: 1 / 39]. فما كان إلا نور الشمس: لا يزال الجاهل يطمع في سرابه ثم لا يضع منه قطرة في سقائه، ويلقى الصبي غطاءه ليخفيه بحجابه ثم لا يزال النور ينبسط على غطائه... ألفاظ إذا اشتدت فأمواج البحار الزاخرة، وإذا هي لانت فأنفاس الحياة الآخرة... ومعان بينا هي عذوبة ترويك من ماء البيان، ورقة تستروح منها نسيم الجنان..."[1]. فما هي حقوق القران الكريم؟ وما هو دور الأمة الإسلامية في إرساء هذه الحقوق؟ وما هي أثار تلك الحقوق اذا طبقتها الأمة في حياتها اليومية؟ أعيروني القلوب و الأسماع: الحق الأول حق الإيمان والتصديق أمة القرآن: إن الله تعالى أنزل القران الكريم وأوجب علينا حقوقا نحوه لا يتم الإيمان ولا يكتمل الإسلام إلا إذا تحلى بها المسلم والمسلمة. بعضها فيصل بين الكفر والإيمان، وبعضها من زينة أهل الإيمان ومن علامات الخضوع للرحمن نذكر منها في هذا اللقاء ما يلي: فالحق الأول حق الإيمان والتصديق: و هذا من أعظم الحقوق الذي بدونه يكفر الإنسان و لا يكون من أولياء الرحمن قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 170]، وقال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136]. يقول ابن كثير: قوله: ﴿ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ ﴾ [النساء: 136] يعني: القرآن ﴿ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ ﴾ [النساء: 136] وهذا جنس يشمل جميع الكتب المتقدمة[2] وقد قال الله تعالى في صفة عباده المؤمنين: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِهِ هُمْ بِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾ [القصص: 52]، و تأملوا أيها الأحباب إلى تأثر علماء أهل الكتاب بالقران عندما يسمعوه: ﴿ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ ﴾ [المائدة: 83]. الواقع التطبيقي لهذا الحق: عن ابن عباس: ﴿ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ﴾ [المائدة: 82] قال: كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو بمكة خاف على أصحابه من المشركين، فبعث جعفر بن أبي طالب، وابن مسعود، وعثمان بن مظعون، في رهط من أصحابه إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما بلغ ذلك المشركين، بعثوا عمرو بن العاص في رهط منهم، ذكر أنهم سبقوا أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى النجاشي، فقالوا: إنه خرج فينا رجل سفه عقول قريش وأحلامها، زعم أنه نبي وإنه بعث إليك رهطاً ليفسدوا عليك قومك، فأحببنا أن نأتيك ونخبرك خبرهم، قال: إن جاؤوني نظرت فيما يقولون. فقدم أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأموا باب النجاشي، فقالوا: استأذن لأولياء الله، فقالا: ائذن لهم، فمرحباً بأولياء الله، فلما دخلوا عليه سلموا، فقال له الرهط من المشركين: ألا ترى أيها الملك أنا صدقناك؟ لم يحيوك بتحيتك التي تحيَّ بها. فقال لهم: ما منعكم أن تحيوني بتحيتي؟ فقالوا: إنا حييناك بتحية أهل الجنة وتحية الملائكة. قال لهم: ما يقول صاحبكم في عيسى وأمه؟ قال: يقول: هو عبد الله، وكلمة من الله ألقاها إلى مريم، وروح منه. ويقول في مريم: إنها العذراء البتول. قال: فأخذ عوداً من الأرض فقال: ما زاد عيسى وأمه على ما قال صاحبكم قدر هذا العود. فكره المشركون قوله، وتغيَّرت وجوههم. قال لهم: هل تعرفون شيئاً مما أنزل عليكم؟ قالوا: نعم. قال: اقرأوا فقرءوا، وهنالك منهم قسيسون ورهبان وسائر النصارى، فعرفت كل ما قرءوه وانحدرت دموعهم مما عرفوا من الحق. قال الله تعالى ذكره: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ ﴾ [المائدة:82، 83].[3] أظلم الناس من كذب بالقرآن: قال الله تعالى: ﴿ فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ ﴾ [الزمر: 32]. إيمان الجان بالقران: روى البخاري: عن ابن عباس قال: "انطلق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عُكاظ، وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء، وأرسلت عليهم الشُهب، فرجعت الشياطين، فقالوا: ما لكم؟ فقالوا: حِيل بيننا وبين خبر السماء، وأرسلت علينا الشُهب. قال: ما حالَ بينكم وبين خبر السماء إلا ما حدث، فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الأمر الذي حدث؟ فانطلقوا فضربوا مشارق الأرض ومغاربها ينظرون ما هذا الأمر الذي حال بينهم وبين خبر السماء؟ قال: فانطلق الذين توجهوا نحو تِهامة إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - بنخلة وهو عامد إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر، فلما سمعوا القرآن تسمّعوا له، فقالوا: هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء. فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا: يا قومنا، إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به، ولن نشرك بربنا أحداً. وأنزل الله عز وجل على نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ﴿ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ ﴾ [الجن: 1] وإنما أوحي إليه قول الجن".[4] الحق الثاني:حق التلاوة إخوة الإسلام: ومن حقوق القرآن التي بينها لنا الملك الديان في غير ما آية من كتابه حق التلاوة تلاوة القرآن من الحقوق الجليلة التي أمر الله بها نبيه والأمةَ بعده؛ فقال تعالى لنبيه: ﴿ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ﴾ [المزمل: 4]،: ﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ ﴾ [النمل: 91، 92]. وقد مدح الله تعالى الذين يتلون القرآن حق التلاوة فقال: ﴿ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ ﴾ [البقرة: 121]. عن ابن عباس في قوله ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾ [البقرة: 121] قال: يتبعونه حق اتباعه. ثم قرأ إذا تلاها يقول: اتبعها.[5] ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾ [البقرة: 121]، أي يفهمون أسراره ويفقهون حكمة تشريعه. وفائدة نوط التكليف به، لا يتقيدون في ذلك بآراء من سبقهم فيه، ولا بتحريفهم كلمه عن مواضعه[6] المرحلة الأولى: نحقق فيها المعنى الأول للتلاوة وهو القراءة، فنحسن قراءة آيات القرآن، ونتقن أحكام ترتيل القرآن، وننفذ قول الله تعالى: ﴿ ورتِّل القرآن ترتيلاً ﴾ [المزمل: 4]. المرحلة الثانية: نحقق فيها المعنى الثاني للتلاوة، وهو الاتباع، فنحسن اتّباعنا للقرآن، من خلال صدق التزامنا به، وتدبّرنا له، وتنفيذنا لأحكامه. والمرحلة الأولى يجب أن تقودنا إلى المرحلة الثانية، فمن حقق المرحلتين فهو رجل قرآني حقاً، وهو قد تلا القرآن حقّ تلاوته. أما من اكتفى بالمرحلة الأولى: وأهمل المرحلة الثانية؛ فهو آثم معذَّب عند الله، والقرآن حجة وشاهد عليه يوم القيامة، ولا ينفعه تلاوته لآياته وأحكامه وإتقانه لقراءتها، لأنه أهمل تطبيقها والتزامها. لا يجوز أن نهمل المرحلة الأولى من التلاوة، فيجب أن نحسن قراءة آيات القرآن، وأن نتقن أحكام الترتيل، لكن لا يجوز أن نكتفي بهذه المرحلة وأن نتوقف عند القراءة. والمشكلة أن بعض المسلمين يكتفي بتلاوة وقراءة آيات القرآن، فيحرص على إتقان أحكام الترتيل وتجويد الصوت ولا يتسامح في حركة من حركات الترتيل، أو مخرج من مخارج الحروف، ولكنك عندما تنظر في اتباعه للآيات التي أحسن قراءتها فلا تكاد ترى من ذلك الاتباع شيئاً. يجب أن نتلو القرآن حق تلاوته، وأن توجد في حياتنا عملياً هذه الجملة المعجزة الموجزة ﴿ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ ﴾ [البقرة: 121]. إن حق التلاوة يعني أن نقرأ آيات القرآن حق القراءة، ثم أن نتبع أحكام القرآن حق الاتباع، وأن ننفذها حق التنفيذ، وأن نلتزم بها[7] وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن الماهر بالقرآن في معيَّة الملائكة الكرام فعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ وهو يتعاهده وهو عليه شديد فله أجران"[8]. و قد بين لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم - فضل تلاوة القران الكريم و رتب عليها الثواب العظيم. فعن عبد الله بن مسعود يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول ﴿ الم ﴾ [البقرة: 1] حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف"[9] فعن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيامُ: أيْ ربِّ منعتُه الطعامَ والشهوات بالنهار فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النوم بالليل فشفعني فيه قال: فيشفعان"[10]. حرص النبي - صلى الله عليه و سلم - على قراءة القران: وقد كان النبي - صلى الله عليه و سلم - حريصا على قراءة القرآن والاستماع إليه من غيره و إليك طرفا من ذلك، فقد أمر عبد الله أن يقرأ عليه القرآن، فعن عبد الله بن مسعود قال: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - " اقرأ علي القرآن: قلت: يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل، قال: إني أشتهي أن أسمعه من غيري، فقرأت عليه سورة النساء حتى بلغت" ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 41] فغمزني برجله فإذا عيناه تذرفان.[11] حرص عبد الله بن عمر - رضي الله عنه -: عن عبد الله بن عمرو قال: زوجني أبي امرأة من قريش، فلما دخلت علي جعلت لا أنحاش لها، مما بي من القوة على العبادة، من الصوم والصلاة، فجاء عمرو بن العاص إلى كنته، حتى دخل عليها، فقال لها: كيف وجدت بعلك؟ قالت: خير الرجال أو كخير البعولة، من رجل لم يفتش لنا كنفا، ولم يعرف لنا فراشا، فأقبل علي، فعذمني، وعضني بلسانه، فقال: أنكحتك امرأة من قريش ذات حسب، فعضلتها، وفعلت،وفعلت ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكاني، فأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقال لي: "أتصوم النهار؟ " قلت: نعم، قال: "وتقوم الليل؟ " قلت: نعم، قال: " لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمس النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني". قال: " اقرأ القرآن في كل شهر "، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، قال: " فاقرأه في كل عشرة أيام "، قلت: إني أجدني أقوى من ذلك، - قال أحدهما، إما حصين وإما مغيرة - قال: " فاقرأه في كل ثلاث "، قال: ثم قال: " صم في كل شهر ثلاثة أيام "، قلت: إني أقوى من ذلك، قال: فلم يزل يرفعني حتى قال: " صم يوما وأفطر يوما، فإنه أفضل الصيام، وهو صيام أخي داود " صلى الله عليه وسلم "[12] حرص تميم الدراي - رضي الله عنه -.عن محمد بن سير بن - رحمه الله- قال: كان تميم الداري يقرأ القرآن في ركعة وعن أبي قلابة - رضي الله عنه -: كان تميم الداري يختم القرآن في سبع ليال"[13] حرص أسيد بن حضير - رضي الله عنه -: عن أسيد بن حضير قال:بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده إذا جالت الفرس، فسكت فسكنت، فقرأ فجالت الفرس، فسكت وسكت الفرس ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف وكان ابنه يحيى قريبا منها فأشفق أن تصيبه، فلما اجتراه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي - النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له: اقر أبن حضير اقرأ يا بن حضير، قال فأشفقت يا رسول الله أن تطأ يحيى، وكان قربيا فانصرفت إليه فرفعت رأسي إلى السماء، فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها: قال وتدري ما ذاك، قال: لا قال تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم "[14] وها هو يحي الليل بالقرآن ويسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - فيدعو له عن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم- مر بين أبى بكر وعمر وعبد الله قائم يصلي فافتتح سورة النساء يسجلها - يقرأها قراءة مفصله - فقال " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد ( فأخذ ) عبد الله في الدعاء، فجعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول " سل تعطى (فكان) في ما سأل اللهم إني أسألك إيمانا لا يرتد، ونعيما لا ينفد ومرافقة نبيك محمد - صلى الله عليه وسلم- في أعلى جنان الخلد فقال عمر: لأغدون على عبد الله ولأبشرنه بتأمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم- على دعاءه، فأتى عمر "عبد الله" فوجد أبا بكر خارجا قد سبقه فقال: إنك لسباق بالخير"[15] الحق الثالث: حق التدبر أحباب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن من حقوق القران الكريم على امه النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم - حق التدبر والتفكر فيما فيه من عجائب باهرات وحجج قاطعات وأدلة ساطعات على أنه رب الأرض والسماوات. لذا الله دعانا لتدبر كتابه وتأمل معانيه وأسراره: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ ﴾ [ص:29]. وقد ولقد ذم الله تعالى أقواما لا يتدبرون القران فقال: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا * وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 82، 83]. الناس عند سماع القرآن أنواع: قال تعالى في آياته المشهودة: ﴿ وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ هَلْ مِنْ مَحِيصٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [ق:36، 37]. قال ابن القيم - رحمه الله -: "الناسُ ثلاثةٌ: رجلٌ قلبُه ميتٌ، فذلك الذي لا قلبَ له، فهذا ليست الآية ذكرى في حقه. الثاني: رجلٌ له قلب حيٌّ مستعدٌّ، لكنه غير مستمعٍ للآيات المتلُوةِ، التي يخبر بها الله عن الآيات المشهودة، إما لعدم وُرُودها، أو لوصولها إليه وقلبه مشغول عنها بغيرها، فهو غائب القلب ليس حاضرًا، فهذا أيضًا لا تحصُلُ له الذكرى، مع استعداده ووجود قلبه. والثالث: رجلٌ حيُّ القلب مستعدٌّ، تُليت عليه الآيات، فأصغى بسمعه، وألقى السمع، وأحضر قلبه، ولم يشغلْه بغير فهم ما يسمعُهُ، فهو شاهدُ القلب، مُلقي السَّمع، فهذا القِسمُ هو الذي ينتفع بالآيات المتلوَّة والمشهودة. فالأول: بمنزلة الأعمى الذي لا يُبصر. والثاني: بمنزلة البصير الطَّامح ببصره إلى غير جهة المنظور إليه، فكلاهما لا يراه. والثالث: بمنزلة البصير الذي قد حدَّق إلى جهة المنظور، وأتبعه بصره، وقابله على توسُّطٍ من البُعد والقربِ، فهذا هو الذي يراه. فسبحان من جعل كلامه شفاءً لما في الصدور.[16] يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |