بشراكم .. لقد عاد رمضان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         5 زيوت طبيعية لترطيب الشفاه فى الصيف.. خليها ناعمة طول الوقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          4 قواعد مهمة لتربية طفل واثق من نفسه ويتعامل بدون خوف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          طريقة عمل سلطة العدس الأسود بالتونة والأفوكادو فى طبق واحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          العناية بالبشرة قبل النوم مش رفاهية.. اعرفى الروتين الأنسب لنوع بشرتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          تخلص من الغيرة.. 5 خطوات بسيطة لحياة أكثر سعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          5 أفكار لاستخدام الموز الناضج.. من السموزى للآيس كريم للعناية بجمالك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          6 أسرار لمكياج احترافى ومشرق على طريقة عارضات الأزياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          مشروبات لطلاب الثانوية تساعد على التركيز.. بعد التحذير من مشروبات الطاقة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          طريقة عمل كيكة السميد بالحليب.. مثالية مع فنجان القهوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ما تسيبش الندم ياكل عمرك.. 4 خطوات للتغلب عليه وقبول قراراتك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 25-04-2021, 11:39 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 153,091
الدولة : Egypt
افتراضي بشراكم .. لقد عاد رمضان

بشراكم .. لقد عاد رمضان
د. سعود بن غندور الميموني






إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ، فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ، فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإحْسَانٍ، أَمَّا بَعْدُ:


عِبَادَ اللهِ... أُوصِي نَفْسِي وَأُوصِيكُمْ بِوَصِيَّةِ اللهَ لَنَا مِنْ فَوْقِ سَمَاوَاتِهِ حَيْثُ قَالَ: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131] هِيَ وَصِيَّةُ اللهِ الَّتِي مَنِ اسْتَمْسَكَ بِهَا رَبِحَ، وَمَنْ حَادَ عَنْهَا خَسِرَ.. وَصِيَّةُ اللهِ لَنَا وَلِمَنْ قَبْلَنَا فَاحْفَظُوا اللهَ فِيهَا يَحْفَظْكُمْ.

صَرَفْتُ إلى رَبِّ الأنامِ مَطَالِبي
وَوَجَّهْتُ وَجْهِي نَحْوَهُ وَمَآرِبِي

إلى المَلكِ الأعْلَى الذَي لَيْسَ فَوقَهُ
مَلِيكٌ يُرَجَّى سَيْبُهُ في الْمَتاعِبِ

فَمَا زَالَ يُولِينِي الجَميْلَ تَلَطُّفًا
ويَدْفَعُ عَنِّي في صُدُورِ النَّوائِبِ

ويَرْزُقُني طِفْلاً وكَهْلاً وقَبْلَهَا
جَنِينًا ويَحْمِيني، دَنِيَّ المكَاسِبِ

كَريمٌ يُلَبِّي عَبْدَهُ كُلَّمَا دَعَا
نَهَارًا ولَيْلاً فَي الدُّجَى وَالغَياهِبِ

سَأسْألُهُ مَا شِئْتُ إنَّ يَمِينَهُ
تَسِحُّ دِفَاقًا بالْمُنَى والرَّغَائِبِ

فَحَسْبِيَ رَبِّي في الهَزَاهِزِ مَلْجَأً
وحِرْزًا إذَا خِيفَتْ سِهَامُ النَّوائِبِ


أَيُّهَا الإِخوةُ، اعْلَمُوا - يا رَعاكُمُ الله - أَنَّكُمْ فِي شَهْرٍ عَظِيمٍ، شَهْرُ رَمَضانَ، شَهْرُ الطَّاعَةِ وَالتَّقَرُّبِ إِلَى اللهِ، شَهْرُ الْحَسَنَاتِ وَمَغْفِرَةِ الذُّنُوبِ، شَهْرُ الْبَرَكَةِ وَالْخَيْرِ، وَلَيْسَ هَذَا فِي الْعِبَادَاتِ فَحَسْبُ، وَإِنَّمَا هُوَ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ نَوَاحِي الْحَيَاةِ، فِي تَعَامُلَاتِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ مَعَ بَعْضٍ، وَفِي أَمْنِهِمْ وَحَيَاتِهِمْ.


فبُشْرَاكُمْ... لَقدْ عَادَ رَمضانُ.. وعَادَ بالصِّيامِ لِربِّ الأَرضِ والسَّماواتِ، عَادَ بظَمَأِ الهَواجِرِ ومُكابَدَةِ السَّاعاتِ، عَادَ بالتَّخَلِّي عَنِ الشَّهواتِ والطَّيباتِ، عَادَ بالتَّجَرُّدِ للهِ عَز وجَلَّ؛ قَالَ رَسُولُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "قَالَ اللَّهُ: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ، إِلَّا الصِّيَامَ، فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي" متفقٌ عليهِ.


بُشْرَاكُمْ.. لَقدْ عَادَ رَمضانُ.. وعَادَ بفَرحَةِ الصَّائمينَ بصَومِهِمْ في الدُّنيَا والآخِرةِ، لَهُمْ خُلُوفٌ هو أَطيبُ عندَ اللهِ مِن رِيحِ المِسكِ؛ قَالَ رَسُولُكُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، ولِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ". متفقٌ عليهِ.


بُشْرَاكُمْ...لَقدْ عَادَ رَمضانُ.. وعَادَتْ مَعهُ صُحْبَةُ القُرآنِ، تِلكُمُ الصُّحبَةُ التي هِيَ خَيرُ صُحبةٍ، فلَنْ يَجِدَ الْمَرءُ صُحبةً هِيَ أَفضلُ ولا أَعظَمُ ولا أَحسنُ مِن صُحبَةِ القُرآنِ الكَريمِ الَّذِي ﴿ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ﴾ [فصلت: 42].


هو كتابُ اللهِ ﴿ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 57] هو كِتابُ اللهِ ﴿ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا ﴾ [الإسراء: 9]، هو كتابُ اللهِ.. مَنْ قَرَأَ مِنْهُ حَرْفًا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، هو كِتابُ اللهِ.. مَنْ طَلَبَ الْهِدَايَةَ مِنْهُ هُدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا الضَّنْكُ الْمُبِينُ؛ قَالَ رَبُّ الْعِزَّةِ سُبْحَانَهُ: ﴿ وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى * وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى ﴾ [طه: 124 - 127]


بُشْرَاكُمْ...لَقدْ عَادَ رَمضانُ.. وعَادَ مَعهُ ذِكْرُ اللهِ تعَالى، فإنَّ مِنْ عَظِيمِ فَضْلِ الذِّكْرِ -وَكَفَى بِهِ فَضْلاً- أَنَّ اللهَ يَذْكُرُ مَنْ يَذْكُرُهُ، وَيُدْخِلُهُ فِي مَعِيَّتِهِ وَيَحْفَظُهُ بِحِفْظِهِ؛ فَقَدْ رَوَى الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ".


بُشْرَاكُمْ...لَقدْ عادَ رَمضانُ.. وعَادَ مَعهُ الإِكثارُ مِنَ العَملِ الصَّالحِ، مِن البِرِّ والصِّلةِ والرَأفَةِ والرَّحمةِ والعَفوِ عَنِ النَّاسِ وإِزَالةِ الشَّحناءِ والبَغضَاءِ؛ فالمؤمنونَ لاَ يَمَلُّونَ مِنَ الأَعمالِ الصَّالحاتِ، بَلْ يَفعَلُونَ ويَفعلُونَ ويَرَوْنَ أنَّهُم مُقَصِّرونَ.


وكَيفَ يَدَّعِي الإِيمانَ مَن يَبتَعِدُ عَنِ العَملِ الصَّالحِ؛ فَإيمَانٌ بَلَا عَمَلٍ كَبَدَنٍ بَلَا رُوحٍ، إيمَانٌ بَلَا عَمَلٍ دَعْوَى كَاذِبَةٌ، إيمَانٌ بَلَا عَمَلٍ لَا يَصِحُّ وَلَا يَكُونُ، وَلَيْسَ أَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ مِنِ اقْتِرَانِ الْإيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ فِي جَمِيعِ آيِ الْقُرْآنِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا ﴾ [الكهف: 30]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ﴾ [الكهف: 107]، ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ ﴾ [لقمان: 8].


بُشْرَاكُمْ... لَقدْ عَادَ رَمضانُ.. وعَادَ مَعهُ القِيامُ والوُقُوفُ بينَ يَدَيِ اللهِ تعَالَى؛ ولقَدْ جَعلَ اللهُ في القِيامِ بَينَ يَدَيْهِ وَسِيلَةً لغُفرَانِ الذُّنوبِ والصَّفحِ عَنِ العُيُوبِ.


يَقولُ رَسولُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ" مُتفقٌ عَليهِ، وقَالَ: "مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ" رواهُ أَصحابُ السُّنَنِ.. فمَا أَجملَ هذَا الفَضلَ، ومَا أَحْسَنَ هذَا العَطَاءَ.. وللهِ دَرُّ أَقوامٍ جَاهَدُوا واجتَهَدُوا وقَامُوا باللَّيلِ بينَ يَدَيِ اللهِ قَانِتِينَ يَرجُونَ رَحمَتَهُ ويَخافُونَ عَذَابَهُ ﴿ أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ ﴾ [الزمر: 9]، ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 57].


بُشْرَاكُمْ...لَقدْ عَادَ رَمَضانُ.. وعَادَ مَعهُ الْجُودُ والكَرَمُ والصَّدَقةُ؛ فقدْ كَانَ حَبيبُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدُ بِالخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ المُرْسَلَةِ.


بُشْرَاكُمْ... لَقدْ عَادَ رَمضَانُ.. وعَادَ مَعهُ العِتْقُ مِنَ النَّيرانِ، فَلْيُشَمِّرْ كُلٌّ مِنَّا عَنْ سَاعِدِ الْجَدِّ، ولْيَسْعَ كُلُّ عَبدٍ في فِكَاكِ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ؛ فقَدْ قَالَ حَبيبُكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا كَانَتْ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الْجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَنَادَى مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ" رواهُ التِّرمِذِيُّ وابنُ مَاجَهْ.


نَسأَلُ اللهَ سُبحانَهُ أَنْ يَجعَلَنَا فِي رَمضَانَ مِنَ المتَوكِّلِينَ فيهِ عَليهِ، الفَائِزِينَ فيهِ لَدَيْهِ؛ المقَرَّبِينَ فيهِ إِليهِ إنَّه عَلَى كلِّ شَيءٍ قَديرٌ وبالإجابةِ جَديرٌ.
♦ ♦ ♦


الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا نُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْهِ، جَلَّ شَأْنُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْماؤُهُ وَلَا إلَهَ غَيْرُهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وأَصحابِهِ إِلى يَومِ الدِّينِ.. أَمَّا بَعْدُ:
أيها الصائمونَ.. مَا أَسْرَعَ أَيَّامَ السُّرُورِ وَأَعجَلَ انقِضَائَهَا!، وَمَا أَشَدَّ فَوَاتَ لَحَظَاتِ الفَرَحِ وَأَقسَى زَوَالَهَا!


كأنَّ رَمضانَ المَاضِي كَانَ مُنذُ أَيامٍ بَل سَاعَاتٍ، لكِنَّهُ قَد مَرَّ عَامٌ كَامِلٌ مُنذُ أَنْ وَقَفْنَا ذَلكَ الْموقِفَ في أَوَّلِ جُمُعةٍ مِن رَمضَانَ المَاضِي، فَأَيْنَ بَعضُ مَنْ صَامَ مَعَنَا رَمَضَانَ الْمَاضِي، وأَيْنَ مَنْ كَانَ يُصَلِّى مَعَنَا التَّرَاوِيحَ والْقِيَامَ؟! لَقَدْ غَيَّبَتْهُمُ اللُّحُودُ، وأَخْفَتْهُمُ الْقُبُورُ، وصَارُوا أَثَرًا بَعْدَ ذَاتٍ، وخَبَرًا بَعْدَ كَانَ، وَمعَ ذَلِكَ لَا يَزَالُ الْكَثِيرُ مِنَ الْعِبَادِ مُنْشَغِلُونَ أَوْ مُتَشَاغِلُونَ عَنْ رَبِّهِمْ، وَعَنْ الْمُهِمَّةِ الَّتِي مِنْ أَجْلِهَا خُلِقُوا.


ألاَ فلْنَغتَنِمْ هذِه الأَوقاتَ، فنَحْنُ مَا زِلْنَا في بِدَايةِ الشَّهرِ الكَريمِ، ولْنَعْلَمْ أنَّمَا هِيَ أيَّامٌ وسَاعَاتٌ ستَمُرُّ كَأنَّهَا لَحظاتٍ ثُمَّ سَنسْمَعُ تَكبِيراتِ العِيدِ وسَيَنقَضِي هذَا الشَّهرُ كمَا انقَضَى مِن قَبْل، فلْيَحْرِصْ كُلٌّ مِنَّا علَى تَطهِيرِ نَفْسِهِ مِنْ دَنَسِ الْمَعْصِيَةِ قبلَ فَواتِ الأَوانِ، وَلْيَغْسِلْ يَدَيْهِ مِنْ ظُلْمِ الْعِبَادِ، وَعُقُوقِ الْوَالِدَيْنِ، وَقَطِيعَةِ الْأَرْحَامِ، وَلْيَعْلَمْ أَنَّ أَبْوَابَ السَّمَاءِ تُفْتَحُ بِالطَّاعَةِ، وَتُغْلَقُ بِالْمَعْصِيَةِ؛ يَقُولُ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ رَحِمَهُ اللهُ: "أَصَابَ بَنِي إِسْرَائِيلَ بَلاءٌ؛ فَخَرَجُوا مَخْرَجًا، فَأَوْحَى اللَّهُ تَعَالَى إِلَى نَبِيِّهِ أَنْ أَخْبِرْهُمْ أَنَّكُمْ تَخْرُجُونَ إِلَى الصَّعِيدِ بِأَبْدَانٍ نَجِسَةٍ، وَتَرْفَعُونَ إِلَيَّ أَكُفًّا قَدْ سَفَكْتُمْ بِهَا الدِّمَاءَ، ومَلأْتُمْ بِهَا بُيُوتَكُمْ مِنَ الْحَرَامِ، الْآنَ اشْتَدَّ غَضَبِي عَلَيْكُمْ، وَلَنْ تَزْدَادُوا مِنِّي إلَّا بُعْدًا"، أَعاذَنَا اللهُ وإيَّاكُمْ مِنَ الْحَوْرِ بعَدَ الْكَوْرِ، ومِنَ الرَّدَى بعدَ الهُدَى.


ثُمَّ صَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وبارك عَلَى عَبْدِكَ وَنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.


اللَّهُمَّ انْصُرِ الإِسْلامَ وأَعِزَّ الْمُسْلِمِينَ، وَأَعْلِ بِفَضْلِكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ والدِّينِ، وَمَكِّنْ لِعِبَادِكَ الْمُوَحِّدِينَ، واغْفِرْ لَنَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ والْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ والأَمْوَاتِ.. اللَّهُمَّ آتِ نُفُوسَنَا تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا.
اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ أَنْ تَجْزِيَ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا عَنَّا خَيْرَ الْجَزَاءِ.. اللَّهُمَّ اجْزِهِمْ عَنَّا رِضَاكَ وَالْجَنَّةَ.. اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُمْ وَارْحَمْهُمْ وَعَافِهِمْ واعْفُ عَنْهُم.
اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنَّا الصَلاةَ والصِّيَامَ والقِيَامَ، اللهُمَّ أَعْتِقْ رِقَابَنَا وَرِقَابَ آبَائِنَا وأُمَّهَاتِنَا مِنَ النَّارِ.

اللهمَّ اجْعَلْنَا في رمضانَ مِنَ الفَائِزِينَ، واجْعَلْنَا عندكَ مِنَ الْمَقْبُولِينَ الْمُقَرَّبِينَ برحمتكَ يا أَرحمَ الراحمينَ.
اللهمَّ وَفِّقْ وُلي أَمْرِنَا لِمَا تُحِبُّ وتَرْضَى، وخُذْ بِنَاصِيته لِلبِرِّ وَالتَّقْوى، واجْعَلْ وِلايَتَنَا فِيمَنْ خَافَكَ واتَّقَاكَ. اللهُمَّ انْصُرْ إِخْوَانَنَا فِي الحَدِّ الجّنُوبِيِّ، اللهُمَّ انْصُرْهُمْ علَى عَدُوِّكَ وَعَدُوِّهِمْ، وَرُدَّهُمْ سَالِمِينَ غَانِمِينَ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، وبالإِجَابَةِ جَدِيرٌ..
﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 93.79 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 92.07 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.84%)]