مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 20 - عددالزوار : 11983 )           »          تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 174 )           »          إدارة المعرفة الإسلامية.. من النظرية إلى التطبيق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من مكتبة التراث .. مشروع طباعة المصحف الشريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          المُعلّم.. رسالة سامية ومسؤولية عظيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          مـن أضرار البِدع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          خواطر الكلمة الطيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 58 - عددالزوار : 30008 )           »          الأوقاف المقدسية حول العالم .. أسس استرداد الأوقاف فـي الشّـرع والقانون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَأَثَـرُهُ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          ترتيب الأولويات .. قاعدة راسخة في فقه الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 31-05-2019, 03:22 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

ليلة القدر

اللجنة العلمية


علامات ليلة القدر
يقول الشيخ بن عثمين رحمه الله في الشرح الممتع:
علامات مقارنة:





1 - قوة الإضاءة في تلك الليلة وهذه العلامة لا يحس فيها بالمدن. 2 - الطمأنينة أي طمأنينة القلب وإنشراح الصدر من المؤمن فإنّه يجد راحة وطمأنينة في هذه الليلة أكثر ما يجده في بقية الليالي. 3 - الرياح تكون فيها ساكنة. 4 - المنام .. أنه قد يري الله الإنسان في المنام كما حصل مع بعض الصحابة. 5 - اللذة .. أن الإنسان يجد في القيام لذة أكثر من غيرها من الليالي.علامات لاحقة:
الشمس تطلع صبيحتها ليس لها شعاع .. صافية.
يعلق الشيخ الشنقيطي: "سبب ذلك - والله أعلم - أن الملائكة تصعد بعد الفجر إلى السماء بعد أن كانت على الأرض فتحجب شعاع الشمس، لأن الله أخبر أن الملائكة تتنزل في ليلة القدر".

علامات ذكرها بعض أهل العلم:
ذكر بعضُ أهل العلم لليلة القدر علامات يستدل بها عليها، و أذكر ما قاله ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: " وقد ورد لليلة القدر علامات أكثرها لا تظهر إلا بعد أن تمضى، منها:

1- في صحيح مسلم عن أبي بن كعب أن الشمس تطلع في صبيحتها لا شعاع لها، وفي رواية لأحمد من حديثه مثل الطست، ونحوه لأحمد من طريق أبي عون عن بن مسعود وزاد صافية ومن حديث بن عباس نحوه .2- ولابن خزيمة من حديثه مرفوعا ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة، تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة.
3- ولأحمد من حديث عبادة بن الصامت مرفوعاً أنها صافية بلجة كان فيها قمرا ساطعا ساكنة صاحية لا حر فيها ولا برد ولا يحل لكوكب يرمي به فيها ومن إماراتها أن الشمس في صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ.
4- وله من حديث جابر بن سمرة مرفوعا ليلة القدر ليلة مطر وريح.
5- ومن طريق قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة مرفوعا وأن الملائكة تلك الليلة أكثر في الأرض من عدد الحصى.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى:
"فقيل له (أبي بن كعب): بأي شيء علمت ذلك؟ فقال: بالآية التي أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرنا أن الشمس تطلع صبحة صبيحتها كالطست لا شعاع لها، فهذه العلامة التي رواها أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم، من أشهر العلامات في الحديث، وقد روي في علاماتها أنها ليلة بلجة منيرة وهي ساكنة لا قوية الحر ولا قوية البرد، وقد يكشفها الله لبعض الناس في المنام أو اليقظة فيرى أنوارها، أو يرى من يقول له: هذه ليلة القدر، وقد يفتح على قلبه من المشاهدة ما يتبين به الأمر، والله تعالى أعلم". (مجموع الفتاوى)!

من فتاوى الشيخ ابن باز:
السؤال:
هل ترى ليلةُ القدر عياناً؛ أي أنَّها ترى بالعين البشرية المجردة؟ حيث إنَّ بعض الناس يقولون: إن الإنسان إذا استطاع رؤية ليلة القدر يرى نورا في السماء ونحو هذا، وكيف رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم أجمعين؟ وكيف يعرف المرء أنه قد رأى ليلة القدر؟ وهل ينال الإنسان ثوابها وأجرها، وإن كانت في تلك الليلة التي لم يستطع أن يراها فيها؟
نرجو توضيح ذلك مع ذكر الدليل؟.

الجواب:
قد تُرى ليلة القدر بالعين لمن وفقه الله سبحانه، وذلك برؤية أماراتها، وكان الصحابة رضي الله عنهم يستدلون عليها بعلامات ولكن عدم رؤيتها لا يمنع حصول فضلها لمن قامها إيمانا واحتسابا؛ فالمسلم ينبغي له أن يجتهد في تحريها في العشر الأواخر من رمضان كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم طلبا للأجر والثواب فإذا صادف قيامه إيمانا واحتسابا هذه الليلة نال أجرها، وإن لم يعلمها قال صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه (البخاري) » وفي رواية أخرى «من قامها ابتغاءها، ثم وقعت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (متفق عليه) »
وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على أن من علاماتها طلوع الشمس صبيحتها لا شعاع لها، وكان أبي بن كعب يقسم على أنها ليلة سبع وعشرين ويستدل بهذه العلامة، والراجح أنها متنقلة في ليالي العشر كلها وأوتارها أحرى وليلة سبع وعشرين آكد الأوتار في ذلك، ومن اجتهد في العشر كلها في الصلاة والقرآن والدعاء وغير ذلك من وجوه الخير أدرك ليلة القدر بلا شك وفاز بما وعد الله من قامها إذا فعل ذلك إيمانا واحتسابا والله ولي التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.

[مجلة البحوث الإسلامية 20/ 186]




حرص النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم على تحرِّي ليلة القدر!
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرص الناس على الخير، وأسبق الناس إلى كسبه وفعله، وضلَّ قوم جاؤوا بعبادات وطاعات في الكمِّ أو الكيف، لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلَّم، وعلَّلوا ذلك بأنَّهم أحوجُ إلى الخير من رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما فعل النَّفر الذي سألوا عن عبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما يفعل كثيرٌ من المسلمين اليوم.
وبالتأمل في منهج النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر يمكن أن نلاحظ الأمور التالية:
[10]، فلما تبين له أنها في العشر الأخير صار يعتكف في العشر الأخير فقط.

[11]، وهذا ما ينبغي أن يكون عليه المسلم في طاعته لله، ورعايته لأهل بيته.



1- اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم وحرصه على إدراكها، فقد كان يعتكف في المسجد من أجل إدراكها، وكان في البداية يعتكف الشهر كله، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في رمضان العشر التي في وسط الشهر فإذا كان حين يمسي من عشرين ليلة تمضي ويستقبل إحدى وعشرين رجع إلى مسكنه ورجع من كان يجاور معه وأنه أقام في شهر جاور فيه الليلة التي كان يرجع فيها فخطب الناس فأمرهم ما شاء الله ثم قال ( كنت أجاور هذه العشر ثم قد بدا لي أن أجاور هذه العشر الأواخر فمن كان اعتكف معي فليثبت في معتكفه وقد أريت هذه الليلة ثم أنسيتها فابتغوها في العشر الأواخر وابتغوها في كل وتر وقد رأيتني أسجد في ماء وطين ) . فاستهلت السماء في تلك الليلة فأمطرت فوكف المسجد في مصلى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين فبصرت عيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظرت إليه انصرف من الصبح ووجهه ممتلئ طينا وماء". 2- كان يحرص على قضائها كلها في العبادة، ولهذا كان يعتكف لأنه يستغرق الوقت في العبادة وينقطع عن الشواغل. 3- كان يحث أهله على اغتنامها والتعرض لها، كما في حديث عائشة رضي الله عنها " كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله" 4- كان يحث أصحابه على فعلها، كما في الأحاديث السابقة، وهذا منهج ينبغي أن يسير عليه المسلم في دعوة الناس وكل من يحب خاصة إلى الخير، ولا يستأثر بها لنفسه. 5- كان إحياؤه لها منفردا بنفسه، ولم يكن يحييها مع الصحابة جميعا، ولا يخلوا هذا من الحكمة، فلكل حاجته التي يسألها ربه، وذنوبه التي يستغفر ربه منها، ولعل في هذا الهدي إشارة إلى أن ما عليه بعض المسلمين من إحيائها بصورة جماعية، مخالف للهدي النبوي على أقل تقدير. 6- كان إحياؤه لها بالدعاء والصلاة والذكر، وهذا هو سبيل المؤمنين، فعجبا لقوم يحيونها بالغناء والرقص.
فتوى:
السؤال:
ما حكمُ الاحتفال بليلة سبع وعشرين ليلة القدر؟

الجواب:
خير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، فهديُ النبي - صلى الله عليه وسلم - في رمضانَ: الإكثارُ من العبادات من صلاة وقراءة القرآن وصدقة وغير ذلك من وجوه البر، وكان في العشرين الأُوَل ينام ويصلي فإذا دخل العشر الأخير أيقظ أهله وشد المئزر وأحيا ليله وحث على قيام رمضان وقيام ليلة القدر فقال - صلى الله عليه وسلم -: «من قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه» متفق عليه.
وبين - صلى الله عليه وسلم - أن ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وأنها في أحد أوتاره فقال - صلى الله عليه وسلم -: «التمسوها في العشر الأواخر في الوتر منه» رواه أحمد في المسند وأخرجه الترمذي وجاء فيه: «التمسوها في تسع يبقين أو سبع يبقين أو خمس يبقين أو ثلاث يبقين أو آخر ليلة» قال الترمذي بعد إخراجه: هذا حديث حسن صحيح، وعلم النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة - رضي الله عنها - الدعاء الذي تدعو به إن وافقت هذه الليلة، فقد روى أحمد في المسند عنها - رضي الله عنها - قالت: «" يا نبي الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها؟
" قال: تقولين " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني» وقد أخرجه أيضا النسائي وابن ماجه والترمذي، وقال الترمذي بعد إخراجه: هذا حديث حسن صحيح، هذا هدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - في رمضان وفي ليلة القدر، وأما الاحتفال بليلة سبع وعشرين على أنها ليلة القدر فهو مخالف لهدي الرسول - صلى الله عليه وسلم - فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يحتفل بليلة القدر!

[مجلة البحوث الإسلامية 37/ 163]
كيف نحيي ليلة القدر؟
من الأفضل أن يسير المؤمن على خطة واضحة في إحياء ليلة القدر، وهي ذات شقين: مراجعات وعبادات.
الأول:مراجعات، فقبل البدء بإحياء ليلة القدر، بل قبل ليلة القدر، بل قبل رمضان كله، لابد من مراجعات يقوم الإنسان في علاقاته، حتى تصبح الطاعات منه مقبولة، قال تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾[المائدة:27]، فيسعى لتصحيح علاقاته مع والديه وأرحامه وجيرانه ومعاملاته، وترميم الهوات التي أحدثتها خلافات الدنيا.
والثاني: الطاعات، وهي العبادات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى في هذه الليلة، و أهمها:

[12]، وكان عليه الصلاة والسلام أكثر ما يقوم الليل بالصلاة، ويطيل السجود ويكثر من الدعاء.
[13]، وما من عبادة إلا واشتملت على الدعاء، فليحرص على الدعاء فيها ما استطاع.


وليقسم الإنسان ليله، جزء للقيام وجزء للدعاء وجزء للقرآن وجزء للأذكار، ولينقل النفس من عبادة لأخرى كلما أحست بالتعب.
ويمكن للمرء أن يجمع بين هذه كلها في الصلاة إذا أطال القيام، وسأل الله الرحمة واستعاذ به من النيران، كلما مر بآية رحمة أو عذاب.
قال سفيان الثوري رحمه الله: (الدعاء في تلك الليلة أحب إليَّ من الصلاة، قال: وإذا كان يقرأ وهو يدعو ويرغب إلى الله في الدعاء والمسألة لعله يوافق).
قال ابن رجب: (ومراده ـ أي سفيان ـ أن كثرة الدعاء أفضل من الصلاة التي لا يكثر فيها الدعاء، وإن قرأ ودعا كان حسناً، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يتهجد في ليالي رمضان، ويقرأ قراءة مرتلة، لا يمر بآية فيها رحمة إلا سأل، ولا بآية فيها عذاب إلا تعوذ، فيجمع بين الصلاة والقراءة والدعاء والتفكر، وهذا أفضل الأعمال وأكملها في ليالي العشر وغيرها، والله أعلم؛ وقد قال الشعبي في ليلة القدر: ليلها كنهارها؛ وقال الشافعي في القديم: أستحب أن يكون اجتهاده في نهارها كاجتهاده في ليلها).[14]
1- قيام الليلة كلها، وهو الأفضل، فإن لم يستطع فالنصف الثاني أفضل من الأول، فإن لم يستطع فالثلث الأخير، لأنه الوقت الذي ينزل فيه الله تعالى، نزولا يليق بجلاله وكماله، فينادي على عباده ويمن عليهم بالرحمات والمغفرات، فإن لم يستطع فأداء الصلوات المكتوبة للرجال مع جماعة المسلمين، لاسيما الصبح والعشاء، وذلك أضعف الإيمان. 2- صلاة التهجد، لقوله صلى الله عليه وسلم:" من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" 3- الدعاء، فالدعاء هو سر العبادة ومعناها، كما قال عليه الصلاة والسلام: ((الدعاء هو العبادة)) 4- قراءة القرآن: فهي ليلة القرآن الكريم، وتلاوته من أعظم القربات. 5- التسبيح والتهليل والاستغفار وغيره من أنواع الذكر. أذكار ليلة القدر:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة ليلة القدر ما أقول فيها ؟ قال: ((قولي اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عني))[15].
فهذا هو الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لأم المؤمنين، وللمؤمنين من بعدها في ليلة القدر، وهو دعاء جامع، فيه الثناء على الله تعالى، والتذلل وطلب الصفح والمغفرة، وهذا الحال الذي يناسب ليلة القدر.
ويمكن أن يدعو الإنسان بما شاء فيها، ولاسيما ما كان يقوله النبي صلى الله عليه في تهجده في الليل، ومنه ما ورد عن عائشة قالت: "فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش، فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان، وهو يقول: (اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك)) ".[16]
وليدع العبد ربه أن يلطف به بما يقدر عليه في هذه الليلة، وأن ييسر له الهدى والتوفيق، وأن يقيه المهالك والمساوئ من أمور الدنيا والآخرة.
وينبغي التنبيه إلى ما اعتاده كثير من الناس من صلاة التسابيح فيها، فهي ضعيفة الأثر، وليست مما تشرع له الجماعة، ثم فعلها في ليلة القدر من كل عام يوهم بتخصيصها فيها وليس الأمر كذلك.
وهل يقوم الليلة كلّها،أم يكفي قيام بعضها؟
يُجيب عن السؤال الشيخ محمد الشنقيطي:
اختلف العلماء - رحمهم الله - :
قال بعض العلماء : إنه يقوم الليلة كاملة ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما دخلت عليه العشر شد مئزره، وأحيا ليله ، وأيقظ أهله ، وفي بعضها : (( طوى فراشه )) صلوات الله وسلامه عليه كناية عن اعتزال النساء ، فقالوا لابد أن يصلي من العشاء إلى الفجر، يصلي ويذكر يكون في ذكر الله - تعالى - ولا يصدق عليه أنه قائم إلا إذا لم ينم ، أما إذا نام فقد ضيّع ، بقدر ما ينام من فضل القيام .
وقال بعض العلماء : لا بأس أن ينام بعض الليل ، مادام أنه قد قام أغلبه ؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - قالت : (( ما قام ليلة حتى أصبح )) . صلوات الله وسلامه عليه، وهذا يقولون : يدل على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان يحي الليلة كاملة ، ومن هنا رخصوا من كونه إذا تعب أو كذا أن يستجم بالنوم .
وقال بعض العلماء : أنه لو نام اليسير، ثم قام فالأجر أعظم ؛ لأنه في هذه الحالة يترك النوم ويرغب في العبادة ؛ وهذا أصدق كما قال تعالى : { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ } .
فيقولون : إنه إذا ذاق لذة النوم ثم صلى فهذا أبلغ اجتهادا من شخص يستمر في صلاته فإنه لا يصل إلى آخر الليل وهو منهك متعب .
والحقيقة ظاهر النصوص أنه أحيا ليله ، وهذا يقتضي أنه أحيا الليل كاملا ، والمطلقات تقيد، وعائشة - رضي الله عنها - معروف أنها تحكي الذي كان في بيتها ، فاعتكافه - عليه الصلاة والسلام - كان في قبته ، وكان خاليا في عبادته لربه ، كما في الحديث الصحيح أنه كان تضرب له القبة ، فلذلك ظاهر النص في الإحياءأنه يبقى على ظاهره ، ويجتهد الإنسان ، لكن لو أنه لا يستطيع أن يحي الليل ، ويجد التعب ، فينام أول الليل ، ثم يقوم آخره ؛ طلبا لهذه الفضيلة ، ونسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا الإخلاص ، وأن يجعلنا وإياكم ممن صام الشهر، واستكمل الأجر، وأدرك ليلة القدر . إنه ولي ذلك وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 03-06-2019, 04:06 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

رمضان والختام


اللجنة العلمية





وقفة قبل رحيل شهر رمضان المبارك
نهاية هذا الشهر الكريم هو فرصة في الإكثار من الطاعات والتخفف من المعاصي والسيئات فوالله ما أعماركم إلا كشهركم هذا أطل هلاله ثم تكامل بدره ثم انصرم حبله وها هو يؤذنكم بالرحيل فلا إله إلا الله ما أسرع تصرم الليالي وانقضاء الأيام إن في هذا يا عباد الله لعبرة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً فالرابح أيها المؤمنون في هذا العمر القصير من عمره بطاعة الله واستعمله في مرضاة مولاه فبادروا عباد الله بالأعمال الصالحات أعماركم وتزودوا فإن خير الزاد التقوى.
إن هذا الشهر قد آذن بالرحيل ربح فيه أقوام وخسر فيه آخرون فاحمدوا الله أيها المؤمنون الصائمون الذاكرون القائمون الراكعون الساجدون على ما وفقكم الله فيه من الأعمال الصالحات واجتهدوا في سؤال القبول فإن الله تعالى لا يتقبل إلا من المتقين الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون وإياكم يا عباد الله والركون إلى أعمالكم والاغترار بها والإعجاب فإنه لن يدخل أحداً منكم عمله الجنة ولكن الله يجزي الإحسان على الإحسان ﴿هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلَّا الإحْسَانُ﴾.
إن من شعائر الدين التي يتعبد الله بها في نهاية هذا الشهر المبارك ذكره وشكره وتكبيره جل وعلا قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ﴾ ثم قال جل وعلا في آخر الآية: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ فيسن للمسلمين أن يكبروا الله تعالى على ما هداهم وعلى ما أتم لهم من نعمة وإحسان ووقت هذا التكبير يبدأ من غروب شمس آخر يوم من رمضان ويستمر هذا التكبير إلى صلاة العيد، وهذا التكبير تكبير مطلق فيكبر في البيت وفي السوق وفي المسجد قبل الصلاة وبعدها وفي كل مكان الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد هذا أجود ما جاء في الصحيح عن الصحابة رضي الله عنهم فاحرصوا على الذكر والتكبير فإن فيه خيراً كثيراً.
اعلموا أن من دلائل توفيق الله للعبد أن لا يدع العبد عمله الصالح وأن لا ينقطع عنه فإن الله تعالى أمرنا بإدامة الطاعة والعبادة فقال تعالى: ﴿وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ﴾ وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل )) وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل)) فاحرصوا أصلح الله قلوبكم على أن لا يكون آخر عهدكم بالطاعة والإحسان ما قدمتموه في شهر رمضان بل صلوا ذلك وأديموه فإن الله عز وجل ما خلقكم إلا لتعبدوه.
إن الله قد امتن عليكم بأن جعل لكم عيداً تفرحون فيه وتشكرون الله فيه على أن هداكم للإيمان أيها المؤمنون إن العيد في هذه الشريعة المباركة عيدان عيد الفطر وعيد الأضحى فالأعياد شريعة محكمة ليس لأحد أن يزيد فيها أو ينقص منها فعن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما فقال صلى الله عليه وسلم: ((قد أبدلكم الله بهما خيراً منهما: يوم الأضحى ويوم الفطر)) رواه أبوداود بسند صحيح فاخرجوا أيها المؤمنون إلى صلاة العيد حيث تصلى، اخرجوا بأنفسكم وأولادكم وأهليكم إلى صلاة العيد البسوا أحسن ما تجدون من الثياب متطيبين متطهرين مكبرين مهللين، مروا نساءكم بالحشمة والاحتجاب فإنكم تخرجون إلى شعيرة من شعائر الدين ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾.
أسباب القبول وعلامات قبول العمل :
وإذا علم العبد أن كثيراً من الأعمال ترد على صاحبها لأسباب كثيرة كان أهم ما يهمه معرفة أسباب القبول ، فإذا وجدها في نفسه فليحمد الله ، وليعمل على الثبات على الاستمرار عليها ، وإن لم يجدها فليكن أول اهتمامه من الآن: العمل بها بجد وإخلاص لله تعالى.
1- عدم الرجوع إلى الذنب بعد الطاعة:

فإن الرجوع إلى الذنب علامة مقت وخسران , قال يحي بن معاذ :" من استغفر بلسانه وقلبه على المعصية معقود , وعزمه أن يرجع إلى المعصية بعد الشهر ويعود , فصومه عليه مردود , وباب القبول في وجهه مسدود ".
إن كثيرا من الناس يتوب وهو دائم القول: إنني أعلم بأني سأعود.. لا تقل مثله.. ولكن قل : إن شاء الله لن أعود " تحقيقا لا تعليقا".. واستعن بالله واعزم على عدم العودة..
2- الوجل من عدم قبول العمل:

فالله غني عن طاعاتنا وعباداتنا، قال عز وجل ـ:
(وَمَن يَشْكُرْ فَإنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [لقمان: 12]،
وقال تعالى ـ:
(إن تَكْفُرُوا فَإنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإن تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ) [الزمر: 7] ،
والمؤمن مع شدة إقباله على الطاعات، والتقرب إلى الله بأنواع القربات؛ إلا أنه مشفق على نفسه أشد الإشفاق، يخشى أن يُحرم من القبول، فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت: سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن هذه الآية: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) [المؤمنون: 60]
أهم الذين يشربون الخمر ويسرقون؟! قال: (لا يا ابنة الصديق! ولكنهم الذين يصومون ويصلّون ويتصدقون، وهم يخافون أن لا يقبل منهم، أولئك الذين يسارعون في الخيرات).

فعلى الرغم من حرصه على أداء هذه العبادات الجليلات فإنه لا يركن إلى جهده، ولا يدل بها على ربه، بل يزدري أعماله، ويظهر الافتقار التام لعفو الله ورحمته، ويمتلئ قلبه مهابة ووجلاً، يخشى أن ترد أعماله عليه، والعياذ بالله، ويرفع أكف الضراعة ملتجئ إلى الله يسأله أن يتقبل منه.
3- التوفيق إلى أعمال صالحة بعدها:

إن علامة قبول الطاعة أن يوفق العبد لطاعة بعدها، وإن من علامات قبول الحسنة: فعل الحسنة بعدها، فإن الحسنة تقول: أختي أختي. وهذا من رحمة الله تبارك وتعالى وفضله؛ أنه يكرم عبده إذا فعل حسنة، وأخلص فيها لله أنه يفتح له باباً إلى حسنة أخرى؛ ليزيده منه قرباً.
فالعمل الصالح شجرة طيبة، تحتاج إلى سقاية ورعاية، حتى تنمو وتثبت، وتؤتي ثمارها،وإن أهم قضية نحتاجها أن نتعاهد أعمالنا الصالحة التي كنا نعملها، فنحافظ عليها، ونزيد عليها شيئاً فشيئاً. وهذه هي الاستقامة التي تقدم الحديث عنها.
4- استصغار العمل وعدم العجب والغرور به :

إن العبد المؤمن مهما عمل وقدَّم من إعمالٍ صالحة ,فإن عمله كله لا يؤدي شكر نعمة من النعم التي في جسده من سمع أو بصر أو نطق أو غيرها، ولا يقوم بشيء من حق الله تبارك وتعالى، فإن حقه فوق الوصف، ولذلك كان من صفات المخلصين أنهم يستصغرون أعمالهم، ولا يرونها شيئاً، حتى لا يعجبوا بها، ولا يصيبهم الغرور فيحبط أجرهم، ويكسلوا عن الأعمال الصالحة. ومما يعين على استصغار العمل:معرفة الله تعالى، ورؤية نعمه، وتذكر الذنوب والتقصير.
ولنتأمل كيف أن الله تعالى يوصي نبيه بذلك بعد أن أمره بأمور عظام فقال تعالى:
( يا أيها المدثر. قم فأنذر. وربك فكبر. وثيابك فطهر. والرجز فاهجر. ولاتمنن تستكثر). فمن معاني الآية ما قاله الحسن البصري: لاتمنن بعملك على ربك تستكثره.
قال الإمام ابن القيم: «كلما شهدت حقيقة الربوبية وحقيقة العبودية، وعرفت الله، وعرفت النفس، وتبيَّن لك أنَّ ما معك من البضاعة لا يصلح للملك الحق، ولو جئت بعمل الثقلين؛ خشيت عاقبته، وإنما يقبله بكرمه وجوده وتفضله، ويثيبك عليه أيضاً بكرمه وجوده وتفضله" مدارج السالكين، (439/2).
5- حب الطاعة وكره المعصية:

من علامات القبول ، أن يحبب الله في قلبك الطاعة ,فتحبها وتأنس بها وتطمئن إليها قال تعالى:
(الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ )الرعد28
ومن علامات القبول أن تكره المعصية والقرب منها وتدعو الله أن يُبعدك عنها قائلاً:
اللهم حبب إليَّ الإيمان وزينه في قلبي وكرَّه إليَّ الكفر والفسوق والعصيان واجعلني من الراشدين.
6- الرجاء وكثرة الدعاء:

إن الخوف من الله لا يكفي، إذ لابد من نظيره وهو الرجاء، لأن الخوف بلا رجاء يسبب القنوط واليأس، والرجاء بلا خوف يسبب الأمن من مكر الله، وكلها أمور مذمومة تقدح في عقيدة الإنسان وعبادته.
ورجاء قبول العمل- مع الخوف من رده يورث الإنسان تواضعاً وخشوعاً لله تعالى، فيزيد إيمانه . وعندما يتحقق الرجاء فإن الإنسان يرفع يديه سائلاً الله قبول عمله؛ فإنه وحده القادر على ذلك، وهذا ما فعله أبونا إبراهيم خليل الرحمن وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، كما حكى الله عنهم في بنائهم الكعبة فقال:
( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم)( البقرة:127).
7- التيسير للطاعة والإبعاد عن المعصية :

سبحان الله إذا قبل الله منك الطاعة يسَّر لك أخرى لم تكن في الحسبان ,بل وأبعدك عن معاصيه ولو اقتربت منها .
قال تعالى: (فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى{5} وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى{6} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى{7} وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى{8} وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى{9} فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى{10})4-10 الليل
8- حب الصالحين وبغض أهل المعاصي :

من علامات قبول الطاعة أن يُحبب الله إلى قلبك الصالحين أهل الطاعة ويبغض إلى قلبك الفاسدين أهل المعاصي ،و لقد روى الإمام أحمد عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن أوثق عرى الإيمان أن تحب في الله وتبغض في الله)).
أخي الحبيب:
قل لي من تحب من تجالس من تود أقل لك من أنت ,ولله در عطاء الله السكندري حين قال إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله فانظر أين أقامك) .
والواجب أن يكون حبنا وبغضنا، وعطاؤنا ومنعنا، وفعلنا وتركنا لله -سبحانه وتعالى- لا شريك له، ممتثلين قوله، صلى الله عليه وسلم " من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع الله، فقد استكمل الإيمان " رواه أحمد عن معاذ بن أنس وغيره..
9- كثرة الاستغفار:

المتأمل في كثير من العبادات والطاعات مطلوبٌ أن يختمها العبد بالاستغفار،فإنه مهما حرص الإنسان على تكميل عمله فإنه لابد من النقص والتقصير، ، فبعد أن يؤدي العبد مناسك الحج قال تعالى:
(ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) ( البقرة:199).
وبعد الصلاة علَّمنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نستغفر الله ثلاثاً ، وأهل القيام بعد قيامهم وابتهالهم يختمون ذلك بالاستغفار في الأسحار، قال تعالى: (وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ )الذاريات18 ، وأوصى الله نبيه صلى الله عليه وسلم بقول (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) محمد19
وأمره أيضاً أن يختم حياته العامرة بعبادة الله والجهاد في سبيله بالاستغفار فقال:
(إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ{1} وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً{2} فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً{3})النصر
فكان يقول صلى الله عليه وسلم في ركوعه وسجوده: ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي) رواه البخاري.
10- المداومة على الأعمال الصالحة:

كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم المداومة على الأعمال الصالحة، فعن عائشة- رضي الله عنها - قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملاً أثبته) رواه مسلم.
و أحب الأعمال إلى الله وإلى رسوله أدومها وإن قلَّت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل). متفق عليه.
وبشرى لمن داوم على عمل صالح، ثم انقطع عنه بسبب مرض أو سفر أو نوم كتب له أجر ذلك العمل. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيماً صحيحاً) رواه البخاري ، و هذا في حق من كان يعمل طاعة فحصل له ما يمنعه منها، وكانت نيته أن يداوم عليها. وقال صلى الله عليه وسلم ما من امرئ تكون له صلاة بليل فغلبه عليها نوم إلا كتب الله له أجر صلاته، وكان نومه صدقة عليه). أخرجه النسائي.
أسأل الله جل وتعالى أن يجعلني وإياكم وجميع إخواننا المسلمين من المقبولين، ممن تقبل الله صيامهم وقيامهم وحجهم وجميع طاعاتهم وكانوا من عتقائه من النار."
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 04-06-2019, 02:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

رمضان والعيد

اللجنة العلمية


العيد هو الابتسامة

العيد هو الابتسامة الطيبة ، العيد هو الكلمة الرقيقة الجميلة ، العيد هو المصافحة الحارة الصادقة ، العيد هو المعانقة التي تذيب الحواجز وتطوي المسافات وتزيل الحدود ، العيد هي القلوب التي تتعلم كيف تصفح وتتعلم كيف تحمل المعاني الإيجابية وتتعلم كيف تنسى وكيف تنسى النسيان أيضاً ، العيد هي الروح التي تضمنا جميعاً وتذكرنا بالإخاء والمحبة والوحدة .
العيد فيه مظاهر للفرح الكثير يختلط عليه أحياناً بين الروح الإيمانية العابقة من رمضان لكن يريد أن يفرح ..
بل نفرح بإتمام العدّة (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(البقرة: من الآية185) ، والعيد هنا هو فرحة الأطفال وبسمتهم فلا نسرق بسمة الأطفال بل نتعلّم منهم كيف نفرح بعفوية وبساطة وبراءة ونبتسم .
في مناسبة العيد الكثير من الناس يلاحقون الأطفال ويمنعونهم من الفرحة ومن ذلك طبعاً الألعاب النارية التي نجد حرب ضروس عليها من الأهل ومن الجيران ومن الناس ، صحيح فيه ألوان من الألعاب قد تكون ضارة وينبغي أنها لا تعمل إلا في مكان مناسب لها لكن أيضاً ينبغي أن نمنح الأطفال قدراً من المتعة في هذا الشهر وما فيه مانع أنه حتى نحن نلعب معهم في مثل هذه الأمور ونتعوّد أن نتخفف من تكلّفنا ومن كبريائنا ومن هيبتنا الغير مبررة أحياناً ، أو الحديث عن آلام الأمة وكأنه يمنعنا أيضاً من الفرح بالعيد .



عيدنا...وتصفية النفوس

العيد سعادة , فيه تجدد معانٍ , وتعاد ذكريات ، تُرسل مع إقباله رسائل التهاني ، تتصافح فيه الأيادي البيضاء .
وتُقال فيه عثرات الأقربين , وتعفو النفوس عنده عن ذنوب المخطئين .
كل صديق بصديقه فِرح , وكل محب بحبيبه سعيد .
كم كان ميقاتاً لزوال خصومة , وتلاقي بُعداء , وتواصل منقطعين , فهو بحق يوم المحبة والصفاء .
وتبقى نفوساً قد علاه ألم خطيئة الغير في حقها , وسكن فؤادها جرح قريبها أو صديقها الذي لم يراع حرمة الميثاق , فيقرر كل متخاصم أن هذا جرح لا يندمل , وخطأ لا يمكن أن يغتفر , فـتكون القطيعة ويحل الهجران , وتمر السنوات , وتتوالى الأعوام ما بين تلك القطيعة وذلك الهجران , فلا النفوس تهدأ , ولا الآلام تنقطع .
ليتدبر ذلك المقاطع في زمانه الفائت , يوم رأى الخصومة علاج لذاك الخطاء , وجفوته لقريبه أو صديقه بلسماَ لذاك الذنب , فإذا الزمن يمضي بلا علاج , وإذا الأيام تُنمّي ذاك الخصام , والأشد والأنكى توارث الأجيال لخصومات الآباء , وزيادة الجفاء بين أبناء العمومة وأحفاد الإخوان .
فيأتي العيد حاملاَ معه السعادة لكل من كان بينه وبين أخيه خصومة , وتقبل هذه المناسبة لتغسل القلوب من آثار ذاك التنافر , فيتذكر عظيم الأجر من الرحمن حين يقرأ قول الكريم المتعال} فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ { , فيرجو الأجر من ربه , ويتلو قوله تعالى }ولْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيم{
فيُحب أن يغفر الله له , وربما نادته فطرة الخير في نفسه للقاء من خاصمه , فيأتيه شيطانه ويُوهمه أن هذا ذلة , فيصحح له هذا الوهم حديث نبيه عليه الصلاة والسلام \" وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا \"مسلم
فيعقد العزم على اغتنام هذه المناسبة للقاء قريبه , ومصافاة خليله , فتجتمع النفوس بعد شتاتها , وتقرب القلوب بعد نفرتها , فيفرح له كل قريب , ويسعد بهذا كل حبيب .
إن خلق الرحمة في النفس مِنِّةٌ من الله تعالى يجعلها في قلوب من شاء من عباده الرحماء , وللنفوس حظوظها في التشفي , ولكن لم يجعل الإسلام لها أمداً إلا ثلاثة أيام وبعدها يكون المرء ظالمٌ لنفسه ومتعدٍ لشرع ربه , ومقصراً في حقوق إخوانه , ومن ابتدأ بالسلام كان خير المتخاصمين , ففز أيها المتاجر مع ربك لتنال هذه الخيرية وتفوز بهذا العطاء .
العيد حضر أيها المتخاصم , ومناسبة الفرح حلت يا من لازلت مهاجر , وكلنا على يقينٍ بطهارة نفسك , وسمو خلقك , وأنك راغب ٌ في التواصل , فهل تجعل هذه المناسبة فرصة لنيل رضا ربك , وسعادة إخوانك ومن حولك , ومناسبة كريمة للقاء كل قريب لك ؟
رحم الله قلباً تطهر اليوم .
ونفساً عفت وسامحت .
ويداً للمصافحة مُدت .
ورجالاً ونساءً سعوا في الإصلاح .




التهنئة والعيد

كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا رجعوا ـ أي من صلاة العيد ـ يقول بعضهم لبعض : ( تقبل الله منا ومنكم ) ، قال : أحمد بن حنبل : إسناده جيد . اهـ الجوهر النقي حاشية البيهقي ( 3/ 320 – 321 ) وفي الفروع لابن مفلح (2/150 ) قال : ولا بأس قوله لغيره : تقبل الله منا منكم ، نقله الجماعة كالجواب ، وقال : لا أبتدئ بها ، وعنه : الكل حسن ، وعنه : يكره ، وقيل له في رواية حنبل : ترى له أن يبتدئ ؟ قال : لا ونقل علي بن سعيد : ما أحسنه إلا أن يخاف الشهرة ، وفي النصحية : أنه فِعل الصحابة ، وأنه قول العلماء . اهـ .
وجاء في الفتح ( 2/446) : وروينا في المحامليات بإسناد حسن عن جبير بن نفير قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض : تقبل الله منا ومنكم . وسئل مالك رحمه الله : أيكره للرجل أن يقول لأخيه إذا انصرف من العيد : تقبل الله منا ومنك ، وغفر الله لنا ولك ، ويرد عليه أخوه مثل ذلك ؟ قال : لايكره . اهـ من المنتقى (1/322)
وفي الحاوي للسيوطي (1/82) قال : وأخرج ابن حبان في الثقات عن علي بن ثابت قال سألت مالكاً عن قول الناس في العيد : تقبل الله منا منك ، فقال : مازال الأمر عندنا كذلك . اهـ .
وفي سؤالات أبي داود ( ص 61 ) قال أبو داود : سمعت أحمد سئل عن قوم قيل لهم يوم العيد : تقبل الله منا ومنكم ، قال أرجو أن لايكون به بأس . اهـ .
قال ابن قدامة في ( المغني 3/294) : " قال الإمام أحمد – رحمه الله- قوله : ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد : تقبّل الله منا ومنك" ، وقال حرب : "سئل أحمد عن قول الناس : تقبل الله منا ومنكم ؟ قال : لا بأس" ، يرويه أهل الشام عن أبي أمامة ، قيل : وواثلة ابن الأسقع ؟ ، قال : نعم ، قيل : فلا تكره أن يقال هذا يوم العيد؟ قال : لا .."
وقال الحافظ بن حجر – رحمه الله - : " ويحتج لعموم التهنئة لما يحدث من نعمة ، أو يندفع من نقمة : بمشروعية سجود الشكر ، والتعزية – كذا في (الموسوعة الفقهية) التي نقلت عنها – وربما في الصحيحين عن كعب بن مالك .. " نقلاً عن (الموسوعة الفقهية الكويتية ، 14/99-100) ، وينظر : (وصول الأماني) للسيوطي، وقد بحثت عن كلام الحافظ في مظنته ولم أهتد إليه، وينظر : (وصول الأماني 1/83) ( ضمن الحاوي للفتاوى ) .
سئل شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى الكبرى" (2/228) : هَلْ التَّهْنِئَةُ فِي الْعِيدِ وَمَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ : " عِيدُك مُبَارَكٌ " وَمَا أَشْبَهَهُ , هَلْ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ, أَمْ لا ؟ وَإِذَا كَانَ لَهُ أَصْلٌ فِي الشَّرِيعَةِ , فَمَا الَّذِي يُقَالُ ؟
فأجاب :
"أَمَّا التَّهْنِئَةُ يَوْمَ الْعِيدِ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إذَا لَقِيَهُ بَعْدَ صَلاةِ الْعِيدِ : تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ , وَأَحَالَهُ اللَّهُ عَلَيْك , وَنَحْوُ ذَلِكَ , فَهَذَا قَدْ رُوِيَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الصَّحَابَةِ أَنَّهُمْ كَانُوا يَفْعَلُونَهُ وَرَخَّصَ فِيهِ , الأَئِمَّةُ , كَأَحْمَدَ وَغَيْرِهِ . لَكِنْ قَالَ أَحْمَدُ : أَنَا لا أَبْتَدِئُ أَحَدًا , فَإِنْ ابْتَدَأَنِي أَحَدٌ أَجَبْته , وَذَلِكَ لأَنَّ جَوَابَ التَّحِيَّةِ وَاجِبٌ , وَأَمَّا الابْتِدَاءُ بِالتَّهْنِئَةِ فَلَيْسَ سُنَّةً مَأْمُورًا بِهَا , وَلا هُوَ أَيْضًا مَا نُهِيَ عَنْهُ , فَمَنْ فَعَلَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ , وَمَنْ تَرَكَهُ فَلَهُ قُدْوَةٌ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ" اهـ .
قال ابن القيم – رحمه الله – ضمن سياقه لفوائد تلك القصة في ( زاد المعاد 3/585):"وفيه دليل على استحباب تهنئة من تجددت له نعمة دينية ، والقيام إليه إذا أقبل ومصافحته ، فهذه سنة مستحبة ، وهو جائز لمن تجددت له نعمة دنيوية ، وأن الأوْلى أن يقال : يهنك بما أعطاك الله ، وما منّ الله به عليك ، ونحو هذا الكلام ، فإن فيه تولية النعمة ربهّا ، والدعاء لمن نالها بالتهني بها ". ولا ريب أن بلوغ شهر رمضان وإدراكه نعمة دينية ، فهي أوْلى وأحرى بأن يُهنأ المسلم على بلوغها ، كيف وقد أثر عن السلف أنهم كانوا يسألون الله – عز وجل – ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ، وفي الستة الأخرى يسألونه القبول ؟ ونحن نرى العشرات، ونسمع عن أضعافهم ممن يموتون قبل بلوغهم الشهر .
ويقول العلامة السعدي – رحمه الله – مبيناً هذا الأصل في جواب له عن حكم التهاني في المناسبات - كما في ( الفتاوى ) في المجموعة الكاملة لمؤلفات الشيخ عبد الرحمن السعدي (348) : " هذه المسائل وما أشبهها مبنية على أصل عظيم نافع ، وهو أن الأصل في جميع العادات القولية والفعلية الإباحة والجواز ، فلا يحرم منها ولا يكره إلا ما نهى عنه الشارع ، أو تضمن مفسدة شرعية ، وهذا الأصل الكبير قد دل عليه الكتاب والسنة في مواضع ، وذكره شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره . فهذه الصور المسؤول عنها ما أشبهها من هذا القبيل ، فإن الناس لم يقصدوا التعبد بها ، وإنما هي عوائد وخطابات وجوابات جرت بينهم في مناسبات لا محذور فيها ، بل فيها مصلحة دعاء المؤمنين بعضهم لبعض بدعاء مناسب، وتآلف القلوب كما هو مشاهد.
وسئـل الشيخ ابن عثيمين : ما حكـم التهنئة بالعيد ؟ وهل لها صيغة معينة ؟
فأجاب :
"التهنئة بالعيد جائزة ، وليس لها تهنئة مخصوصة ، بل ما اعتاده الناس فهو جائز ما لم يكن إثماً" اهـ . و
قال أيضاً :
"التهنئة بالعيد قد وقعت من بعض الصحابة رضي الله عنهم ، وعلى فرض أنها لم تقع فإنها الاۤن من الأمور العادية التي اعتادها الناس ، يهنىء بعضهم بعضاً ببلوغ العيد واستكمال الصوم والقيام" اهـ .
وسئـل رحمه الله تعالى : ما حكـم المصافحة ، والمعانقة والتهنئة بعد صلاة العيد ؟
فأجاب : "هذه الأشياء لا بأس بها ؛ لأن الناس لا يتخذونها على سبيل التعبد والتقرب إلى الله عز وجل ، وإنما يتخذونها على سبيل العادة ، والإكرام والاحترام ، ومادامت عادة لم يرد الشرع بالنهي عنها فإن الأصل فيها الإباحة" اهـ
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 08-06-2019, 05:07 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: مرحــبا بـالحبيب الـــوافد (احكام خاصة بالصيام)

ماذا بعد رمضان

اللجنة العلمية



استهلال
كلمات مضيئة في رحيل رمضان
قال ابن رجب في وداع رمضان، واسمعوا لقلوب السلف رضوان الله تعالى عليهم كيف كانت تتخرق لفراق هذا الشهر: يا شهر رمضان ترفق، دموع المحبين تدفق، قلوبهم من ألم الفراق تشقق، عسى وقفة الوداع تطفئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تخرق، عسى منقطع عن ركب المقبولين يلحق، عسى أسير الأوزار يطلق، عسى من استوجب النار يعتق،
عسى وعسى من قبل يوم التفرق إلى كل ما نرجو من الخير نرتقي
فيجبر مكسور ويقبل تائب ويعتق خطاء ويسعد من شقي
انتهى كلامه رحمه الله.
رحلت يا رمضان! والرحيل مر على الصالحين، فابكوا عليه بالأحزان وودعوه، وأجروا لأجل فراقه الدموع وشيعوه.
دع البكاء على الأطلال والدار واذكر لمن بان من خل ومن جار
وذر الدموع نحيباً وابك من أسف على فراق ليال ذات أنوار
على ليال لشهر الصوم ما جُعلت إلا لتمحيص آثام وأوزار
يا لائمي في البكاء زدني به كلفاً واسمع غريب أحاديث وأخبار
ما كان أحسننا والشمل مجتمع منا المصلي ومنا القانت القاري




عدم الاغترار بما حصل من طاعات
بعض الناس اجتهدوا فعلاً، صاموا وحفظوا جوارحهم، وختموا القرآن وبعضهم أكثر من مرة، وعملوا عمرة في رمضان، وصلوا قيام رمضان كله من أوله إلى آخره، لم يخرموا منه يوماً أو ليلة، وفعلوا ما فعلوا من الصدقات وقدموا ما قدموا، وجلسوا في المساجد من بعد الفجر إلى ارتفاع الشمس، وبعد الصلاة يقرءون القرآن، وقبل الصلاة ينتظرون الصلاة، حصلت عبادات كثيرة، لكن إذا كانت النفس سيئة، إذا كان الطبع متعفن فإن كثرة العبادة لا تنفع، بل إن الشيطان يوسوس ويقول: لقد فعلت أشياء كثيرة وطاعاتٍ عظيمة، خرجت من رمضان بحسنات أمثال الجبال، رصيدك في غاية الارتفاع، صحائف حسناتك مملوءة وكثيرة فلا عليك بعد ذلك ما عملت، ويصاب بالغرور وبالعجب، وتمتلئ نفسه تيهاً وفخراً، ولكن آية من كتاب الله تمحو ذلك كله، وتوقفه عند حده، وتبين له حقيقة الأمر وهي قول الله تعالى: {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] أتمن على الله؟ أتظن أنك عندما فعلت له هذه الأشياء تكون قد قدمت له أشياء عظيمة؟ تظنها كخدمة من خدمة البشر؟ {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] لا تمن على الله بعملك، لا تفخر، لا تغتر، لا تصاب بالعجب {وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ} [المدثر:6] وتتخيل أن أعمالك كثيرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الحسن: (لو أن رجلاً يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرماً في مرضات الله تعالى لحقره يوم القيامة) لجاء يوم القيامة فرآه قليلاً ضعيفاً، لرأى عمله لا يساوي شيئاً، فإنه لو قارنه بنعمة واحدةٍ من النعم كنعمة البصر أو غيره، لصار هذا قليلاً لا يساوي شيئاً.
ولذلك فإن الناس لا يدخلون الجنة بأعمالهم، وإنما يدخلونها برحمة الله تعالى، ليست الأعمال ثمناً للجنة، لكنها سببٌ لدخول الجنة، لا ندخل الجنة إلا بالأعمال الصالحة، الذي لا يعمل صالحاً لا يدخل الجنة، فهي سبب لكنها ليست الثمن، فبدون رحمة الله الأعمال لا تؤهل لدخول الجنة، بل ولا تسديد حق نعمة واحدة من النعم.
(إنما يتقبل الله من المتقين)
لقد مضت الأعمال، والصيام، والقيام، والزكاة، والصدقة، وختم القرآن، والدعاء، والذكر، وتفطير الصائم، وأنواع البر التي حصلت، والعمرة التي قام بها الكثير، لكن هل تقبلت أم لا؟ هل قبل العمل أم لا؟ يقول الله تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] .
كان السلف الصالح يجتهدون في إتمام العمل وإكماله وإتقانه، ثم يهتمون بعد ذلك بقبوله، ويخافون من رده، وهؤلاء الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة، يعطي ويخشى ألا يقبل منه، يتصدق ويخشى أن ترد عليه، يصوم ويقوم ويخشى ألا يكتب له الأجر.
قال بعض السلف: " كانوا لقبول العمل أشد منهم اهتماماً بالعمل ذاته، ألم تسمعوا قول الله عز وجل: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] " فغير المتقين ما هو حالهم؟ وعن فضالة بن عبيد قال: لأن أكون أعلم أن الله قد تقبل مني مثقال حبةٍ من خردل، أحب إليَّ من الدنيا وما فيها؛ لأن الله يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] ! يقول بعضهم: لو أعلم أن الله تقبل مني ركعتين لا أهتم بعدها؛ لأنه يقول: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27] ! وقال عبد العزيز بن أبي رواد رحمه الله: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوه وقع عليهم الهم أيقبل منهم أم لا؟! وقع عليهم الهم، وليس وقعوا في المعاصي، وكان بعض السلف يقول في آخر ليلة من رمضان: يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنئه، ومن هذا المحروم فنعزيه.
أيها المقبول! هنيئاً لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك، فإذا فاته ما فاته من خير رمضان فأي شيء يدرك، ومن أدركه فيه الحرمان، فماذا يصيب؟ كم بين من كان حظه فيه القبول والغفران ومن كان حظه فيه الخيبة والخسران؟ أيها المسلمون: من علامات التقوى: الامتناع عن الفسق بعد رمضان؛ إن الذي يخشى على عمله ولا يدري هل قبل منه أم لا؛ يجتهد في العبادة ويواصل في الطاعة، والذي يظن أنه قد عمل حسنات أمثال الجبال، فلا يهمه بعد ذلك ويقول: عندي رصيد وساعة لربك وساعة لقلبك.


من الذي استفاد من رمضان؟
ها نحن ودعنا رمضان المبارك ... ونهاره الجميل ولياليه العطره .
فماذا جنينا من ثماره اليانعة , وظلاله الوارقه ؟!
هل تحققنا بالتقوى ... وتخرجنا من مدرسه رمضان بشهادة المتقين ؟!
هل تعلمنا فيه الصبر والمصابرة على الطاعة , وعن المعصية ؟!
هل ربينا فيه أنفسنا على الجهاد بأنواعه ؟!
هل جاهدنا أنفسنا وشهواتنا وانتصرنا عليها ؟!
هل غلبتنا العادات والتقاليد السيئة ؟!
هل ... هل ... هل...؟!
أسئلة كثيرة .. وخواطر عديدة .. تتداعى على قلب كل مُسلم صادق .. يسأل نفسه ويجيبها بصدق وصراحة .. ماذا استفدت من رمضان ؟
أنه مدرسة إيمانية ... إنه محطة روحيه للتزود منه لبقية العام ... ولشحذ الهمم بقيه الغمر ...
فمتى يتعظ ويعتبر ويستفيد ويتغير ويُغير من حياته من لم يفعل ذلك في رمضان ؟!
إنه بحق مدرسة للتغيير .. نُغير فيه من أعمالنا وسلوكنا وعاداتنا وأخلاقنا المخالفة لشرع الله جل وعلا { .. إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ... } الرعد 11 .
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وقال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) .
وقال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) .
فمغفرة الذنوب لهذه الأسباب الثلاثة، كل واحدٌ منها مكفرٌ لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر، فتحصل المغفرة والتكفير بقيام ليلة القدر ولمن وقعت له وأصابها، سواء شعر بها أم لم يشعر.
أما في صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص له من الأجر بحسب نقصه، فلا يلومن إلا نفسه.
الصلاة مكيال، والصيام مكيال؛ فمن وفاها وفّى الله له، ومن طفف فيهما فويلٌ للمطففين، أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته، ويطفف في مكيال صيامه وصلاته؟ إذا كان الويل لمن طفف في مكيال الدنيا: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:1-3] فكيف حال من طفف مكيال الدين؟! {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4-5] .
وهذا الويل لمن طفف، فكيف حال الذي فرط بالكلية؟ كيف حال الذي لم يقم ولم يصم وهم أعداد ممن ينتسبون إلى الإسلام؟! ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدركه رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله -وقالها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم- ثم قال له: قل آمين، فقلت: آمين) دعاءٌ عليه بالإبعاد عن رحمة الله والطرد عنها؛ لأن ذلك الشهر قد مر ولم يستفد منه؛ لأن ذلك الموسم العظيم قد حصل ولم ينهل منه، لم ينتهز الفرصة فتباً له.
وإذا كان لم ينتهز الفرصة العظيمة فهو لإهمال ما هو أدنى منها من باب أولى، أي: إذا فرط في رمضان فتفريطه في غير رمضان من باب أولى، ولذلك أبعده الله؛ لأنه لا يستحق أجره، ولا يستحق الرحمة ولا المغفرة، ولا شك أيها المسلمون! أننا قد حصل منا تطفيف بالصيام والقيام، وقد حصل منا إخلالٌ بآداب الصوم الواجبة والمستحبة.

يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) وقال: (من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) .
وقال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) .
فمغفرة الذنوب لهذه الأسباب الثلاثة، كل واحدٌ منها مكفرٌ لما سلف من الذنوب، وهي صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر، فتحصل المغفرة والتكفير بقيام ليلة القدر ولمن وقعت له وأصابها، سواء شعر بها أم لم يشعر.
أما في صيام رمضان وقيامه فيتوقف التكفير بهما على تمام الشهر، فإذا تم الشهر فقد كمل للمؤمن صيام رمضان وقيامه، فيترتب على ذلك مغفرة ما تقدم من ذنبه، ومن نقص من العمل الذي عليه نُقص له من الأجر بحسب نقصه، فلا يلومن إلا نفسه.
الصلاة مكيال، والصيام مكيال؛ فمن وفاها وفّى الله له، ومن طفف فيهما فويلٌ للمطففين، أما يستحي من يستوفي مكيال شهواته، ويطفف في مكيال صيامه وصلاته؟ إذا كان الويل لمن طفف في مكيال الدنيا: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ} [المطففين:1-3] فكيف حال من طفف مكيال الدين؟! {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4-5] .
وهذا الويل لمن طفف، فكيف حال الذي فرط بالكلية؟ كيف حال الذي لم يقم ولم يصم وهم أعداد ممن ينتسبون إلى الإسلام؟! ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: (من أدركه رمضان فلم يغفر له، فأبعده الله -وقالها جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم- ثم قال له: قل آمين، فقلت: آمين) دعاءٌ عليه بالإبعاد عن رحمة الله والطرد عنها؛ لأن ذلك الشهر قد مر ولم يستفد منه؛ لأن ذلك الموسم العظيم قد حصل ولم ينهل منه، لم ينتهز الفرصة فتباً له.
وإذا كان لم ينتهز الفرصة العظيمة فهو لإهمال ما هو أدنى منها من باب أولى، أي: إذا فرط في رمضان فتفريطه في غير رمضان من باب أولى، ولذلك أبعده الله؛ لأنه لا يستحق أجره، ولا يستحق الرحمة ولا المغفرة، ولا شك أيها المسلمون! أننا قد حصل منا تطفيف بالصيام والقيام، وقد حصل منا إخلالٌ بآداب الصوم الواجبة والمستحبة.





هل قُبِل صيامكم وقيامكم أم لا ؟؟
إن الفائزين في رمضان , كانوا في نهارهم صائمون , وفي ليلهم ساجدون , بكاءٌ خشوعٌ, وفي الغروب والأسحار تسبيح , وتهليل , وذكرٌ , واستغفار , ما تركوا باباً من أبواب الخير إلا ولجوه , ولكنهم مع ذلك , قلوبهم وجله وخائفة ...!!
لا يدرون هل قُبلت أعمالهم أم لم تقُبل ؟ وهل كانت خالصة لوجه الله أم لا ؟
فلقد كان السلف الصالحون يحملون هّم قبول العمل أكثر من العمل نفسه , قال تعالى:
{ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ } المؤمنون 60 .
هذه هي صفة من أوصاف المؤمنين أي يعطون العطاء من زكاةٍ وصدقة، ويتقربون بأنواع القربات من أفعال الخير والبر وهم يخافون أن لا تقبل منهم أعمالهم
وقال علي بن أبي طالب ( رضي الله عنه ) : كونوا لقبول العمل أشد أهتماماً من العمل , ألم تسمعوا قول الله عز وجل : { إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِين} . (المائدة:27) َ
فمن منا أشغله هذا الهاجس !! قبول العمل أو رده , في هذه الأيام ؟ ومن منا لهج لسانه بالدعاء أن يتقبل الله منه رمضان ؟
فلقد كان السلف الصالح يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم شهر رمضان , ثم يدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم ...
نسأل الله أن نكون من هؤلاء الفائزين .
من علامات قبول العمل :
1) الحسنه بعد الحسنه فإتيان المسلمون بعد رمضان بالطاعات , والقُربات والمحافظة عليها دليل على رضى الله عن العبد , وإذا رضى الله عن العبد وفقه إلى عمل الطاعة وترك المعصية.
2) انشراح الصدر للعبادة والشعور بلذة الطاعة وحلاوة الإيمان , والفرح بتقديم الخير , حيث أن المؤمن هو الذي تسره حسنته وتسوءه سيئته .
3) التوبة من الذنوب الماضية من أعظم العلامات الدالة على رضى الله تعالى .
4) الخوف من عدم قبول الأعمال في هذا الشهر الكريم !!
5) الغيرة للدين والغضب إذا أنتُهكت حُرمات الله والعمل للإسلام بحرارة , وبذل الجهد والمال في الدعوة إلى الله .






أحوال الناس بعد رمضان
الناس بعد رمضان فريقان: فائزون وخاسرون، فيا ليت شعري من هذا الفائز منا فنهنيه؟ ومن هذا الخاسر فنعزيه؟!
حال الصالحين الفائزين
رحل رمضان ورحيله مر على الجميع، الفائزين والخاسرين، الرحيل مر على الفائزين؛ لأنهم فقدوا أياماً ممتعة، وليالي جميلة، نهارها صدقة وصيام، وليلها قراءة وقيام، نسيمها الذكر والدعاء، وطيبها الدموع والبكاء، شعروا بمرارة الفراق؛ فأرسلوا العبرات والآهات، كيف لا وهو شهر الرحمات، وتكفير السيئات، وإقالة العثرات؟! كيف لا والدعاء فيه مسموع، والضر مدفوع، والخير مجموع؟! كيف لا نبكي على رحيله ونحن لا نعلم أمن المقبولين نحن أم من المطرودين؟! كيف لا نبكي على رحيله -أيها الأحبة- ونحن لا ندري أيعود ونحن في الوجود أم في اللحود؟! الفائزون من خشية ربهم مشفقون! نعم.
هم فائزون ولكنهم من خشية ربهم مشفقون {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ} [المؤمنون:60] على رغم أنهم في نهاره في صيام وقراءة قرآن وإطعام وإحسان، وفي ليله سجود وركوع وبكاء وخشوع، وفي الغروب والأسحار تسبيح وتهليل وذكر واستغفار.
الفائزون شمروا عن سواعد الجد؛ فاجتهدوا واستغفروا وأنابوا ورجعوا، ما تركوا باباً من أبواب الخير إلا ولجوه، ولكن مع ذلك كله، قلوبهم وجلة خائفة بعد رمضان؛ أقبلت أعمالهم أم لا؟ أكانت خالصةً لله أم لا؟ أكانت على الوجه الذي ينبغي أم لا؟ كان السلف الصالح رضوان الله تعالى عليهم يحملون همّ قبول العمل أكثر من همّ القيام بالعمل نفسه، قال عبد العزيز بن أبي رواد: أدركتهم يجتهدون في العمل الصالح، فإذا فعلوا وقع عليهم الهم! أيقبل منهم أم لا؟ لا يغفلون عن رمضان، فإذا فعلوا وانتهوا يقع عليهم الهمّ أيقبل منهم أم لا؟ وقال علي رضي الله تعالى عنه: [كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا لقول الحق عز وجل: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنْ الْمُتَّقِينَ} [المائدة:27]] .
وقال مالك بن دينار: [الخوف على العمل ألا يتقبل أشد من العمل] .
وروي عن علي رضي الله تعالى عنه أنه كان ينادي في آخر رمضان: [يا ليت شعري من هذا المقبول فنهنيه؟ ومن هذا المحروم فنعزيه؟] .
وعن ابن مسعود أنه قال: [من هذا المقبول منا فنهنيه؟ ومن هذا المحروم منا فنعزيه؟] .
أيها المقبول هنيئاً لك! أيها المردود جبر الله مصيبتك!
ليت شعري من فيه يقبل منا فيهنى يا خيبة المردود
من تولى عنه بغير قبول أرغم الله أنفه بخزي شديد
فيا ليت شعري -أيها الأحبة- بعد هذه الأيام مَن مِنا أشغله هذا الهاجس وقد مضى نصف شهر على رحيل رمضان؟ من منا أشغله هاجس هل قبلت أعماله أم لا؟ هل نحن من الفائزين في رمضان أم لا؟! من منا لسانه يلهج بالدعاء أن يقبل الله منه رمضان؟! إننا نقرأ ونسمع أن سلفنا الصالح كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يقبل الله منهم رمضان، ونحن لم يمض على رحيله سوى أيام فهل دعونا أم لا؟ أم أننا نسينا رمضان وغفلنا عنه وكأننا أزحنا حملاً ثقيلاً كان جاثماً على صدورنا؟! نعم.
رحل رمضان، لكن ماذا استفدنا من رمضان؟ وأين آثاره على نفوسنا وسلوكنا وأقوالنا وأفعالنا؟ هكذا حال الصالحين العاملين، فهم في رمضان صيام وقيام، وتقلب في أعمال البر والإحسان، وبعد رمضان محاسبة للنفس، وتقدير للربح والخسران، وخوف من عدم قبول الأعمال، لذا فألسنتهم تلهج بالدعاء والإلحاح بأن يقبل الله منهم رمضان.
حال المفرطين الخاسرين
أما المفرطون -نعوذ بالله من حالهم- فهم نوعان: أناس قصروا فلم يعملوا إلا القليل، نعم.
صلوا التراويح والقيام سراعاً، فهم لم يقوموا إلا القليل، ولم يقرءوا من القرآن إلا القليل، ولم يقدموا من الصلوات إلا القليل، الصلوات المفروضة تشكو من تخريقها ونقرها، والصيام يئن من تجريحه وتضييعه، والقرآن يشكو من هجره ونثره، والصدقة ربما يتبعها مَنٌّ وأذى، الألسن يابسة من ذكر الله، غافلة عن الدعاء والاستغفار، فهم في صراع مع الشهوات حتى في رمضان، لكن فطرة الخير تجذبهم، فتغلبهم تارةً ويغلبونها تارات، فهم يصلون التراويح، لكن قلوبهم معلقة بالرياضة، ومشاهدة المباريات، ورمضان هذا العام يشهد بمثل ذلك.
سبحان الله! حتى في رمضان، حتى في العشر الأواخر وهي أفضل الأيام! سبحان الله! كيف أصبحت الرياضة تعبد من دون الله؟! -لا حول ولا قوة إلا بالله- هم يقرءون القرآن في النهار، لكنهم يصارعون النوم بعد ليالي من السهر والتعب والإرهاق من الدورات الرياضية والجلسات الفضائية، أما الصلاة: فصلاة الظهر عليها السلام، وربما العصر بل وربما الفجر؛ كل ذلك بسبب التعب والإرهاق -كما يقولون- فهؤلاء لم ينتبهوا إلا والحبيب يرحل عنهم؛ فتجرعوا مرارة الرحيل، بكاء وندماً، حزنوا، ولكن بعد ماذا؟ بعد فوات الأوان، بعد أن انقضت أفضل الأيام.
أما النوع الثاني من المفرطين فهم الخاسرون -نعوذ بالله من الخسران- فهناك من لم يقم رمضان، ولم يقرأ القرآن، وربما لم يصم في رمضان، فنهاره ليل وليله ويل، لا الأواخر عرفوها ولا ليلة القدر قدروها، فمتى يصلح من لا يصلح في رمضان؟! متى يصح من كان من داء الجهالة والغفلة مَرْضان؟! متى يزرع من فرط في وقت البذار، فلم يحصد غير الندم والخسار؟! مساكين هؤلاء! فاتهم رمضان وفاتهم خير رمضان؛ فأصابهم الحرمان وحلت عليهم الخيبة والخسران، قلوب خلت من التقوى فهي خراب بلقع، لا صيام ينفع ولا قيام يشفع، قلوب كالحجارة أو أشد قسوة، حالها في رمضان كحال أهل الشقوة، لا الشاب منهم ينتهي عن الصبوة، ولا الشيخ ينزجر فيلحق بالصفوة.
أيها الخاسر! رحل رمضان وهو يشهد عليك بالخسران؛ فأصبح لك خصماً يوم القيامة! رحل رمضان وهو يشهد عليك بهجر القرآن؛ فيا ويل من جعل خصمه القرآن وشهر رمضان! فيا من فرط في عمره وأضاعه! كيف ترجو الشفاعة؟ أتعتذر برحمة الله؟ أتقول لنا: إن الله غفور رحيم؟ نعم.
لكن {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنْ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف:56] العاملين بالأسباب الخائفين المشفقين.
سئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولا يشهد الجمعة والجماعات، فقال رضي الله تعالى عنه: [هو في النار] .
وفي صحيح ابن حبان عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، فقال: (آمين آمين آمين قيل: يا رسول الله! إنك صعدت المنبر فقلت: آمين.
آمين.
آمين.
قال: إن جبريل أتاني فقال: من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له؛ فدخل النار فأبعده الله -فكم هم أولئك المبعدين عن رحمة الله؟ - قل: آمين.
فقلت: آمين) إلى آخر الحديث.
فيا أيها الخاسر! نعم.
رحل رمضان وربما خسرت خسارةً عظيمة، ولكن الحمد لله، فما زال الباب مفتوحاً والخير مفسوحاً، وقبل غرغرة الروح، ابكِ على نفسك وأكثر النوح، وقل لها:
ترحل الشهر وا لهفاه وانصرما واختص بالفوز في الجنات من خدما
وأصبح الغافل المسكين منكسراً مثلي فيا ويحه يا عظم ما حرما
من فاته الزرع في وقت البذار فما تراه يحصد إلا الهم والندما
طوبى لمن كانت التقوى بضاعته في شهره وبحبل الله معتصما
يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 127.80 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 124.75 كيلو بايت... تم توفير 3.05 كيلو بايت...بمعدل (2.39%)]