|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#37
|
||||
|
||||
![]() ![]() الموافقات أبو إسحاق إبراهيم بن موسى بن محمد اللخمي الشاطبي الجزء الخامس الحلقة (207) صـ386 إلى صـ 395 [ ص: 386 ] وقد جاء عن عائشة أن امرأة سألتها عن قضاء الحائض الصوم دون الصلاة ، فقالت لها : أحرورية أنت ؟ إنكارا عليها السؤال عن مثل هذا . وقضى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجنين بغرة ، فقال الذي قضى عليه : كيف أغرم من لا شرب ، ولا أكل ، ولا شهق ، ولا استهل ، ومثل ذلك يطل ، فقال - عليه الصلاة والسلام - : إنما هذا من إخوان الكهان . [ ص: 387 ] وقال ربيعة لسعيد في مسألة عقل الأصابع حين عظم جرحها واشتدت مصيبتها : نقص عقلها ؟ فقال سعيد : أعراقي أنت ؟ فقلت : بل عالم متثبت ، أو جاهل متعلم ، فقال : هي السنة يابن أخي . وهذا كاف في كراهية كثرة السؤال في الجملة . فصل ويتبين من هذا أن لكراهية السؤال مواضع ، نذكر منها عشرة مواضع : أحدها : السؤال عما لا ينفع في الدين ، كسؤال عبد الله بن حذافة : من [ ص: 388 ] أبي ؟ وروي في التفسير أنه - عليه الصلاة والسلام - سئل : ما بال الهلال يبدو رقيقا كالخيط ، ثم لا يزال ينمو حتى يصير بدرا ، ثم ينقص إلى أن يصير كما كان ؟ فأنزل الله : يسألونك عن الأهلة الآية إلى قوله : وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها [ البقرة : 189 ] فإنما أجيب بما فيه من منافع الدين . والثاني : أن يسأل بعد ما بلغ من العلم حاجته ، كما سأل رجل عن الحج : أكل عام ؟ مع أن قوله تعالى : ولله على الناس حج البيت [ آل عمران : 97 ] قاض بظاهره أنه للأبد لإطلاقه ، ومثله سؤال بني إسرائيل بعد قوله : إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة [ البقرة : 67 ] . والثالث : السؤال من غير احتياج إليه في الوقت ، وكأن هذا - والله أعلم - خاص بما لم ينزل فيه حكم ، وعليه يدل قوله : ذروني ما تركتكم وقوله : وسكت عن أشياء رحمة لكم لا عن نسيان ، فلا تبحثوا عنها . [ ص: 389 ] والرابع : أن يسأل عن صعاب المسائل ، وشرارها ، كما جاء في النهي عن الأغلوطات . والخامس : أن يسأل عن علة الحكم ، وهو من قبيل التعبدات التي لا يعقل لها معنى ، أو السائل ممن لا يليق به ذلك السؤال كما في حديث قضاء الصوم دون الصلاة . والسادس : أن يبلغ بالسؤال إلى حد التكلف والتعمق ، وعلى ذلك يدل قوله تعالى : قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين [ ص : 86 ] ولما سأل الرجل : يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع ؟ قال عمر بن الخطاب : يا صاحب الحوض لا تخبرنا ، فإنا نرد على السباع ، وترد علينا ، الحديث . [ ص: 390 ] والسابع : أن يظهر من السؤال معارضة الكتاب والسنة بالرأي ، ولذلك قال سعيد : أعراقي أنت ؟ وقيل لمالك بن أنس : الرجل يكون عالما بالسنة ، أيجادل عنها ؟ قال : لا ، ولكن يخبر بالسنة ، فإن قبلت منه ، وإلا سكت . والثامن : السؤال عن المتشابهات ، وعلى ذلك يدل قوله تعالى : فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه الآية [ آل عمران : 7 ] . وعن عمر بن عبد العزيز : من جعل دينه غرضا للخصومات ، أسرع [ ص: 391 ] التنقل . ومن ذلك سؤال من سأل مالكا عن الاستواء ، فقال : الاستواء معلوم ، والكيفية مجهولة ، والسؤال عنه بدعة . والتاسع : السؤال عما شجر بين السلف الصالح ، وقد سئل عمر بن عبد العزيز عن قتال أهل صفين ، فقال : تلك دماء كف الله عنها يدي ، فلا أحب أن يلطخ بها لساني . [ ص: 392 ] والعاشر : سؤال التعنت والإفحام وطلب الغلبة في الخصام ، وفي القرآن في ذم نحو هذا : ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه وهو ألد الخصام [ البقرة : 204 ] . وقال : بل هم قوم خصمون [ الزخرف : 58 ] . وفي الحديث : أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم . هذه الجملة من المواضع التي يكره السؤال فيها ، يقاس عليها ما سواها ، وليس النهي فيها واحدا ، بل فيها ما تشتد كراهيته ، ومنها ما يخف ، ومنها ما يحرم ، ومنها ما يكون محل اجتهاد ، وعلى جملة منها يقع النهي عن الجدال في الدين ، كما جاء : " إن المراء في القرآن كفر " . وقال تعالى : وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم الآية [ الأنعام : 68 ] . وأشباه ذلك من الآي أو الأحاديث ، فالسؤال في مثل ذلك منهي عنه ، والجواب بحسبه . [ ص: 393 ] المسألة الثالثة ترك الاعتراض على الكبراء محمود ، كان المعترض فيه مما يفهم أولا يفهم . والدليل على ذلك أمور : أحدها : ما جاء في القرآن الكريم ، كقصة موسى مع الخضر ، واشتراطه عليه ألا يسأله عن شيء حتى يحدث له منه ذكرا ، فكان ما قصه الله تعالى من قوله : هذا فراق بيني وبينك [ الكهف : 78 ] وقول محمد - عليه الصلاة والسلام - : يرحم الله موسى ، لو صبر حتى يقص علينا من أخبارهما وإن كان إنما تكلم بلسان العلم ، فإن الخروج عن الشرط يوجب الخروج عن المشروط . وروي في الأخبار أن الملائكة لما قالوا : أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء [ البقرة : 30 ] [ ص: 394 ] الآية ، فرد الله عليهم بقوله : إني أعلم ما لا تعلمون [ البقرة : 30 ] أرسل الله عليهم نارا فأحرقتهم . وجاء في أشد من هذا اعتراض إبليس بقوله : أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين [ الأعراف : 12 ] فهو الذي كتب له به الشقاء إلى يوم الدين لاعتراضه على الحكيم الخبير ، وهو دليل في مسألتنا ، وقصة أصحاب البقرة من هذا القبيل أيضا ، حين تعنتوا في السؤال فشدد الله عليهم . والثاني : ما جاء في الأخبار كحديث : تعالوا أكتب لكم كتابا لن تضلوا [ ص: 395 ] بعده فاعترض في ذلك بعض الصحابة حتى أمرهم - عليه الصلاة والسلام - بالخروج ، ولم يكتب لهم شيئا . ![]()
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 3 ( الأعضاء 0 والزوار 3) | |
أدوات الموضوع | |
انواع عرض الموضوع | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |