النور جل جلاله وتقدست أسماؤه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مختارات من تفسير " من روائع البيان في سور القرآن" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 188 - عددالزوار : 111941 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 106 - عددالزوار : 67603 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 6203 )           »          الشباب والإصابات الروحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          من مائدة السيرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 2081 )           »          همسة حاضر في ذكرى غائب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          { ومأواهم النار } (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تفسير سورة الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          تسبيح الجمادات والمخلوقات غير العاقلة: حقيقة أم مجاز؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 24 )           »          العقل وواجب المحافظة عليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم اجعل كافة الأقسام مقروءة

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 17-11-2024, 01:28 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,173
الدولة : Egypt
افتراضي النور جل جلاله وتقدست أسماؤه

النُّورُ جل جلاله، وتقدست أسماؤه

الشيخ وحيد عبدالسلام بالي
عَنَاصِرُ الموْضُوعِ:
أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ ( النُّور ِ).

ثانيًا: وُرُودُهُ فِي القُرْآنِ الكَرِيمِ.

ثالثًا: مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى.

رابعًا: ثَمَرَاتُ الإيِمَانِ بهذا الاسْمِ.

خامسًا: المَعَانِي الإِيمَانِيَّةُ.

النِّيَّاتُ الَّتِي يُمْكِنُ أَنْ يَسْتَحْضِرَهَا الُمحَاضِرُ
قَبْلَ إِلْقَاءِ هَذِهِ الُمحَاضَرَةِ
أولًا: النِّيَّاتُ العَامَّةُ:
1- يَنْوي القيامَ بتبليغِ الناسِ شَيْئًا مِنْ دِينِ الله امْتِثَالًا لقولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: « بلِّغُوا عَني ولَوْ آيةً»؛ رواه البخاري.

2- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ مَجْلِسِ العِلْمِ [1].

3- رَجَاءَ أَنْ يَرْجِعَ مِنْ مَجْلِسِه ذلك مَغْفُورًا لَهُ [2].

4- يَنْوِي تَكْثِيرَ سَوَادِ المسْلِمِينَ والالتقاءَ بِعِبادِ الله المؤْمِنينَ.

5- يَنْوِي الاعْتِكَافَ فِي المسْجِدِ مُدةَ المحاضرة ـ عِنْدَ مَنْ يَرَى جَوَازَ ذَلِكَ مِنَ الفُقَهَاءِ ـ لَأَنَّ الاعْتِكَافَ هو الانْقِطَاعُ مُدَّةً للهِ في بيتِ الله.

6- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى أَجْرِ الخُطُوَاتِ إلى المسْجِدِ الذي سَيُلْقِي فيه المحَاضَرَةَ [3].

7- رَجَاءَ الحُصُولِ عَلَى ثَوَابِ انْتِظَارِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، إذا كانَ سَيُلْقِي مُحَاضَرَتَه مثلًا مِنَ المغْرِبِ إلى العِشَاءِ، أَوْ مِنَ العَصْرِ إِلَى الَمغْرِبِ [4].

8- رَجَاءَ أَنْ يَهْدِي اللهُ بسببِ مُحَاضَرَتِه رَجُلًا، فَيَأْخُذَ مِثْلَ أَجْرِهِ [5].

9- يَنْوِي إرْشَادَ السَّائِليِنَ، وتَعْلِيمَ المحْتَاجِينَ، مِنْ خِلَالِ الرَّدِّ عَلَى أَسْئِلَةِ المسْتَفْتِينَ [6].

10- يَنْوِي القِيَامَ بِوَاجِبِ الأمرِ بالمعروفِ، وَالنهيِ عَنِ الُمنْكَرِ ـ بالحِكْمَةِ والموعظةِ الحسنةِ ـ إِنْ وُجِدَ مَا يَقْتَضِي ذلك (4).

11- يَنْوِي طَلَبَ النَّضْرَةِ الَمذْكُورَةِ فِي قولِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: « نَضَّرَ اللهُ عَبْدًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا وَحَفِظَهَا، ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْها»؛ رواه أحمدُ والتِّرْمِذِيُّ وصَحَّحَهُ الألبانيُّ في صحيحِ الجامعِ (6766).

ثُمَّ قَدْ يَفْتَحِ اللهُ عَلَى الُمحَاضِرِ بِنِيَّات صَالِحَةٍ أُخْرَى فَيَتَضَاعَفُ أَجْرُه لقولِ النبي صلى الله عليه وسلم: « إنما لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى»؛ مُتَّفَقٌ عَلَيه.

ثانيًا: النِّيَّاتُ الخَاصَّةُ:
1- تَعْرِيفُ المُسْلِمِينَ بِمَعَانِي اسْمِ ( النُّورِ ).

2- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى طَلَبِ الهِدَايَةِ فَمَنْ يَمْلِكُ الِهدَايَةَ وَالتَّوْفِيقَ.

3- تَنْوِي أَنْ تُرْشِدَ المُسْلِمِينَ إِلَى الالْتِجَاءِ إِلَى النُّورِ الحَقِيقِيِّ.

4- تَنْوِي حَثَّ المُسْلِمِينَ عَلَى الطَّاعَاتِ الَّتِي تُنَوِّرُ القُلُوبَ.

أولًا: الدِّلاَلاَتُ اللُّغَوِيَّةُ لاسْمِ ( النُّورِ ) [7]
النُّورُ: الضِّيَاءُ، وَالجَمْعُ أَنْوَارٌ.

وَأَنارَ الشَّيءَ وَاسْتَنَارَ بِمَعْنَى، أَيْ: أَضَاءَ.

التَّنْوِيرُ: الإِنَارَةُ، وَالتَّنْوِيرُ: الإِسْفَارُ.

وَالنَّوْرُ: نَورُ النَّبَاتِ وَزَهْرُهُ.

وَالنُّورُ أَيْضًا: النَّفَرُ مِنَ الظِّبَاءِ، وَنِسْوَةٌ نُورٌ، أَيْ: نُفَّرٌ مِنَ الرِّيبَةِ [8].

ثانيًا: وُرُودُهُ فِي القُرْآَنِ الكَرِيمِ
وَرَدَ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35].

ثَالثًا: مَعْنَى الاسْمِ فِي حَقِّ الله تَعَالَى:
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: « يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35]: هَادِي مَن فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ، فَهُمْ بِنُورِهِ إِلَى الحَقِّ يَهْتَدُونَ، وَبِهُدَاهُ مِنْ حَيْرَةِ الضَّلَالَةِ يَعْتَصِمُونَ ».

ثُمَّ نَقَلَ أَقْوَالَ المُفَسِّرِينَ فِي الآَيَةِ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ إِنَّ مَعْنَاهَا: اللهُ مُدَبِّرُ السَّمَاوَات وَالأَرْضِ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: ضِيَاءُ السَّمَاوَات وَالأَرْضِ[9].

ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: « وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا القَوْلَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي ذَلِكَ ؛ لَأَنَّهُ عُقَيْبَ قَوْلِهِ: ﴿ وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ آيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [النور: 34]، فَكَانَ ذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ خَبَرًا عَنْ مَوْقِعٍ يَقَعُ تَنْزِيلُهُ مِنْ خَلْقِهِ، وَمِنْ مَدْحِ مَا ابْتَدَأَ بِذِكْرِ مَدْحِهِ أَوْلَى وَأَشْبَهُ، مَا لَمْ يَأْتِ مَا يَدَلُّ عَلَى انْقِضَاءِ الخَبَرِ عَنْهُ مِنْ غَيْرِهِ.

فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فَتَأْوِيلُ الكَلَامِ: وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ آَيَاتٍ مُبَيِّنَاتٍ الحَقَّ مِنَ البَاطِلِ وَمَثَلًا مِنَ الَّذِينَ خَلَوا مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ، فَهَدَيْنَاكُمْ بِهَا وَبَيَّنَّا لَكُمْ مَعَالِمَ دِينِكُمْ بِهَا ؛ لَأَنِّي هَادِي أَهْلَ السَّمَاوَات وَأَهْلِ الأَرْضِ.

وَتَرَكَ وَصْلَ الكَلَامِ بِاللَّامِ وَابْتَدَأَ الخَبَرَ عَنْ هِدَايَةِ خَلْقِهِ ابْتَدَاءً، وَفِيهِ المَعْنَى الَّذِي ذَكَرْتُ اسْتِغْنَاءً بِدَلَالَةِ الكَلَامِ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِهِ، ثُمَّ ابْتَدَأَ فِي الخَبَرِ عَنْ مَثَلِ هِدَايَتِهِ خَلْقِهِ بِالآَيَاتِ المُبَيِّنَاتِ الَّتِي أَنْزَلَهَا إِلَيْهِمْ فَقَالَ: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35][10].

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: « اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِ الله تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35]، فَقَالَ بَعْضُهُم: اللهُ ذُو نُورِ السَّمَاوَات وَالأَرْضِ، يُرِيدُ: أَنَّهُ خَالِقُ هَذَا النُّورِ الَّذِي فِي الكَوَاكِبِ كُلِّهَا، لَا أَنَّهُ ضِيَاءٌ لَهَا وَأَنْوَارٌ لَأَجْسَامِهَا! بَلْ أَنْوَارُ تَنْفَصِلُ مِنْ أَنْوَارِ الله تَعَالَى.

وَيُقَالُ: إِنَّ حَوْلَ العَرْشِ أَنْوَارٌ لَوِ انْفَصَلَتْ مِنْهَا شَرَارَةُ عَلَى الأَرْضِ لَاحْتَرَقَتْ الأَرْضُ وَمَنْ عَلَيْهَا!

وَقَالَ بَعْضُهُم: بَلْ مَعْنَى قَوْلِهِ: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35]، أَيْ: أَنَّهُ بِمَا بَيَّنَ وَأَوْضَحَ بِحُجَجِهِ وَبَرَاهِينِ وَحْدَانِيَّتِهِ نُورُ السَّمَاوَات وَالأَرْضِ.

فَتَقْدِيرُ الكَلَامِ عَلَى هَذَا: مَعْرِفَةُ الله: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35]، أَوْ أَدِلَّتُهُ: نُورُهَا، أَوْ بَرَاهِينُهُ، لَا يَجُوزُ غَيْرُ هَذَا!! » [11].

وَقَالَ تِلْمِيذُهُ الزَّجَّاجِيُّ: « ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 35]؛ أَيْ: يَهْتَدِي بِنُورِهِ مَنْ فِي السَّمَاوَات وَمَنْ فِي الأَرْضِ، أَيْ: بِآَيَاتِهِ وَأَعْلَامِهِ الدَّالَّةُ عَلَيْهِ، وَالبَرَاهِينِ الوَاضِحَةِ النَّيِّرَةِ، يَهْتَدِي أَهْلُ السَّمَاوَات وَالأَرْضِ إِلَى تَوْحِيدِهِ، وَالإقْرَارِ بِرُبُوبِيَّتِهِ، وَتَنْزِيهِهِ مِنَ الأَنْدَادِ وَالأَمْثَالِ ﻷ [12].

وَقَالَ الخَطَّابِيُّ: « ( النُّورُ ) هُوَ الَّذِي بِنُورِهِ يُبْصِرُ ذُو العَمَايةِ، وَبِهِدَايَتِهِ يُرْشَدُ ذُو الغُوَايَةِ، وَعَلَى مِثْلِ هَذَا يَتَأَوَّلُ قَوْلُهُ تعالى: ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [النور: 35]؛ أَيْ: مِنْهُ نُورُ السَّمَاوَات وَالأَرْضِ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ اللهَ تَعَالَى نُورٌ مِنَ الأَنْوَارِ، وَأَنْ يُعْتَقَدَ ذَلِكَ فِيهِ سُبْحَانَهُ!! فَإِنَّ النُّورَ تُضَادُّه الظُلْمَةُ، وَتُعَاقِبُهُ فَتُزِيلُهُ، وَتَعَالَى اللهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ ضِدٌّ أَوْ نِدٌّ! [13]، وَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: ذَا النُّورِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ النُّورُ صِفَةَ ذَاتٍ لَهُ! كَمَا يَصِحُّ ذَلِكَ مِنِ اسْمِ السَّلَامِ إِذَا قُلْنَا إِنَّهُ: ذُو السَّلَامِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ صِفَةَ فعلٍ عَلَى مَعْنَى إِضَافَةِ الفِعْلِ إِلَيْهِ، إِذْ هُوَ خَالِقُ النُّورِ وَمُوجِدُهُ » [14].

وَقَالَ الحُلَيْمِي: « وَهُوَ الهَادِيِ لَا يَعْلَمُ العِبَادُ إِلَّا مَا عَلَّمَهُم، وَلَا يُدْرِكُونَ إِلَّا مَا سَهَّلَ [15] لَهُمْ إِدْرَاكَهُ، فَالَحوَاسُّ وَالعَقْلُ فِطْرَتُهُ وَخَلْقُهُ وَعَطِيَّتُهُ » [16].

وَقَالَ البَيْهَقِيُّ: « ( النُّورُ ) هُوَ الهَادِي، وَقِيلَ المُنَوِّرُ، وَهُوَ مِنْ صِفَاتِ فِعْلِهِ، وَقِيلِ: هُوَ الحَقُّ، وَقِيلَ: هُوَ الَّذِي لَا يَخْفَى عَلَى أَوْلِيَائِهِ بِالدَّلِيلِ وَتَصِحُّ رَؤْيَتُهُ بِالأَبْصَارِ.

وَهَذِهِ صِفَةٌ يَسْتَحِقُّهَا البَارِي تَعَالَى بِذَاتِهِ [17].

وَقَالَ فِي الَمقْصِدِ: « ( النُّورُ ) هُوَ الظَّاهِرُ الَّذِي بِهِ كُلُّ ظُهُورٍ، فَإِنَّ الظَّاهِرَ فِي نَفْسِهِ المُظْهِرَ لِغَيْرِهِ يُسَمَّى نُورًا » [18].

وَقَالَ ابْنُ العَربِيِّ مُلَخِّصًا الأَقْوَالَ فِي بَيَانِ مَعْنَى الاسْمِ: « وَقَدِ اخْتَلَفَ النَّاسُ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِم بِالنُّورِ فِي وَصْفِ الخَالِقِ سُبْحَانَهُ بِأَنَّهُ ( نُورُ ) عَلَى سِتَّةِ أَقْوَالٍ:
الأَوَّلِ: مَعْنَاهُ: هَادِي، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.

الثَّانِي: مَعْنَاهُ: مُنَوِّرُ، قَالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وَرُوِيَ أَنَّ فِي مُصحَفِهِ ( مُنَوِّرُ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ).

الثَّالِثِ: أَنَّهُ مُزَيِّنُ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَعْنَى مُنَوِّرٍ، قَالَهُ أُبَيٌّ بْنُ كَعْبٍ.

الرَّابِعِ: أَنَّهُ ظَاهِرٌ.

الخَامِسِ: أَنَّهُ ذُو النُّورِ.

السَّادِسُ: أَنَّهُ نُورٌ لَا كَالأَنْوَارِ، قَالَهُ الشَّيخُ أَبُو الحَسَنِ الأَشْعَرِيُّ.

قَالَ: وَقَالَتِ المُعْتَزِلَةُ: لَا يُقَالُ: إِنَّهُ نُورٌ إِلَّا بِالإِضَافَةِ، قَالَ: والصَّحِيحُ عِنْدَنَا أَنَّهُ نُورٌ لَا كَالأَنْوَارِ؛ لَأَنَّهُ الحَقِيقَةُ وَالعُدُولُ عَنِ الحَقِيقَةِ إِلَى نُورِ هَادِي، أَوْ مُنورٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، مَجَازٌ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ لَا يَصِحُّ! وَلَأَنَّ الأَثَرَ يُعَضِّدُهُ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عَلَى هَذِهِ صِفَةَ ذَاتٍ، وَيَصِحُّ أَنْ يَكُونَ صِفَةَ فِعْلٍ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ ظَاهِرٌ، إِذْ رُوحُ النُّورِ: البَيَانُ وَالظُّهُورُ» [19].

وَقَالَ السَّعْدِيُّ: «(النُّورُ): نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ، الَّذِي نَوَّرَ قُلُوبَ العَارِفِينَ بِمَعْرِفَتِهِ وَالإِيمَانِ بِهِ، وَنَوَّرَ أَفْئِدَتَهُمْ بِهِدَايَتِهِ، وَهُوَ الَّذِي أَنَارَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ بِالأَنْوَارِ الَّتِي وَضَعَهَا، وَحِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بِصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ » [20].

وَقَالَ ابْنُ القَيِّمِ:
والنُّورُ مِنْ أَسْمَائِهِ أَيْضًا وَمِنْ
أَوْصَافِهِ سُبْحَانَ ذِي البُرْهَانِ
قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ كَلَامًا قَدْ حَكَا
هُ الدَّارِمِيُّ عَنْهُ بِلَا نُكْرَانٍ[21]
مَا عِنْدَهَ لَيْلٌ يَكُونُ وَلَا نَهَا
رٌ قُلْتُ تَحْتَ الفُلْكِ يُوجَدُ ذَانِ
نُورُ السَّمَاوَاتِ العُلَى مِنْ نُورِهِ
وَالأَرْضِ كَيْفَ النَّجْمُ وَالقَمَرَانِ
مِن نُورِ وَجْهِ الرَّبِّ جل جلاله
وَكَذَا حَكَاهُ الحَافِظُ الطَّبَرَانِي
فَبِهِ استَنَارَ العَرْشُ وَالكُرْسِيُّ مَعَ
سَبْعِ الطِّباقِ وَسَائِرِ الأَكْوَانِ
وَكِتَابُهُ نُورٌ كَذَلِكَ شَرْعُهُ
نُورٌ كَذَا المَبْعُوثُ بِالفُرْقَانِ
وَكَذَلِكَ الإِيمَانُ فِي قَلْبِ الفَتَى
نُورٌ عَلَى نُورٍ مَعَ القُرْآَنِ
وَحِجَابُهُ نُورٌ فَلَوْ كَشَفَ الِحجَا
بَ لأحْرَقَ السُّبُحَاتُ لِلأَكْوَانِ
وَإِذَا أَتَى لِلفَصْلِ يُشْرِقُ نُورُه
فِي الأَرْضِ يَوْمَ قِيَامَةِ الأَبْدَانِ



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 165.92 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 164.24 كيلو بايت... تم توفير 1.68 كيلو بايت...بمعدل (1.01%)]