|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() في الحث على الزواج الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمد لله نحمدُه، ونستعينُه ونستهدِيه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شُرور أنفُسِنا وسيِّئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مُضلَّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، خَلَقَ الخلق لعِبادته، وجعل الذَّكَر والأنثى لعمارة هذه الحياة، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله، حثَّ على الزواج، وخصَّ الشباب وقال: ((إني مُكاثِرٌ بكم الأمم))[1]. صلَّى الله عليه وعلى آله وصحابته، الممتَثِلين لأوامره، والمجتَنِبين لنواهيه، وسلَّم تسليمًا كثيرًا. أمَّا بعدُ: فيا عباد الله: اتَّقوا الله - تعالى - وتوبوا إليه، واعلَموا أنَّ دِيننا دينُ السعادة في الدنيا والآخِرة، وفي هذه الأيام تَزداد السعادة بمناسبة كثْرة الزواج، لتفرُّغ الشباب من الذكور والإناث، وفي ذلك زيادةٌ للترابُط بين الأسرة والأفراد، وظهور حكمة الله - جلَّ وعلا - حيث جعل الذكر والأنثى، وأمر الجميع بالتقوى؛ فقال - سبحانه وتعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1]. وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]. وحثَّ نبيُّنا - صلوات الله وسلامُه عليه - على الزواج فقال: ((يا معشر الشباب، مَن استطاع منكم الباءَةَ فليتزوج؛ فإنَّه أغضُّ للبصر وأحصن للفرج، ومَن لم يستَطِع فعليه بالصوم فعليه بالصوم؛ فإنَّه له وجاء))[2]. وفي هذا حثٌّ لحصول المقصود من الزواج، وإسعادٌ للفرد والمجتمع، وصيانة لهٌ عن الوقوع في الرذيلة، وتقرُّبًا إلى الله بالامتثال لأوامره، واجتناب نواهيه، وهذا من محاسن دِيننا الإسلامي الذي رفَع وصان المجتمع، وربَط بين أفراده بروابط وثيقة أولاها العقيدة، وهي الأصل، فما دامت العقيدة ثابتة فبقيَّة الروابط ثابتة، ومتى اختلَّت العقيدة أو دخلها شيء من الخلل أو المؤثرات، تأثَّرت الروابط والعلاقات بقدر ما أصاب العقيدة، فالمسلم في المشرق هو أخ المسلم في المغرب، وفي بقيَّة الجهات، يتألَّم لآلامه، ويسرُّ لسروره، لا فرق بين عربي ولا عجمي، ولا أبيض ولا أسود إلا بالتقوى، والكافر عدوُّ المسلم ولو كان أقرب قريبٍ له. فيا عبادَ الله: اشكروا الله على نعمة الإسلام، وعلى هذا الرباط والتقارب والتعاون، واستعينوا بنِعَمِ الله على شكره وطاعته، واحرِصوا على تزويج صاحب الدِّين، كما أمرنا بذلك نبينا - صلوات الله وسلامُه عليه - واحذروا من الاغترار بالمظاهر، والجشع في المطالب، والإسراف في نفقات الزواج؛ فإنَّ ذلك ليس من المكرمات، وإنما هو من إثقال الكواهل، فإذا حرص الزوج على ذات الدِّين، وحرص الوليُّ على صاحب الدِّين - وُفِّقَ الجميع، وسعد الزوجان، وعاشت الأسر مترابطةً ومتآلفةً ومتواصلةً، ونشأ الأولاد نشأةً صالحة، في جوٍّ تغمره المحبَّة والأنس، أمَّا مَن كانت نيَّته الدنيا وزخارفها، والمظاهر البرَّاقة، والقشور الخلاَّبة، فغالبًا ما تكون حياته وحياة أسرته جحيمًا لا يُطاق. وشِقاقُ ونزاع وتشتُّت الأسرِ وفساد أولادها يكون للأولياء النصيبُ الأوفرُ من عقوبات تلك الأعمال، حيث كانوا السبب الأول في وجودها لسوء مقاصدهم ونيَّاتهم. فيا أولياء النساء: اتَّقوا الله في مولياتكم، اختاروا لهنَّ الأكفأ في الدِّين، والأخلق لترتاحوا وتسلموا من عقوبات التفريط والطمع. ويا شباب الإسلام: أصلِحُوا بواطنكم وظواهركم بالتحلِّي بأخلاق الإسلام، والتِزام طاعة الله، والبُعد عن مَعاصِيه لتوضع الثقة فيكم، وتودعوا الأمانات، ولا تلقوا اللوم على أولياء الأمانات، فأنتم حيث تضعون أنفسكم، فاختاروا لها الفضلَ تُفلِحوا، واستقيموا، فإنَّ سعادة الدارين في طاعة الله، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والواقع يشهد لذلك، فالمستقيم على طاعة الله دائمًا مسرورٌ حتى مع الضراء؛ لما لديه من إيمانٍ صادق واحتسابٍ لما عند الله، أمَّا العاصي فحياته حياة شَقاء في سرَّائه وضرَّائه، فسروره مَشُوبٌ بالأكدار، ودائمًا في قلقٍ وانزعاج، يَفزَعُ لأدنى سبب، قد أوحشَتْه ذُنوبُه في دُنياه وأُخراه؛ لقلَّة أعماله الصالحة، وضعْف إيمانه. فليُحاسِب العبد نفسَه ما دام في زمن المهلة، وفي دار العمل، والكيِّس مَن دانَ نفسه وعمل لما بعد الموت. فاتَّقوا الله - يا عبادَ الله - في أنفسكم، وفيمَن تحت أيديكم من الأهل والأولاد، واعرضوا ما أنتم عليه على ما جاء من ربكم على لسان نبيِّكم، فما وافَق ذلك فدوموا عليه، وازدادوا خيرًا إلى خيركم، وما خالَف ذلك فصحِّحوا أخطاءكم، وأصلحوا ما وهي من أعمالكم، واعلموا أنَّ الله - سبحانه وتعالى - لا تخفى عليه خافيةٌ، وسيجازي كلاًّ بعمله؛ إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًا فشر؛ ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7-8]. اللهم أصلح لنا دِيننا الذي هو عِصمة أمرنا، ودُنيانا التي فيها معاشنا، وآخرتنا التي إليها معادنا. بارَك الله لي ولكم في القُرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وتاب عليَّ وعليكم، إنَّه هو التواب الرحيم. أقول هذا وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائر المسلمين من كلِّ ذنبٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. واعلَموا أنَّ الله - جلَّ وعلا - قد أنعَمَ علينا بنعم كثيرة، وهيَّأ لنا مناسبات سعيدة؛ من ذلك كثرة التزاوج، وارتباط الأسر، وهذه سنَّة الله في خلقه، ولكنْ يبقى أنْ نتفقَّد ما يحصل في بعض هذه المناسبات من منكر؛ كاختلاط الرجال بالنساء في بعض الأماكن، والتبرُّج والسفور، وعرض الزوجة والزوج على الحاضرين، وأخْذ الصُّوَر، وإحضار المغنين وآلات الطرب، وعمل الولائم المتفاخرة فيها والتي قد لا يُؤكَل إلا القليل منها، والكثير يُرمَى في الأماكن القَذِرة، فكلُّ ذلك من المحرَّمات والمنكرات التي لا تقرُّ، وتخشى العُقوبات بأسبابها، فينبغي علينا أنْ نكون دُعاةَ خيرٍ وإصلاح، وألاَّ نقرَّ المنكر بين أظهُرِنا، وأنْ نعالج أمراض مجتمعنا بحكمةٍ ورويَّة، وأنْ نسلُك في ذلك الطرق المستقيمة، ونأخُذ بالوسائل السليمة، ونُشعِر الجميع بأنَّنا في سفينةٍ واحدة، وما يضرُّ بها يضرُّ الجميع؛ حتى تحصل القناعة ويتمَّ المقصود. [1] أبو داود (2050). [2] البخاري: (5065) - الفتح: 9/8، مسلم [1، 2 - (1400)].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |