|
من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() أمي العزيزة.. رحمها الله د. سعد الله المحمدي رحلت والدتي الكريمة، وريحانة قلبي، التي أرهقتها الأمراض والأسقام، وأتعبتها الأوجاع والآلام، رحلت بروحها الطاهرة إلى ربها وبارئها، ونادى منادي البين أن تلاقيا، وأنها لن تعود، ولن تراها، ولن تسمع صوتها الجميل "يا ولدي" بعد اليوم. وما انسدت الدنيا عليَّ لضيقها *** ولكن طـــرفًا لا أراكِ به أعـــمى فأصبحت أستسقي الغمام لقبرها *** وقد كنت أستسقي الوغى والقنا الصُّمَّا فقدت التاج، والكنز الحقيقي، والقلب الحنون، والحب الصادق، وبقيت بلا حصانة، بلا أمان، محرومًا من الدعاء الذي كان يلازمني في جوف الليل: يا إلهي، يا إلهي، يا إلهي. وما كنت جربت النوى قبل هذه *** فلما دهتني كدت أقضي من الحزنِ والدتي، كانت مدرستي الأولى والأخيرة، وسعادتي وبهجتي وسروري في الحياة، باذلة للخير والإحسان، معروفة بالرحمة والشفقة على الفقراء والأطفال، ومثالًا للتوكل على الله، كانت تعرف أنها مصابة بالسرطان ولكنها صابرة محتسبة، لا يفارق التسبيح والتهليل والتكبير مُحيَّاها ليل نهار، ولا يفارقها المصحف حتى على الأسِرَّةِ البيضاء في المراكز الطبية. الأم أستاذ الأساتذة الأولى *** شغلت مآثرهم مــدى الآفاقِ وآبي على الأحزان إلا تجلدًا *** ويأبى عليَّ الحزن إلا تصرما والدتي الكريمة رحمكِ الله، أعطيتِني أعذب الحب وأصفاه وأحلى الحنان وأدفأه، وأصبحت بعدكِ مكسور الجناح، محرومًا من ظلِّكِ الوارف، وكم كانت أول ليلة في فراقكِ طويلة وثقيلة، مؤلمة ومفجعة، قضيتها بعيدًا عن نبعكِ الصافي وقلبكِ الكبير، وخارج حصون دعواتكِ وابتهالاتكِ! لقد خيم الحزن على الجميع، حاولت أخذ غفوة مع كثرة الإرهاق والتعب، ولكن أنَّى للعين أن تغمض، وأنى للدمع أن يجف، وأنى للعبرة أن تفارق الأجفان؟ ألم الفراق نفى الرقـــاد ونفَّرا *** فلذاك جَفني لا يلائمه الكـرى أماه، كنت أظن أنني وأشقائي الأكثر وجعًا وألمًا وحزنًا وكمدًا على فراقكِ، وأننا أبناؤكِ فقط، لكنني أبشركِ يا أماه أن لكِ أبناء في الشرق والغرب والشمال والجنوب بكَوا لفراقكِ، وتألموا لوفاتكِ، وواسوني بقلوبهم قبل دموعهم. لن أنسى حزنهم وألمهم. لن أنسى دعواتهم الصادقة، ومشاعرهم القلبية. لن أنسى مبادرتهم من كل مكان للمشاركة في جنازتكِ وتوديعكِ، وحمل نعشكِ على أكتافهم الطاهرة وأياديهم المتوضئة. كنتِ أمًّا للعشرات بل المئات والآلاف من الشباب الصادقين الصالحين، الذين يدعون لك بظهر الغيب، ويذكرونك في مناجاتهم وصلاتهم ودعائهم. لن أنسى إخواني وأحبائي ودموع الحزن تنهمر على وجوههم المضيئة بالإيمان والتقوى، إنهم شاركوني الآلام وتقاسموا معي الأحزان. لن أنسى جموع المشيعين والاتصالات والمكالمات، ورسائل التعزية والمواساة التي انهالت على أبنائكِ وأحفادكِ من كل مكان، ليقولوا بصوت واحد: رحم الله أمنا العزيزة أم سعد. هذا الفراق وهكذا التوديع *** مما يقد به حشا وضلوع أماه، أسأل الله تعالى أن يبرد قلبكِ الطاهر وروحكِ النقي ببرد الجنان؛ فمرض السرطان قد أكل جسمكِ، وشدة جرعات الكيماوي نالت من قوتكِ، وأنت صابرة محتسبة مؤمنة بقضاء الله وقدره، عيناكِ تفيضان بالأمل وتمتلأن نورًا وضياءً، وتتظاهرين بالصحة، وكلماتكِ الجميلة لا زالت ترن في أذني: لا تقلق يا ولدي؛ فأنا بخير وأتحسن، ولله الحمد. عزائي أنكِ كنتِ صابرة راضية بقضاء الله وقدره، لم يفارق التسبيح شفتيكِ، ولم يزل لسانكِ رطبًا بالأذكار والاستغفار والحمد والثناء على الرحمن في كل وقت، وأنكِ قدمتِ على ربكِ الكريم الرحيم ليلة الجمعة 24 رجب 1441هـ، وقبل انتشار الكورونا الذي اجتاح العالم وفرقه، فرحمكِ الله رحمة واسعة، وأسكنكِ فسيح جناته. فوا أسفا ألَّا أكب مقبِّلًا ![]() لرأسكِ والصدر الذي مُلئا حزما ![]() وألَّا ألاقيِ روحكِ الطيب الذي ![]() كأن ذكي المسك كان له جسما ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |