نفحة من بغداد: عالم يحاسِب نفسه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4856 - عددالزوار : 1804103 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4423 - عددالزوار : 1161081 )           »          منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 359 - عددالزوار : 114928 )           »          الموسوعة التاريخية ___ متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 149 - عددالزوار : 15451 )           »          الوصايا النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 4158 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 101 - عددالزوار : 63932 )           »          تغيير الشيب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 43 )           »          السِّواك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          تأخير الصلاة عن أول وقتها بسبب العمل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          آداب السفر للحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 28-04-2025, 09:56 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,070
الدولة : Egypt
افتراضي نفحة من بغداد: عالم يحاسِب نفسه

نفحة من بغداد: عالم يحاسِب نفسه






بقلم عبد الحكيم الأنيس
وُلد في بغداد، ونشأ فيها، وأصبح مِن أبرز علمائها، وكان من أذكياء العالم، وهو صاحب كتاب(الفنون) من أكبر الموسوعات العلمية في تاريخ الإسلام.
إنه الإمام الكبير أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي الظَّفري الحنبلي المولود سنة431، والمتوفى سنة 513هـ.
قال ابنُ الجوزي: (وكان له الخاطر العاطر، والبحث عن الغامض والدقائق، وجعل كتابَه المسمّى بـ "الفنون" مناطًا لخواطره وواقعاته. ومَنْ تأمل واقعاته فيه عرف غورَ الرجل).
وفي لحظة من لحظات الخلوة بالنفس حيث يُراجع الإنسانُ ماضيه وعمله، وينظر موقع قدميه نادى ابنُ عقيل نفسه نداء من أعجب النداءات، نداءً في كل واحد منا حاجةٌ ماسة دائمة إليه.
هذا النداء نقله لنا ابنُ الجوزي رحمه الله وقد أعجبه ووافق ما في قلبه إذ يقول:
( وقد كنتُ أرجو مقامات الكبار، فذهبَ العمرُ وما حصلَ المقصودُ، فوجدتُ أبا الوفاء ابن عقيل قد ناحَ نحو ما نحتُ، فأعجبتني نياحتُه فكتبتُها ههنا).
أقول: ومن الراجح أنه نقلها من كتاب (الفنون)، وكان قد وقف على 150 مجلداً منه، واختصره في 10 مجلدات وزَّعها في تصانيفه.
وهذا هو النداء والنياحة المذكورة:
قال ابنُ عقيل لنفسه:
(يا رعناء تقوِّمين الألفاظ ليُقالَ مناظِر . و ثمرةُ هذا أنْ يُقالَ : يا مناظِر .
كما يُقال للمصارِع: الفارِه .
ضيعتِ أعزَّ الأشياء و أنفسَها عند العقلاء ، و هي أيام العمر حتى شاع لك بين مَنْ يموت غداً اسمُ مناظر .
ثم يُنسى الذاكرُ و المذكورُ إذا درَست القلوب .
هذا إنْ تأخر الأمرُ إلى موتكِ ، بل ربَّما نشأ شابٌّ أفرهُ منكِ فموَّهوا له و صار الاسمُ له .
و العقلاءُ عن الله تشاغلوا بما ـ إذا انطووا ـ نشَرَهُم ، و هو العملُ بالعلم ، و النظرُ الخالصُ لنفوسهم .
أفٍّ لنفسي و قد سطَّرتْ عدة مجلدات في فنون العلوم ، و ما عبَقَ بها فضيلة .
إنْ نُوظرتْ شمختْ ، و إنْ نُوصحتْ تَعجرفتْ ، و إنْ لاحتْ الدنيا طارتْ إليها طيران الرَّخم ، و سقطتْ عليها سقوطَ الغراب على الجِيَف .
فليتها أخذتْ أخذَ المضطرِّ من الميتة.
توفِّرُ في المخالطة عيوباً تبلى، و لا تحتشمُ نظرَ الحق إليها .

و إنْ انكسرَ لها غرضٌ تضجَّرتْ ، فإنْ أُمدت بالنِّعم اشتغلتْ عن المُنْعم .

أفٍّ و اللهِ مني اليومَ على وجه الأرض و غداً تحتَها .
و اللهِ إنَّ نَتْنَ جسدي بعد ثلاث تحتَ التراب أقلُّ مِن نَتْنِ خلائقي و أنابين الأصحاب .
و الله إنَّني قد بهرني حلمُ هذا الكريم عني كيف يسترُني و أنا أتهتَّك ، و يجمعُني و أنا أتشتَّت .
و غداً يُقال : مات الحَبْرُ العالِمُ الصالِحُ ، و لو عرفوني حقَّ معرفتي بنفسي ما دفنوني .
و الله لأنادينَّ على نفسي نداءَ المكشِّفين معائبَ الأعداء .
و لأنوحنَّ نوحَ الثاكلين للأبناء إذ لا نائحَ لي ينوحُ علي لهذه المصائبِ المكتومة ، و الخلالِ المُغطَّاة التي قد سترها مَنْ خبرها ، و غطاها مَنْ علمها .
و الله ما أجدُ لنفسي خَلَّةً أستحسنُ أنْ أقولَ متوسِّلاً بها : اللهم اغفرْ لي كذا بكذا .
و الله ما التفتُّ قط إلا وجدتُ منه سبحانه براً يكفيني ، و وقايةً تحميني ، مع تسلُّط الأعداء .
و لا عرضتْ لي حاجةٌ فمددتُ يدي إلا قضاها .
هذا فعلُه معي ، و هو ربٌّ غني عنّي ، و هذا فعلي و أنا عبدٌ فقيرٌ إليه .
و لا عذرَ لي فأقول : ما دريتُ أو سهوتُ .
و الله لقد خلقني خلقاً صحيحاً سليماً ، و نوَّر قلبي بالفطنة ، حتى إنَّ الغائبات و المكنونات تنكشفُ لفهمي .
فوا حسرتاه على عُمر انقضى فيما لا يُطابق الرضى .
وا حرماني لمقامات الرجال الفطناء .
يا حسرتي على ما فرَّطت في جنب الله ، و شماتة العدو بي .
وا خيبة مَنْ أحسن الظن بي إذا شهدتْ الجوارحُ عليَّ .
وا خذلاني عند إقامة الحجة .
سخرَ و اللهِ مني الشيطانُ و أنا الفطِن .
اللهم توبةً خالصةً من هذه الأقذار .
و نهضةً صادقةً لتصفية ما بقي من الأكدار .
و قد جئتُك بعد الخمسين و أنا مِن خَلَق المتاع .
و أبى العلمُ إلا أنْ يأخذ بيدي إلى معدن الكرم ، و ليس لي وسيلةٌ إلا التأسُّف و النَّدم .
فو الله ما عصيتُك جاهلاً بمقادر نعمِك ، و لا ناسياً لما أسلفتَ من كرمِك ، فاغفرْ لي سالفَ فعلي).

اللهم اغفرْ لابن عقيل، وسائر علماء المسلمين، وارحمهم، وارض عنهم، واجزهم خيرَ ما جزيتَ عبادَك الصالحين.







__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.59 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]