|
هيا بنا نحفظ القرآن ونرضى الرحمن قسم يختص بحفظ واستظهار كتاب الله عز وجل بالإضافة الى المسابقات القرآنية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (861) صــ 41 إلى صــ 50 ابن جريج، قال: أخبرني عبد الله بن أبي مليكة، قال: قال ابن عباس: نودي: يا ابن يعقوب لا تكونَنّ كالطائر له ريش، فإذا زنى ذهب ريشه = قال: أو قعد لا ريش له = فلم يُعْطِ على النداء شيئًا، حتى رأى برهان ربه، ففَرِق ففرَّ. 19039 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن عيينة، عن عثمان بن أبي سليمان، عن ابن أبي مليكة، قال: قال ابن عباس: نودي: يا ابن يعقوب، أتزني، فتكون كالطير وقع ريشه، فذهب يطيرُ فلا ريش له؟ 19040 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني نافع بن يزيد، عن همام بن يحيى، عن قتادة قال: نودي يوسف فقيل: أنت مكتوب في الأنبياء، تعمل عمل السفهاء؟ 19041 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن يمان. عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، قال: نودي: يُوسفَ بن يعقوب، تزني، فتكون كالطير نتف فلا ريش له؟ * * * وقال آخرون: "البرهان" الذي رأى يوسف فكفّ عن مواقعة الخطيئة من أجله، صورة يعقوب عليهما السلام يتوعّده. * ذكر من قال ذلك: 19042 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: رأى صورةَ = أو: تمثالَ = وجهِ يعقوب عاضًّا على إصبعه، فخرجت شهوته من أنامله. 19043 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد العنقزي، عن إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: مَثَل له يعقوب، فضرب في صدره، فخرجت شهوته من أنامله. (1) 19044 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا محمد بن بشر، عن مسعر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: رأى تمثال وجه أبيه، قائلا بكفه هكذا = وبسط كفه = فخرجت شهوته من أنامله. 19045 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي = عن سفيان، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: مَثَل له يعقوب عاضًّا على أصابعه، فضرب صدره، فخرجت شهوته من أنامله. 19046 - حدثنا يونس بن عبد الأعلى، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني ابن جريج، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، في قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: رأى صورة يعقوب واضعًا أنملته على فيه، يتوعَّده، ففرَّ. 19047 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا يحيى بن عباد، قال: حدثنا جرير بن حازم، قال سمعت عبد الله بن أبي مليكة يحدث، عن ابن عباس، في قوله: (ولقد همت به وهم بها) قال: حين رأى يعقوبَ في سقف البيْت، قال: فنزعت شهوته التي كان يجدها، حتى خرج يسعى إلى باب البيت، فتبعته المرأة. 19048 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع قال: حدثنا أبي = عن قرة بن خالد السدوسي، عن الحسن، قال: زعموا، والله (1) الأثر: 19043 - "عمرو بن محمد العنقزي" ، مضى مرارًا، وكان في المطبوعة والمخطوطة: "عمرو بن العنقزي" ، سقط اسم أبيه. أعلم، أن سقف البيت انفرج، فرأى يعقوبَ عاضًّا على أصابعه. 19049 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، في قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: رأى تمثالَ يعقوب عاضًّا على إصبعه يقول: يوسف! يوسف! 19050 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن علية، عن يونس، عن الحسن، نحوه. 19051 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عمرو العنقزي، قال: أخبرنا سفيان الثوري، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: رأى تمثال وجه يعقوب، فخرجت شهوته من أنامله. 19052 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن علي بن بذيمة، عن سعيد بن جبير، قال: رأى صورةً فيها وجه يعقوب عاضًّا على أصابعه، فدفع في صدره، فخرجت شهوته من أنامله. فكلُّ ولد يعقوب وُلِدَ له اثنا عشر رجلا إلا يوسف، فإنه نقص بتلك الشهوة، ولم يولد له غير أحد عشر. 19053 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، أن حميد بن عبد الرحمن أخبره: أن البرهان الذي رأى يوسف، يعقوبُ. 19054 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عيسى بن المنذر، قال: حدثنا أيوب بن سويد، قال: حدثنا يونس بن يزيد الإيلي، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، مثله. 19055 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: مَثَل له يعقوب. 19056 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عمرو، عن منصور، عن مجاهد، مثله. 19057 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: يعقوب. 19058 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19059 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19060 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، وحدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: مَثَل له يعقوب. 19061 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: جلس منها مجلس الرجل من امرأته، حتى رأى صورةَ يعقوب في الجدُر (1) . 19062 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: مثل له يعقوب. 19063 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن القاسم بن أبي بزة، قال: نودي: يا ابن يعقوب، لا تكونن كالطير له ريش، فإذا زنى قَعَد ليس له ريش. فلم يُعْرِض للنداء وقعد، فرفع رأسه، فرأى وجهَ يعقوب عاضًّا على إصبعه، فقام مرعوبًا استحياء من الله، فذلك قول الله: (لولا أن رأى برهان ربه) ، وجهَ يعقوب. (1) في المطبوعة: "على الجدار" وأثبت ما في المخطوطة، وهو صواب. 19064 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن النضر بن عربي، عن عكرمة، قال: مثل له يعقوب عاضًّا على أصابعه. 19065 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن نضر بن عربي، عن عكرمة، مثله. 19066 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا قيس، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، قال: مثل له يعقوب، فدفع في صدره، فخرجت شهوته من أنامله. 19067 -.... قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا سفيان، عن علي بن بذيمة، قال: كان يولد لكل رجل منهم اثنا عشر ابنًا، إلا يوسف، ولد له أحد عشر، من أجل ما خرج من شهوته. 19068 - حدثني يونس، قال: أخبرنا: ابن وهب، قال: قال أبو شريح: سمعت عبيد الله بن أبي جعفر يقول: بلغ من شهوة يوسف أن خرجت من بَنَانه. 19069 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يعلى بن عبيد، عن محمد الخراساني، قال: سألت محمد بن سيرين، عن قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: مَثَل له يعقوب عاضًّا على أصابعه يقول: يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم خليل الله، اسمك في الأنبياء، وتعمل عمل السفهاء؟ 19070 - حدثني محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا يزيد بن زريع، عن يونس، عن الحسن، في قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: رأى يعقوب عاضًّا على إصبعه يقول: يوسف! 19071 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، قال، قال قتادة: رأى صورة يعقوب، فقال: يا يوسف، تعمل عمل الفجَّار، وأنت مكتوب في الأنبياء؟ فاستحيى منه. 19072 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (لولا أن رأى برهان ربه) رأى آية من آيات ربه، حجزه الله بها عن معصيته. ذكر لنا أنه مثل له يعقوب حتى كلمه، فعصمه الله، ونزع كل شهوة كانت في مفاصله. 19073 -.... قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن: أنه مَثَل له يعقوب وهو عاضٌّ على إصبع من أصابعه. 19074 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا هشيم، قال: أخبرنا إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح، قال: رأى صورة يعقوب في سقف البيت عاضًّا على إصبعه يقول: يا يوسف! يا يوسف! يعني قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) . 19075 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن منصور ويونس عن الحسن، في قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) ، قال: رأى صورة يعقوب في سقف البيت، عاضًّا على إصبعه. 19076 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح مثله، وقال عاضًّا على إصبعه يقول: يوسف! يوسف! 19077 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا يعقوب القمي، عن حفص بن حميد، عن شمر بن عطية، قال: نظر يوسف إلى صورة يعقوب عاضًّا على إصبعه يقول: يا يوسف! فذاك حيث كفَّ، وقام فاندفع. 19078 - حدثني المثنى، قال: حدثنا الحماني، قال: حدثنا شريك، عن سالم وأبي حصين، عن سعيد بن جبير: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: رأى صورةً فيها وجه يعقوب عاضًّا على أصابعه، فدفع في صدره، فخرجت شهوته من بين أنامله. 19079 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا مسعر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: رأى تمثال وجه أبيه، فخرجت الشهوة من أنامله. 19080 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا يحيى= يعني ابن عباد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح: (لولا أن رأى برهان ربه) ، قال: تمثال صورة يعقوب في سقف البيت. 19081 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا جعفر بن سليمان، عن يونس بن عبيد، عن الحسن، قال: رأى يعقوب عاضًّا على يده. 19082 -.... قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا الثوري، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، في قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) ، قال: يعقوب، ضرب بيده على صدره، فخرجت شهوته من أنامله. 19083 - حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: سمعت أبا معاذ قال: أخبرنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (لولا أن رأى برهان ربه) ، آية من ربه ; يزعمون أنه مَثَلَ له يعقوب، فاستحيىمنه. * * * وقال آخرون: بل البرهان الذي رأى يوسف، ما أوعد الله عز وجل على الزنا أهله. * ذكر من قال ذلك: 19084 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن أبي مودود، قال: سمعت محمد بن كعب القرظي، قال: رفع رأسَه إلى سقف البيت، فإذا كتاب في حائط البيت: (لا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا) ، (1) [سورة الإسراء: 32] . (1) في المطبوعة والمخطوطة: {إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلا} ، وهذه آية أخرى، هي آية نكاح ما نكح الآباء من النساء، وهي آية المقت "سورة النساء: 22" ، وزيادة "ومقتًا" سهو من الناسخ، لا شك في ذلك، وجاءت على صواب التلاوة في الأثر التالي، ولكن الناشر زاد "ومقتًا" ، هناك، فأساء غاية الإساءة. 19085 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن أبي مودود، عن محمد بن كعب، قال: رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت حين همّ، فرأى كتابًا في حائط البيت: (لا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا) . 19086 -.... قال: حدثنا زيد بن الحباب، عن أبي معشر، عن محمد بن كعب: (لولا أن رأى برهان ربه) قال: لولا ما رأى في القرآن من تعظيم الزنا. 19087 - حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: أخبرني نافع بن يزيد، عن أبي صخر، قال: سمعت القرظي يقول في البرهان الذي رأى يوسف: ثلاث آيات من كتاب الله: (إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ) الآية، [سورة الانفطار: 10] ، وقوله: (وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ) الآية، [سورة يونس: 61] ، وقوله: (أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ) [سورة الرعد: 33] . قال نافع: سمعت أبا هلال يقول مثل قول القرظي، وزاد آية رابعة: (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا) . 19088 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: أخبرنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي: (لولا أن رأى برهان ربه) فقال: ما حرَّم الله عليه من الزنا. * * * وقال آخرون: بل رأى تمثال الملك. * ذكر من قال ذلك: 19089 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه) يقول: آيات ربه، أُرِيَ تمثالَ الملك. 19090 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: كان بعض أهل العلم، فيما بلغني، يقول: البرهان الذي رأى يوسف فصرف عنه السوءَ والفحشاء، يعقوبُ عاضًّا على إصبعه، فلما رآه انكشفَ هاربًا = ويقول بعضهم: إنما هو خيال إطفير سيده، حين دَنا من الباب، وذلك أنه لما هرب منها واتبعته، ألفياه لدى الباب. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال: إن الله جل ثناؤه أخبر عن همِّ يوسف وامرأة العزيز كل واحد منهما بصاحبه، لولا أن رأى يوسف برهان ربه، وذلك آيةٌ من الله، زجرته عن ركوب ما همَّ به يوسف من الفاحشة = وجائز أن تكون تلك الآية صورة يعقوب = وجائز أن تكون صورة الملك - وجائز أن يكون الوعيد في الآيات التي ذكرها الله في القرآن على الزنا = ولا حجة للعذر قاطعة بأيِّ ذلك [كان] من أيٍّ. والصواب أن يقال في ذلك ما قاله الله تبارك وتعالى، والإيمان به، وترك ما عدا ذلك إلى عالمه. * * * وقوله: (كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء) ، يقول تعالى ذكره: كما أرينَا يوسف برهاننا على الزجر عمَّا همّ به من الفاحشة، كذلك نسبّب له في كلِّ ما عرض له من همٍّ يهمُّ به فيما لا يرضاه، ما يزجره ويدفعه عنه ; كي نصرف عنه ركوب ما حرَّمنا عليه، وإتيان الزنا، لنطهره من دنس ذلك. (1) * * * وقوله: (إنه من عبادنا المخلصين) اختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة المدينة والكوفة (إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) بفتح اللام من "المخلصين" ، بتأويل: إن يوسف من عبادنا الذين أخلصناهم لأنفسنا، واخترناهم لنبوّتنا ورسالتنا. * * * (1) انظر تفسير "الصرف" فيما سلف 15: 254، تعليق: 3، والمراجع هناك. = وتفسير "الفحشاء" فيما سلف 12: 547، تعليق: 3، والمراجع هناك. وقرأ بعض قرأة البصرة: "إنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلِصِينَ" بكسر اللام = بمعنى: إن يوسف من عبادنا الذين أخلَصوا توحيدنا وعبادتنا، فلم يشركوا بنا شيئًا، ولم يعبدُوا شيئًا غيرنا. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان قد قرأ بهما جماعة كثيرة من القرأة، وهما متفقتا المعنى. وذلك أن من أخلصه الله لنفسه فاختاره، فهو مُخْلِصٌ لله التوحيدَ والعبادة، ومن أخلص توحيدَ الله وعبادته فلم يشرك بالله شيئًا، فهو ممن أخلصه الله، فبأيتهما قرأ القارئ فهو للصوابِ مصيبٌ. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَاسْتَبَقَا الْبَابَ وَقَدَّتْ قَمِيصَهُ مِنْ دُبُرٍ وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ قَالَتْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَرَادَ بِأَهْلِكَ سُوءًا إِلا أَنْ يُسْجَنَ أَوْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (25) } قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: واستبق يوسف وامرأة العزيز بابَ البيت، (1) أما يوسف ففرارًا من ركوب الفاحشة لما رأى برهان ربه فزجره عنها، وأما المرأة فطلبها ليوسف لتقضي حاجتها منه التي راودته عليها، فأدركته فتعلقت بقميصه، فجذبته إليها مانعةً له من الخروج من الباب،، فقدَّته من دبر = يعني: شقته من خلف لا من قدام، (2) لأن يوسف كان هو الهارب، وكانت هي الطالبة، كما: - 19091 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن (1) انظر تفسير "الاستباق" فيما سلف 15: 577، تعليق: 2، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الدبر" فيما سلف 14: 15، تعليق: 4، والمراجع هناك. ![]()
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (871) صــ 141 إلى صــ 150 19422 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، يوسف يقوله. 19423- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) يوسف يقوله: لم أخن سيِّدي. 19424-....قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال يوسف يقوله. 19425 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال: هذا قول يوسف. 19426- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال، حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح، في قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال هو يوسف، لم يخن العزيز في امرأته. 19427- حدِثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب" ، هو يوسف يقول: لم أخن الملك بالغيب. * * * وقوله: (وأنَّ الله لا يهدي كيد الخائنين) ، يقول: فعلت ذلك ليعلم سيدي أني لم أخنه بالغيب = (وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) ، يقول: وأن الله لا يسدّد صنيع من خان الأمانات، ولا يرشد فعالهم في خيانتهموها. (1) * * * (1) انظر تفسير "الهدى" فيما سلف من فهارس اللغة (هدى) . = وتفسير "الكيد" فيما سلف ص: 137، تعليق 1، والمراجع هناك. واتصل قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، بقول امرأة العزيز: (أنا راودته عن نفسه وإنه لمن الصادقين) ، لمعرفة السامعين لمعناه، كاتصال قول الله: (وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ) ، بقول المرأة: (وجعلوا أعزة أهلها أذلة) ، [سورة النمل: 34] وذلك أن قوله: (وكذلك يفعلون) ، خبر مبتدأ، وكذلك قول فرعون لأصحابه في "سورة الأعراف" ، (فَمَاذَا تَأْمُرُونَ) ، وهو متصل بقول الملأ (يُريدُ أن يُخْرِجَكُمْ مِنْ أرْضِكُمْ) [سورة الأعراف: 110] . (1) * * * (1) انظر ما سلف 13: 20. القول في تأويل قوله تعالى: {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) } قال أبو جعفر: يقول يوسف صلوات الله عليه: وما أبرئ نفسي من الخطأ والزلل فأزكيها= (إن النفس لأمارة بالسوء) ، يقول: إن النفوسَ نفوسَ العباد، تأمرهم بما تهواه، وإن كان هواها في غير ما فيه رضا الله= (إلا ما رحم ربي) يقول: إلا أن يرحم ربي من شاء من خلقه، فينجيه من اتباع هواها وطاعتها فيما تأمرُه به من السوء = (إن ربي غفور رحيم) . * * * و "ما" في قوله: (إلا ما رحم ربي) ، في موضع نصب، وذلك أنه استثناء منقطع عما قبله، كقوله: (ولا هُمْ يُنْقَذُونَ إلا رَحْمَةً مِنَّا) [سورة يس: 43، 44] بمعنى: إلا أن يرحموا. و "أن" ، إذا كانت في معنى المصدر، تضارع "ما" . * * * ويعني بقوله: (إن ربي غفور رحيم) ، أن الله ذو صفح عن ذنوب من تاب من ذنوبه، بتركه عقوبته عليها وفضيحته بها = "رحيم" ، به بعد توبته، أن يعذبه عليها. * * * وذُكر أن يوسف قال هذا القول، من أجل أن يوسف لما قال: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال ملك من الملائكة: ولا يومَ هممت بها! فقال يوسفُ حينئذ: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . * * * وقد قيل: إن القائل ليوسف: "ولا يومَ هممت بها، فحللت سراويلك" ! هو امرأة العزيز، فأجابها يوسف بهذا الجواب. * * * وقيل: إن يوسف قال ذلك ابتداءً من قبل نفسه. * * * *ذكر من قال ذلك: 19428 - حدثنا أبو كريب قال: حدثنا وكيع، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما جمع الملك النسوة فسألهن: هل راودتن يوسف عن نفسه؟ قلن حَاشَ لله، ما علمنا عليه من سوء! قالت امرأة العزيز: (الآن حصحص الحق) الآية. قال يوسف: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال فقال له جبريل: ولا يوم هممت بما هممت! فقال: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . 19429- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما جمع الملك النسوة، قال لهن: أنتن راودتن يوسف عن نفسه؟ = ثم ذكر سائر الحديث، مثل حديث أبي كريب، عن وكيع. 19430- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عمرو قال،أخبرنا إسرائيل عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما جمع فرعون النسوة، (1) قال: أنتن راودتن يوسف عن نفسه؟ ثم ذكر نحوه= غير أنه قال: فغمزه جبريل، فقال: ولا حين هممت بها! فقال يوسف: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . 19431 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي=، عن مسعر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير قال: لما قال يوسف: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) . قال جبريل، أو مَلَك: ولا يوم هممت بما هممت به؟ فقال: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . 19432- حدثنا عمرو بن علي قال، حدثنا وكيع قال، حدثنا مسعر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، بنحوه= إلا أنه قال: قال له المَلَك: ولا حين هممت بها؟ ولم يقل: "أو جبريل" ، ثم ذكر سائر الحديث مثله. 19433- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن بشر، وأحمد بن بشير، عن مسعر، عن أبى حصين، عن سعيد بن جبير: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال فقال له الملك= أو: جبريل=: ولا حين هممت بها؟ فقال يوسف: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . 19434 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل قال: لما قال يوسف: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال له جبريل: ولا يوم هممت بما هممت به؟ فقال: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . 19435- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل، بمثله. 19436- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عمرو قال،أخبرنا مسعر، (1) في المطبوعة: "لما جمع الملك" ، وأثبت ما في المخطوطة. عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، مثل حديث ابن وكيع، عن محمد بن بشر وأحمد بن بشير سواءً. 19437 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا العلاء بن عبد الجبار، وزيد بن حباب، عن حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الحسن: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال له جبريل: اذكر همَّك! فقال: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . 19438 - حدثنا الحسن قال، حدثنا عفان قال، حدثنا حماد، عن ثابت، عن الحسن: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) قال جبريل: يا يوسف اذكر همك! قال: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . 19439 - حدثني يعقوب قال، حدثنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح، في قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال: هذا قول يوسف قال: فقال له جبريل: ولا حين حللت سراويلك؟ قال فقال يوسف: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) ، الآية. 19440- حدثني المثنى قال، حدثنا عمرو بن عون قال،أخبرنا هشيم، عن إسماعيل بن سالم، عن أبي صالح، بنحوه. 19441 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ذُكر لنا أن الملك الذي كان مع يوسف، قال له: اذكر ما هممت به. قال نبي الله: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . 19442- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: بلغني أن الملك قال له حين قال ما قال: أتذكر همك؟ فقال: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي) . 19443 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن عكرمة، قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال الملك، وطَعَن في جنبه: يا يوسف، ولا حين هممت؟ قال: فقال: (وما أبرئ نفسي) . * * * *ذكر من قال: قائل ذلك له المرأة. 19444- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب) ، قال: قاله يوسف حين جيء به، ليعلم العزيز أنه لم يخنه بالغيب في أهله، وأن الله لا يهدي كيد الخائنين. فقالت امرأة العزيز: يا يوسف، ولا يوم حللت سراويلك؟ فقال يوسف: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) . * * * * ذكر من قال: قائل ذلك يوسف لنفسه، من غير تذكير مذكّر ذكره ولكنه تذكّر ما كان سلف منه في ذلك. 19445- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (ذلك ليعلم أني لم أخنه بالغيب وأن الله لا يهدي كيد الخائنين) ، هو قول يوسف لمليكه، حين أراه الله عذره، فذكر أنه قد همَّ بها وهمت به، فقال يوسف: (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء) ، الآية. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ (54) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: "وقال الملك" ، يعني ملك مصر الأكبر، وهو فيما ذكر ابن إسحاق: الوليد بن الرّيان. 19446 - حدثنا بذلك ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عنه. * * * = حين تبين عذر يوسف، وعرف أمانته وعلمه، قال لأصحابه: (ائتوني به أستخلصه لنفسي) ، يقول: أجعله من خُلصائي دون غيري. * * * وقوله: (فلما كلمه) ، يقول: فلما كلم الملك يوسفَ، وعرف براءته وعِظَم أمانته قال له: إنك يا يوسف، "لدينا مكين أمين" ، أي: متمكن مما أردت، وعرض لك من حاجة قبلنا، لرفعة مكانك ومنزلتك، لدينا = أمين على ما أؤتمنت عليه من شيء. 19447 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي قال: لما وجد الملك له عذرًا قال: (ائتوني به أستخلصه لنفسي) . 19448 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (أستخلصه لنفسي) ، يقول: أتخذه لنفسي. 19449- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل قال الملك: (ائتوني به أستخلصه لنفسي) قال: قال له الملك: إني أريد أن أخلصك لنفسي، غير أني آنَفُ أن تأكُل معي. فقال يوسف: أنا أحق أن آنفَ، أنا ابن إسحاق= أو: أنا ابن إسماعيل= أبو جعفر شكَّ، وفي كتابي: ابن إسحاق ذبيح الله، ابن إبراهيم خليل الله. 19450- حدثنا ابن وكيع قال، حدثني أبي، عن سفيان، عن أبي سنان، عن ابن أبي الهذيل بنحوه= غير أنه قال: أنا ابن إبراهيم خليل الله، ابن إسماعيل ذبيح الله. 19451- حدثنا أحمد بن إسحاق قال، حدثنا أبو أحمد قال، حدثنا سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل قال: قال العزيز ليوسف: ما من شيء إلا وأنا أحبُّ أن تشركني فيه، إلا أني أحب أن لا تشركني في أهلي، وأن لا يأكل معي عَبْدي! قال: أتأنف أن آكل معك؟ فأنا أحق أن آنف منك، أنا ابن إبراهيم خليل الله، وابن إسحاق الذبيح، وابن يعقوب الذي ابيضت عيناه من الحزن. 19452 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا سفيان بن عقبة، عن حمزة الزيات، عن ابن إسحاق، عن أبي ميسرة قال: لما رأى العزيز لَبَقَ يوسف وكيسه وظَرْفه، دعاه فكان يتغدى ويتعشى معه دون غلمانه. فلما كان بينه وبين المرأة ما كان، قالت له: تُدْنِي هذا! مُرْهُ فليتغدَّ مع الغلمان. قال له: اذهب فتغدَّ مع الغلمان. فقال له يوسف في وجهه: ترغب أن تأكل معي = أو تَنْكَف (1) = أنا والله يوسف بن يعقوب نبي الله، ابن إسحاق ذبيح الله، ابن إبراهيم خليل الله. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَائِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ (55) } قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه: قال يوسف للملك: اجعلني على خزائن أرضك. * * * وهي جمع "خِزَانة" . * * * و "الألف واللام" دخلتا في "الأرض" خلفًا من الإضافة، كما قال الشاعر: (1) يقال: "نكف من الشيء" و "استنكف منه" بمعنى واحد. (1) والأَحْلامُ غَيْرُ عَوَازِبِ (2) * * * وهذا من يوسف صلوات الله عليه، مسألة منه للملك أن يولّيه أمر طعام بلده وخراجها، والقيام بأسباب بلده، ففعل ذلك الملك به، فيما بلغني، كما:- 19453 - حدثني يونس قال،أخبرنا ابن وهب قال،قال ابن زيد في قوله: (اجعلني على خزائن الأرض) ، قال: كان لفرعون خزائن كثيرة غير الطعام قال: فأسلم سلطانه كُلَّه إليه، وجعل القضاء إليه، أمرُه وقضاؤه نافذٌ. 19454- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا إبراهيم بن المختار، عن شيبة الضبي، في قوله: (اجعلني على خزائن الأرض) ، قال: على حفظ الطعام (3) . * * * وقوله: (إني حفيظ عليم) اختلف أهل التأويل في تأويله. فقال بعضهم: معنى ذلك: إني حفيظ لما استودعتني، عليم بما وليتني. *ذكر من قال ذلك: 19455 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (إني حفيظ عليم) ، إني حافظ لما استودعتني، عالم بما وليتني. قال: قد فعلت. 19456 - حدثنا بشر قال: حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله: (إني حفيظ عليم) ، يقول: حفيظ لما وليت، عليم بأمره. (1) هو النابغة الذبياني. (2) سلف البيت وتخريجه وشرحه 5: 160 /13: 106، وهو: لَهُمْ شِيمَةٌ لَمْ يُعْطِهَا الدَّهُرْ غَيْرَهُم ... مِنَ النَّاسِ، والأَحْلامُ غيْرُ عَوَازِبِ (3) الأثر: 19454 - "إبراهيم بن المختار التميمي" ، ممن يتقى حديثه، وبخاصة من رواية محمد بن حميد عنه، مضى برقم: 4038، 14365، 17631. و "شيبة الضبي" ، هو "شيبة بن نعامة الضبي" ، "أبو نعامة" ، ضعيف الحديث لا يحتج به، مترجم في الكبير 2 / 2 / 143، وابن أبي حاتم 2 / 1 / 335، وميزان الاعتدال 1: 452، ولسان الميزان 3: 159. وانظر الإسناد الآتي رقم: 19457. 19457 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا إبراهيم بن المختار، عن شيبة الضبي في قوله: (إني حفيظ عليم) يقول: إني حفيظ لما استودعتني، عليم بسني المجاعة. (1) * * * وقال آخرون: إني حافظ للحساب، عليم بالألسن. *ذكر من قال ذلك: 19458 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو، عن الأشجعي: (إني حفيظ عليم) ، حافظ للحساب، عليم بالألسن. * * * قال أبو جعفر: وأولى القولين عندنا بالصواب، قولُ من قال: معنى ذلك: "إني حافظ لما استودعتني، عالم بما أوليتني" ، لأن ذلك عقيب قوله: (اجعلني على خزائن الأرض) ، ومسألته الملك استكفاءه خزائن الأرض، فكان إعلامه بأن عنده خبرةً في ذلك وكفايته إياه، أشبه من إعلامه حفظه الحساب، ومعرفته بالألسن. (2) * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ وَلا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ (56) } (1) الأثر: 19457 - انظر بيانه في التعليق على رقم: 19454. (2) انظر تفسير "حفيظ" فيما سلف 15: 449، تعليق: 1، والمراجع هناك = وتفسير "عليم" في فهارس اللغة (علم) . ![]()
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (862) صــ 51 إلى صــ 60 معمر، عن قتادة: (واستبقا الباب) ، قال: استبق هو والمرأة الباب، (وقدت قميصه من دبر) . 19092 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما رأى برهان ربه، انكشفَ عنها هاربًا، واتبعته، فأخذت قميصه من دبر، فشقَّته عليه. * * * وقوله: (وألفيا سيدها لدى الباب) ، يقول جل ثناؤه: وصادفا سيدها (1) = وهو زوج المرأة (2) = "لدى الباب" ، يعني: عند الباب (3) . كالذي: - 19093 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا الثوري، عن رجل، عن مجاهد: (وألفيا سيدها) ، قال: سيدها: زوجها =، (لدى الباب) ، قال: عند الباب. 19094 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، عن أشعث، عن الحسن، عن زيد بن ثابت، قال ": السيد" ، الزوج. 19095 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وألفيا سيدها لدى الباب) ، أي: عند الباب. 19096 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (وألفيا سيدها لدى الباب) ، قال: جالسًا عند الباب وابن عمّها معه، فلما رأته قالت: ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا؟ إنه راودني عن نفسي، فدفعته عن نفسي، فشققت قميصه. قال يوسف: بل هي راودتني عن نفسي، وفررت منها فأدركتني، فشقت قميصي. فقال ابن عمها: تِبْيان هذا في القميص، (1) انظر تفسير "ألفى" فيما سلف 3: 306، 307. (2) انظر تفسير "السيد" فيما سلف 6: 374. (3) انظر تفسير "لدى فيما سلف 6: 407." فإن كان القميص، قدّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين، وإن كان قميصه قدّ من دبر فكذبت وهو من الصادقين. فأتي بالقميص، فوجده قدّ من دبر قال: (إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم. يوسف أعرض عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الخاطئين) . 19097 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وألفيا سيدها لدى الباب) ، إطفير، قائمًا على باب البيت، فقالت وهابَتْه: (ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا إلا أن يسجن أو عذاب أليم) ولطخته مكانها بالسيئة، فَرَقًا من أن يتهمها صاحبُها على القبيح. فقال هو، وصَدقه الحديث: (هي راودتني عن نفسي) . * * * وقوله: (قالت ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا) يقول تعالى ذكره: قالت امرأة العزيز لزوجها لما ألفياه عند الباب، فخافت أن يتهمها بالفجور: ما ثواب رجل أرادَ بامرأتك الزنا إلا أن يسجن في السجن، (1) أو إلا عذاب أليم = يقول: موجع. * * * وإنما قال: (إلا أن يسجن أو عذاب أليم) ، لأن قوله: (إلا أن يسجن) ، بمعنى إلا السجن، فعطف "العذاب" عليه ; وذلك أن "أن" وما عملت فيه بمنزلة الاسم. * * * (1) انظر تفسير "الجزاء" فيما سلف من فهارس اللغة (جزى) . القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ هِيَ رَاوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ أَهْلِهَا إِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (26) وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ (27) فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ (28) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف لما قذفته امرأة العزيز بما قذفته من إرادته الفاحشة منها، مكذِّبًا لها فيما قذفته به ودفعًا لما نسب إليه: ما أنا راودتها عن نفسها، بل هي راودتني عن نفسي. (1) * * * وقد قيل: إن يوسف لم يرد ذكر ذلك، لو لم تقذفه عند سيدها بما قذفته به. * ذكر من قال ذلك: 19098 - حدثني محمد بن عمارة، قال: حدثنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا شيبان، عن أبي إسحاق، عن نوف الشامي، قال: ما كان يوسف يريد أن يذكره، حتى قالت: (ما جزاء من أراد بأهلك سوءًا) ، الآية، قال: فغضب فقال: (هي راودتني عن نفسي) . (2) * * * وأما قوله: (وشهد شاهد من أهلها) فإن أهل العلم اختلفوا في صفة الشاهد. فقال بعضهم: كان صبيًّا في المهد. (1) انظر تفسير "المراودة" فيما سلف ص: 24، 25. (2) الأثر: 19098 - في المطبوعة: "نوف الشيباني" ، وهو خطأ محض، مأتاه من سوء كتابة المخطوطة، وإن كانت واضحة بعض الوضوح، والصواب "نوف الشامي" ، وهو: "نوف ابن فضالة البكالي الحميري، الشامي" ، انظر ما سلف رقم: 18923، والتعليق عليه. * ذكر من قال ذلك: 19099 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا العلاء بن عبد الجبار، عن حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: تكلم أربعة في المهد وهم صغار: ابن ماشطة بنت فرعون، وشاهد يوسف، وصاحب جريج، وعيسى ابن مريم عليه السلام. (1) 19100 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة، قال: عيسى، وصاحب يوسف، وصاحب جريج = يعني: تكلموا في المهد. (2) 19101 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا زائدة، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: (وشهد شاهد من أهلها) ، قال: صبي. 19102 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: (وشهد شاهد من أهلها) ، قال: كان في المهد صبيًّا. 19103 - حدثني محمد بن عبيد المحاربي، قال: حدثنا أيوب بن جابر، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، في قوله: (وشهد شاهد من أهلها) قال: صبي. (3) (1) الأثر: 19099 - "العلاء بن عبد الجبار" ، "أبو الحسن العطار" ، روى عن حماد بن سلمة، وروى عنه الحميدي، وابنه عبد الجبار بن العلاء. صالح الحديث. مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 358. (2) الأثر: 19100 - "أبو بكر الهذلي" ، كلن يكذب، متروك الحديث. مضى مرارًا، آخرها رقم: 17616، 18439، ولكن حديث أبي هريرة مطولا رواه البخاري في صحيحه (الفتح 6: 344 - 348) ، ومسلم في صحيحه 16: 106، ورواه أحمد في المسند: 8057، 8058 بإسناد صحيح، وانظر شرح أخي رحمه الله. (3) الأثر: 19103 - "أيوب بن جابر بن سيار اليمامي" ، ضعيف. مترجم في التهذيب، والكبير 1 / 1 / 410، وابن أبي حاتم 1 / 1 / 242، وميزان الاعتدال 1: 132. 19104 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير، بمثله. 19105 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن شريك، عن سالم، عن سعيد بن جبير، قال: كان صبيًّا في مهده. 19106 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن إدريس، عن حصين، عن هلال بن يساف: (وشهد شاهد من أهلها) قال: صبي في المهد. 19107 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أبي مرزوق، عن جويبر، عن الضحاك: (وشهد شاهد من أهلها) ، قال: صبي أنطقه الله. ويقال: ذو رأي برأيه. (1) 19108 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: أخبرنا عفان، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرني عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تكلم أربعة وهم صغار" ، فذكر فيهم شاهد يوسف (2) . 19109 - حدثت عن الحسين بن الفرج. قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (وشهد شاهد من أهلها) يزعمون أنه كان صبيًّا في الدار. 19110 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثنا عمي (1) قوله: "ذو رأي برأيه" ، أي كان الشاهد رجلا ذا رأي، قال ذلك برأيه. وانظر الأثر التالي رقم: 19127. (2) الأثر: 19108 - حديث حماد بن سلمة، عن عطاء بن السائب، حديث طويل، رواه أحمد في مسنده رقم: 2822، 2823، 2824، 2825، وفي آخره: قال "قال ابن عباس: تكلم أربعة صغار، عيسى بن مريم، وصاحب جريج، وشاهد يوسف، وابن ماشطة فرعون" ، ولم يرفع هذا القول الأخير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإسناده إسناد صحيح. قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (وشهد شاهد من أهلها) ، قال: كان صبيًّا في المهد. * * * وقال آخرون: كان رجلا ذا لحية. * ذكر من قال ذلك: 19111 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي =، عن إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: كان ذا لحية. 19112 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي =، عن سفيان، عن جابر، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس: (وشهد شاهد من أهلها) ، قال: كان من خاصّة الملك. 19113 -.... وبه قال، حدثنا أبي، عن عمران بن حدير، سمع عكرمة يقول: (وشهد شاهد من أهلها) قال: ما كان بصبيّ، ولكن كان رجلا حكيمًا. 19114 - حدثنا سوّار بن عبد الله، قال، حدثنا عبد الملك بن الصباح، قال: حدثنا عمران بن حدير، عن عكرمة، وذكره عنده: (وشهد شاهد من أهلها) فقالوا: كان صبيًّا. فقال: إنه ليس بصبي، ولكنه رجل حكيم (1) . 19115 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد: (وشهد شاهد من أهلها) قال: كان رجلا. 19116 - حدثنا ابن بشار، قال، حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، (1) الأثر: 19114 - "عبد الملك بن الصباح المسمعي" ، ثقة / مترجم في التهذيب، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 354. عن منصور، عن مجاهد: (وشهد شاهد من أهلها) قال: رجل. 19117 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله: (وشهد شاهد من أهلها) قال: رجل. 19118 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبو بكر بن عياش، عن أبي حصين، عن سعيد بن جبير: (وشهد شاهد من أهلها) قال: رجل. 19119 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (وشهد شاهد من أهلها) قال: ذو لحية. 19120 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي، قال: ابن عمها كان الشاهدَ من أهلها. 19121 - حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس: (وشهد شاهد من أهلها) قال: ذو لحية. 19122 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو غسان، قال: حدثنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال: ذو لحية. 19123 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا قيس، عن جابر، عن ابن أبي مليكة: (وشهد شاهد من أهلها) قال: كان من خاصة الملك. 19124 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (وشهد شاهد من أهلها) قال: رجل حكيم كان من أهلها. 19125 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: (وشهد شاهد من أهلها) قال: رجل حكيم من أهلها. 19126 - حدثنا المثنى، قال: حدثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد: (وشهد شاهد من أهلها) قال: كان رجلا. 19127 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن بعض أصحابه، عن الحسن، في قوله: (وشهد شاهد من أهلها) قال: رجل له رأي أشارَ برأيه. 19128 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وشهد شاهد من أهلها) قال: يقال: إنما كان الشاهد مشيرًا، رجلا من أهل إطفير، وكان يستعين برأيه = إلا أنه قال: أشهد إن كان قميصه قدّ من قبل لقد صدقت وهو من الكاذبين. * * * وقيل: معنى قوله: (وشهد شاهد) : حكم حاكم. 19129 - حدثت بذلك عن الفراء، عن معلي بن هلال، عن أبي يحيى، عن مجاهد. * * * وقال آخرون: إنما عنى بالشاهد، القميصَ المقدودَ. * ذكر من قال ذلك: 19130 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله: (وشهد شاهد من أهلها) قال: قميصُه مشقوق من دبر، فتلك الشهادة. 19131 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وشهد شاهد من أهلها) ، قميصُه مشقوق من دبر، فتلك الشهادة. 19132 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن ليث، عن مجاهد: (وشهد شاهد من أهلها) لم يكن من الإنس. 19133 -.... قال: حدثنا حفص، عن ليث، عن مجاهد: (وشهد شاهد من أهلها) ، قال: كان من أمر الله، ولم يكن إنسيًا. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك، قول من قال: كان صبيًّا في المهد = للخبر الذي ذكرناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنه ذكر من تكلم في المهد. فذكر أنَّ أحدهم صاحب يوسف. * * * فأمّا ما قاله مجاهد من أنه القميص المقدود، فما لا معنى له ; لأن الله تعالى ذكره أخبر عن الشاهد الذي شهد بذلك أنه من أهل المرأة فقال: (وشهد شاهد من أهلها) ، ولا يقال للقميص هو من أهل الرجل ولا المرأة. * * * وقوله: (إن كان قميصه قُدّ من قُبل فصدقت وهو من الكاذبين) ، لأن المطلوب إذا كان هاربًا فإنما يؤتى من قِبل دبره، فكان معلومًا أن الشق لو كان من قُبُل لم يكن هاربًا مطلوبًا. ولكن كان يكون طالبًا مدفوعًا، وكان يكون ذلك شهادة على كذبه. 19134 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال: أشهد إن كان قميصه قُدّ من قُبُل لقد صدقت وهو من الكاذبين. وذلك أن الرجل إنما يريد المرأة مقبلا = (وإن كان قميصه قُدّ مِن دُبر فكذبت وهو من الصادقين) وذلك أن الرجل لا يأتي المرأة من دُبر. وقال: إنه لا ينبغي أن يكون في الحقّ إلا ذاك. فلما رأى إطفير قميصَه قدَّ من دُبر عرف أنه من كيدها، فقال: (إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم) . 19135 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: قال = يعني: الشاهدُ من أهلها =: القميصُ يقضي بينهما، (إن كان قميصه قدّ من قُبُل فصدقت وهو من الكاذبين وإن كان قميصه قُدّ من دُبر فكذبت وهو من الصادقين. فلما رأى قميصه قُد من دبر قال إنه من كيدكن إن كيدكن عظيم) . * * * قال أبو جعفر: وإنما حذفت "أنَّ" التي تتلقَّى بها "الشهادة" لأنه ذهب بالشهادة إلى معنى "القول" ، كأنه قال: وقال قائل من أهلها: إن كان قميصه = كما قيل: (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأنْثَيَيْنِ) [سورة النساء: 11] ، لأنه ذهب بالوصية إلى "القول" . * * * وقوله: (فلما رأى قميصه قدّ من دبر) ، خبر عن زوج المرأة، وهو القائل لها: إن هذا الفعل من كيدكن = أي: صنيعكن، يعني من صنيع النساء (1) = (إن كيدكن عظيم) . * * * وقيل: إنه خبر عن الشاهد أنه القائلُ ذلك. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ إِنَّكِ كُنْتِ مِنَ الْخَاطِئِينَ (29) } قال أبو جعفر: وهذا فيما ذكر عن ابن عباس، خبرٌ من الله تعالى ذكره عن قِيل الشاهد أنه قال للمرأة وليوسف. * * * يعني بقوله: (يوسف) يا يوسف = (أعرض عن هذا) ، يقول: أعرض عن ذكر ما كان منها إليك فيما راودتك عليه، فلا تذكره لأحد، (2) كما:- (1) انظر تفسير "الكيد" فيما سلف 15: 558، تعليق: 2 والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الإعراض" فيما سلف 15: 407، تعليق: 1، والمراجع. ![]()
__________________
|
#4
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (863) صــ 61 إلى صــ 70 19136 - حدثنا يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: (يوسف أعرض عن هذا) ، قال: لا تذكره، (واستغفري) أنت زوجك، يقول: سليه أن لا يعاقبك على ذنبك الذي أذنبتِ، وأن يصفح عنه فيستره عليك. * * * = (إنك كنت من الخاطئين) ، يقول: إنك كنت من المذنبين في مراودة يوسف عن نفسه. * * * يقال منه: "خَطِئ" في الخطيئة "يخطَأ خِطْأً وخَطَأً" (1) كما قال جل ثناؤه: (إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً) [سورة الإسراء: 31] ، و "الخطأ" في الأمر. وحكي في "الصواب" أيضًا "الصوابُ" ، و "الصَّوْبُ" ، (2) كما قال: الشاعر: (3) لَعَمْرُكَ إِنَّمَا خَطَئِي وَصَوْبِي ... عَلَيَّ وَإِنَّ مَا أَهْلَكْتُ مَالُ (4) وينشد بيت أمية: عِبَادُكَ يُخْطِئُونَ وَأَنْتَ رَبٌّ ... بِكَفَّيْكَ الْمَنَايَا وَالْحُتُومُ (5) (1) انظر تفسير "خطئ" فيما سلف 2: 110 / 6: 143. (2) في المطبوعة والمخطوطة: "أيضًا الصواب، والصوب" ، وكأن الصواب ما أثبت. وأخشى أن يكون: "والخطأ" و "الخطاء" في الأمر، وحكي في "الصواب ..." ، يعني المقصور والممدود. (3) هو أوس بن غلفاء. (4) نوادر أبي زيد: 47، طبقات فحول الشعراء: 140، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 241، اللسان (صوب) ، من أبيات يقولها لامرأته: أَلا قالَتْ أُمَامَةُ يَوْمَ غُوْلٍ: ... تَقَطَّعَ بِابنِ غَلْفاء الحِبالُ ذَرِيني إنَّما خَطَئِي وصَوْبي ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . فَإِنْ تَرَنِي أُمَامَة قَلَّ مالِي ... وَأْلَهانِي عَنِ الغَزْوِ ابْتِذَالُ فَقَدْ ألْهُو مَعَ النَّفَرِ النَّشَاوَى ... لِيَ النَّسَبُ المُوَاصَلُ والخِلالُ (5) ديوانه: 4، واللسان (خطأ) ، (حتم) ، وقبل البيت: سَلامَكَ رَبَّنا فِي كُلِّ فَجْرٍ ... بَرِيئًا ما تَلِيقُ بِكَ الذًّمُومُ وبعده: غَدَاةَ يَقُولُ بَعْضُهُمْ ... ألاَ يَاليْتَ أُمَّكُمُ عَقِيمُ .ن خطئ الرجل. * * * وقيل: (إنك كنت من الخاطئين) ، لم يقل: من الخاطئات، لأنه لم يقصد بذلك قصد الخبر عن النساء، وإنما قصد به الخبر عمَّن يفعل ذلك فيخطَأ. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَنْ نَفْسِهِ قَدْ شَغَفَهَا حُبًّا إِنَّا لَنَرَاهَا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (30) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وتحدث النساء بأمر يوسف وأمر امرأة العزيز في مدينة مصر، وشاع من أمرهما فيها ما كان، فلم ينكتم، وقلن: (امرأة العزيز تراود فتاها) ، (1) عبدها (2) = (عن نفسه) ، كما:- 19137 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: وشاع الحديث في القرية، وتحدث النساء بأمره وأمرها، وقلن: (امرأة العزيز تراود فتاها عن نفسه) ، أي: عبدها. * * * وأما "العزيز" فإنه: "الملك" في كلام العرب، (3) ومنه قول أبي دؤاد: دُرَّةٌ غَاصَ عَلَيْهَا تَاجِرٌ ... جُلِيَتْ عِنْدَ عَزِيزٍ يَوْمَ طَلِّ (4) يعني بالعزيز، الملك، وهو من "العزّة" . (5) * * * (1) انظر تفسير "المراودة" فيما سلف ص: 53، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الفتى" فيما سلف 8: 188. (3) هذا التفسير من عزيز اللغة، وليس في المعاجم، فليقيد في مكانه. (4) لم أجد البيت في مكان آخر. (5) انظر تفسير "العزة" فيما سلف من فهارس اللغة (عزز) . وقوله: (قد شغفها حبًّا) ، يقول قد وصل حبُّ يوسف إلى شَغَاف قلبها فدخل تحته، حتى غلب على قلبها. * * * و "شَغَاف القلب" : حجابه وغلافه الذي هو فيه، وإياه عنى النابغة الذبياني بقوله: وَقَدْ حَالَ هَمٌّ دُونَ ذَلِكَ دَاخِلٌ ... دُخُولَ شَغَافٍ تَبْتَغِيهِ الأصَابِعُ (1) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19138 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا حجاج بن محمد، عن ابن جريج، قال: أخبرني عمرو بن دينار، أنه سمع عكرمة يقول في قوله: (شغفها حبًّا) قال: دخل حبه تحت الشَّغاف. 19139 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (قد شغفها حبًّا) ، قال: دخل حبه في شَغافها. 19140 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قد شغفها حبًّا) ، قال: دخل حبه في شَغافها. (1) ديوانه: 38، مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 308، وغيرهما، مع اختلاف في روايته، وقبله: عَلَى حِينَ عَاتَبْتُ المَشِيبَ عَلَى الصِّبَا ... وَقُلْتُ: أَلَمَّا تَصْحُ والشَّيْبُ وَازِعُ ? و "الأصابع" يعني أصابع الأطباء. وجعله الطبري من "الشغاف" بالفتح، واللغويون يجعلونه من "الشغاف" (بضم الشين "، وهو داء يأخذ تحت الشراسيف من الشق الأيمن. وإذا اتصل بالطحال قتل صاحبه. وهذا أجود الكلاميين." 19141 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (قد شغفها حبًّا) ، قال: كان حبه في شَغافها. 19142 -.... قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثل حديث الحسن بن محمد، عن شبابة. 19143 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (قد شغفها حبًّا) ، يقول: عَلَّقها حبًّا. 19144 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (قد شغفها حبًّا) ، قال: غَلَبها. 19145 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي = عن أبيه عن أيوب بن عائذ الطائي عن الشعبي: (قد شغفها حبًّا) ، قال: "المشغوف" : المحب، و "المشعوف" ، (1) المجنون. (2) 19146 -.... وبه قال، حدثنا أبي، عن أبي الأشهب، عن أبي رجاء والحسن: (قد شغفها حبًّا) ، قال أحدهما: قد بَطَنَها حبًّا. وقال الآخر: قد صَدَقها حبًّا. 19147 - حدثني يعقوب، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (قد شغفها حبا) ، قال: قد بطنَها حبًّا = قال يعقوب: قال أبو بشر: أهل المدينة يقولون: "قد بَطَنها حبًّا" . 19148 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن (1) "المشعوف" ، بالعين المهملة، وكان في المطبوعة بالغين المعجمة، وهو خطأ. وأراد الشعبي أن يفرق بينهما. (2) الأثر: 19145 - "أيوب بن عائذ المدلجي الطائي" ، ثقة، مضى برقم: 10338، 10339 الحسن، قال: سمعته يقول في قوله: (قد شغفها حبا) ، قال: بَطنَها حبًّا. وأهل المدينة يقولون ذلك. 19149 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا عبد الوهاب، عن قرة، عن الحسن: (قد شغفها حبًّا) ، قال: قد بَطَن بها حبًّا. (1) 19150 - حدثنا الحسن، قال: حدثنا أبو قطن، قال: حدثنا أبو الأشهب، عن الحسن: (قد شغفها حبًّا) ، قال: بَطَنها حبه. 19151 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة. عن الحسن: (قد شغفها حبًّا) ، قال: بطَن بها. 19152 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (قد شغفها حبًّا) ، قال: استبطنها حبها إياه. 19153 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (قد شغفها حبًّا) ، أي: قد عَلَّقها. 19154 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد: (قد شغفها حبًّا) ، قال: قد عَلَّقَها حبًّا. 19155 - حدثنا بن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك، قال: هو الحب اللازق بالقلب. 19156 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك، في قوله: (قد شغفها حبًّا) ، يقول: هلكت عليه حبًّا، و "الشَّغَاف" : شَغَاف القلب. 19157 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا (1) في المخطوطة: "بطن لها" ، وانظر رقم: 19151. أسباط، عن السدي: (قد شغفها حبًّا) ، قال: و "الشَّغاف" : جلدة على القلب يقال لها ": لسان القلب" ، (1) يقول: دخل الحب الجلد حتى أصاب القلب. * * * وقد اختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة الأمصار بالغين: (قَدْ شَغَفَهَا) ، على معنى ما وصفت من التأويل. * * * وقرأ ذلك أبو رجاء: "قَدْ شَعَفَهَا" بالعين. (2) 19158 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا أبو قطن، قال: حدثنا أبو الأشهب، عن أبي رجاء: "قَدْ شَعَفَهَا" . 19159 -.... قال: حدثنا خلف، قال: حدثنا هشيم، عن أبي الأشهب، أو عوف عن أبي رجاء: "قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا" ، بالعين. 19160 -.... قال: حدثنا خلف، قال: حدثنا محبوب، قال: قرأه عوف: "قَدْ شَعَفَهَا" . 19161 -.... قال: حدثنا عبد الوهاب، عن هارون، عن أسيد، عن الأعرج: "قَدْ شَعَفَهَا حُبًّا" ، وقال: شَعَفَهَا إذا كان هو يحبها. * * * ووجَّه هؤلاء معنى الكلام إلى أنَّ الحبَّ قد عمَّها. * * * وكان بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين يقول: هو من قول القائل: (1) هكذا في المطبوعة والمخطوطة، وأنا أرجح أن الصواب "لباس القلب" ، لأنهم قالوا في شرح اللفظ: "الشغاف: غلاف القلب، وهو جلدة دونه كالحجاب، وسويداؤه" ، وقالوا "هو غشاء القلب" وقال أبو الهيثم: "يقال لحجاب القلب، وهي شحمة تكون لباسًا للقلب الشغاف" . (2) هكذا في المخطوطة: "شعفها" ، وظني أن الصواب: "شغف بها، إذا كان هو يحبها" ، وذلك بالبناء للمجهول، أما هذا الذي قاله، فمما لا يعرف. "قد شُعفَ بها" ، كأنه ذهب بها كل مَذهب، من "شَعَف الجبال" ، وهي رؤوسها. * * * وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال: "الشغف" ، شغف الحب = و "الشعف" ، شعف الدابة حين تذعر. 19162 - حدثني بذلك الحارث، عن القاسم، أنه قال: يروى ذلك عن أبي عوانة، عن مغيرة عنه. = قال الحارث: قال القاسم، يذهب إبراهيم إلى أن أصل "الشَّعَف" ، هو الذعر. قال: وكذلك هو كما قال إبراهيم في الأصل، إلا أن العرب ربما استعارت الكلمة فوضعتها في غير موضعها ; قال امرؤ القيس: أَتَقْتُلُنِي وَقَدْ شَعَفْتُ فُؤَادَهَا ... كَمَا شَعَفَ المَهْنُوءَة الرَّجُلُ الطَّالِي (1) قال: و "شعف المرأة" من الحبّ، و "شعف المهنوءة" من الذعر، فشبه لوعة الحب وجَوَاه بذلك. * * * وقال ابن زيد في ذلك ما: - 19163 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (قد شغفها حبًّا) قال: إن "الشغف" و "الشعف" ، مختلفان، (1) ديوانه: 142، واللسان "شعف" ، وغيرها، من قصيدة البارعة، يقول وقد ذكر صاحبته وبعلها: فَأَصْبحْتُ مَعْشُوقًا وَأَصْبَحَ بَعْلُها ... عَلَيْه القَتامُ سَيِّءَ الظَّنِّ وَالبالِ يَغِط غَطِيطَ البَكْرِ شُدَّ خِناقُهُ ... لِيَقْتُلَنِي، والمرْءُ لَيْسَ بقَتَّالِ أَيَقْتُلَني والمَشْرَفِيُّ مُضَاجِعِي ... وَمَسْنُونَةٌ زُرْقٌ كَأَنْيابِ أَغْوَالِ ولَيْسَ بذي رُمْحٍ فَيَطْعُنُني بهِ ... وَلَيْسَ بِذي سَيْفٍ، ولَيْسَ بِنَبَّالِ أيقتُلَني أنِّي شعفتُ فُؤَادها ... . . . . . . . . . . . . . . . . . . . وَقَدْ عَلِمَتْ سَلْمَى، وإنْ كانَ بَعلَها ... بِأَنَّ الفَتَى يَهْذِي ولَيْسَ بفَعَّال و "الشعف" ، في البغض = و "الشغف" في الحب. * * * وهذا الذي قاله ابن زيد لا معنى له، لأن "الشعف" في كلام العرب بمعنى عموم الحب، أشهر من أن يجهله ذو علم بكلامهم. * * * قال أبو جعفر: والصواب في ذلك عندنا من القراءة: (قَدْ شَغَفَهَا) ، بالغين، لإجماع الحجة من القرأة عليه. * * * وقوله: (إنا لنراها في ضلال مبين) ، قلن: إنا لنرى امرأة العزيز في مراودتها فتاها عن نفسه، وغلبة حبه عليها، لفي خطأ من الفعل، وجَوْر عن قصد السبيل = "مبين" ، لمن تأمله وعلمه أنه ضلال، وخطأ غير صواب ولا سداد. (1) وإنما كان قيلهنّ ما قلن من ذلك، وتحدُّثهن بما تحدَّثن به من شأنها وشأن يوسف، مكرًا منهن، فيما ذكر، لتريَهُنَّ يوسف. * * * (1) انظر تفسير "الضلال" و "مبين" فيما سلف من فهارس اللغة (ضلل) ، (بين) . القول في تأويل قوله تعالى: {فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّينًا وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلا مَلَكٌ كَرِيمٌ (31) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: فلما سمعت امرأة العزيز بمكر النسوة اللاتي قلن في المدينة ما ذكره الله عز وجل عنهن = * * * وكان مكرهنَّ ما: - 19164 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (فلما سمعت بمكرهن) ، يقول: بقولهن. 19165 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما أظهر النساء ذلك، من قولهن ": تراود عبدها!" مكرًا بها لتريهن يوسف، وكان يوصف لهن بحُسنه وجماله ; (فلما سمعت بمكرهن (1) أرسلت إليهن وأعتدت لهن متكأ) . 19166 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فلما سمعت بمكرهن) :، أي بحديثهن، (= أرسلت إليهن) ، يقول: أرسلت إلى النسوة اللاتي تحدثن بشأنها وشأن يوسف. * * * (وأعتدت) ، "أفعلت" من العتاد، وهو العدَّة، (2) ومعناه: أعدّت لهن = "متكأ" ، يعني: مجلسًا للطعام، وما يتكئن عليه من النمارق والوَسائد: * * * = وهو "مفتعل" من قول القائل: "اتَّكأت" ، يقال: "ألق له مُتَّكأ" ، يعني: ما يتكئ عليه. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19167 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا يحيى بن اليمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد: (وأعتدت لهن متكأ) قال: طعامًا وشرابًا ومتكأ. 19168 -.... قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: يتكئن عليه. (1) انظر تفسير "المكر" فيما سلف 15: 49، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "أعتد" فيما سلف 8: 103، 355 / 9: 353، 392. 19169 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية عن علي، عن ابن عباس: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: مجلسًا. 19170 -.... قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: أخبرنا هشيم، عن أبي الأشهب، عن الحسن أنه كان يقرأ: (مُتَّكَآءً) ، ويقول: هو المجلس والطعام. (1) 19171 -.... قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد: من قرأ: "مُتْكَأً" ، خفيفة، يعني طعامًا. ومن قرأ (مُتَّكَأً) ، يعني المتكأ. * * * فهذا الذي ذكرنا عمن ذكرنا عنه تأويل هذه الكلمة، هو معنى الكلمة، وتأويل "المتكأ" ، وأنها أعدّت للنسوة مجلسًا فيه متكأ وطعام وشراب وأترج. ثم فسر بعضهم "المتكأ" بأنه الطعام على وجه الخبر عن الذي أعدّ من أجله المتكأ = وبعضهم عن الخبر عن الأترج. إذ كان في الكلام: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، لأن السكين إنما تعد للأترج وما أشبهه مما يقطع به = وبعضهم على البزماورد. 19172 - حدثني هارون بن حاتم المقرئ، قال: حدثنا هشيم بن الزبرقان، عن أبي روق، عن الضحاك، في قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: البزماورد. * * * وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى: "المتكأ" : هو النُّمْرُق يتكأ عليه. وقال: زعم قوم أنه الأترج. قال: وهذا أبطل باطل في الأرض، ولكن عسى أن يكون مع "المتكأ" أترج يأكلونه. (2) * * * (1) قراءة الحسن بالمد، آخره همز، ذكر هذه القراءة ابن خالويه في شواذ القراءات ص: 63 عن الحسن، وذكرها أبو حيان في تفسيره 5: 302، ونسبها إلى الحسن وابن هرمز، وقال: "بالمد والهمز. وهي مفتعل، من الاتكاء، إلا أنه أشبع الفتحة فتولدت منها الألف كما قالوا" : وَأَنْتَ مِنَ الغَوَائِل حَيْثُ تُرْمَى ... ومِنْ ذَمِّ الرِّجالِ بِمُنْتَزَاحِ أي: بمنتزح، فأشبع. (2) انظر مجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 309. ![]()
__________________
|
#5
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (864) صــ 71 إلى صــ 80 وحكى أبو عبيد القاسم بن سلام قول أبي عبيدة، ثم قال: والفقهاء أعلم بالتأويل منه. ثم قال: ولعله بعضُ ما ذهب من كلام العرب، فإنّ الكسائي كان يقول: قد ذهب من كلام العرب شيء كثير انقرض أهله. * * * قال أبو جعفر: والقول في أن الفقهاء أعلم بالتأويل من أبي عبيدة، كما قال أبو عبيد لا شك فيه، غير أن أبا عبيدة لم يُبْعد من الصواب في هذا القول، بل القول كما قال: مِن أن مَن قال للمتكأ: هو الأترج، إنما بيَّن المعدَّ في المجلس الذي فيه المتكأ، والذي من أجله أعطين السكاكين، لأن السكاكين معلومٌ أنها لا تعدُّ للمتكأ إلا لتخريقه! (1) ولم يعطين السكاكين لذلك. * * * ومما يبين صحة ذلك القول الذي ذكرناه عن ابن عباس، من أن "المتكأ" هو المجلس. ثم رُوي عن مجاهد عنه، ما: - 19173 - حدثني به سليمان بن عبد الجبار، قال، حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس: (وأعتدت لهن متكأ وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، قال: أعطتهن أترجًّا، وأعطت كل واحدة منهن سكّينًا. * * * فبيّن ابن عباس في رواية مجاهد هذه، ما أعطت النسوة، وأعرض عن ذكر بيان معنى "المتكأ" ، إذ كان معلومًا معناه. * * * * ذكر من قال في تأويل "المتكأ" ما ذكرنا: 19174 - حدثني يحيى بن طلحة اليربوعي، قال: حدثنا فضيل بن عياض، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: التُّرُنْج. 19175 - حدثني المثنى، قال: حدثنا عمرو بن عون، قال: حدثنا هشيم، (1) يقول: إلا إذا أعطين السكاكين لكي يمزقن النمارق والوسائد، وهي المتكأ. عن عوف، قال: حدثت عن ابن عباس أنه كان يقرؤها: "مُتْكًا" مخففة، ويقول: هو الأترُجّ. 19176 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن إدريس، عن أبيه، عن عطية: "وأعتدت لهن متكأ" ، قال الطعام. 19177 - حدثني يعقوب والحسن بن محمد، قالا حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، في قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: طعامًا. 19178 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن، مثله. 19179 - حدثنا ابن بشار وابن وكيع، قالا حدثنا غندر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، في قوله: (وأعتدت لهن مُتَّكأ) ، قال: طعامًا. 19180 - حدثنا ابن المثنى، قال: حدثنا وهب بن جرير، قال: حدثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جبير، نحوه. 19181 - حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: من قرأ (مُتَّكَأ) فهو الطعام، ومن قرأها "مُتْكًأ" فخففها، فهو الأترجّ. 19182- حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (متكأ) ، قال: طعامًا 19183- حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19184 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = 19185 - وحدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19186 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا أبو خالد القرشي، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، قال: من قرأ: "مُتْكًا" ، خفيفة، فهو الأترجّ. 19187 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، بنحوه. 19188 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا جرير، عن ليث، قال سمعت بعضهم يقول: الأترج. 19189 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (وأعتدت لهن متكأ) :، أي طعامًا. 19190 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، مثله. 19191 -.... قال: حدثنا يزيد، عن أبي رجاء، عن عكرمة، في قوله: (متكأ) ، قال: طعامًا. 19192 - حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتْكًا) ، يعني الأترج. 19193 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وأعتدت لهن متكأ) ، والمتكأ، الطعام. 19194 -.... قال: حدثنا جرير عن ليث، عن مجاهد: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: الطعام. 19195 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، قال: طعامًا. 19196 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، قال: حدثنا عبيد بن سليمان، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (مُتَّكَأً) ، فهو كل شيء يجزّ بالسكين. * * * قال أبو جعفر: قال الله تعالى ذكره، مخبرًا عن امرأة العزيز والنسوة اللاتي تحدَّثن بشأنها في المدينة: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، يعني بذلك جل ثناؤه: وأعطت كل واحدة من النسوة اللاتي حضرنها، سكينًا لتقطع به من الطعام ما تقطع به. وذلك ما ذكرت أنَّها آتتهن إما من الأترج، وإما من البزماورد، أو غير ذلك مما يقطع بالسكين، كما:- 19197 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، وأترجًّا يأكلنه. 19198 - حدثنا سليمان بن عبد الجبار، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، قال: أعطتهن أترجًّا، وأعطت كل واحدة منهن سكينًا. 19199 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وآتت كل واحدة منهن سكينًا) ، ليحتززن به من طعامهنّ. 19200 - حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وآتت كل واحدة منهن سكينا) ، وأعطتهن تُرنجًا وعسلا فكن يحززن الترنج بالسكين، ويأكلن بالعسل. * * * قال أبو جعفر: وفي هذه الكلمة بيانُ صحة ما قلنا واخترنا في قوله (1) (وأعتدت لهن متكأ) . وذلك أن الله تعالى ذكره أخبر عن إيتاء امرأة العزيز النسوةَ السكاكينَ، وترك ما لَهُ آتتهن السكاكين، إذ كان معلومًا أن السكاكين لا تدفع إلى من دعي إلى مجلس إلا لقطع ما يؤكل إذا قطع بها. فاستغني بفهم السامع بذكر إيتائها صواحباتها السكاكين، عن ذكر ما له آتتهن ذلك. فكذلك استغني بذكر اعتدادها لهنّ المتكأ، عن ذكر ما يعتدُّ له المتكأ مما يحضر المجالس من الأطعمة والأشربة والفواكه وصنوف الالتهاء ; لفهم السامعين بالمراد من ذلك، ودلالة قوله: (وأعتدت لهن متكأ) ، عليه. فأما نفس "المتكأ" فهو ما وصفنا خاصةً دون غيره. * * * وقوله: (وقالت اخرج عليهن فلما رأينه أكبرنه) ، يقول تعالى ذكره: وقالت امرأة العزيز ليوسف: (اخرج عليهن) ، فخرج عليهن يوسف = (فلما رأينه أكبرنه) ، يقول جل ثناؤه: فلما رأين يوسف أعظمنه وأجللْنه. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19201 - حدثنا الحسن بن محمد، قال، حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (أكبرنه) ، أعظمنه. 19202 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله. 19203 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح. قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. (1) في المطبوعة: "وأخبرنا في قوله" ، لم يحسن قراءة المخطوطة. 19204 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (فلما رأينه أكبرنه) :، أي: أعظمنه. 19205 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (وقالت اخرج عليهن) ، ليوسف = (فلما رأينه أكبرنه) :، عظَّمنه. 19206 - حدثنا إسماعيل بن سيف العجلي، قال: حدثنا علي بن عابس، قال: سمعت السدي يقول في قوله: (فلما رأينه أكبرنه) ، قال: أعظمنه. (1) 19207 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (اخرج عليهن) ، فخرج، فلما رأينه أعظمنه وبُهِتن. 19208 - حدثنا إسماعيل بن سيف. قال: حدثنا عبد الصمد بن علي الهاشمي، عن أبيه، عن جده، في قوله: (فلما رأينه أكبرنه) ، قال: حِضْن. (2) 19209 - حدثنا علي بن داود، قال: حدثنا عبد الله، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: (فلما رأينه أكبرنه) ، يقول: أعظمنه. 19210 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا يحيى بن أبي زائدة، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. * * * قال أبو جعفر: وهذا القول = أعني القول الذي روي عن عبد الصمد، عن أبيه، عن جده، في معنى (أكبرنه) ، أنه حِضْن = إن لم يكن عَنَى به أنهن حضن من إجلالهن يوسف وإعظامهن لما كان الله قسم له من البهاء والجمال، ولما يجد من مثل ذلك النساءُ عند معاينتهن إياه = فقولٌ لا معنى له. لأن (1) الأثر: 19206 - "إسماعيل بن سيف العجلي" ، شيخ برقم الطبري مضى: 3843، وذكر أخي هناك أنه لم يجد له ترجمة، وظنه "إسماعيل بن سيف، أبو إسحاق" ، بل قطع بذلك. والله أعلم. و "علي بن عابس الأسدي" ، ضعيف، مضى برقم: 11233. (2) الأثر: 19208 - "إسماعيل بن سيف العجلي" ، انظر رقم: 19206 و "عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي" ، كان أميرًا بمكة، وذكره العقيلي في الضعفاء. مترجم في ميزان الاعتدال 2: 132، ولسان الميزان 4: 21. تأويل ذلك: فلما رأين يوسف أكبرنه، فالهاء التي في "أكبرنه" ، من ذكر يوسف، ولا شك أن من المحال أن يحضنَ يوسف. ولكن الخبر، إن كان صحيحًا عن ابن عباس على ما روي، فخليقٌ أن يكون كان معناه في ذلك أنهن حضن لِمَا أكبرن من حسن يوسف وجماله في أنفسهن، ووجدن ما يجد النساء من مثل ذلك. * * * وقد زعم بعض الرواة أن بعض الناس أنشده في "أكبرن" بمعنى حضن، بيتًا لا أحسب أنَّ له أصلا لأنه ليس بالمعروف عند الرواة، وذلك: نَأْتِي النِّسَاءَ عَلَى أَطْهَارِهِنَّ وَلا ... نَأْتِي النِّسَاءَ إِذَا أَكْبَرْنَ إِكْبَارَا (1) وزعم أن معناه: إذا حضن (2) . * * * وقوله: (وقطعن أيديهن) ، اختلف أهل التأويل في معنى ذلك. فقال بعضهم: معناه: أنهن حَززن بالسكين في أيديهن، وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترُجّ. * ذكر من قال ذلك: 19211 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (وقطعن أيديهن) ، حزًّا حزًّا بالسكين. 19212 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، قال: حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وقطعن أيديهن) ، قال: حزًّا حزًّا بالسكاكين. (1) لسان العرب (كبر) . (2) ذكر أبو منصور الأزهري، عن أبي الهيثم أنه قال: "سألت رجلا من طيئ فقلت: يا أخا طيئ، ألك زوجة؟ قال: لا والله ما تزوجت، وقد وعدت في ابنة عم لي. قلت: ما سنها؟ قال: قد أكبرت = أو: كبرت = قلت: ما أكبرت؟ قال: حاضت" . قال: الأزهري: "وإن صحت هذه اللفظة في اللغة بمعنى الحيض، فلها مخرج حسن. وذلك أن المرأة أول ما تحيض فقد خرجت من حد الصغر إلى حد الكبر، فقيل لها: أكبرت، أي: حاضت فدخلت في حد الكبر الموجب عليها الأمر والنهي." 19213 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = 19214 -.... قال: وحدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وقطعن أيديهن) ، قال: حزًّا حزًّا بالسكين. 19215 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (وقطعن أيديهن) قال: جعل النسوة يحززن أيديهن، يحسبن أنهن يقطعن الأترج. 19216 - حدثنا إسماعيل بن سيف، قال: حدثنا علي بن عابس، قال: سمعت السدي يقول: كانت في أيديهن سكاكين مع الأترج، فقطعن أيديهنّ، وسالت الدماء، فقلن: نحن نلومك على حبّ هذا الرجل، ونحن قد قطعنا أيدينا وسالت الدماء! 19217 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد: جعلن يحززن أيديهن بالسكين، ولا يحسبن إلا أنهن يحززن الترنج، قد ذهبت عقولهن مما رأين! 19218 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (وقطعن أيديهن) ، وحززن أيديهن. 19219 - حدثني سليمان بن عبد الجبار، قال: حدثنا محمد بن الصلت، قال: حدثنا أبو كدينة، عن حصين، عن مجاهد، عن ابن عباس، قال: جعلن يقطعن أيديهن وهن يحسبن أنهن يقطعن الأترج. 19220 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (وقطعن أيديهن) ، قال: جعلن يحززن أيديهن، ولا يشعرن بذلك. 19221 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قالت ليوسف: (اخرج عليهن) ، فخرج عليهن = (فلما رأينه أكبرنه) ، وغلبت عقولهن عجبًا حين رأينه، فجعلن يقطعن أيديهن بالسكاكين التي معهن، ما يعقلن شيئًا مما يصنعن = (وقلن حاش لله ما هذا بشرًا) . * * * وقال آخرون: بل معنى ذلك: أنهن قطعن أيديهن حتى أبنَّها، وهن لا يشعرن. * ذكر من قال ذلك: 19222 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قال: قطعن أيديهن حتى ألقينَها. 19223 - حدثني المثنى، قال: حدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله: (وقطعن أيديهن) ، قال: قطعن أيديهن حتى ألقينها. * * * قال أبو جعفر: والصواب من القول في ذلك أن يقال: إن الله أخبر عنهن أنهن قطَّعن أيديهن وهن لا يشعرن لإعظام يوسف، وجائز أن يكون ذلك قطعًا بإبانة = وجائز أن يكون كان قطع حزّ وخدش = ولا قول في ذلك أصوب من التسليم لظاهر التنزيل. * * * 19224 - حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: حدثنا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: أعطي يوسف وأمه ثلث الحسن. (1) (1) الآثار 19224 - 19227 - حديث موقوف صحيح الإسناد، خرجه السيوطي في الدر المنثور 4: 17 من طرق وبألفاظ مختلفة، وخرجه الهيثمي بهذا اللفظ، في مجمع الزوائد 8: 203. وبغير هذا اللفظ مطولا. وقال: "رواه الطبراني موقوفًا، ورجاله رجال الصحيح" ثم ذكر هذا المختصر، فقال: رواه الطبراني، والظاهر أنه وهم ". وذلك أن نص الأول المطول:" أعطى يوسف وأمه ثلثي حسن الناس "." 19225 - حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا محمد بن جعفر، قال: حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، مثله. 19226 -.... وبه عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: قسم ليوسف وأمه ثلث الحسن. 19227 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله، قال: أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الخلق. 19228 - حدثني أحمد بن ثابت، وعبد الله بن محمد الرازيّان، قالا حدثنا عفان، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا ثابت، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: أعطي يوسف وأمه شَطْرَ الحسن (1) . 19229 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن أبي معاذ، عن يونس، عن الحسن، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أعطي يوسف وأمه ثلث (1) الأثر: 19228 - "أحمد بن ثابت بن عتاب الرازي" ، "فرخويه" ، شيخ الطبري كذاب، مضى برقم: 2055. و "عبد الله بن محمد الرازي" ، شيخ الطبري، لم أعرفه، وفي التاريخ: "حدثني عبد الله بن محمد، وأحمد بن ثابت الشيان.." ، ولا أدري ما هذا؟ و "عفان" ، هو "عفان بن مسلم الصفار" ، ثقة من شيوخ أحمد والبخاري، مضى برقم: 5392، أخرج له الجماعة. و "حماد بن سلمة" ، ثقة، مضى مرارًا. و "ثابت" هو "ثابت بن أسلم الناني" تابعي ثقة، مضى مرارًا. وهذا خبر صحيح الإسناد، ولا يضره كذب "أحمد بن ثابت" ، فالثقات قد رووه، رواه أحمد في مسنده 3: 286، عن عفان نفسه، بهذا اللفظ. ورواه الحاكم في المستدرك 2: 570، من طريق محمد بن إسحاق الصغاني، ومحمد بن غالب بن حرب، وإسحاق بن الحسن بن ميمون، جميعًا عن عفان بن مسلم. بمثله، وقال: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه" ، ووافقه الذهبي. ورواه الطبري في تاريخه من هذا الطريق نفسه 1: 173. ![]()
__________________
|
#6
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (865) صــ 81 إلى صــ 90 حُسن أهل الدنيا، وأعطي الناس الثلثين = أو قال: أعطي يوسف وأمه الثلثين، وأعطي الناس الثلث. 19230 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ; وحدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي =، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ربيعة الجرشي، قال: قسم الحسن نصفين، فأعطي يوسف وأمه سارة نصف الحسن، والنصف الآخر بين سائر الخلق. 19231 - حدثنا ابن بشار، قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري، قال: حدثنا سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ربيعة الجرشي، قال: قسم الحسن نصفين: فقسم ليوسف وأمه النصف، والنصف لسائر الناس. 19232 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا حدثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، عن ربيعة الجرشي، قال: قسم الحسن نصفين، فجعل ليوسف وسارَة النصف، وجعل لسائر الخلق نصف. (1) 19233 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام، عن عيسى بن يزيد، عن الحسن: أعطي يوسف وأمه ثلث حسن الدنيا، وأعطي الناس الثلثين. * * * وقوله: (وقلن حاش لله) ، اختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأته عامة قرأة الكوفيين: (حَاشَ لِلّهِ) بفتح الشين وحذف الياء. * * * وقرأه بعض البصريين بإثبات الياء "حَاشَى لله" . * * * (1) الآثار: 19230 - 19232 - "ربيعة الجرشي" ، مختلف في اسم أبيه، وفي صحبته. فقيل في اسم أبيه "ربيعة بن عمرو" ، و "ربيعة بن الغاز" ، انظر ترجمته في الإصابة، والكبير للبخاري 2 / 1 / 256، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 472، وابن سعد في الطبقات 7 / 2 / 150، وقال: "وفي بعض الحديث أنه صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، قال: وكان ثقة، وقتل يوم مرج راهط في ذي الحجة سنة 64" . وفيه لغات لم يقرأ بها: "حَاشَى اللهِ" ، كما قال الشاعر: (1) حَاشَى أَبِي ثَوْبَانَ إِنَّ بِهِ ... ضَنًّا عَنِ المَلْحَاةِ وَالشَّتْمِ (2) * * * وذكر عن ابن مسعود أنه كان يقرأ بهذه اللغة: "حَشَى اللهَ" ، و "حاشْ اللهَ" ، (3) بتسكين الشين والألف، يجمع بين الساكنين. * * * وأما القراءة فإنما هي بإحدى اللغتين الأوليين، فمن قرأ: (حَاشَ لله) بفتح الشين وإسقاط الياء، فإنه أراد لغة من قال: "حاشى لله" ، بإثبات الياء، ولكنه حذف الياء لكثرتها على ألسن العرب، كما حذفت العرب الألف من قولهم: "لا أب لغيرك" ، و "لا أب لشانيك" ، وهم يعنون: "لا أبا لغيرك" . و "لا أبا لشانيك" . * * * (1) هو الجميح، منقد بن الطماح الأسدي، ونسب لسبرة بن عمرو الأسدي. (2) المفضليات 718، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 310، والخزانة 2: 150، والعيني (بهامش الخزانة) 4: 129، واللسان (حشى) في موضعين، بروايتين، وهو من شعر له هجا فيه بني رواحه بن قطيعة بن عبس، ويستثنى منهم عمرو بن عبد الله أبا ثوبان، يقول: وَبَنُو رَوَاحَةَ يَنْظُرُونَ إذَا ... نَظَرَ النَّدِيُّ بِآنُفٍ خُثْمِ حَاشَا أبِي ثَوْبَانَ إنّ أبَا ... ثَوْبَان لَيْسَ بِبُكْمَةٍ فَدْمِ عَمْرُو بنَ عَبْدِ اللهِ إنَّ بِهِ ... ضَنًّا عَنِ المَلْحَاةِ والشَّتْمِ وخلط في الشعر أبو عبيدة وغيره، وفي المخطوطة "أبي ثروان" ، وفي اللسان في أحد الموضعين "أبي مروان" ، كأنه نقل محرف عن رواية "ثروان" ، إن صحت، رواه المفضل "حاشى أبا ثوبان" بالنصب. و "الندى" المجلس، واراد أهله. و "الآنف" جمع "أنف" ، "الخثم" جمع "أخثم" ، وهو الأنف العظيم الكثير اللحم، ليس برقيق ولا أشم، وهو ذم. و "البكمة" ، الأبكم، و "الفدم" العيي الثقيل الفهم. و "الملحاة" مصدر ميمي من "لحوت الرجل ولحيته" ، إذا ألححت عليه باللائمة، وكأنه يعني المشاغبة. (3) في المطبوعة، أسقط "حشى الله" ، وأثبتها منها. وكان بعض أهل العلم بكلام العرب يزعم أن لقولهم: "حاشى لله" ، موضعين في الكلام: أحدهما: التنزيه. والآخر: الاستثناء. وهو في هذا الموضع عندنا بمعنى التنزيه لله، كأنه قيل: معاذ الله. * * * قال أبو جعفر: وأما القول في قراءة ذلك. فإنه يقال: للقارئ الخيار في قراءته بأي القراءتين شاء، إن شاء بقراءة الكوفيين، وإن شاء بقراءة البصريين، وهو: (حَاشَ لله) و "حَاشَى لله" ، لأنهما قراءتان مشهورتان، ولغتان معروفتان بمعنى واحد، وما عدا ذلك فلغات لا تجوز القراءة بها، لأنا لا نعلم قارئًا قرأ بها. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19234 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا ابن نمير، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وقلن حاش لله) ، قال: معاذ الله. 19235 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله: (حاش لله) ، معاذ الله. 19236 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وقلن حاش لله) : معاذ الله. 19237 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله: (حاش لله) : معاذ الله. 19238 -.... قال: حدثنا عبد الوهاب، عن عمرو، عن الحسن: (حاش لله) : معاذ الله. 19239 - حدثني الحارث، قال: حدثنا عبد العزيز، قال: حدثنا يحيى، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله. * * * وقوله: (ما هذا بشرًا) ، يقول: قلن ما هذا بشرًا، لأنهن لم يرين في حسن صورته من البشر أحدًا، فقلن: لو كان من البشر، لكان كبعض ما رأينا من صورة البشر، ولكنه من الملائكة لا من البشر، كما:- 19240 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وقلن حاش لله ما هذا بشرا) : ما هكذا تكون البشر! * * * وبهذه القراءة قرأ عامة قرأة الأمصار. وقد: - 19241 - حدثت عن يحيى بن زياد الفراء، قال: حدثني دعامة بن رجاء التيمي = وكان غَزَّاءً (1) = عن أبي الحويرث الحنفي أنه قرأ: "ما هذا بِشِرًى" ، أي ما هذا بمشتري. (2) * * * = يريد بذلك أنهن أنكرن أن يكون مثلُه مستعبدًا يشترى ويُبَاع. * * * قال أبو جعفر: وهذه القراءة لا أستجيز القراءة بها، لإجماع قرأة الأمصار على خلافها. وقد بينا أن ما أجمعت عليه، فغير جائز خلافُها فيه. * * * وأما "نصب" البشر، فمن لغة أهل الحجاز إذا أسقطوا "الباء" من الخبر نصبوه، فقالوا: "ما عمرو قائمًا" . وأما أهل نجد، فإن من لغتهم رفعه، يقولون: "ما عمرو قائم" ; ومنه قول بعضهم حيث يقول: (1) كان في المطبوعة: "غرا" ، والصواب ما أثبت، وهو كذلك في معاني القرآن. (2) الأثر: 19241 - هو في معاني القرآن للفراء في تفسير الآية. (1) لَشَتَّانَ مَا أَنْوِي وَيَنْوِي بَنُو أَبِي ... جَمِيعًا، فَمَا هَذَانِ مُسْتَوِيَانِ ... تَمَنَّوْا لِيَ المَوْتَ الَّذِي يَشْعَبُ الفَتَى ... وَكُلُّ فَتًى وَالمَوْتُ يَلْتَقِيَانِ (2) وأما القرآن، فجاء بالنصب في كل ذلك، لأنه نزل بلغة أهل الحجاز. * * * وقوله: (إن هذا إلا مَلَك كريمٌ) ، يقول: قلن ما هذا إلا ملك من الملائكة، كما: - 19242 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (إن هذا إلا ملك كريم) ، قال: قلن: ملك من الملائكة. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَتْ فَذَلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ وَلَقَدْ رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ مَا آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِنَ الصَّاغِرِينَ (32) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قالت امرأة العزيز للنسوة اللاتي قطعن أيديهن، فهذا الذي أصابكن في رؤيتكن إياه، وفي نظرة منكن نظرتن إليه ما أصابكن من ذهاب العقل وعُزوب الفهم وَلَهًا، ألِهتُنّ حتى قطعتن أيديكن، (3) هو الذي لمتنني في حبي إياه، وشغف فؤادي به، فقلتنّ: قد شغف امرأة العزيز فتاها حُبًّا، إنا لنراها في ضلال مبين! ثم أقرّت لهن بأنها قد راودته عن نفسه، (1) لم أعرف قائله. (2) رواهما الفراء في معاني القرآن، في تفسير الآية. (3) في المطبوعة: "وغروب الفهم ولها إليه حتى قطعتن.." ، وأثبت الصواب من المخطوطة. و "عزوب الفهم" ، ذهابه. يقال: "عزب عنه حلمه يعزب عزوبًا" ، ذهب. وقوله: "ألهتن" من "أله يأله ألهًا" ، إذا تحير، وأصله "وله، يوله، ولهًا" ، بمعنى واحد، وإنما قلبت الواو همزة. وأن الذي تحدثن به عنها في أمره حق (1) فقالت: (ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) ، مما راودته عليه من ذلك (2) كما: - 19243 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، قالت: (فذلكن الذي لمتنني فيه ولقد راودته عن نفسه فاستعصم) :، تقول: بعد ما حلّ السراويل استعصى، لا أدري ما بَدَا له. 19244 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (فاستعصم) ، أي: فاستعصى. 19245 - حدثني علي بن داود، قال: حدثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (فاستعصم) ، يقول: فامتنع. * * * وقوله: (ولئن لم يفعل ما آمره ليسجنن وليكونًا من الصاغرين) ، تقول: ولئن لم يطاوعني على ما أدعوه إليه من حاجتي إليه = (ليسجنن) ، تقول: ليحبسن (3) = وليكونًا من أهل الصغار والذلة بالحبس والسجن، ولأهينَنَّه (4) * * * والوقف على قوله: "ليسجنن" ، بالنون، لأنها مشددة، كما قيل: (لَيُبَطِّئَنَّ) ، [سورة النساء: 72] * * * وأما قوله: (وليكونًا) فإن الوقف عليه بالألف، لأنها النون الخفيفة، وهي شبيهةُ نون الإعراب في الأسماء في قول القائل: "رأيت رجلا عندك" ، فإذا وقف على "الرجل" قيل: "رأيتُ رجلا" ، فصارت النون ألفًا. فكذلك ذلك في: "وليكونًا" ، ومثله قوله: (لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ نَاصِيَةٍ) ، [سورة العلق: 15، 16] الوقف عليه بالألف لما ذكرت ; ومنه قول الأعشي: (1) انظر تفسير "المراودة" فيما سلف ص: 62، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "العصمة" فيما سلف 15: 331، تعليق 2:، ولمراجع هناك. (3) انظر تفسير "السجن" فما سلف ص: 52. "" (4) انظر تفسير "الصغار" فيما سلف 14: 200، تعليق: 2، والمراجع هناك. وَصَلِّ عَلَى حَينِ العَشَيَّاتِ والضُّحَى ... وَلا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا (1) وإنما هو: "فاعبدن" ، ولكن إذا وقف عليه كان الوقف بالألف. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ (33) } قال أبو جعفر: وهذا الخبر من الله يدلُّ على أن امرأة العزيز قد عاودت يوسف في المراودة عن نفسه، وتوعَّدته بالسّجن والحبس إن لم يفعل ما دعته إليه، فاختار السجن على ما دعته إليه من ذلك ; لأنها لو لم تكن عاودته وتوعَّدته بذلك، كان محالا أن يقول: (ربّ السجن أحبُّ إليّ مما يدعونني إليه) ، وهو لا يدعَى إلى شيء، ولا يخوَّف بحبس. * * * و "السجن" هو الحبس نفسه، وهو بيت الحَبْس. * * * وبكسر السين قرأه قرأة الأمصار كلها. والعرب تضع الأماكن المشتقة من الأفعال مواضع الأفعال (2) . فتقول: "طلعت الشمس مطلعًا، وغربت مغربًا" ، (1) ديوانه: 103، وغيره كثير، قاله عند إقباله على الإسلام، ثم مات ميتة جاهلية والخبر مشهور، ورواية ديوانه: وَذَا النُّصُبَ المَنْصُوبَ لا تَنْسُكَنَّهُ ... وَلا تَعْبُدِ الأَوْثَانَ وَاللهَ فَاعْبُدَا وَصَلِّ عَلَى حِينِ العَشِيَّاتِ والضُّحَى ... وَلا تَحْمَدِ الشَّيْطَانَ وَاللهَ فاحْمَدا وهي أجود الروايتين. (2) "الأفعال" يعني "المصادر" ، وانظر ما سلف من فهارس المصطلحات. فيجعلونها، وهي أسماء، خلفًا من المصادر، فكذلك "السجن" ، فإذا فتحت السين من "السَّجن" كان مصدرًا صحيحًا. * * * وقد ذكر عن بعض المتقدمين أنه يقرأه: "السَّجْنُ أَحَبُّ إلَيَّ" ، بفتح السين. ولا أستجيز القراءة بذلك، لإجماع الحجة من القرأة على خلافها. * * * قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: قال يوسف: يا رب، الحبس في السجن أحبُّ إليَّ مما يدعونني إليه من معصيتك، ويراودنني عليه من الفاحشة، كما: - 19246 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، قال: حدثنا أسباط، عن السدي: (قال رب السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه) : من الزنا. 19247 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال يوسف، وأضاف إلى ربه، واستغاثه على ما نزل به (1) (رب السجن أحب إليّ مما يدعونني إليه) ، أي: السجن أحبّ إليّ من أن آتي ما تكره. * * * وقوله: (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن) ، يقول: وإن لم تدفع عني، يا رب، فعلهن الذي يفعلن بي، في مراودتهن إياي على أنفسهن (2) = "أصب إليهن" ، يقول: أمِلْ إليهن، وأتابعهن على ما يُرِدن مني ويهوَيْن. * * * = من قول القائل: "صَبا فلان إلى كذا" ، ومنه قول الشاعر: (1) في المخطوطة: "وأحاف إلى ربه واستغاثه" ، والصواب في الأولى ما في المطبوعة، وفي المطبوعة "استعانه" ، فأثبت ما في المخطوطة. "أضاف إلى ربه" ، خاف وأشفق، فلجأ إليه مستجيرًا به. (2) انظر تفسير "الصرف" فيما سلف ص: 49، تعليق 1:، والمراجع هناك. = وتفسير "الكيد" فيما سلف ص: 60، تعليق: 1، والمراجع هناك. (1) إِلَى هِنْدٍ صَبَا قَلْبِي ... وَهِنْدٌ مِثْلُهَا يُصْبِي (2) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: 19248 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (أصب إليهن) ، يقول: أتابعهن. 19249 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وإلا تصرف عني كيدهن) ، أي: ما أتخوَّف منهن = (أصب إليهن) . 19250 - حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد، في قوله: (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن وأكن من الجاهلين) ، قال: إلا يكن منك أنت العون والمنعة، لا يكن منّي ولا عندي. * * * وقوله: (وأكن من الجاهلين) ، يقول: وأكن بصبوتي إليهن، من الذين جهلوا حقك، وخالفوا أمرك ونهيك، (3) كما: - 19251 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (وأكن من الجاهلين) ، أي: جاهلا إذا ركبت معصيتك. * * * (1) هو يزيد بن ضبة الثقفي "." (2) الأغاني 7: 102 (دار الكتب) ، ومجاز القرآن لأبي عبيدة 1: 311، من أبيات له هو مطلعها، وبعده: وهِنْدٌ غَادَةٌ غَيْدَا ... ءُ مِنْ جُرْثُومَةٍ غُلْبِ وَمَا إنْ وَجَدَ النَّاسُ ... مِنَ الأدْوَاءِ كالحُبِّ. (3) انظر تفسير "الجهل" فيما سلف 13: 332، تعليق: 1، 2، والمراجع هناك. القول في تأويل قوله تعالى: {فَاسْتَجَابَ لَهُ رَبُّهُ فَصَرَفَ عَنْهُ كَيْدَهُنَّ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (34) } قال أبو جعفر: إن قال قائل: وما وجه قوله: (فاستجاب له ربه) ، ولا مسألةَ تقدَّمت من يوسف لربّه، ولا دعا بصَرْف كيدهنَّ عنه، وإنما أخبر ربه أن السجن أحب إليه من معصيته؟ قيل: إن في إخباره بذلك شكايةً منه إلى ربه مما لقي منهنَّ، وفي قوله: (وإلا تصرف عني كيدهن أصب إليهن) ، معنى دعاءٍ ومسألةٍ منه ربَّه صرفَ كيدهِنَّ، ولذلك قال الله تعالى ذكره: (فاستجاب له ربه) ، وذلك كقول القائل لآخر: "إن لا تزرني أهنك" ، فيجيبه الآخر: "إذن أزورَك" ، لأن في قوله: "إن لا تزرني أهنك" ، معنى الأمر بالزيارة. * * * قال أبو جعفر: وتأويل الكلام: فاستجاب الله ليوسف دعاءه، فصرف عنه ما أرادت منه امرأة العزيز وصواحباتها من معصية الله، كما: - 19252 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (فاستجاب له ربه فصرف عنه كيدهن إنه هو السميع العليم) ، أي: نجاه من أن يركب المعصية فيهن، وقد نزل به بعض ما حَذر منهنَّ. * * * وقوله: (إنه هو السميع) ، دعاءَ يوسف حين دعاه بصرف كيد النسوة عنه، ودعاءَ كل داع من خلقه = (العليم) ، بمطلبه وحاجته، وما يصلحه، وبحاجة جميع خلقه وما يُصْلحهم. (1) * * * (1) انظر تفسير "السميع" و "العليم" فيما سلف من فهارس اللغة (سمع) ، (علم) . ![]()
__________________
|
#7
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (866) صــ 91 إلى صــ 100 القول في تأويل قوله تعالى: {ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا رَأَوُا الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ (35) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ثم بدا للعزيز، زوج المرأة التي راودت يوسف عن نفسه. * * * وقيل: "بدا لهم" ،، وهو واحد، لأنه لم يذكر باسمه ويقصد بعينه، وذلك نظير قوله: (الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ) ، [سورة آل عمران: 173] ، وقيل: إن قائل ذلك كان واحدًا. * * * وقيل: معنى قوله: (ثم بدا لهم) في الرأي الذي كانوا رأوه من ترك يوسف مطلقًا، ورأوا أن يسجنوه (من بعد ما رأوا الآيات) ببراءته مما قذفته به امرأة العزيز. * * * وتلك "الآيات" ، كانت قدَّ القميص من دُبُر، وخمشًا في الوجه، وقَطْعَ أيديهن، كما:- 19253 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن نصر بن عوف، عن عكرمة، عن ابن عباس: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات) ، قال: كان من الآيات: قدٌّ في القميص، وخمشٌ في الوجه. (1) 19254 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي وابن نمير، عن [نصر] ، عن عكرمة، مثله. (2) (1) الأثر: 19253 - "نصر بن عوف" ، لم أجد في الرواة من يسمى بذلك، والذي عندي أنه "نضر بن عربي الباهلي" ، فهو الذي يروي عن عكرمة، ويروي عنه وكيع، وقد سلف مرارًا وانظر رقم: 1307، 5864، وسلف التحريف في اسمه كثيرًا. (2) الأثر: 19254 - "نصر بن عوف" ، انظر التعليق السالف، هو "نضر بن عربي" . 19255 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا شبابة، قال: حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات) ، قال: قدُّ القميص من دبر. 19256 - حدثني محمد بن عمرو، قال: حدثنا أبو عاصم، عن عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (من بعد ما رأوا الآيات) ، قال: قدُّ القميص من دبر. 19257 - حدثني المثنى، قال: حدثنا أبو حذيفة، قال: حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد = 19258 -.... قال: وحدثنا إسحاق، قال: حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19259 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال: حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (من بعد ما رأوا الآيات) ، قال: "الآيات" : حزُّهن أيديهن، وقدُّ القميص. 19260 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، قال: قدُّ القميص من دبر. 19261 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه) ، ببراءته مما اتهم به، من شق قميصه من دُبر = (ليسجننه حتى حين) . 19262 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي: (من بعد ما رأوا الآيات) ، القميصُ، وقطع الأيدي. * * * وقوله: (ليسجننه حتى حين) ، يقول: ليسجننه إلى الوقت الذي يرون فيه رأيهم. (1) * * * (1) انظر تفسير "الحين" فيما سلف 1: 540 / 12: 359. وجعل الله ذلك الحبس ليوسف، فيما ذكر، عقوبةً له من همِّه بالمرأة، وكفارة لخطيئته. 19263 - حدثت عن يحيى بن أبي زائدة، عن إسرائيل، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس: (ليسجننه حتى حين) ، عثر يوسف عليه السلام ثلاثَ عثرات: حين همَّ بها فسجن. وحين قال: (اذكرني عند ربك) ، فلبث في السجن بضع سنين، وأنساه الشيطان ذكر ربه. وقال لهم: (إنكم لسارقون) ، فقالوا: (إن يسرق فقد سرق أخٌ له من قبل) . * * * وذكر أن سبب حبسه في السجن، كان شكوى امرأة العزيز إلى زوجها أمرَه وأمرَها، كما: - 19264 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين) ، قال: قالت المرأة لزوجها: إن هذا العبدَ العبرانيَّ قد فضحني في الناس، يعتذر إليهم، ويخبرهم أني راودته عن نفسه، ولست أطيق أن أعتذر بعذري، فإما أن تأذن لي فأخرج فأعتذر، وإما أن تحبسه كما حبستَني. فذلك قول الله تعالى: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين) . * * * وقد اختلف أهل العربية في وجه دخول هذه "اللام" في: (ليسجننه) . فقال بعض البصريين: دخلت ههنا، لأنه موضع يقع فيه "أيّ" ، فلما كان حرف الاستفهام يدخل فيه دخلته النون، لأن النون تكون في الاستفهام، تقول: "بدا لهم أيّهم يأخذنّ" ، أي: استبان لهم. * * * وأنكر ذلك بعض أهل العربية فقال: هذا يمين، وليس قوله: "هل تقومن" بيمين، و "لتقومن" ، لا يكون إلا يمينًا. * * * وقال بعض نحويي الكوفة: "بدا لهم" ، بمعنى ": القول" ، و "القول" يأتي بكل الكلام، بالقسم وبالاستفهام، فلذلك جاز: "بدا لهم قام زيد" ، و "بدا لهم ليقومن" . * * * وقيل: إن "الحين" في هذا الموضع معنِيٌّ به سبع سنين. * ذكر من قال ذلك: 19265 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا المحاربي، عن داود، عن عكرمة: (ليسجننه حتى حين) ، قال: سبع سنين. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ الآخَرُ إِنِّي أَرَانِي أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْهُ نَبِّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (36) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: ودخل مع يوسف السجن فتيان = فدل بذلك على متروكٍ قد ترك من الكلام، وهو: (ثم بدا لهم من بعد ما رأوا الآيات ليسجننه حتى حين) ، فسجنوه وأدخلوه السجن = ودخل معه فتيان، فاستغنَى بدليل قوله: (ودخل معه السجن فتيان) ، على إدخالهم يوسف السجن، من ذكره. * * * وكان الفتيان، فيما ذكر، (1) غلامين من غلمان ملك مصر الأكبر، أحدهما صاحبُ شرابه، والآخر صاحبُ طعامه، كما: - (1) انظر تفسير "الفتى" فيما سلف 8: 188 / 16: 62. 19266 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: فطرح في السجن = يعني يوسف = (ودخل معه السجن فتيان) ، غلامان كانا للملك الأكبر الرّيان بن الوليد، كان أحدهما على شرابه، والآخر على بعض أمره، في سَخْطَةٍ سخطها عليهما، اسم أحدهما "مجلث" والآخر "نبو" ، و "نبو" الذي كان على الشراب. 19267 - حدثنا بشر، قال: حدثنا يزيد، قال: حدثنا سعيد، عن قتادة: (ودخل معه السجن فتيان) ، قال: كان أحدهما خبازًا للملك على طعامه، وكان الآخر ساقيه على شرابِه. * * * وكان سبب حبس الملك الفتيين فيما ذكر، ما: - 19268 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: إن الملك غضب على خبَّازه، بلغه أنه يريد أن يسمّه، فحبسه وحبس صاحب شرابه، ظنَّ أنه مالأه على ذلك. فحبسهما جميعًا ; فذلك قول الله: (ودخل معه السجن فتيان) . * * * وقوله: (قال أحدهما إني أراني أعصر خمرًا) ، ذكر أن يوسف صلوات الله عليه لما أدخل السجن، قال لمن فيه من المحبَّسين، وسألوه عن عمله: إني أعبُرُ الرؤيا: فقال أحد الفتيين اللذين أدخلا معه السجن لصاحبه: تعال فلنجربه، كما: - 19269 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي، قال: لما دخل يوسف السجن قال: أنا أعبُرُ الأحلام. فقال أحد الفتيين لصاحبه: هلمَّ نجرّب هذا العبد العبرانيّ فتراءَيَا له! فسألاه، (1) من غير أن يكونا رأيا شيئًا. فقال الخباز: إني أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير (1) في المطبوعة: "نتراءى له" ، والصواب من المخطوطة، والتاريخ. منه؟ وقال الآخر: إني أراني أعصر خمرًا؟ (1) 19270 - حدثنا ابن وكيع وابن حميد، قالا حدثنا جرير، عن عمارة بن القعقاع، عن إبراهيم، عن عبد الله، قال: ما رأى صاحبا يوسف شيئًا، وإنما كانا تحالما ليجرِّبا علمه. * * * وقال قوم: إنما سأله الفَتَيان عن رؤيا كانا رأياها على صحةٍ وحقيقةٍ، وعلى تصديق منهما ليوسف لعلمه بتعبيرها. * ذكر من قال ذلك: 19271 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: لما رأى الفتيان يوسف، قالا والله، يا فتى لقد أحببناك حين رأيناك. 19272 -.... قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، عن عبد الله، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: أن يوسف قال لهم حين قالا له ذلك: أنشدكما الله أن لا تحباني، فوالله ما أحبني أحدٌ قط إلا دخل عليَّ من حبه بلاء، لقد أحبتني عمتي فدخل علي من حبها بلاء، ثم لقد أحبني أبي فدخل عليّ بحبه بلاء، ثم لقد أحبتني زوجةُ صاحبي هذا فدخل عليَّ بحبها إياي بلاء، فلا تحباني بارك الله فيكما! قال: فأبيا إلا حبه وإلفه حيث كان، وجعلا يعجبهما ما يريان من فهمه وعقله. وقد كانا رأيا حين أدخلا السجن رؤيا، فرأى "مجلث" أنه يحمل فوق رأسه خبزًا تأكل الطير منه، ورأى "نبو" أنه يعصر خمرًا، فاستفتياه فيها، وقالا له: (نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) ، إن فعلت. * * * وعني بقوله: (أعصر خمرًا) ، أي: إني أرى في نومي أني أعصر عنبًا. وكذلك ذلك في قراءة ابن مسعود فيما ذكر عنه. 19273 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي، عن أبي سلمة الصائغ، عن (1) الأثر: 19269 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 176. إبراهيم بن بشير الأنصاري، عن محمد بن الحنفية قال في قراءة ابن مسعود: "إنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ عِنَبًا. (1) " * * * وذكر أن ذلك من لغة أهل عمان، وأنهم يسمون العنب خمرًا. * ذكر من قال ذلك: 19274 - حدثت عن الحسين، قال: سمعت أبا معاذ، يقول: حدثنا عبيد، قال: سمعت الضحاك يقول في قوله: (إني أراني أعصر خمرًا) ، يقول: أعصر عنبًا، وهو بلغة أهل عمان، يسمون العنب خمرًا. 19275 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع ; وثنا ابن وكيع، قال: حدثنا أبي = عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك: (إني أراني أعصر خمرًا) ، قال: عنبًا، أرضُ كذا وكذا يدعُون العنب "خمرًا" . 19276 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس: (إني أراني أعصر خمرًا) ، قال: عنبًا. 19277 - حدثت عن المسيب بن شريك، عن أبي حمزة، عن عكرمة، قال: أتاه فقال: رأيت فيما يرى النائم أني غرست حَبَلة من عنب، (2) فنبتت، فخرج فيه عناقيد فعصرتهنّ، ثم سقيتهن الملك، فقال: تمكث في السجن ثلاثة أيام، ثم تخرج فتسقيه خمرًا. * * * وقوله: (وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه نبئنا (1) الأثر: 19273 - "أبو سلمة الصائغ" هو "راشد، أبو سلمة الصائغ الفزاري" ، روى عن الشعبي، وزيد الأحمسي، وغيرهما. مترجم في الكبير 2 / 1 / 272، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 485، ولم يذكرا فيه جرحًا. و "إبراهيم بن بشير الأنصاري" ، روى عن ابن الحنفية، مترجم في الكبير 1 / 1 / 274 زابن أبي حاتم 1 / 1 / 89. وهذا الخبر، ذكره البخاري في ترجمة "إبراهيم بن بشير" . (2) "الحبلة" (بفتح الحاء والباء) ، القضيب من شجر الأعناب، يغرس فينبت. بتأويله) ، يقول تعالى ذكره: وقال الآخر من الفَتيين: إني أراني في منامي أحمل فوق رأسي خبزًا ; يقول: أحمل على رأسي = فوضعت "فوق" مكان "على" (1) = (تأكل الطير منه) ، يعني: من الخبز. * * * وقوله: (نبئنا بتأويله) ، يقول: أخبرنا بما يؤول إليه ما أخبرناك أنَّا رأيناه في منامنا، ويرجع إليه، (2) كما: - 19278 - حدثني الحارث، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا يزيد، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (نبئنا بتأويله) ، قال: به = قال الحارث، قال أبو عبيد: يعني مجاهد أن "تأويل الشيء" ، هو الشيء. قال: ومنه: "تأويل الرؤيا" ، إنما هو الشيء الذي تؤول إليه. * * * وقوله: (إنا نراك من المحسنين) اختلف أهل التأويل في معنى "الإحسان" الذي وصف به الفتيان يوسف. (3) فقال بعضهم: هو أنه كان يعود مريضهم، ويعزي حزينهم، وإذا احتاج منهم إنسان جَمَع له. * ذكر من قال ذلك: 19279 - حدثنا الحسن بن محمد، قال: حدثنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك بن مزاحم، قال: كنت جالسًا معه ببلخ، فسئل عن قوله: (نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) ، قال: قيل له: ما كان إحسان يوسف؟ قال: كان إذا مرض إنسان قام عليه، وإذا احتاج جمع له، وإذا ضاق أوْسَع له. (1) انظر تفسير "فوق" فيما سلف 13: 430. (2) انظر تفسير "النبأ" فيما سلف من فهارس اللغة (نبأ) . = وتفسير "التأويل" فيما سلف ص: 20، تعليق: 2، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الإحسان" فيما سلف من فهارس اللغة (حسن) . 19280 - حدثنا إسحاق، عن أبي إسرائيل، قال: حدثنا خلف بن خليفة، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك، قال: سأل رجل الضحاك عن قوله: (إنا نراك من المحسنين) ما كان إحسانه؟ قال: كان إذا مرض إنسان في السجن قامَ عليه، وإذا احتاج جمع له، وإذا ضاق عليه المكان وسَّع له. 19281 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن أبي بكر بن عبد الله، عن قتادة، قوله: (إنا نراك من المحسنين) ، قال: بلغنا أن إحسانه أنه كان يداوي مريضهم، ويعزِّي حزينهم، ويجتهد لربه. وقال: لما انتهى يوسف إلى السجن وجد فيه قومًا قد انقطع رجاؤهم، واشتد بلاؤهم، فطال حزنهم، فجعل يقول: أبشروا واصبروا تؤجَروا، إن لهذا أجرًا، إن لهذا ثوابًا. فقالوا: يا فتى، بارك الله فيك، ما أحسن وجهك، وأحسن خلقك، لقد بورك لنا في جوارك، ما نحبُّ أنَّا كنا في غير هذا منذ حبسنا، لما تخبرنا من الأجر والكفَّارة والطَّهارة، فمن أنت يا فتى؟ قال: أنا يوسف، ابن صفي الله يعقوب، ابن ذبيح الله إسحاق بن إبراهيم خليل الله. وكانت عليه محبَّة. وقال له عامل السجن: يا فتى، والله لو استطعت لخلَّيت سبيلك، ولكن سأحسن جِوارك، وأحسن إسارك، فكن في أيِّ بيوت السجن شئت. 19282 - حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن خلف الأشجعي، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك في: (إنا نراك من المحسنين) ، قال: كان يوسع للرجل في مجلسه، ويتعاهد المرضى. * * * وقال آخرون: معناه: (إنا نراك من المحسنين) ، إذا نبأتنا بتأويل رؤيانا هذه. * ذكر من قال ذلك: 19283 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: استفتياه في رؤياهما، وقالا له: (نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) ، إن فعلت. * * * قال أبو جعفر: وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب، القول الذي ذكرناه عن الضحاك وقتادة. * * * فإن قال قائل: وما وجهُ الكلام إن كان الأمر إذن كما قلت، وقد علمت أن مسألتهما يوسف أن ينبئهما بتأويل رؤياهما، ليست من الخبَر عن صفته بأنه يعود المريض ويقوم عليه، ويحسن إلى من احتاج في شيء، وإنما يقال للرجل: "نبئنا بتأويل هذا فإنك عالم" ، وهذا من المواضع التي تحسن بالوصف بالعلم، لا بغيره؟ قيل: إن وجه ذلك أنهما قالا له: نبئنا بتأويل رؤيانا محسنًا إلينا في إخبارك إيانا بذلك، كما نراك تحسن في سائر أفعالك: (إنا نراك من المحسنين) . * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: (قال) يوسف للفتيين اللذين استعبراه الرؤيا: (لا يأتيكما) ، أيها الفتيان في منامكما = (طعام ترزقانه إلا نبأتكما بتأويله) ، في يقظتكما = (قبل أن يأتيكما) . * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: ![]()
__________________
|
#8
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (867) صــ 101 إلى صــ 110 19284 - حدثنا ابن وكيع، قال: حدثنا عمرو، عن أسباط، عن السدي، قال: قال يوسف لهما: (لا يأتيكما طعام ترزقانه) ، في النوم = (إلا نبأتكما بتأويله) ، في اليقظة. 19285 - حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق، قال: قال يوسف لهما: (لا يأتيكما طعام ترزقانه) ، يقول: في نومكما = (إلا نبأتكما بتأويله) . * * * ويعنى بقوله (بتأويله) : ما يؤول إليه ويصير ما رأيا في منامهما من الطعام الذي رأيا أنه أتاهما فيه. * * * وقوله: (ذلكما مما علمني ربي) ، يقول: هذا الذي أذكر أني أعلمه من تعبير الرؤيا، مما علمني ربى فعلمته = (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله) = وجاء الخبر مبتدأ، أي: تركت ملة قوم، والمعنى: ما ملت، وإنما ابتدأ بذلك، لأن في الابتداء الدليل على معناه. * * * وقوله: (إني تركت ملة قوم لا يؤمنون بالله) ، يقول: إني برئت من ملة من لا يصدق بالله، ويقرّ بوحدانيته (1) = (وهم بالآخرة هم كافرون) ، يقول: وهم مع تركهم الإيمان بوحدانية الله، لا يقرّون بالمعاد والبعث، ولا بثواب ولا عقاب. * * * = وكُررت "هم" مرتين، فقيل: (وهم بالآخرة هم كافرون) ، لما دخل بينهما قوله: (بالآخرة) ، فصارت "هم" الأولى كالملغاة، وصار الاعتماد على الثانية، كما قيل: (وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) [سورة النمل: 2/ سورة لقمان: 4] ، وكما قيل: (أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ) [سورة المؤمنون: 35] * * * (1) انظر تفسير "الملة" فيما سلف 12: 561، تعليق: 4، والمراجع هناك. فإن قال قائل: ما وجه هذا الخبر ومعناه من يوسف؟ وأين جوابه الفتيين عما سألاه من تعبير رؤياهما، من هذا الكلام؟ قيل له: إن يوسف كره أن يجيبهما عن تأويل رؤياهما، لما علم من مكروه ذلك على أحدهما، فأعرض عن ذكره، وأخذ في غيره، ليعرضا عن مسألته الجوابَ عما سألاه من ذلك. * * * وبنحو ذلك قال أهل العلم. * ذكر من قال ذلك: 19286 - حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، في قوله: (إني أراني أعصر خمرًا وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه نبئنا بتأويله) .، قال: فكره العبارة لهما، وأخبرهما بشيء لم يسألاه عنه ليريهما أن عنده علمًا. وكان الملك إذا أراد قتل إنسان، صنع له طعامًا معلومًا، فأرسل به إليه، فقال يوسف: (لا يأتيكما طعام ترزقانه) ، إلى قوله: (تشكرون) .، فلم يدَعَاه، فعدل بهما، وكره العبارة لهما. فلم يدعاه حتى يعبر لهما، فعدل بهما وقال: (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) ، إلى قوله: (يعلمون) ، فلم يدعاه حتى عبر لهما، فقال: (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرًا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه) . قالا ما رأينا شيئًا، إنما كنا نلعب! قال: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) . * * * قال أبو جعفر: وعلى هذا التأويل الذي تأوله ابن جريج، فقوله: (لا يأتيكما طعام ترزقانه) ، في اليقظة لا في النوم،. وإنما أعلمهما على هذا القول أنَّ عنده علم ما يؤول إليه أمر الطعام الذي يأتيهما من عند الملك ومن عند غيره، لأنه قد علم النوعَ الذي إذا أتاهما كان علامةً لقتل من أتاه ذلك منهما، والنوع الذي إذا أتاه كان علامة لغير ذلك، فأخبرهما أنه عنده علم ذلك. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ذَلِكَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَشْكُرُونَ (38) } قال أبو جعفر: يعني بقوله: (واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب) ، واتبعت دينهم لا دين أهل الشرك= (ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء) ، يقول: ما جاز لنا أن نجعل لله شريكًا في عبادته وطاعته، بل الذي علينا إفراده بالألُوهة والعبادة= (ذلك من فضل الله علينا) ، يقول: اتباعي ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب على الإسلام، وتركي ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون، من فضل الله الذي تفضّلَ به علينا، فأنعم إذ أكرمنا به = (وعلى الناس) ، يقول: وذلك أيضًا من فضل الله على الناس، إذ أرسلنا إليهم دعاةً إلى توحيده وطاعته= (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) ، يقول: ولكن من يكفر بالله لا يشكر ذلك من فضله عليه، لأنه لا يعلم من أنعم به عليه ولا يعرف المتفضِّل به. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19287 - حدثني علي قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (ذلك من فضل الله علينا) ، أن جعلنا أنبياء= (وعلى الناس) ، يقول: أن بعثنا إليهم رسلا. 19288 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس) ، ذكر لنا أن أبا الدرداء كان يقول: يا رُبَّ شاكرٍ نعمةِ غيرِ منعم عليه لا يدري، وربّ حامل فقه غيرِ فقيه. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) } قال أبو جعفر: ذكر أن يوسف صلوات الله عليه قال هذا القول للفتيين اللذين دخلا معه السجن، لأن أحدهما كان مشركًا، فدعاه بهذا القول إلى الإسلام وترك عبادة الآلهة والأوثان، فقال: (يا صاحبي السجن) ، يعني: يا من هو في السجن، وجعلهما "صاحبيه" لكونهما فيه، كما قال الله تعالى لسكان الجنة: فَـ (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) وكذلك قال لأهل النار، وسماهم "أصحابها" لكونهم فيها. (1) * * * وقوله: (أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) ، يقول: أعبادة أرباب شتى متفرقين وآلهة لا تنفع ولا تضر، خيرٌ أم عبادة المعبود الواحد الذي لا ثاني له في قدرته وسلطانه، الذي قهر كل شي فذلله وسخره، فأطاعه طوعًا وكرهًا. (2) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19289 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، (1) انظر تفسير "الصاحب" ، فيما سلف من فهارس اللغة (صحب) . (2) انظر تفسير "القهار" فيما سلف 13: 42، تعليق: 1، والمراجع هناك. قوله: (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون) إلى قوله: (لا يعلمون) ، لما عرف نبيُّ الله يوسف أن أحدهما مقتولٌ، دعاهما إلى حظّهما من ربهما، وإلى نصيبهما من آخرتهما. 19290 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (يا صاحبي السجن) يوسفُ يقوله. 19291- ... قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله. 19292 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ثم دعاهما إلى الله وإلى الإسلام، فقال: (يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) ، أي: خيرٌ أن تعبدوا إلهًا واحدًا، أو آلهة متفرقة لا تغني عنكم شيئا؟ * * * القول في تأويل قوله تعالى: {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنزلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (40) } قال أبو جعفر: يعنى بقوله: (ما تعبدون من دونه) ، ما تعبدون من دون الله. وقال: (ما تعبدون) وقد ابتدأ الخطاب بخطاب اثنين فقال: (يا صاحبي السجن) لأنه قصد المخاطب به، ومن هو على الشرك بالله مقيمٌ من أهل مصر، فقال للمخاطَب بذلك: ما تعبد أنتَ ومن هو على مثل ما أنت عليه من عبادة الأوثان= (إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم) ، وذلك تسميتهم أوثانهم آلهة أربابًا، شركًا منهم، وتشبيهًا لها في أسمائها التي سمَّوها بها بالله، تعالى عن أن يكون له مثل أو شبيه= (ما أنزل الله بها من سلطان) ، يقول: سموها بأسماء لم يأذن لهم بتسميتها، ولا وضع لهم على أن تلك الأسماء أسماؤها، دلالةً ولا حجةً، ولكنها اختلاق منهم لها وافتراء. (1) * * * وقوله: (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه) ، يقول: وهو الذي أمر ألا تعبدوا أنتم وجميعُ خلقه، إلا الله الذي له الألوهة والعبادة خالصةً دون كل ما سواه من الأشياء، كما:- 19293- حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، في قوله: (إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا أياه) ، قال: أسَّسَ الدين على الإخلاص لله وحده لا شريك له. * * * وقوله: (ذلك الدين القيم) ، يقول: هذا الذي دعوتكما إليه من البراءة من عبادة ما سوى الله من الأوثان، وأن تخلصا العبادة لله الواحد القهار، هو الدِّين القويم الذي لا اعوجاج فيه، والحقُّ الذي لا شك فيه (2) (ولكن أكثر الناس لا يعلمون) ، يقول: ولكن أهل الشرك بالله يجهلون ذلك، فلا يعلمون حقيقته. * * * (1) انظر تفسير "السلطان" فيما سلف 15: 465، تعليق: 3، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "القيم" فيما سلف 14: 237. القول في تأويل قوله تعالى: {يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا وَأَمَّا الآخَرُ فَيُصْلَبُ فَتَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنْ رَأْسِهِ قُضِيَ الأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ (41) } قال أبو جعفر: يقول جل ثناؤه، مخبرًا عن قِيل يوسف للذين دخلا معه السجن: (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرا) ، هو الذي رأى أنه يعصر خمرًا، فيسقي ربَّه= يعني سيده، وهو ملكهم (1) = "خمرا" ، يقول: يكون صاحب شرابه. * * * 19294 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال: قال ابن زيد، في قوله: (فيسقي ربه خمرًا) ، قال: سيده. * * * =وأما الآخر، وهو الذي رأى أن على رأسه خبزًا تأكل الطير منه "فيصلب فتأكل الطير من رأسه" ، فذكر أنه لما عبَر ما أخبراه به أنهما رأياه في منامهما، قالا له: ما رأينا شيئًا! فقال لهما: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) يقول: فُرغ من الأمر الذي فيه استفتيتما، (2) ووجب حُكم الله عليكما بالذي أخبرتكما به. (3) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل العلم. *ذكر من قال ذلك: 19295 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عمارة، عن إبراهيم، عن عبد الله قال: قال اللذان دخلا السجن (1) انظر تفسير "الرب" فيما سلف ص: 32، تعليق: 2، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "قضى" فيما سلف 15: 151، تعليق: 1، والمراجع هناك. (3) انظر تفسير "الاستفتاء" فيما سلف 9: 253، 430. على يوسف: ما رأينا شيئًا! فقال: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) . 19296- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع = وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي=، عن سفيان، عن عمارة بن القعقاع، عن إبراهيم، عن عبد الله: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) ، قال: لما قالا ما قالا أخبرهما، فقالا ما رأينا شيئا! فقال: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) . 19297- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا محمد بن فضيل، عن عمارة، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، في الفتيين اللذين أتيا يوسف والرؤيا، إنما كانا تحالما ليجرّباه، فلما أوَّل رؤياهما قالا إنما كنا نلعب! قال: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) . 19298- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا جرير، عن عمارة، عن إبراهيم، عن عبد الله قال: ما رأى صاحبا يوسف شيئًا، إنما كانا تحالما ليجرّبا علمه، فقال أحدهما: إني أراني أعصر عنبًا! وقال الآخر: إني أراني أحمل فوق رأسي خبزًا تأكل الطير منه؟ (نبئنا بتأويله إنا نراك من المحسنين) ! قال: (يا صاحبي السجن أما أحدكما فيسقي ربه خمرًا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه) . فلما عبَّر، قالا ما رأينا شيئًا! قال: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) ، على ما عبَّر يوسف. 19299 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: قال: لمجلث: أما أنت فتصلب فتأكل الطير من رأسك. وقال لنبو: أما أنت فتردُّ على عملك، فيرضى عنك صاحبك، (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) = أو كما قال. 19300 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال،قال ابن جريج فيه تستفتيان. (1) (1) هذا خبر سقط منه شيء كثير، فوضعت النقط مكان السقط. 19301 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) ، عند قولهما: ما رأينا رؤيا إنما كنا نلعب! قال: قد وقعت الرؤيا على ما أوَّلتُ. 19302- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا شبابة قال، حدثنا ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله: (الذي فيه تستفتيان) ، فذكر مثله. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ (42) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف للذي علم أنه ناج من صاحبيه اللذين استعبراه الرؤيا: (1) (اذكرني عند ربك) يقول: اذكرني عند سيدك، (2) وأخبره بمظلمتي، وأني محبوس بغير جُرْم، كما:- 19303 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال،قال= يعني لنبو= (اذكرني عند ربك) : أي اذكر للملك الأعظم مظلمتي وحبسي في غير شيء، قال: أفعل. 19304 - حدثنا محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله: (اذكرني عند ربك) قال للذي نجا من صاحبي السجن، يوسف يقول: اذكرني عند الملك. (1) انظر تفسير "الظن" فيما سلف من فهارس اللغة (ظنن) . (2) انظر تفسير "الرب" فيما سلف ص: 107، تعليق: 1، والمراجع هناك. 19305- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، بنحوه. 19306 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا يحيى بن يمان، عن سفيان، عن جابر، عن أسباط: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك) ، قال: عند ملك الأرض. 19307 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (اذكرني عند ربك) ، يعني بذلك الملك. 19308- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك) ، الذي نجا من صاحبي السجن، يقول يوسف: اذكرني للملك. 19309 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثنا هشيم قال أخبرنا العوّام بن حوشب، عن إبراهيم التيمي: أنه لما انتهى به إلى باب السجن، قال له صاحبٌ له: حاجتَك أوصني بحاجتك! قال: حاجتي أن تذكرني عند ربك= سوى الربِّ، قال يوسف. (1) * * * وكان قتادة يوجِّه معنى "الظن" في هذا الموضع، إلى "الظنِّ" ، الذي هو خلاف اليقين. 19310 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك) ، وإنما عبارة الرؤيا بالظن، فيحقُّ الله ما يشاءُ ويُبْطِل ما يشاء. * * * (1) في المطبوعة: "أن تذكرني عند ربك، ينوي الرب الذي ملك يوسف" ، غير ما في المخطوطة، وأثبت ما فيها، إلا أنه كان هنا "أن تذكرني عند رب" بغير كاف، والصواب ما أثبت. ![]()
__________________
|
#9
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (868) صــ 111 إلى صــ 120 قال أبو جعفر: وهذا الذي قاله قتادة، من أن عبارة الرؤيا ظن، فإن ذلك كذلك من غير الأنبياء. فأما الأنبياء فغير جائز منها أن تخبر بخبر عن أمر أنه كائنٌ ثم لا يكون، أو أنه غير كائن ثم يكون، مع شهادتها على حقيقة ما أخبرت عنه أنه كائن أو غير كائن، لأن ذلك لو جاز عليها في أخبارها، لم يُؤمَن مثل ذلك في كل أخبارها. وإذا لم يؤمن ذلك في أخبارها، سقطت حُجَّتها على من أرسلت إليه. فإذا كان ذلك كذلك، كان غير جائزٍ عليها أن تخبر بخبرٍ إلا وهو حق وصدق. فمعلومٌ، إذ كان الأمر على ما وصفت، أن يوسف لم يقطع الشهادة على ما أخبر الفتيين اللذين استعبراه أنه كائن، فيقول لأحدهما: (أما أحدكما فيسقي ربه خمرًا وأما الآخر فيصلب فتأكل الطير من رأسه) ، ثم يؤكد ذلك بقوله: (قضي الأمر الذي فيه تستفتيان) ، عند قولهما: (لم تر شيئا) ، إلا وهو على يقين أن ما أخبرهما بحدوثه وكونه، أنه كائن لا محالة لا شك فيه. وليقينه بكون ذلك، قال للناجي منهما: (اذكرني عند ربك) . فبيِّنٌ إذًا بذلك فسادُ القول الذي قاله قتادة في معنى قوله: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما) . * * * وقوله: (فأنساه الشيطان ذكر ربه) وهذا خبرٌ من الله جل ثناؤه عن غفلة عَرَضت ليوسف من قبل الشيطان، نسي لها ذكر ربه الذي لو به استغاث لأسرع بما هو فيه خلاصه، ولكنه زلَّ بها فأطال من أجلها في السجن حبسَه، وأوجع لها عقوبته، كما:- 19311 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي، عن بسطام بن مسلم، عن مالك بن دينار قال: لما قال يوسف للساقي: (اذكرني عند ربك) ، قال: قيل: يا يوسف، اتخذت من دوني وكيلا؟ لأطيلن حبسك! فبكى يوسف وقال: يا ربّ، أنسى قلبي كثرة البلوى، فقلت كلمة، فويل لإخوتي. 19312 - حدثنا الحسن قال،أخبرنا عبد الرزاق قال،أخبرنا ابن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أنه= يعني يوسف = قال الكلمة التي قال، ما لبث في السجن طول ما لبث. 19313 - حدثني يعقوب بن إبراهيم، وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية قال، حدثنا يونس، عن الحسن قال: قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم: "رحم الله يوسف لولا كلمته ما لبث في السجن طولَ ما لبث= يعني قوله: (اذكرني عند ربك) ، قال: ثم يبكي الحسن فيقول: نحن إذا نزل بنا أمرٌ فزعنا إلى الناس." 19314- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية، عن أبي رجاء، عن الحسن في قوله: (وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك) ، قال: ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: لولا كلمة يوسُف، ما لبث في السجن طولَ ما لبث. 19315 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن إبراهيم بن يزيد، عن عمرو بن دينار، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: لو لم يقل يوسف= يعني الكلمة التي قال = ما لبث في السجن طول ما لبث= يعني حيث يبتغي الفرج من عند غير الله. (1) 19316 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو لم يستعن يوسف على ربّه، ما لبث في السجن طول ما لبث. . (1) الأثر: 19315 - "إبراهيم بن يزيد الخوزي القرشي" ، متروك منكر الحديث، ليس بثقة، كان يتهم بالكذب. مضى مرارًا، آخرها رقم: 17313. فهذا خبر ضعيف الإسناد جدًا، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 7: 39، مطولا، قال: "رواه الطبراني، وفيه إبراهيم بن يزيد القرشي المكي، وهو متروك" . ورواه الطبري في تاريخه 1: 177. أما سائر الأخبار قبله وبعده، فهي مرسلة لا حجة في شيء منها. 19317 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: لولا أنّ يوسف استشفع على ربه، ما لبث في السجن طول ما لبث، ولكن إنما عوقب باستشفاعه على ربّه. 19318 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال: قال له: (اذكرني عند ربك) ، قال: فلم يذكره حتى رأى الملك الرؤيا، وذلك أن يوسف أنساه الشيطان ذكرَ ربه، وأمره بذكر الملك وابتغاء الفرج من عنده، فلبث في السجن بضع سنين) بقوله: (اذكرني عند ربك) . 19319- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، بنحوه = غير أنه قال: فلبث في السجن بضع سنين، عقوبةً لقوله: (اذكرني عند ربك) . 19320- ... قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله، عن ورقاء، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثل حديث محمد بن عمرو، سواء. 19321- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثل حديث المثنى، عن أبي حذيفة. * * * وكان محمد بن إسحاق يقول: إنما أنسى الشيطانُ الساقي ذكر أمر يوسف لملكهم. 19322 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: لما خرج = يعني الذي ظنّ أنه ناج منهما= رُدّ على ما كان عليه، ورضي عنه صاحبه، فأنساه الشيطان ذكر ذلك للملك الذي أمره يوسف أن يذكره، فلبث يوسف بعد ذلك في السجن بضع سنين. يقول جل ثناؤه: فلبث يوسف في السجن، لقيله للناجي من صاحبي السجن من القيل: "اذكرني عند سيدك" ، بضع سنين، عقوبةً له من الله بذلك. * * * واختلف أهل التأويل في قدر "البضع" الذي لبث يوسف في السجن. فقال بعضهم: هو سبع سنين. *ذكر من قال ذلك: 19323 - حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا محمد أبو عثمة قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: لبث يوسف في السجن سبعَ سنين. (1) 19324- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (فلبث في السجن بضع سنين) ، قال: سبع سنين. 19325 - حدثنا الحسن قال،أخبرنا عبد الرزاق قال،أخبرنا عمران أبو الهذيل الصنعاني قال: سمعت وهبًا يقول: أصاب أيُّوب البلاء سبع سنين، وترك في السجن يوسف سبع سنين، وعذب بختنصر، فحُوِّل في السباع سبع سنين. (2) 19326- حدثني المثنى قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال: زعموا أنها= يعني "البضع" = سبع سنين، كما لبث يوسف. * * * وقال آخرون: "البضع" ، ما بين الثلاث إلى التسع. *ذكر من قال ذلك: 19327 - حدثنا ابن بشار قال، حدثنا سليمان قال، حدثنا أبو هلال (1) الأثر: 19323 - "محمد، أبو عثمة" ، هو: "محمد بن خالد بن عثمة" ، سلف مرارًا، آخرها رقم: 10142، وانظر رقم: 5314، 5483، ورواية محمد بن بشار عنه، وروايته هو عن "سعيد بن بشير" ، عن قتادة. (2) الأثر: 19325 - "عمران أبو الهذيل الصنعاني" ، هو: "عمران بن عبد الرحمن بن مرثد" ، "أبو الهذيل" ثقة سمع وهب بن منبه، وزياد بن فيروز، والقاسم بن تنخسره. مترجم في ابن أبي حاتم 3 / 1 / 301. وهذا الخبر رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 177، وكان في المطبوعة والمخطوطة: "يجول في السباع" والمخطوطة غير منقوطة. والصواب من التاريخ، وعنى بقوله "حول في السباع" . أي: مسخ سبعًا من السباع. قال: سمعت قتادة يقول: "البضع" ، ما بين الثلاث إلى التسع. 19328 - حدثنا وكيع قال، حدثنا يحيى بن آدم، عن إسرائيل، عن منصور، عن مجاهد: (بضع سنين) ، قال: ما بين الثلاث إلى التسع. * * * وقال آخرون: بل هو ما دون العشر. *ذكر من قال ذلك: 19329 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال،قال ابن جريج، قال ابن عباس: (بضع سنين) ، دون العشرة. * * * وزعم الفراء أن "البضع" لا يذكر إلا مع "عشر" ، ومع "العشرين" إلى التسعين، وهو "نَيِّفٌ" ما بين الثلاثة إلى التسعة. (1) وقال: كذلك رأيت العرب تفعل. ولا يقولون: "بضع ومئة" (2) ولا "بضع وألف" ، وإذا كانت للذكران قيل: "بضع" . * * * قال أبو جعفر:- والصواب في "البضع" من الثلاث إلى التسع، إلى العشر، ولا يكون دون الثلاث. وكذلك ما زاد على العقد إلى المئة، وما زاد على المئة فلا يكون فيه "بضع" . * * * (1) الأثر: 19327: "ابن بشار" ، هو "محمد بن بشار" مضى مرارًا. و "سلمان" هو "وسليمان بن داود بن الجارود" ، أبو داود الطيالسي الإمام المشهور، مضى مرارًا. و "أبو هلال" هو "محمد بن سليم الراسبي" ، مضى مرارًا، آخرها رقم: 15351. وكان في المطبوعة والمخطوطة "سمعت أبا قتادة" ، وهو خطأ، فإن أبا هلال الراسبي، يروي عن "قتادة" . (2) هذه عبارة غير واضحة. وقد نقل صاحب اللسان عن ابن بري قال: "وحكى عن الفراء في قوله:" بضع سنين "، أن" البضع "لا يذكر إلا مع العشر والعشرين إلى التسعين. ولا يقال فيما بعد ذلك = يعني أنه يقال: مئة ونيف" . اللسان (بضع) . القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ (43) } قال أبو جعفر: يعني جل ذكره بقوله: وقال ملك مصر: إني أرى في المنام سبع بقرات سمانٍ يأكلهن سبعٌ من البقر عجاف. (1) وقال: "إني أرى" ، ولم يذكر أنه رأى في منامه ولا في غيره، لتعارف العرب بينها في كلامها إذا قال القائل منهم: "أرى أني أفعل كذا وكذا" ، أنه خبر عن رؤيته ذلك في منامه، وإن لم يذكر النوم. وأخرج الخبر جلّ ثناؤه على ما قد جرى به استعمال العرب ذلك بينهم. * * * = (وسبع سنبلات خضر) ، يقول: وأرى سبع سُنْبلات خضر في منامي = (وأخر) يقول: وسبعًا أخر من السنبل= (يابسات يا أيها الملأ) ، (2) يقول: يا أيها الأشراف من رجالي وأصحابي (3) = (أفتوني في رؤياي) ، فاعبروها، (إن كنتم للرؤيا) عَبَرَةً. (4) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. * ذكر من قال ذلك: (1) لم يفسر "العجاف" في هذه الآية، وسيفسرها فيما بعد في الآيات التالية. (2) انظر تفسير "السنبلة" فيما سلف 5: 512 - 515. (3) انظر تفسير "الملأ" فيما سلف 15: 466، تعليق: 1، والمراجع هناك. (4) "عبرة" جمع "عابر" ، وهو الذي يعبر الرؤيا، ويفسرها. 19330- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي قال،إن الله أرى الملك في منامه رؤيا هالته، فرأى سبع بقرات سمانٍ يأكلهن سبع عجاف، وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، فجمع السحرة والكهنة والحُزَاة والقافة، (1) فقصَّها عليهم، فقالوا: (أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) . (2) 19331 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: ثم إن الملك الريان بن الوليد رأى رؤياه التي رأى فهالته، وعرف أنها رؤيا واقعة، ولم يدر ما تأويلها، فقال للملأ حوله من أهل مملكته: (إني أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف) إلى قوله: (بعالمين) . * * * (1) "الحزأة" جمع "حاز" ، وهو المتكهن، يحرز الأشياء ويقدرها بظنه، ويقال للذي ينظر في النجوم وأحكامها بظنه وتقديره، فربما أصاب: "الحزاء" . وجاء في تاريخ الطبري "الحازة والقافة" ، كأنه جمع آخرها على غير القياس. وفي جمعه أيضًا "الحوازي" . و "القافة" جمع "قائف" ، وهو الذي يتتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأخيه وأبيه. (2) الأثر: 19330 - رواه أبو جعفر في تاريخه 1: 177، مطولا. القول في تأويل قوله تعالى: {قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلامٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ الأحْلامِ بِعَالِمِينَ (44) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال الملأ الذين سألهم ملك مصر عن تعبير رؤياه: رؤياك هذه "أضغاث أحلام" ، يعنون أنها أخلاطٌ، رؤيا كاذبةٌ لا حقيقة لها. * * * = وهي جمع "ضغث" ، و "الضغث" أصله الحزمة من الحشيش، يشبه بها الأحلام المختلطة التي لا تأويل لها = و "الأحلام" ، جمع حلم، وهو ما لم يصدق من الرؤيا، ومن "الأضْغَاث" قول ابن مقبل: خَوْدٌ كَأَنَّ فِرَاشَهَا وُضِعَتْ بِهِ ... أضْغَاثُ رَيْحَانٍ غَدَاةَ شَمَالٍ (1) ومنه قول الآخر: (2) يَحْمِي ذِمَارَ جَنِينٍ قَلَّ مَانِعُهُ ... طَاوٍ كَضِغْثِ الخَلا فِي البَطْنِ مُكْتَمِن (3) * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19332 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، قوله: (أضغاث أحلام) يقول: مشتبهة. 19333 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (أضغاث أحلام) ، كاذبة. 19334 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال،لما قصّ الملك رؤياه التي رأى على أصحابه، قالوا: (أضغاث أحلام) ، أي فعل الأحلام. 19335 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (أضغاث أحلام) ، قال: أخلاط أحلام= (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) . 19336 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أبي مرزوق، عن جويبر، عن الضحاك قال، "أضغاث أحلام" ، كاذبة. (1) لم أجده في غير هذا المكان. و "الخود" ، الفتاة الناعمة الشابة. و "الشمال" هي الريح المعروفة، وهي الباردة. وما أطيب ما وصف ابن مقبل وما أبصره! (2) لم أعرف قائله. (3) هذا بيت لم أجده، ولا أحسن تفسيره مفردًا. 19337 - ... قال، حدثني المحاربي، عن جويبر، عن الضحاك: "قالوا أضغاث" قال: كذب. 19338- حدثت عن الحسين بن الفرج قال،سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: (أضغاث أحلام) ، هي الأحلام الكاذبة. * * * وقوله: (وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) ، يقول: وما نحن بما تئول إليه الأحلام الكاذبة بعالمين. (1) * * * والباء الأولى التي في "التأويل" من صلة "العالمين" ، والتي في "العالمين" "الباء" التي تدخل في الخبر مع "ما" التي بمعنى الجحد= ورفع "أضغاث أحلام" ، لأن معنى الكلام: ليس هذه الرؤيا بشيء، إنما هي أضغاث أحلام. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {وَقَالَ الَّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِي (45) يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ (46) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: وقال الذي نجا من القتل من صاحبي السجن اللذين استعبرا يوسف الرؤيا= (وادّكر) ، يقول: وتذكر ما كان نسي من أمر يوسف، وذِكْرَ حاجته للملك التي كان سأله عند تعبيره رؤياه أن يذكرها (1) انظر تفسير "التأويل" فيما سلف ص: 98، تعليق: 2، والمراجع هناك. له بقوله: (اذكرني عند ربك) = (بعد أمة) ، يعني بعد حين، كالذي:- 19339- حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس: (وادّكر بعد أمة) ، قال: بعد حين (1) . 19340- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا وكيع= وحدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي=، عن سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس، مثله. 19341- حدثنا الحسن بن يحيى قال،أخبرنا عبد الرزاق قال،أخبرنا الثوري، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس، مثله. 19342 - حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو بكر بن عياش: (وادّكر بعد أمة) ، بعد حين. 19343 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عمرو بن محمد قال،أخبرنا سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين قال: (وادّكر بعد أمة) ، قال: بعد حين. 19344- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو نعيم قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن أبي رزين، عن ابن عباس مثله. 19345-....قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: (وادّكر بعد أمة) ، يقول: بعد حين. 19346- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس: (وادّكر بعد أمة) ، قال: ذكر بعد حين. 19347 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن: (وادكر بعد أمة) بعد حين. (1) انظر تفسير "الأمة" فيما سلف....، تعليق:، والمراجع هناك. ![]()
__________________
|
#10
|
||||
|
||||
![]() ![]() تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن الإمام محمد بن جرير الطبري الجزء السادس عشر تَفْسِيرِ سُّورَةِ يوسف الحلقة (869) صــ 121 إلى صــ 130 19348 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، عن الحسن، مثله. 19349- حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عفان قال، حدثنا يزيد بن زريع قال، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، مثله. 19350 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وادّكر بعد أمة) ، بعد حين. 19351 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قال،قال ابن كثير: (بعد أمة) : بعد حين= قال ابن جريج: وقال ابن عباس: (بعد أمة) ، بعد سنين. 19352 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (وادّكر بعد أمة) ، قال: بعد حين. 19353 - حدثني المثنى قال، حدثنا الحماني قال، حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة: (وادّكر بعد أمة) ، أي: بعد حقبة من الدهر. * * * قال أبو جعفر: وهذا التأويل على قراءة من قرأ: (بَعْدَ أُمَّةٍ) بضم الألف وتشديد الميم، وهي قراءة القرأة في أمصار الإسلام. * * * وقد روي عن جماعة من المتقدمين أنهم قرءوا ذلك: "بَعْدَ أَمَةٍ" بفتح الألف، وتخفيف الميم وفتحها بمعنى: بعد نسيان. * * * وذكر بعضهم أن العرب تقول من ذلك: "أمِهَ الرجل يأمَهُ أمَهًا" ، إذا نسي. * * * وكذلك تأوّله من قرأ ذلك كذلك. ذكر من قال ذلك: 19354 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عفان قال، حدثنا همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس، أنه كان يقرأ: "بَعْدَ أمَهٍ" ويفسّرها، بعد نسيان. 19355- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا بهز بن أسد، عن همام، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه قرأ: "بَعْدَ أَمَهٍ" يقول: بعد نسيان. 19356 - حدثني أبو غسان مالك بن الخليل اليحمدي قال، حدثنا ابن أبي عدي، عن أبي هارون الغنوي، عن عكرمة أنه قرأ: "بَعْدَ أَمَهٍ" ، و "الأمه" : النسيان. (1) 19357- حدثني يعقوب، وابن وكيع، قالا حدثنا ابن علية، قال، حدثنا أبو هارون الغنوي، عن عكرمة، مثله. 19358 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا عبد الوهاب قال، قال هارون، وحدثني أبو هارون الغنوي، عن عكرمة: "بَعْدَ أَمَهٍ" ، بعد نسيان. 19359- ... قال، حدثنا عبد الوهاب، عن سعيد، عن قتادة، عن عكرمة: "وَادَّكَرَ بَعْدَ أًمًهٍ" : بعد نسيان. 19360- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، عن ابن عباس: أي بعد نسيان. 19361 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: "وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ" قال: من بعد نسيانه. 19362 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو النعمان عارم قال، حدثنا حماد (1) الأثر: 19356 - "مالك بن الخليل اليحمدي الأزدي" ، "أبو غسان" ، شيخ الطبري، روى عنه النسائي وغيره، مترجم في التهذيب. بن زيد، عن عبد الكريم أبي أمية المعلم، عن مجاهد: أنه قرأ: "وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ" . 19363 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أبي مرزوق، عن جويبر، عن الضحاك: (وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمَةٍ) قال: بعد نسيان. 19364- حدثت عن الحسين بن الفرج قال، سمعت أبا معاذ يقول، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله: "وادَّكَرَ بَعْدَ أَمَهٍ" يقول: بعد نسيان. * * * وقد ذكر فيها قراءة ثالثة، وهي ما:- 19365- حدثني به المثنى قال،أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الله بن الزبير، عن سفيان، عن حميد قال،قرأ مجاهد: "وَادَّكَرَ بَعْدَ أَمْهٍ" ، مجزومة الميم مخففة. * * * وكأنّ قارئ ذلك كذلك أراد به المصدرَ من قولهم: "أمه يأمَهُ أمْهًا" ، وتأويل هذه القراءة، نظير تأويل من فتح الألف والميم. * * * وقوله: (أنا أنبئكم بتأويله) يقول: أنا أخبركم بتأويله (1) = (فأرسلون) ، يقول: فأطلقوني، أمضي لآتيكم بتأويله من عند العالم به. * * * وفي الكلام محذوف قد ترك ذكره استغناء بما ظهر عما ترك، وذلك: "فأرسلوه، فأتى يوسف، فقال له" : يا يوسف، يا أيها الصديق، (2) كما:- 19366 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال: قال الملك للملأ حوله: (إني أرى سبع بقرات سمان) ، الآية، وقالوا له ما قال، (1) انظر تفسير "النبأ" فيما سلف من فهارس اللغة = وتفسيره "التأويل" فيما سلف ص: 119، تعليق: 1، والمراجع هناك. (2) انظر تفسير "الصديق" فيما سلف 8: 530 - 532 / 10: 485. وسمع نبو من ذلك ما سمع ومسألته عن تأويلها، (1) ذكر يوسف وما كان عبَرَ له ولصاحبه، وما جاء من ذلك على ما قال من قوله، قال: (أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) ، يقول الله: (وادّكر بعد أمة) ، أي حقبة من الدهر، فأتاه فقال: يا يوسف، إن الملك قد رأى كذا وكذا، فقصّ عليه الرؤيا، فقال فيها يوسف ما ذكر الله لنا في الكتاب، فجاءهم مثلَ فلق الصبح تأويلُها، فخرج نبوا من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك، وأخبره بما قال. * * * وقيل: إن الذي نجا منهما إنما قال: "أرسلوني" ، لأن السجن لم يكن في المدينة. * ذكر من قال ذلك: 19367 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (وقال الذي نجا منهما وادّكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون) ، قال ابن عباس: لم يكن السجن في المدينة، فانطلق الساقي إلى يوسف، فقال: (أفتنا في سبع بقرات سمان) الآيات. * * * قوله: (أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات) ، فإن معناه: أفتنا في سبع بقرات سمان رُئين في المنام، يأكلهن سبعٌ منها عجاف= وفي سبع سنبلات خضر رئين أيضًا، وسبع أخر منهن يابسات. فأما "السمان من البقر" ، فإنها السنون المخصبة، كما:- 19368 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة: (أفتنا في سبع بقرات سمان يأكلهن سبع عجاف) ، قال: أما السمان فسنون منها مخصبة، وأما السبع العجاف، فسنون مجدبة لا تنبت شيئًا. 19369- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (1) في المطبوعة والمخطوطة: "سمع" بغير "واو" ، والصواب إثباتها. (أفتنا في سبع بقرات سمان) ، فالسمان المخاصيب، والبقرات العجاف: هي السنون المحُول الجُدُوب. * * * قوله: (وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات) ، أما (الخضر) فهن السنون المخاصيب وأما (اليابسات) فهن الجدوب المحول. و "العِجاف" جمع "عَجِف" وهي المهازيل. * * * وقوله: (لعلي أرجع إلى الناس لعلهم يعلمون) ، يقول: كي أرجع إلى الناس فأخبرهم = (لعلهم يعلمون) يقول: ليعلموا تأويل ما سألتك عنه من الرؤيا. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلا قَلِيلا مِمَّا تَأْكُلُونَ (47) } قال أبو جعفر: يقول تعالى ذكره: قال يوسف لسائله عن رؤيا الملك: (تزرعون سبع سنين دأبًا) يقول: تزرعون هذه السبع السنين، كما كنتم تزرعون سائر السنين قبلها على عادتكم فيما مضى. * * * و "الدأب" ، العادة، (1) ومن ذلك قول امرئ القيس: كَدَأْبِكَ مِنْ أُمِّ الحُوَيْرِثِ قَبْلَهَا ... وَجَارَتِها أُمِّ الرَّبَابِ بِمأْسَلِ (2) يعني كعادتك منها. * * * (1) انظر تفسير "الدأب" فيما سلف 6: 224، 225 / 14: 19. (2) مضى البيت وتخريجه فيما سلف 6: 225. وقوله: (فما حصدتم فذروه في سنبله إلا قليلا مما تأكلون) ، وهذا مشورة أشار بها نبي الله صلى الله عليه وسلم على القوم، ورأيٌ رآه لهم صلاحًا، يأمرهم باستبقاء طعامهم، كما:- 19370 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قال: قال لهم نبيّ الله يوسف: (تزرعون سبع سنين دأبًا) الآية، فإنما أراد نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم البقاء. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلا قَلِيلا مِمَّا تُحْصِنُونَ (48) } قال أبو جعفر: يقول: ثم يجيء من بعد السنين السبع التي تزرعون فيها دأبًا، سنون سبع شداد، يقول: جدوب قحطة= (يأكلن ما قدمتم لهن) ، يقول: يؤكل فيهنّ ما قدمتم في إعداد ما أعددتم لهن في السنين السبعة الخصبة من الطعام والأقوات. * * * وقال جل ثناؤه: (يأكلن) ، فوصف السنين بأنهن (يأكلهن) ، وإنما المعنى: أن أهل تلك الناحية يأكلون فيهن، كما قيل: (1) نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ ... وَلَيْلُكَ نَوْمٌ والرَّدَى لَكَ لازِمُ (2) (1) هو عبد الله بن عبد الأعلى بن أبي عمرة. (2) الأخبار الطوال: 333، سيرة عمر بن عبد العزيز لابن الجوزي: 225، تاريخ ابن كثير 9: 206، وغيرها، يقول: أَيَقْظَانُ أَنْتَ اليَوْمَ أَمْ أَنْتَ حَالِمُ ... وكيف يطيق النَّوْمَ حَيْرَانُ هَائِمُ فَلَوْ كُنْتَ يَقْظَانَ الغَدَاةَ لَحَرَّقَتْ ... مَحَاجِرَ عَيْنَيْكَ الدُّمُوعُ السَّوَاجِمُ بَلَ أَصْبَحْتَ فِي النَّوْمِ الطَّوِيلِ وَقَدْ دَنَتْ ... إلَيْكَ أُمُورٌ مُفْظِعَاتٌ عَظَائمُ نَهَارُكَ يَا مَغْرُورُ سَهْوٌ وَغَفْلَةٌ ... ولَيْلُكَ نَوْمٌ، وَالرَّدَى لك لاَزِمُ تُسَرُّ بِمَا يَبْلَى، وَتُشْغَلُ بِالمُنَى ... كَمَا سُرَّ بِالأَحْلامِ فِي النَّوْم نَائِمُ وَسَعْيُكَ فِيما سَوْفَ تَكْرَهُ غِبَّهُ ... كَذَلِكَ فِي الدُّنْيَا تَعِيشُ البَهَائِمُ فَلا أَنْتَ فِي النُّوَّامِ يَوْمًا بِسَالِمٍ ... وَلا أَنْتَ فِي الأيْقَاظِ يَقْظَانُ حَازِمُ . فوصف النهار بالسهو والغفلة، والليل بالنوم، وإنما يسهى في هذا ويغفل فيه، وينام في هذا، لمعرفة المخاطبين بمعناه والمراد منه. * * * = (إلا قليلا مما تحصنون) ، يقول: إلا يسيرًا مما تحرزونه. * * * والإحصان: التصيير في الحصن، وإنما المراد منه الإحراز. * * * وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19371 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة، قوله: (يأكلن ما قدمتم لهن) ، يقول: يأكلن ما كنتم اتخذتم فيهن من القوت = (إلا قليلا مما تحصنون) . 19372- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد) ، وهنّ الجدوب المحُول = (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون) . 19373- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (ثم يأتي من بعد ذلك سبع شداد) ، وهن الجدوب، (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون) ، مما تدَّخرون. 19374 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس، في قوله: (إلا قليلا مما تحصنون) ، يقول: تخزنون. 19375- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال،قال ابن عباس: (تحصنون) ، تحرزون. 19376 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط، عن السدي: (يأكلن ما قدمتم لهن إلا قليلا مما تحصنون) ، قال: مما تَرْفَعون. * * * قال أبو جعفر: وهذه الأقوال في قوله: (تحصنون) ، وإن اختلفت ألفاظ قائليها فيه، فإن معانيها متقاربة، وأصل الكلمة وتأويلها على ما بيَّنت. * * * القول في تأويل قوله تعالى: {ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ (49) } قال أبو جعفر: وهذا خبرٌ من يوسف عليه السلام للقوم عما لم يكن في رؤيا ملكهم، ولكنه من علم الغيب الذي آتاه الله دلالةً على نبوته وحجة على صدقة، كما:- 19377- حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال، حدثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة قال: ثم زاده الله علم سنة لم يسألوه عنها، فقال: (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) . * * * ويعني بقوله: (فيه يغاث الناس) ، بالمطر والغيث. * * * وبنحو ذلك قال أهل التأويل. *ذكر من قال ذلك: 19378 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله: (ثم يأتي من بعد ذلك عام فيه يغاث الناس) ، قال: فيه يغاثون بالمطر. 19379 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن جويبر، عن الضحاك: (فيه يغاث الناس) ، قال: بالمطر. 19380 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال،قال ابن عباس: (ثم يأتي من بعد ذلك عام) ، قال: أخبرهم بشيء لم يسألوه عنه، وكان الله قد علمه إياه، (عام فيه يغاث الناس) ، بالمطر. 19381 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (فيه يغاث الناس) ، بالمطر. * * * وأما قوله: (وفيه يعصرون) ، فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله. فقال بعضهم: معناه: وفيه يعصرون العنب والسمسم وما أشبه ذلك. *ذكر من قال ذلك: 19382 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله قال، حدثني معاوية، عن علي، عن ابن عباس: (وفيه يعصرون) ، قال: الأعناب والدُّهْن. 19383- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال،قال ابن عباس: (وفيه يعصرون) ، السمسم دهنًا، والعنب خمرًا، والزيتون زيتًا. 19384- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله: (عام فيه يغاث الناس وفيه يعصرون) ، يقول: يصيبهم غيث، فيعصرون فيه العنب، ويعصرون فيه الزيت، ويعصرون من كل الثمرات. 19385 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد: (وفيه يعصرون) ، قال: يعصرون أعنابهم. 19386 - حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو بن محمد، عن أسباط، عن السدي: (وفيه يعصرون) ، قال: العنب. 19387 - حدثنا الحسن بن محمد قال، حدثنا محمد بن يزيد الواسطي، عن جويبر، عن الضحاك: (وفيه يعصرون) ، قال: الزيت. 19388 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن ثور عن معمر عن قتادة: "وفيه يعصرون" قال: كانوا يعصرون الأعناب والثمرات. 19389- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة: (وفيه يعصرون) ، قال: يعصرون الأعناب والزيتون والثمار من الخصب. هذا علم آتاه الله يوسف لم يُسْأل عنه. * * * وقال آخرون: معنى قوله: (وفيه يعصرون) ، وفيه يَحْلِبون. *ذكر من قال ذلك: 19390 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني فضالة، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: (وفيه يعصرون) ، قال: فيه يحلبون. 19391 - حدثني المثنى قال،أخبرنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال، حدثنا الفرج بن فضالة، عن علي بن أبي طلحة قال: كان ابن عباس يقرأ: "وَفِيهِ تَعْصرُونَ" بالتاء، يعني: تحتلبون. * * * واختلفت القرأة في قراءة ذلك. فقرأه بعض قرأة أهل المدينة والبصرة والكوفة: (وَفِيهِ يَعْصِرُونَ) ، بالياء، بمعنى ما وصفت، من قول من قال: عصر الأعناب والأدهان. * * * وقرأ ذلك عامة قرأة الكوفيين: "وَفِيهِ تَعْصِرُونَ" ، بالتاء. ![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 64 ( الأعضاء 1 والزوار 63) | |
ابوالوليد المسلم |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |