|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() بحث وتعليق حول يوم النيروز محمد صادق عرنوس جاء في الكلمة التي نشرتها بعنوان "أعيادنا ومواسمنا" تحت سلسلة مقالات (من صور الحياة المصرية) في العدد الماضي من مجلة الهدي ما نصه: "ولقد حان للفرس أعياد تدور في الغالب مع مواسم الحاصلات أشهرها موسم النيروز الذي كانوا يتهادون فيه الثمار والزهور وتفاؤلاً ببركة العام. وكانوا يكثرون فيه من اللهو والقصف. وقد نقل العباسيون فيما نقلوا عن الفرس الاحتفال بهذا الموسم احتفالاً كبيراً حتى صار تهادي الخلفاء العباسيون فيما نقلوا عن الفرس الاحتفال بهذا الموسم احتفالاً كبيراً حتى صار تهادي الخلفاء والأمراء فيه من التقاليد المتبعة كما كان يفعل الفرس. وعن العباسيين انتقل الاحتفال بالنيروز إلى بلاد كثيرة منها مصر التي ما زالت حكوماتها من قديم الزمن إلى اليوم تحتفل به وتسميه "جبر البحر" في مظهر فخم يحشر له الناس حوالي مقيال الروضة الذي منه يتبين.... النيل" الخ. ولقد كنت أظن أن وفاء النيل أو بالتعبير الاصطلاحي (يوم جبر البحر) هو يوم النيروز المنقول عن الفرس، فلم أسقه في صيغة الشك. ثم بدا لي بعد نشر المقال أن أبحث عن تاريخ هذا اليوم بالضبط، مراعاة للأمانة العلمية؛ فتبين لي أن النيروز هو عيد رأس السنة عند الفرس وهو يقع في 31 مارس الإفرنجي و 12 برمهات القبطي من كل سنة، وهذا التاريخ بالضبط هو أول فصل الربيع. يدل لى ذلك ما جاء في معجم (أقرب الموارد في فصيح العربية والشوارد) لسعيد الخوري الشرتوني مادة نرز: النيروز والنوريز والأول أشهر: أول يوم من السنة الشمسية، لكن عند الفرس عند نزول الشمس أول الحمل، معرب نوروز بالفارسية ومعناه يوم جديد، وربما أريد به يوم فرح وتنزه: قيل: قدّم إلي عليّ شيء من الحلوى فسأل عنه، فقالوا للنيروز، فقال نيرزونا كل يوم. وفي المهرجان قال: مهرجونا كل يوم. اهـ. فقوله: عند نزول الشمس أول الحمل، معناه وقوعه في أول فصل الربيع كما قدمناه، إذ الشمس تنتقل في هذا البرج أول الربيع: أما قوله: إنه ترجمة نيروز أو نوروز بالفارسية (يوم جديد) فقد يعبر به قليلاً عن المقصود، لأن هذه الكلمة والله أعلم مركبة من كلمتين معناهما في بعض اللغات الافرنجية الورد الجديد لا اليوم الجديد. ويؤيد ذلك أن هذا اليوم يقع عنهم في شهر يسمونه (فرير دين ماه) والكلمة الأولى وهي "فرور" هي بعينها "فلير" أي الزهر في بعض اللغات الإفرنجية كذلك، وباسمها سميت الرائحة الشهيرة فلير دمور" ولا فرق بينها وبين الأصل الفارسي غلا تصحيف بسيط اقتضاه انتقال الكلمة إلى لغة أخرى لها تصاريفها وأوزانها الخاصة. أضف إلى ذلك طول الوقت الذي مر من عهد انتقالهما ومثلها كلمة (نيروز) التي نحن بصددها، فلعلها هاجرة من موطنها الأصلي إلى حيث تأقلمت في بعض بلاد الفرنجة واندمجت في لغاتهم، شأنها شأن كثير من الكلمات المنقولة من اللغة الفارسية إلى لغات عدة منها اللغة العربية التي صهرت طائفة غير قليلة من كلمات هذه اللغة في بوتقتها، فجرت عربية سائغة لا عوج فيها وزادت بها الضاد ثروة. وثمة شيء آخر يجب التنبيه عليه، وهو أن الرواية عن علي كرم الله وجهه في حلوى النيروز وقوله نيرزونا كل يوم: لا تصح ولا تثبت مع المعروف عن السلف عن كراهيتهم للأعياد الجاهلية؛ وإن كانت في جملتها تدل على أنه كان معروفاً عند العرب قبل العباسيين بزمن طويل لا كما قلنا إنهم هم الذين نقلوه عن الفرس، ويكون ذلك ليس بغريب حيث كان هؤلاء أهل مدنية يقتدي بهم من دوهم من الأمم القريبة إليهم شأن الضعيف مع القوي في كل أمة، كما نفعل نحن اليوم مع أوربا في محاولة تقليدها في كل شيء من غير مراعاة لفارق الدين والوسط، ظناً منا أن كل ما تفعله هو من صميم المدنية ما دامت تفضلنا في المظاهر المادية. وقد فاتنا أن الأمة التي تقلد غيرها من غير تفكير إنما تصدر في ذلك عن عقلية الطفل الذي يرتفع على أطراف أصابعه فيظن أنه صار رجلاً فلا يزيد بذلك عند الناس إلا طفولة. فعلى ما تدل عليه هذه الحادثة المنسوبة إلا على باطلاً لا يكون للعباسيين إلا التوسع في هذا العيد والاحتفاء به أكثر من ذي قبل، والتفاني في التهادي فيه.... لما كانوا عليه من بسطة الملك وكثرة الترف وسعة الدنيا، وربما كانوا هم سبب انتشاره في أطراف ملكهم الواسع. وفي كتب الأدب كثير من أقوال الشعراء في وصف هذا اليوم والتهنئة بحلوله. وإن كان قد شذ شاعر منهم حزين فقال: نورز الناس ونورز ♦♦♦ تُ ولكن بدموعي فإن حالته النفسية الحزينة لم تمنعه من الاشتراك مع الناس بالنيروز فنوروزوا هم بما جرت به العادة عندهم ونورز هو بدموعه!! وهذا يدل في جملته على مبلغ احتفاء الناس بذلك اليوم في العصور الماضية. وإن كنا قد أخطأنا في تعيينه، فقد أصبنا في وصفه. أما وفاء النيل أو جبر البحر، فهو عيد قومي عند المصريين خاصة لعلاقته (بنيلهم) حيث كانوا ولا زالوا يحتفلون بوفائه في النصف الثاني من شهر أغسطس أو في أوائل مسرى القبطي في ابتداء الفيضان في عصور جاهليتهم إلى اليوم. هذا ما أردنا التنبيه إليه تصحيحاً لما جاء في مقالنا الآنف. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. المصدر: مجلة الهدي النبوي - المجلد الرابع - العدد 43 - أول ربيع الثاني سنة 1359
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |