وأد الأمل في المكتبات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كيفية اضافة موضوع او رد في المنتدى مع صور (اخر مشاركة : sophy - عددالردود : 46 - عددالزوار : 72912 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5009 - عددالزوار : 2134360 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4591 - عددالزوار : 1412827 )           »          الشرق والغرب منطلقات العلاقات ومحدداتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 61 - عددالزوار : 28791 )           »          العلاقات الدولية ومناهجنا التعليمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          منهج القرآن الكريم في تنمية التفكير التأملي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          الاستشراق ووسائل صناعة الكراهية: صهينة الاستشراق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          حيـــــــــاة الســــــعداء (متجدد إن شاء الله) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 214 - عددالزوار : 138778 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 100 - عددالزوار : 53821 )           »          إعانة الفقيه بتيسير مسائل ابن قاسم وشروحه وحواشيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 54 - عددالزوار : 16418 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > الملتقى العلمي والثقافي
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى العلمي والثقافي قسم يختص بكل النظريات والدراسات الاعجازية والثقافية والعلمية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 30-05-2021, 02:02 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 161,769
الدولة : Egypt
افتراضي وأد الأمل في المكتبات

وأد الأمل في المكتبات


د. حجازي عبدالمنعم سليمان








ذهبت يومًا إلى إحدى المكتبات القريبة من سكني الجديد - القريب من عملي - وقد غمرني إحساسٌ رائعٌ من الحماسة والنشوة، شعرت معهما بأنني حينما أصل إلى المكتبة وأروي ظمأَ جهلي وأحصِّل مُرادي، فإنني سأرتقي سُلَّم الدرجات العُلا؛ لأن روحي سوف تسمو بين سحائب الكون، وأعلو منزلة أخرى في سماء الأمل، بيد أنني لم أحصل على ما رغبت فيه، ولم أعرف أن ذاك الجو المزعج الذي صادفني وأعاقني في المكتبة قد ينقلب ضدي، ويعود بي إلى وضعٍ مكتوف الأيدي، وأصير حائرًا لا أدري كيف تواتيني الفرصة؛ كي أعود مرة أخرى إلى الحالة التي ملأت حياتي طوال طريق ذهابي إلى المكتبة.













إنها حقًّا الفوضى العارمة - كما يقولون - حقًّا إن الموظفين في المكتبة يشبهون من نصادفهم في المكتبات التي تشرف عليها وتُموِّلها جهاتٌ دوليَّة، ولكنه شبه القالب لا أكثر، بل إنني عجبت حينما تعرَّف عليَّ بعضُ أمينات المكتبة، فشعرت لوهلة بأنني قد أُسَاعد من قِبَلِهنَّ، ولكن فوجئت بإحداهن تقول لي بأن طُلابي الذين بعثت بهم إلى المكتبة لإعداد أبحاثهم كانوا عبئًا ثقيلاً على موظفي المكتبة؛ لأنهم كانوا كُثر، فقلت في ذاتي: ربَّما لم تستوعب المكتبة العدد الذي بعثت به منهم، ولكنني حينما عُدت سريعًا من فكري على وَقْع خطابها الذي لم ينقطع، وجدتها تحاول إفهامي بطريقة مهذَّبة بأن أخفِّف عنهم ذلك العبء، وأيُّ عبءٍ ذاك؟ ألا أبعث إليهم أيَّ طلابٍ في المستقبل؛ لأنهم يُجْهَدون من كثرتهم!







يا لروعة الفكرة وخُبْث السريرة! إنها تدعوني أن أكون مُدرِّسًا رائعًا بعدم إجهاد طُلابي بمحاولة التعلُّم والبحث، وكأنها قد فاجأتني بالتالي الذي سأراه بأمِّ عيني، إنه جهل مطبق بكلِّ شيءٍ في المكتبة التي يأكلون عيشًا بأمانتهم لكُتُبِها، فهم لا يدرون عن أيِّ كُتُب أتحدَّث، أو أي فَرْعٍ أو قسم ينبغي فيه أن أبحث، بل لم يدرك بعضهم الفارق بين شبكة الإنترنت وبين قاعدة بيانات المكتبة، سوى أنها داخل ذلك الغبي المسمَّى "كمبيوتر".







وازدادت الصورة وضوحًا حينما عمدتُ أن أبحث بنفسي عن كُتُبي ومراجعي، وإذا بملابسي البرَّاقة ويَدَيّ النظيفتين يغبِّرهما ترابٌ تَرَاكَمَ على الأَرْفُف والكُتُب؛ بفعل الإهمال وسوء الاستخدام، وكلما مضى الوقت اكتشفتُ جهلي المطبق بطابع ذاك المكان وخصوصيته، حينما فاجأني مجيبًا على هاتف جوَّال يردُّ على طالبه بصوت أجش، وكأنه في شارع أو مقهى ويعاتبه ويشاتمه ويمازحه، ولا يردُّه أحدٌ أو بعض المستفيدين من المكتبة.







ولم يمضِ الكثير حينما وجدت على المنضدة الملاصقة لي طُلابًا، بنين وبنات، يتحدثون بصوت مرتفع، غير مبالين بالأمين الجالس على مرأى ومسمع مني ومنهم، لقد حصلوا على إذنٍ، مع أنه غير مصرَّح للحديث بتلك الطريقة!







أما الأمينُ فإنه على ما يبدو موجود بجسده فقط، يخبرنا بذلك العصفور الذي اعتلى منضدته؛ كي ينقر ما عليها من فُتات خُبْز إفطاره، وذاك في وداعة وسلاسة أدهشتني من فَرْط مبالغتها.







وقبيل موعد الانصراف بكثير وجدتهم يحملون حقائبهم نحو أبواب الخروج، ربما لم يكونوا جميعًا، وإنما عدد كبير منهم، فقلت في ذاتي: ربَّما لدى بعضهم ظروف طارئة، وربَّما ذهبوا للصلاة - وكان وقت الظهر قد آن - ولكنهم لا يعودون، وصار كلٌّ منهم ينظر في ساعته بين الفَيْنة والأخرى، بينما انشغل آخرون بحمل أكواب الشاي جيئةً وذهابًا بين شُرْب وغسيل، ثم عودة سالمة إلى قواعدها على النَّضد.







فأخذت قلمي وورقاتي ونسيت الغرض الذي لأجله هرعت إلى المكتبة باكرًا، وأخذت أرصد ما رأيت وما سمعت، لقد انصرفت عن الأمل بمخيبات الأمل، وأدركت أني وغيري نحبط في عمل أمرٍ ما الكلُّ يحبطه، إن المكتبة أشبه بكارثة، والذين يعملون بها هم أصحاب الكارثة، فالصوت عالٍ والخِدْمة ضعيفة والانضباط معدوم، وتكاد المكتبة تخلو من روح العلم.







لقد رأيت بعض لمسات الحياة في فرد أو فردين من مسؤولي المكتبة، ولكنهم يفوقون ذلك عددًا، ويفترض أنه على قدر العدد تكون الخِدْمة أفضل، ولكنني لا أدري، فصوت ملعقة الشاي تتناوب الذهاب بين السكر والكوب والشاي، وصوت الاحتكاك يكاد يقتلني، ووقع أقدام إحداهن تكاد تفقدني صوابي، إنها أشبه بمراقب لجنة الامتحانات في ذهابه وإيابه متفحصًا الجالسين على النضد، وأثار الأخريات ضجة حينما سمعن رنينَ أحد الهواتف التي تخص إحداهن، فصِرْنَ تنادي إحداهن الأخرى: إنه هاتفك فأسرعي، فتقول لها: لا، ليس لي وإنما ربَّما كان هاتف فلانة أو عِلاَّنة، فتنادي إحداهن الأخرى واحدة فأخرى، ويعلو الضجيج ممثلاً وحدات متداخلة من النداء والثرثرة العابرة والهمسات والقراءات، ووَقْع خُطى الأقدام على الأرضيَّات الصُّلبة، وأصوات احتكاك المقاعد بالنضد والأرضيَّات...إلخ.








لقد نسيت حقًّا سبب قدومي، ولا أدري إن كنت سأحصل على فرصة أخرى مواتية، وقد ارتفعت معنوياتي وتاقت نفسي إلى البحث العلمي والمطالعة، إذا حدث ذلك، فمن يضمن لي ألا أُحبط في آخر اليوم؟ هل تضمنون لي ذلك؟! أو أنكم خلف هذا الإحباط؟ وهل تعلمون به؟ أو أنكم تجهلونه وهذا أفدح؟ وإن كنتم تعلمون، فما هدفكم؟ أإلى هذه الدرجة تكرهوننا؟ وإن كنتم لا تكرهوننا، فمتى نعرف هذا؟


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 68.55 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 66.84 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.50%)]