صراع في الأعماق - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كتاب الصيام والحج من الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 22 )           »          واتساب يستخدم وضع الإضاءة المنخفضة لمكالمات الفيديو.. كيف يعمل؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          هل يعانى هاتف أيفون 16 من مشكلات فى عمر البطارية؟ إليكم ما نعرفه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          استكشف مزايا أنظمة شبكة Wi-Fi مقارنة بأجهزة التوجيه التقليدية فى منزلك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          كوالكوم تلغي إنتاج نظام Windows المصغر على أجهزة الكمبيوتر بهذا المعالج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تطبيق ChatGPT متوفر الآن لنظام Windows.. اعرف التفاصيل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          ما تخافش لو اتسرق منك.. 3 مزايا جديدة من جوجل تساعدك على استعادة هاتفك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          Android 15 متاح الآن لهواتف Pixel.. كيفية التحديث (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          علامات إدمان الأطفال للهواتف الذكية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          هل سقط الماء على اللاب توب؟ إليك كيفية إصلاحه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر > من بوح قلمي
التسجيل التعليمـــات التقويم

من بوح قلمي ملتقى يختص بهمسات الاعضاء ليبوحوا عن ابداعاتهم وخواطرهم الشعرية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 01-09-2022, 10:45 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,266
الدولة : Egypt
افتراضي صراع في الأعماق

صراع في الأعماق
مروة سعيد علي






وقفتُ في صحراء لا أرى فيها غيري، أنظرُ إلى رمال ليس بها سوى ظلي، تمنيت أن أُقابل طيرًا أو وحشًا، فرأيت شجرة يجلسُ في ظلِّها رجلٌ، فاستأذنتُه في أن أشاركه الظلَّ، فأذن لي بطرف الجفن وقال:
فاض عنِّي الظل وزهدت الوحدة، واشتاقت نفسي للصحبة، فاجلسي عسى أن تكوني من خيار الرُّفقة.

فانشرح صدري، ووضعت زادي، ورجوت أن يكون معه الأنس، وجلست بعيدًا عنه بقليل؛ فظلُّ الشجرة ليس بكبير، وحين دنوت من مجلسه تحلَّيت ببعض الأدب وسألته:
أما مِن ماء نروي به الظمأ؟!

فنظر إلى السماء وتبسم مستبشرًا بالمزن مهللًا:
الغوث يهرول طارقًا الأبواب، فتحلي بالصبر.
فتطلعت في الآفاق بائسة: من أين أتته البشرى والشمسُ ساطعةٌ لا يحجبها غيم ولا سحب؟!

وغاب ضياء الشمس، وَكَسَتِ السَّماءَ الظلمةُ، وكلما ازداد سوادُها حلكة يهلل فرحًا قائلًا عجبًا:
إنها البشرى، فغد المسرات آتٍ ولا عجب!

وكلما جفَّ الحلق من الظمأ، وما من نبع نروي به العطش، يصيح قائلًا:
ستفيض سماء الغد فيضًا!
يلفحني الهجير الذي يحلو له كدي، وأجلس على رمال بلهيب الشمس تحرقني، وهو يجلس راضيًا متفائلًا، يظن العسر سبيل اليسر، وأن الضيق بابُ الفرج، فسألت اللهَ في قلبي بأن يجعل لي مع الصحراء نصرًا.

ومر يوم تلو يوم، وأنا أجلس في صحبة هذا المستظل بالشجرة، وأخرجت من صدري بعضًا من الوجع، ورويت له عن أمسي، فقد خرجت من بيتي مهزومة النفس، واهنة القلب والجرح يدمي، والضعف في بدني يمنعني من الثأر، ظُلمت من أهلي، وزاده زوجي، وصرت بين الناس بلا سَنَدٍ، تُسعد دموعي أقوامًا كنت أدعو لهم سرًّا وبالجهر، أرجو لهم عيشًا رغدًا وهم يدبِّرون لموتي.

طاحت بي الفِكَرُ عن سببٍ لكل هذا البغض الذي سكن أفئدتهم نحوي، أبكي على ذكرى كانت في القلب لأيامٍ تقاسمنا فيها رغيف العيش، كم مر بنا الدهر نتبادل الضحك، وأحاديث السمر لا تكفيها ساعات الليل، تغيَّرت أيامي، وتكشفت الحجب، فإذا بالذكريات آهات في القلب، كانت شفاههم تضحك ساخرة، كانوا يرون نقائي سذاجة، وطُهرَ قلبي خبلًا، وما تقاسموا معي زادًّا ولا شرابًا إلا ليضعوا فيه السم، كانت سعادتي معهم أكذوبةً ووهمًا، لو كتبت بدمائي أحرفًا تبكي، ما كَفَتْ وصف ما في القلب من ألم، فردَّ قائلًا:
ما أحلى العيش في الكبَد! تصفو به النفس من أدرانها، ويجلو به القلب، وإن كان في غدر ذوي الرحم من ألمٍ، فأوجاعُه أهونُ من غدر النفس.

سألته: وكيف يكون غدر النفس؟
فأجاب: حين تُزَيِّنُ للمرء الظلمَ، تنام عين المظلوم باكية، وعين الظالم تغتر بالستر، فإذا انقضت دنياه زائلةً، ترى عيونُه من العذاب ما كان يحسبه لن يأتي.
وقال ما في فؤادي، وكأنه يشعر بما أُعانيه من حزنٍ: غَدْرُ الأعادِي مَا ضَرَّ قلبي ساعة.. وَأَدْمَى غَدْرُ الأحبةِ الفؤادَ وَأَوْجَعَه.

واستسلمت للفِكَر، خطواتي سائرة من عسر إلى عسر، والمأوى الذي حسبته ملاذًا يقاسمني فيه رجل يرى الأهوال بالعكس، متى ستصفو سمائي؟ ومتى ستشرق شمسي؟ وإذا بآتٍ من بعيد حسبته البشرى، فتي قوي يكسوه الشباب وفي وجهه حمرة، يقسم صهيل الخيل بأنه فارس الفرسان في كل زمان، يطوي الصحاري شرقًا وغربًا، وعيناه لا تفارقني، فخفت منه، فقال مبتسمًا مهدئًا روعي:
لا تخافي؛ فقد جئت لأنقذكِ من هذا الكربِ.

فرحتُ فرحةً كادت تقتلني، ورددتُ للقلب تبسمَ الحظ، وركبته معه، خيلًا له نسب، صافحتني نسائم الإصباح، واستنشقت عبيرَ الوردِ، وحين نزلت في ضيعته، أحضر كأسًا طعمه مر، فقلت:
يا عجبي! لمَ يتهافت عليه القوم؟!

فردَّ باسمًا:
مرٌّ هو الطعم، ولكنه يحلو إن غاب به العقل.
ولمَ يسعدني غياب ما به أعي ما حولي؟

فردَّ باستهزاء:
دعكِ من الفكر وشاركينا المرح.
إلى متى ستبقى إلى جواري؟ بهذا سألتُه لأعرف مستقبلي معه.

فرد:
سأبقى بصحبتكِ ما دام الشباب يصاحبُكِ.
وإنْ حلَّ بيَ الشيب؟
تحل محلَّك الصبايا المتورداتُ بالحسن.

شعرت بغصَّة في القلب، وقلت: يا فؤادي مهلًا، فالأيام نتداولها؛ لنعرف العِبر، وخرجت من ديار أقوام غرَّتهم الدنيا، وعدت إلى الشجرة أبحث في ظلها عن رفيق الدرب.

واستفقت من غفوتي، وتباعدت أصوات كنت أحسب أنها حق، لم يكن حلمًا ولا وهمًا، بل كنت سابحة بداخل نفسي؛ فصحرائي هي دنيا قاحلة يلفحني هجيرها من شدة الكرب، والمستظلُّ ديني يصارع الأهواء ويحثني دومًا على الصبر، يشد من أزري، ويعاون القلبَ على الثبات في الأمر، أما ذاك الفتى، فهو غَوايةُ النفس.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.28 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.60 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.33%)]