صوم العين

[ابوالوليد المسلم]

صوم العين



الشيخ فايز النوبي



صيام العين معناه عدم إطلاقها فيما حرم الله، ويتحقق ذلك بغضّها عن الحرام وإذا رأيت خيرا أعلنته وإذا رأيت شرا سترته.

قال الله تعالى قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله خبير بما يصنعون، وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن )

وغض البصر معناه: الخفض واطباق الجفن على العين بحيث يمنع الرؤية وقديكون بمجرد صرف البصر عن المنهى عنه جاء فى صحيح مسلم عن جرير بن عبدالله (رضي الله عنه)قال:سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظر الفجأة فقالاصرف بصرك. )

لكن من خالف ذلك وأطلق العنان للبصر فيما حرم الله فقد وقع بعينه فى الزنا كما أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم)بذلك جاء فى مسلم أيضا عن أبى هريرة (رضي الله عنه)أن النبي صلى الله عليه وسلم قالكتب على إبن آدم نصيبه من الزنا فمدرك ذلك لامحالة فالعينان زناهما النظر. .. الحديث).

والعين كما هو معلوم منفذ للقلب وباب للروح فإذا خربت العين خرب القلب والعين رائد اذا ارسل صاد واذا قيد إنقاذ واذا أطلق وقع بالقلب فساد.

والنظرة الحرام سهم مسموم من سهام إبليس من غضّها خوفا من الله تعالى رزقه الله إيمانا يجد حلاوته فى قلبه.

قال شاه الكرمانى: من غض البصر عن الحرام وعمر باطنه بالتقوى وظاهره باتباع السنة لم تخطئ له فراسة وتلا قوله تعالى: (إن فى ذلك لآيات للمتوسمين ).

وقبل أن تنظر اعلم أن نظر الله إليك أسرع واسبق إليك من نظرك إلى من تنظره والعين ستشهد على ابن آدم يوم القيامة كما تشهد بقية الجوارح (حتى إذا ماجاؤوها شهد عليهم سمعهم وأبصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون) فعلى المرء المسلم أن يتقى الله فى هذه الجوارح والتى ستكون خصمه يوم القيامة ويسأل عنها بين يدى ربه

عز وجل إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا ).

والبصر نعمة من الله تعالى فلا ينبغي أن نعصي الله عزوجل بنعمه والا حلت بنا المصائب والنكبات. يقول العلامة المودودي رحمه الله تعالى :من الذى يكابر فى ان كل ماقد حصل فى الدنيا إلى هذا اليوم ولايزال يحدث فيها من الفحشاء والفجور باعثه الأول والأعظم هو فتنة النظر وصدق من قال :

كل الحوادث مبداها من النظر

ومعظم النار من مستصغر الشرر

وإطلاق البصر فيما حرم الله له عواقب وخيمة في الدنيا والآخرة

ومن ذلك فساد القلب وأسره

وتشتيت النفس وفقدان حلاوة الايمان ولذة الطاعة، وحرمان الخشوع فى العبادة،

ونسيان العلم وضعف الذاكرة ،والغفلة عن الآخرة وقسوة القلب والوحشة المظلمة

القلق والاكتئاب. ومن هنا ندرك لماذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعوذ من شر البصر فمن دعائه وهديه (صلى الله عليه وسلم):اللهم انى أعوذ بك من شر سمعى ومن شر بصرى

والعين ينبغى أن تغض عن كل شئ يولد فى النفس الشهوة والهوى.

ورحم الله القائل :إياكم وفضول النظر فإنه يبذر فى النفس الهوى.

من المهم أن نقول: إن غض البصر ليس فقط عن النساء الاجنبيات وزينتهن وعوراتهن واجسادهن وإنما أيضا عن عورات الناس جميعا وعن بيوتهم وما أغلقت عليهم ابوابهم وعدم التطلع بالأعين لما فى أيديهم والفتنة به فالله يقول: (ولاتمدن عينيك الى مامتعنا به ازواجا منهم زهرةالحياة الدنيالنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى ) فلاتعجب بذلك إعجابا يحملك على اشغال فكرك بشهوات الدنيا التى يتمتع بها المترفون المفتونون فما عند الله خير وأبقى وأعظم.

وحفظ العين أيضا عن مشاهدة البرامج التافهة والمناظر الخليعة والمشاهد الإباحية فى وسائل الإعلام والأجهزة الحديثة وهذا ما ابتلي به كثير من الناس فى هذا العصر.

وأختم ببعض فوائد غض البصر: أولها وأهمها: امتثال أمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم.

أيضا ؛ غض البصر وحفظ العين يورث فى القلب الأنس بالله وأنه يقوى القلب ويفرحه ويكسب صاحبه نورا ويقينا.

يورث الفراسة والحكمة والشجاعة فى الحق والثبات على الرشد.

ومن أهم فوائده كذلك :انه يسد مداخل الشيطان.

نسأل الله العلي العظيم رب العرش الكريم أن يحفظنا وإياكم من كل سوء ومكروه

اللهم احفظ أعيننا من الخيانة والنظر إلى ما لايرضيك واكفنا شر أنفسنا وشر الشيطان وشركه وعافنا فى اسماعنا وابصارنا ابدا ما أحييتنا واجعله الوارث منا.

وتقبل من صيامنا وقيامنا وصالح عملنا واجعلها عبادة خالصة لوجهك الكريم