|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تحريم الذبح لغير الله تبارك وتعالى فواز بن علي بن عباس السليماني قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162ـ 163]. والنسك: هو الذبح، بإجماع المفسِّرين، والله أعلم[1]. وقال الله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر:2]. وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لَقِيَ زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بلدح، قبل أن ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي، فقُدِّمَتْ إلى النبي صلى الله عليه وسلم سفرة، فأبى أن يأكل منها، ثم قال زيد: إني لست آكل مما تذبحون على أنصابكم، ولا آكل إلا ما ذُكر اسم الله عليه، وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ويقول: الشاة خلقها الله، وأنزل لها من السماء الماء، وأنبت لها من الأرض، ثم تذبحونها على غير اسم الله؛ إنكارًا لذلك وإعظامًا له؛ رواه البخاري برقم (3826). وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لعن الله من ذبح لغير الله»؛ رواه مسلم برقم (5097). قال الإمام النووي: في «شرح مسلم» (13 /141): وأما الذبح لغير الله فالمراد به: كمن ذبح لصنمٍ، أو لصليبٍ، أو لموسى، أو لعيسى صلى الله عليهما، أو للكعبة ونحو ذلك، فكل هذا حرام؛ اهـ. وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال: دخل رجل الجنة في ذباب، ودخل آخر النار في ذباب، قالوا: وكيف ذاك؟ قال: مرَّ رجلان ممن كان قبلكم على ناس معهم صنمٌ، لا يمر بهم أحد إلا قرِّب لصنمهم، فقالوا لأحدهم: قرِّب شيئًا، قال: ما معي شيء، قالوا: قرِّب ولو ذبابًا، فقرب ذبابًا ومضى، فدخل النار، وقالوا للآخر: قرِّب شيئًا، قال: ما كنت لأقرِّب لأحدٍ دون الله، فقتَلوه، فدخل الجنة؛ رواه أحمد، في «الزهد» برقم (22)، وأبو نعيم، في «الحلية» (1/203)[2]. قلت: ولهذا الباب تتمة في الأبواب التالية إن شاء الله تعالى. إشكالٌ وجوابه: فإن قيل كيف أكل صلى الله عليه وسلم مما ذُبح على أنصابهم؟: قال الحافظ ابن حجر في «الفتح» (7 /143): قال الخطابي: كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يأكل مما يذبحون عليها للأصنام، ويأكل ما عدا ذلك، وإن كانوا لا يذكرون اسم الله عليه؛ لأن الشرع لم يكن نزل بعد، بل لم ينزل الشرع بمنْع أكل ما لم يذكر اسم الله عليه، إلا بعد المبعث بمدة طويلة. ثم قال الحافظ: وهذا الجواب أَولى مما ارتكبه ابن بطال، وعلى تقدير أن يكون زيد بن حارثة ذبح على الحجر المذكور، فإنما يُحمل أنه إنما ذبَح عليه لغير الأصنام. وقال الداودي: كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل المبعث يُجانب المشركين في عاداتهم، لكن لم يكن يعلم ما يتعلَّق بأمر الذبح، وكان زيد قد علِم ذلك من أهل الكتاب الذين لقِيهم. وقال السهيلي: فإن قيل: فالنبي صلى الله عليه وسلم كان أَولى من زيد بهذه الفضيلة، فالجواب: أنه ليس في الحديث، أنه صلى الله عليه وسلم أكل منها. وعلى تقدير أن يكون أكل، فزيد إنما كان يفعل ذلك برأي يراه لا بشرع بلغَه، وإنما كان عند أهل الجاهلية بقايا من دين إبراهيم، وكان في شرع إبراهيم تحريم الميتة، لا تحريم ما لم يذكر اسم الله عليه، وإنما نزل تحريم ذلك في الإسلام. والأصح: أن الاشياء قبل الشرع لا توصف بحلٍّ ولا بحرمة. وقوله: إن زيدًا فعل ذلك برأيه أَولى من قول الداودي: إنه تلقاه عن أهل الكتاب، لا سيما وأن زيدًا يصرح عن نفسه بأنه لم يتبع أحدًا من أهل الكتابين. وقال القاضي عياض: إنها كالممتنع؛ لأن النواهي إنما تكون بعد تقرير الشرع، والنبي صلى الله عليه وسلم لم يكن متعبدًا قبل أن يوحى إليه بشرع من قبله على الصحيح؛ اهـ مختصرًا. فرعٌ: في بيان أن ما يُسمى في بعض البلدان (بالهجر ونحوه) يُعتبر ذبحًا لغير الله تعالى: أقول وما توفيقي إلاَّ بالله: مما يدخل في هذا الباب: ما عمَّت به البلوى بما يُسمَّى في بعض بلادنا: بالغَلَاقِ، أو الهَجَرْ، أو رد الاعتبار؛ لأن ذابحه قصَد به غير الله تبارك وتعالى، ولو ذُكر عليه اسم الله لَما تقدَّم من أدلة تحريم الذبح لغير الله؛ كقوله تعالى: ﴿ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ﴾ [الكوثر:2]، وغيرها، وعلى هذا علماء العصر قاطبة - علماء أهل السنة والجماعة - ولشيخنا الهمام محمد بن عبدالله الإمام - حفظه الله - رسالة قيمة في بابها، والله المستعان، وهو أعلم. [1] راجع:«تفسير ابن جرير» (12 /283). [2] صحيحٌ موقوفًا: وكلام أهل العلل والحديث عليه طويل، خُلاصته أنه صحيح إلى سلمان رضي الله عنه من قوله، وأمَّا المرفوع فلم يصح، إلا أن مثله لا يُقال بالرأي؛ راجع: «النهج السديد» رقم (124)، والله أعلم.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 10 ( الأعضاء 0 والزوار 10) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |