الأسرة المسلمة التي ننشدها - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         مكارم الأخلاق (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 20 - عددالزوار : 12005 )           »          تفسير القرآن العظيم (تفسير ابن كثير) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 190 )           »          إدارة المعرفة الإسلامية.. من النظرية إلى التطبيق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          من مكتبة التراث .. مشروع طباعة المصحف الشريف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          المُعلّم.. رسالة سامية ومسؤولية عظيمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          مـن أضرار البِدع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          خواطر الكلمة الطيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 58 - عددالزوار : 30042 )           »          الأوقاف المقدسية حول العالم .. أسس استرداد الأوقاف فـي الشّـرع والقانون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          بِرُّ الْوَالِدَيْنِ وَأَثَـرُهُ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ترتيب الأولويات .. قاعدة راسخة في فقه الحياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #2  
قديم 07-08-2020, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 166,138
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الأسرة المسلمة التي ننشدها

أهداف فترة الخطوبة:
خمسة أهداف لا بد من تحقيقها، وهي:
1- التقارب الوجداني والفكري والأُسري بين الطرفين.

2- التعارف من حيث الطباع ومعرفة نقاط الضَّعف والقوة عند كل منهم.

3- التدريب على الالتزام في كل شيء، وهذا التدريب يكسب الطرفين تحمُّل المسؤولية، وضبْط النفس، ومراعاة شعور الطرف الآخر في جميع التصرفات.

4 - على الطرفين أن يتعاونا على التقارب الأُسري بين العائلتين أثناء فترة الخطوبة وقبل الزواج؛ حتى يحدُثَ التقارب المطلوب، بالإضافة إلى تركيزهما على التعارف على الطباع الشخصية والهوايات والميول، وليس التركيز على الماضي.

5- قد يعتقد البعض أن تجمُّل تصرُّفات الطرفين أمام بعضهما البعض قبل الزواج شيء خطأ، ولكن هذا غير صحيح، فالتجمل أثناء الخطوبة وقبل الزواج مطلوب، ولكن دون الزيادة فيه، أما بالنسبة للاختلاف على طول وقِصَر فترة الخطوبة، فلا بد أن ينتهز الخطيبان أي وقت مهما كان مساحته في تحقيق هذه الأهداف، ويفضل ألا تكون فترة الخطوبة طويلة أو قصيرة، فالتوسط هام في هذا الأمر؛ حتى يستطيع الطرفان تحقيق الأهداف المرجوة من فترة الخطوبة، ففترة الخطوبة القصيرة قد لا يكون بها مُتسع من الوقت للدراسة الكافية للطرفين، أما فترة الخطوبة الطويلة، فقد تؤدي إلى العديد من المشاكل بسبب شعور الطرفين بالملل.

وليس مطلوبًا من الطرفين تحقيقُ هذه الأهداف بنسبة 100 %، ولكن تحقيق القدر الذي يرضي الطرفين، وعلى الطرفين أن يتعاونوا على التقارب الأسري؛ حتى يَحدُثَ التقارب بينهم، كما أنه عليهم أن يركزوا على التعرف على الطباع الشخصية والهُويات والميول، وليس التركيز على الماضي.

تقييم الخطوبة:
هناك خمس حاجات لتقييم كل طرف للآخر، وهي:
1- الدين.
2- الأخلاق.
3- أسلوب التفكير.
4- النظرة المستقبلية.
5- العادات الاجتماعية.

ثالثًا: تيسير أمر الزواج:
الزواج عبادة وطريق لكسْب الحسنات، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وفي بُضْع - كناية عن الجماع - أحدكم صدقة))، قالوا: يا رسول الله، أيأتي أحدنا شهوته، ويكون له فيها أجر؟ قال: (أرأيتم لو وضعها في حرام، أكان عليه وِزْر؟))، قالوا: بلى، قال: ((فكذلك إذا وضعها في الحلال كان له أجر)).

ومَن رغب عن سنتي، فليس مني، فالزواج ليس مجرد فراش فقط، وإنما أمر تعبُّدي ينتج عنه أولاد وأسرة صالحة، ولذلك أوصى الإسلام بالتيسير في أمر الزواج، وإزالة كل العقبات التي تواجه الزواج من تكلفة ومؤنة، وما نسمعه من أعباء كماليات الأثاث، وفستان وزفة، وخلافه من أشياء ما أنزل الله بها من سلطان، وإن من يسَّر حلالاً فقد عسَّر حرامًا، ومن عسَّر حلالاً فقد يسَّر حرامًا، والمرأة كالثمرة إذا حان قطافها وتأخَّرت عن حان القطاف فسَدت، وكذلك الرجل.

(إذا أتاكم من ترضون دينه وأمانته فزوجوه)، ولا تتأخروا إذا وجدتم الكفء للمرأة الصالحة، فلا تتأخروا، فإن أقوامًا أخَّروا زواج بناتهم، فكسبوا إثمًا من الله الواحد الأحد.

انظروا إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فقد زوَّج فاطمة ابنته رضي الله عنها، فانظروا إلى مراسيم الزواج، ومَن هي فاطمة؟ يقول محمد إقبال شاعر باكستان:
هي بنت من؟ هي أم من؟ هي زوج من؟
من ذا يساوي في الأنام علاها
أما أبوها فهو أشرف مرسل
جبريل بالتوحيد قد رباها
وعلى زوج لا تَسَلْ عنه سوى
سيف غدا بيمينه تياها

كيف زُفَّت فاطمة من بيت أبيها إلى بيت زوجها؟ انظروا إلى مراسيم العرس:
يقول علي: أردت أن أُحدِّث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالزواج من فاطمة، فلما دخلت البيت، أردت أن أُحدِّثه بالزواج من فاطمة، فنظرت إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم، فأصاب وجهي الخجل والحياء والرهبة، فما استطعت أن أتكلم بكلمة، قال علي: فلما أتى بي من الخجل والهيبة والحياء ما لا يعلمه إلا الله، سكتُّ، فتبسَّم عليه الصلاة والسلام، قال يا علي: ((كأنك تريد فاطمة؟))، قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((عندك مال؟))، وهو يدري أنه ليس عنده شيء! كان ينام على صوف الخروف، ينام عليه في الليل، ويلتحف به في النهار، قال له صلى الله عليه وسلم: ((أعندك مال؟))، قال: ليس عندي شيء يا رسول الله! قال: ((تذكر))، قال: والله ليس عندي درهم ولا دينار، ولا تمرة، أو حبة، أو زبيبة أبدًا، قال: ((تذكر، هل عندك شيء من السلاح؟))، قال: عندي درع لا تساوي درهمين، ألبسه في المعركة، قال: ((هاته))، فذهب وهو خجول رضي الله عنه وانتزعه من بيته، وأتى به ووضعه عند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: هذا مهر فاطمة، فقال صلى الله عليه وسلم: ((قد قبِلت))، قال: ((وهل قبِلت يا علي؟))، قال: قبلتُ، قال صلى الله عليه وسلم: ((وفاطمة زوجة لك))، فذهب بها إلى البيت، فقال صلى الله عليه وسلم: ((اصنَع مَأْدُبة عشاء))، قال: ليس عندي شيء يا رسول الله، قال: ((اذهبوا إلى بيوت أمهات المؤمنين))، وكان عنده صلى الله عليه وسلم تسع نسوة، وكان كل امرأة في غرفة صغيرة إذا نام صلى الله عليه وسلم وصل رأسه طرف الغرفة، ورجلاه في الطرف الآخر، فقال: ((اذهبوا والتمسوا شيئًا))، فذهبوا إلى أمِّ سلَمة، ووجدوا عندها بعض أقراص الخبز، ثم ذهبوا إلى عائشة فقالت: لا، والله ما عندنا شيء، ثم ذهبوا إلى زينب، ووجدوا عندها شيئًا من الزبيب، ثم ذهبوا إلى امرأة أخرى، وكان معها شيء من لبن، فلما جمعوا هذه الأشياء البسيطة، قال صلى الله عليه وسلم: ((هاتوا لأدعو عليه بالبركة))، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم في طعام علي وفاطمة، فأشبَع الناس بإذن الله، وأتى علي وفاطمة يُنشئون بيتًا جديدًا على ذكر الله.

العنصر الرابع: أسباب السعادة الأسرية:
قال تعالى: ï´؟ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ï´¾ [الروم: 21].

فالحياة الزوجية رحلة طويلة تتحقق فيها السعادة والهناء إذا أخلص كل من الزوجين، وابتغى بعمله وجه الله، فابتسامة الزوج تُضفي إشراقة على الأسرة، وابتسامة الزوجة تدخل السرور على الزوج، وتكريس كل منهما وقته وجهده في سبيل إسعاد الآخر؛ مما يُعين على بقاء هذه اللبنة، وامتدادها على مَرِّ السنين والأعوام، فالزوجان هما دعامة الأسرة وسر سعادتها.

ولا تتحقق السعادة في الأسرة إلا بالعمل على البذل والتضحية، ونُكران الذات، وشيء من الأَناةِ، وسَعة التفكير، وإذابة أي مشكلة قد تعترض هذا العش الهانئ.

ومن أسباب سعادة هذا الكِيان الأسري:
1- المعاشرة بالمعروف:
قال بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى: ï´؟ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ï´¾ [النساء: 19]، قالوا: ليست المعاشرة بالمعروف أن تمتنع عن إيقاع الأذى بها، بل أن تحتمل الأذى منها.

روت كتب الأدب والسيرة أن قاضيًا شهيرًا اسمه "شُريح" لقِيه صديقه الفضيل، فقال له: يا شريح، كيف حالك في بيتك؟ قال: والله منذ عشرين عامًا لم أجد ما يُعكِّر صفائي، قال: وكيف ذلك يا شريح؟ قال: خطبتُ امرأة من أسرة صالحة، فلما كان يوم الزفاف، وجدتُ صلاحًا وكمالًا، يقصد صلاحًا في دينها، وكمالًا في خُلقها، فصليتُ ركعتين شُكر على نعمة الزوجة الصالحة، فلما سلَّمت من صلاتي وجدت زوجتي تُصلي بصلاتي، وتسلِّم بسلامي، وتشكر شكري، فلما خلا البيت من الأهل والأحباب، دنوتُ منها، فقالت لي: على رِسلك يا أبا أُميَّة، ثم قامت فخطبت، وقالت: أما بعد، فيا أبا أُمية، إنني امرأة غريبة، لا أعرف ما تحب، ولا ما تكره، فقل لي ما تحبه حتى آتيه، وما تكره حتى أجتنبه، ويا أبا أمية، لقد كان لك من نساء قومك من هي كفء لك، وكان لي من رجال قومي من هو كفء لي، ولكن كنت لك زوجة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ليقضي الله أمرًا كان مفعولًا، فاتَّقِ الله فيّ، وامتثل قوله تعالى: ï´؟ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ï´¾ [البقرة: 229].

ثم قعدتُ، قال: فألجأتني إلى أن أخطب، فوقفت وقلت: أما بعد، فقد قلتِ كلامًا إن تصدقي فيه، وتثبتي عليه، يكن لكِ ذخرًا وأجرًا، وإن تَدَعيه يكن حجة عليك، أُحِبُّ كذا وكذا، وأكره كذا وكذا، وما وجدتِ من حسنة فانشريها، وما وجدتِ من سيئة فاستريها.

ولقد وصف النبي عليه الصلاة والسلام المرأة الصالحة بأنها ستِّيرة، والمرأة الفاجرة فضَّاحة، وقال في بعض الأحاديث: إني أكره المرأة تخرج من بيتها تشتكي على زوجها.

وعن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أيما امرأةٍ سَأَلَتْ زَوْجَها طَلاقًا من غير بأسٍ، فحرامٌ عليها رائِحةُ الجنةِ))؛ الترمذي.

ولا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها، وهي لا تستغني عنه، وما وجدت من حسنة فانشريها، وما وجدت من سيئة فاستريها، قالت: كيف نزور أهلي وأهلك؟ ما رأيك في هذا الموضوع؟ قال: نزورهم غِبًّا، مع انقطاع بين الحين والحين لئلا يَمَلُّوا، وفي الحديث الشريف: ((زُرْ غِبًّا تَزْدَدْ حُبًّا))؛ الطبراني عن عبدالله بن عمرو.

قالت: فمَن مِنَ الجيران تحب أن أسمحَ لهنَّ بدخول بيتك؟ ومن تكره؟ قال: بنو فلان قوم صالحون، وبنو فلان قوم غير ذلك، يقول شُريح: ومضى عليّ عام عُدتُ فيه إلى البيت، فإذا أم زوجتي عندنا، رحَّبت بها أجمل ترحيب، وكانت قد علِمت من ابنتها أنها في أهنأ حال، قالت: يا أبا أُمية، كيف وجدت زوجتك؟ قلت: والله هي خير زوجة، قالت: يا أبا أُمية، ما أُوتي الرجال شرًّا من المرأة المدللة فوق الحدود، فأدِّب ما شئت أن تؤدِّب، وهذِّب ما شئت أن تُهذِّب، ثم التفتْ إلى ابنتها تأمرها بحُسن السمع والطاعة، ومضى عليّ عشرون عامًا لم أجد ما يعكِّر صفائي إلا ليلة واحدة كنت أنا الظالم.

واعلم أخي أن المسلم إذا بنَى الزواج على طاعة الله، تولَّى الله في عليائه التوفيق بين الزوجين، أما إذا بناه على معصية الله، فإن الشيطان هو الذي يتولَّى التفريق بينهما، وإذا أطاع المسلم ربَّه، ألْهَمه الحكمة، فعاش مع زوجته حياة سعيدة، وإذا عصى المسلم ربَّه ألْهَمه الحمقَ، فكم من إنسان يحفر قبره بيده، ويهدِم سعادته بيده! إنه حينما ينقطع عن الله عز وجل يُحرم من الحكمة.

الآية الأولى: ï´؟ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ï´¾ [النساء: 19].

2- الأسرة حقوق وواجبات:
قال تعالى: ï´؟ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ï´¾ [البقرة: 228].
كما أنك تحب أن تحترم أهلك، هي أيضًا تحب أن تحترم أهلها، وكما تحب أن تراها بمظهر أنيق، هي أيضًا تحب أن تراك بمظهر أنيق، وكما تحب أن تكون صادقة معك، فهي أيضًا تحب أن تكون صادقًا معها، وكما تحب أن تقدِّر شعورك، فهي أيضًا تحب أن تقدِّر شعورها.

ï´؟ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ï´¾، والمعروف ما في الفطرة مما رُكِّز في أهل الفطرة، وما جبل عليه الإنسان، وكما تحب العناية بالنظافة الشخصية والاهتمام بحُسن المظهر، فكذلك الزوجة، ورحم الله ابن عباس - رضي الله عنهما - فقد قال: ((إني لأَتزيَّن لامرأتي كما تتزيَّن لي، وما أحب أن أستنظفَ كل حقي الذي لي عليها، فتستوجب حقها الذي لها عليّ؛ لأن الله تعالى قال: ï´؟ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ï´¾.

أما هذه الدرجة التي للزوج، فهي درجة واحدة، درجة القيادة؛ لأن الزواج والبيت مؤسسة لا بد لها من قائد واحد، وصاحب قرار، لكن الزوج ينبغي أن يستشير زوجته أحيانًا، والدليل أن الله عز وجل يقول: ï´؟ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ ï´¾ [الطلاق: 6].

بل إن النبي عليه الصلاة والسلام في الحديبية استشار أُمَّ سلَمةَ، وأشارت عليه، ونفذ استشارتها، وحُلَّت المشكلة؛ لذا ينبغي أن تستشيرها، وتستشيرك، وتتبادلا الآراء، ولكن هذه المؤسسة تحتاج إلى صاحب قرار، فالله عز وجل يقول: ï´؟ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ï´¾ [آل عمران: 159].

فهذه الدرجة درجة القرار؛ لأن الذي يراه الزوج قد لا تراه الزوجة، والذي يعرفه الزوج من الظروف المحيطة بالبيت، قد لا تعرفه الزوجة، أما أن يظن الزوج أن له كل شيء، وليس لها شيء، فهذا جهل فاضح في حقوق الزوجة.

3- مفهوم حق القوامة:
ï´؟ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ï´¾[النساء: 34]، قوَّامون: جمع قوَّام، وهي صيغة مبالغة تعني: شديد القيام، وبعض الناس يفهم القوامة على أنها سيطرة، وعنجهية، واستعلاء، واستبداد، وتعسُّف، لا أبدًا، بل قوامة الرجل جهد كبير في داخل البيت وخارجه، متابعة للأمور، تصحيح للمسار، تصويب للأخطاء، هذه قوامة الرجل، فالله سبحانه وتعالى أناط مسؤولية الأسرة بالرجل؛ لأنه - بحسب تكوينه الفكري والجسمي والاجتماعي والنفسي - أقدرُ على قيادة هذا المركب من الزوجة، فلذلك حينما يقول الله عز وجل: ï´؟ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ï´¾، بمعنى أنهم يتحملون مسؤولية سلامة ونُمو هذه الأسرة.

أذكر أن سيدنا عمر مرة قال: لست خيرًا من أحدكم، ولكنني أثقلكم حملاً، وينبغي أن يقول الزوج: لست خيرًا من واحد من أُسرتي، ولكنني أثقلهم حملاً، هذا معنى قوامة الزوج: ï´؟ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ï´¾ [النساء: 34]، فهي تكليف، وليست تشريفًا، هي إشراف، وخدمة، وحرص، ودأب، وجهد، وسعي، وليست استعلاءً وغطرسة، وتحكمًا، وتعسُّفًا، واستبدادًا.

4- إصلاح العلاقة مع الله عز وجل:
إذا أصلحت علاقتك مع الله، أصلح معك كل شيء، حتى إن بعض العارفين يقول: إني أعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي، إذا كانت علاقته بالله قوية، يُلهم الله الزوجة أن تنصاعَ له، وتَعتني به، وتحبه وتكون في خدمته، فأعرف مقامي عند ربي من أخلاق زوجتي؛ قال تعالى: ï´؟ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ï´¾ [الأنفال: 1].

أنت حينما تطبِّق منهج الله عز وجل تكون كبيرًا في نظر زوجتك، وذا هيبة كبيرة، وعندئذ تنصاع لك، وتتودد إليك، وتتقرب منك، وإذا صلحت العلاقة مع الله صلح معك كل شيء، ومما ورد في الأثر القدسي: "ابن آدم، اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، ابن آدم، كنْ لي كما أريد، أكنْ لك كما تريد".

5- الاهتمام بالمشاعر الإنسانية:
أ- الثناء والمديح من الزوج لزوجته في ترتيب البيت، أو اختيار أصناف الطعام، أو إتقان الطبخ، وكذلك لُبسها وعطرها، وأسلوب تربيتها لأولادها، أو أسلوب تعامُلها مع الآخرين، كل هذا مما يُدخل السرور والسعادة على نفسها، وقد ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث أن أحب الأعمال إلى الله سرور تُدخله على مسلم، فكيف بمن هي أحب الناس إليه وهي زوجته؟ فليحتسب الزوج كل هذا عند الله - سبحانه وتعالى.

دخل علي بن أبي طالب على زوجته فاطمة الزهراء رضي الله عنه وعنها - بنت خير البشر محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم - فرآها تستاك بسواك من أراك، فقال لها في بيتين جميلين عجيبين:
حظيتَ يا عودَ الأراكِ بثَغْرها
أما خِفتَ يا عودَ الأراكِ أَراكَ

لو كنت من أهل القتال قتلتُكَ
ما فاز مني يا سِواكُ سِواكَ


ب - الكلمة الطيبة والابتسامة المشرقة لها أثرٌ عظيم في إسعاد الزوجة؛ كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ((الكلمة الطيبة صدقة))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تَحْقِرن من المعروف شيئًا، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق))، وقال صلى الله عليه وسلم: ((تبسُّمك في وجه أخيك صدقة))، فكيف بالزوجة، فإن الأجر أعظم، وكم لهذه الابتسامة من الزوج من أثرٍ على نفسية الزوجة، وكم من الكلمات الطيبة التي تسعد الزوجة، وتُزيل آلامها، وتَشحَذ هِمتها لمواصلة الجهد في إسعاد هذه الأسرة.

ج - إذا أردتَ أن تعاتب أو تعاقب، فلا تنفعل أمام الآخرين - والأبناء على وجه الخصوص - ولا توجِّه إليها ألفاظًا قد تجرح مشاعرها، أو تُقارنها بغيرها من النساء، وأعلم أن مشاعر المرأة مثل الزجاج شفَّافة، حسَّاسة، سهلة الخَدش والكسر؛ لذلك قال صلى الله عليه وسلم: ((رفقًا بالقوارير))، ويجب على الزوج تعليم الزوجه ما ينفعها في أمور دينها ودنياها.

د- تقديم الهدية المناسبة للزوجة تعبيرًا عن حبه لها، وتقديره لها؛ مما يقوِّي أواصر المحبة بين الزوجين، وقد قال رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام: ((تهادُوا تحابُّوا)).

هـ - حفظ السر:
فكلٌّ من الزوجين أمين على أسرار الآخر، يجب عليه حفظها وعدم إفشائها، ومن أعظم هذه الأسرار وأشدها: أسرار الجماع وما يجري بين الزوجين في الفراش.

وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم الزوج أو الزوجة الذي ينشر الأسرار الزوجية بأنه شيطان؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((هل منكم رجل أتى أهله، فأغلق عليه بابه، وألقى عليه ستره، واستتر بستر الله؟))، قالوا: نعم، قال: ((ثم يجلس بعد ذلك، فيقول: فعلت كذا، فعلت كذا))، فسكتوا، ثم أقبَل على النساء، فقال: ((منكنَّ مَن تُحدِّث؟)) فسكتنَ، فجثَت فتاة كعاب على إحدى ركبتيها، وتطاولت لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ليراها ويسمع كلامها، فقالت: يا رسول الله، إنهم ليُحدثون، وإنهن ليُحدِّثْنَ، فقال: ((هل تدرون ما مثل ذلك؟ إنما مثل ذلك، مثل شيطانة لقيت شيطانًا في السكة، فقضى حاجته والناس ينظرون إليه))؛ رواه أبو داود، وصحَّحه الألباني.

بل بيَّن أن مفشي سر زوجه من أشَر الناس منزلةً يوم القيامة؛ فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ مِن أشرِّ الناس عند الله منزلةً يوم القيامة، الرجل يفضي إلى المرأة وتُفضي إليه، ثم ينشر سرَّها)).

و- التعاون في الأعمال المنزلية:
مساعدة الزوج زوجتَه في أعمال البيت اقتداءً بالرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، ولو بالقليل - يُضفي على جو البيت بهجة، ويُسعد الزوجة، ويُشعرها بتقدير زوجها لها، فيسعدان معًا بهذه المشاركة؛ عن عمرة قال: قيل لعائشة رضي الله عنها: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته، قالت: "كان بشرًا من البشر، يفلي ثوبه، ويحلب شاته، ويخدم نفسه".

7- الحكمة في حل المشكلات:
لنفترض أن الوقاية لم تنجح، وأن الخلاف بين الزوجين قد وقع بالفعل، فماذا عساه يفعل الزوج لحلِّ هذا الخلاف والقضاء على هذه الأزمة؟! هنا تكون الأُسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم واجبة وضرورية، فإننا سنرى مدى حكمة النبي صلى الله عليه وسلم وطريقته في حلِّ الخلافات الزوجية.

حدث ذات مرة خلاف بين النبي صلى الله عليه وسلم والسيدة عائشة رضي الله عنها، فقال لها: ((مَنْ ترضين حكَمًا بيني وبينك؟ أترضَيْن بعمر؟!)))، فقالت: لا، إني أهاب شِدَّته وغِلظته، فقال: ((أترضَيْن بأبي عبيدة؟!))، قالت: لا، إنه يحبك وسيحكم لك، فقال: ((أترضين بأبيك أبي بكر؟))، فقالت: نعم، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما دخل عليهما، قال النبي صلى الله عليه وسلم للسيدة عائشة: ((تتكلمين أنت أوَّلاً أم أتكلم أنا؟))، فقالت: تكلَّمْ يا رسول الله، ولا تَقُلْ إلا حقًّا، فقام سيدنا أبو بكر رضي الله عنه إلى ابتنه ليضربها، فاحتَمَتْ بظهر النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال لأبي بكر: ((دعوناك مُحكِّمًا ولم نَدْعُكَ مؤَدِّبًا، فاخرج فما لهذا دعوناك))، فلما خرج أبو بكر، تنحَّت السيدة عائشة جانبًا، فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يُلاطفها، فقال لها: ((ادْني مني))، فلم تقترب، فقال لها: ((لقد كنتِ من قبلُ شديدة اللزوق بظهري)) - (يقصد أنها كانت منذ لحظات تحتمي بظهره خوفًا من أبيها) - فضحِكت رضي الله عنها وضحك المصطفى صلى الله عليه وسلم، ودخل عليهما الصِّديق رضي الله عنه وهما يضحكان، فقال لهما: ((أَشْركاني في سِلْمكما، كما أشركتماني في حربكما))؛ أخرجه الإمام أحمد في مسنده.


فاللهم احفظ بيوتنا من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، اللهم آمين!





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 134.06 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 132.34 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.28%)]