ذكرى.. ونسيان - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 730 - عددالزوار : 201861 )           »          تحت العشرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 112 - عددالزوار : 52987 )           »          فضل الصلاة على النبي – صلى الله عليه وسلم – (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          تمكين الصغار من مس المصحف والقراءة منه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          فضل صلاة الضحى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          «عون الرحمن في تفسير القرآن» ------متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 468 - عددالزوار : 147528 )           »          وما خرفة الجنة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تحريم صرف الخشية لغير الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          أوقات إجابة الدعاء والذين يستجاب دعاؤهم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          وما المفردون؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العلمي والثقافي واللغات > ملتقى الشعر والخواطر
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشعر والخواطر كل ما يخص الشعر والشعراء والابداع واحساس الكلمة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-08-2021, 08:01 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,741
الدولة : Egypt
افتراضي ذكرى.. ونسيان

ذكرى.. ونسيان
أم وفاء خناثة قوادري



في غفلة من الزمن، احتبَس الشوقُ وجَال في القلب الوَهَن، مرَّت تتخطَّر كحمامة، زَفَّت النَّسَمات إليه ريحَها، فوَقَفَ ينتَظِر ونارُ الوَجْدِ تتأجَّج في الجَوَى، لمَحته من بعيد، وعلى نهر نظَراته الشاردة، سَكبَت ابتسامةً، ترامَتْ على وَجْنتَيْهَا خَفَرًا.

تعثَّرَتْ ثَمِلةً لِمَرْآهُ، وتعثَّر قدرُهما في الحُظْوة بالوصل الحلال.
شابَّةٌ باسمةٌ حالِمةٌ، خرجَتْ مِن خِدْرها، ترمُقُ بلابل الدَّوْح إذ غرَّدَت، وتَرنُو إلى سِرْبها النائي في الأفق البعيد.

هو ابن العائلة المُحافِظة، خَلوقٌ ذو استقامة، به مواصفات الشاب الذي تهفو إلى كَنَفه الأنثى، فارسُ الأحلام ولا رَيْبَ، قَصَدَ أهلَها فاستأنَس وسَلَّم، إلَّا أنَّ البابَ بقيَ مُوصدًا في وجهه، وإنْ دقَّه حينًا بعدَ حين.

وتَتوالى السِّنُون تَتلوها السِّنون، تَحضُن بدفئها ألمَ النَّوَى، وتمحو خَرِيرَ الذكريات، عشرون سنةً أو ما يزيد، وتَلْقاه مِن بعيد، تتساءلُ في قَرارة نفسها: "أذاك هو؟ إي والله هو، بلحمه وشحمه ودمه!".

ما حَرَّك اللقاءُ فيها شيئًا، فهي بنتُ اللحظة الحاضرة، وفي صمتٍ تقاطَعَا، والطريقُ خالٍ إلَّا منهما، ما زال على أدبه وحيائه، ما نَبَسَ ببِنْتِ شَفَةٍ، فالحياء إِهابُ النَّفْس وحِصْنُها الحصين.

أتُراه لم يعرفْها؟ كلا، بل عرفها.
أتغيَّرت؟ أجَل تغيرت، هي الآن أكثرُ مِرَاسًا للحياة، وأكثرُ شبابًا وتألُّقًا.
تعرف جيدًا أنْ لا شيءَ يستحق الدموع، وأنَّ نسيان المواجع سِرُّ كل نجاح.

عرَفَتِ الرجل وكيف يصبح حَمَلًا وديعًا في لحظةٍ ما، ويستأسد في باقي الأوقات، يملؤه الكِبر والأنا، فينسى قلبه عند خوضه معترك الحياة.

وعرفَتْه قلبًا كبيرًا يحتوي المواجع والآهات، يَغُضُّ الطرْف عمَّن سواها متى ما أخلصَتْ، فيَخْمُدُ كبركان يَحْسُنُ الحذرُ من ثَوْرته، والاستعدادُ لها ترقُّبًا وتيقُّظًا في كل حين.
• • •

وتصطفُّ الأحرفُ متجافيةً، تنأَى وقد سلاها العناد، تلتفت إلى بقاياه في خاطرها، تمحو الذكرى، وتَلِجُ عالَم النسيان.

كبُرْعُمَةٍ غَضَّةٍ، رَسَمَكَ القَدَرُ في خيالها، زرَعكَ في كِيانها مخلوقًا مثاليًّا، رأتْ في ابتسامتك أحلى نغْمة إعجاب، وفي نظراتك زهْو الروح وإشراقَها، وفي هَمْسِكَ الدافئ حنينًا للحضن والاحتواء.

لم تتجاوَزَا حدود التخاطر والإعجاب مِن بعيد، وما حدثَتْكما النفْسُ بما سوى ذلك؛ فتقاليد البيئة صارمة، وحُسْن التربية كان لكما خيرَ وِجاءٍ.

ما أكثرَ ما ردَّدَتْ شريطَ الأحداث، مِن أولِ نظرة وأولِ لقاء، متسائلةً في حيرة وتعجب: "لِمَ وكيف وقَع ما وقع؟!".
لِتَجْزِيَ لها الحياة جوابًا مُحَيِّرًا يحتاجُ إلى ألْف جواب، كطلسمٍ مِن طَلاسِمِ الغيب وأسراره.

هي الأرواح تشف وتسمو في عوالِمِها، جنودٌ مجنَّدَة، تتعارف فتتآلف!
أمَّا نحن، فنلتقي ونَنْتَشي فرحًا، تَخْفُق القلوب واجفةً مزهُوَّةً بالانتماء.

يحل الربيع فجأةً، وترحل المتاعب والأحزان.
أمَّا نحن، فنَغرَق في أحاسيسِنا، نُنَمِّقُها، نُثْقِل كاهلها بألْف عنوان وعنوان.

لا.. لا عناوين ولا تنميق هناك، في عالم شف وانكَشَف، تتراءى فيه السرائر، مُعلِنةً دَيْمُومةَ الحب وأبدية اللقاء.

ثم ماذا؟
تلاشَى الوَهمُ الجميل، سَلَبَها القدَرُ بفِراقك هَدْأةَ الليل، وهَجْعة الأصيل، لكنَّها سَلَتْ بقدَرٍ جميل خبأه صبرُها والرضا، لتترفق كبرياؤها بسذاجتها التي بكَتْك، حين تنبَّهَتْ أنْ لا شيءَ يدوم، سوى العِفَّة وصَوْن النفْس.
• • •

أنصتَتْ لصدى صوت تردَّد مِن تلك السنين:
أتَشِي بقلب أحبَّك، وتترُكُه للحنين؟
للتَّسكُّع في دروب الذكرى!
ينخره الوجعُ، ويَنْكَؤه الأنين!

• • •

أُخالِجُ رُوحي، ما الذي يُنجي؟
سوى أنْ ألوذَ ببابك لحظةَ صفاء.
لكسرِ جُمُوح النفس؛ تلك الرَّعْنَاء.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.92 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.30%)]