موانع في الطريق إلى الله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         اذكر الموت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الإنتصار على الهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          الإقبال على الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فواصل للمواضيع . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 65 )           »          الخطاب فى القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 103 - عددالزوار : 64730 )           »          قناديل على الدرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 17 - عددالزوار : 2282 )           »          إصلاح ذات البين.. مهمة.. وإنجاز عظيم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          درر وفوائـد من كــلام السلف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 7089 )           »          قواعد في الدعوة إلى الله تعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 9 - عددالزوار : 2607 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 16-11-2024, 11:08 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 152,251
الدولة : Egypt
افتراضي موانع في الطريق إلى الله

موانع في الطريق إلى الله

حسان أحمد العماري

الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كل شيءٍ قائم به، وكل شيءٍ خاضع له، غنى كل فقير، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف، من تكلم سمع نطقه، ومن سكت عَلِمَ سِرَّه، ومن عاش فعليه رزقه، ومن مات فإليه منقلبه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبدُ الله ورسولُه، أحسن الناس خُلُقًا، وأكرمُهم خَلْقًا، وأشرفهم نسبًا، وأعظمهم جودًا، صلَّى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله الأخيارِ وأصحابه الأبرار والتابعين ومن تَبِعهم بإحسان إلى يوم الدِّين، وسلِّم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:

عبـــــــاد الله، لم يستطِع أن ينام تلك الليلة، وتطاول عليه الليل، ينتظر أن يسفر الصباح ليذهب إلى غايته، إنه الأعشى بن قيس، كان شيخًا كبيرًا شاعرًا، فلما كان الصباح خرج من اليمامة من نجد يريد النبي عليه الصلاة والسلام، راغبًا في دخول الإسلام، مضى على راحلته، مشتاقًا للقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل كان يسير وهو يُردِّد في مدح النبي صلى الله عليه وسلم قائلًا:
أَلَمْ تَغْتَمِضْ عَيْنَاكَ لَيْلَةَ أَرْمَدا
وَبِتَّ كَمَا بَاتَ السَّلِيمُ مُسَهَّدا
أَلَا أَيُّهَذَا السَّائِلِي أَيْنَ يَمَّمَتْ
فَإِنَّ لَهَا فِي أَهْلِ يَثْرِبَ مَوْعِدا
فَآلَيْتُ لا أَرْثِي لَهَا مِنْ كَلالَةٍ
وَلا مِنْ حَفًى حَتَّى تَزُورَ مُحَمَّدا
نَبِيٌّ يَرَى مَا لا يَرَوْنَ وَذِكْرُهُ
أَغَارَ لَعَمْرِي فِي البِلادِ وَأَنْجَدَا
لَهُ صَدَقَاتٌ مَا تَغِيبُ وَنَائِلٌ
وَلَيْسَ عَطَاءُ اليَوْمِ مَانِعَهُ غَدَا
أَجِدَّكَ لَمْ تَسْمَعْ وَصَاةَ مُحَمَّدٍ
نَبِيِّ الإِلَهِ حَيْثُ أَوْصَى وَأَشْهَدا
إِذَا أَنْتَ لَمْ تَرْحَلْ بِزَادٍ مِنَ التُّقَى
وَلاقَيْتَ بَعْدَ الْمَوْتِ مَنْ قَدْ تَزَوَّدَا
نَدِمْتَ عَلَى أَنْ لا تَكُونَ كَمِثْلِهِ
فَتُرْصِدَ لِلمَوْتِ الَّذِي كَانَ أَرْصَدَا


وما زال يقطع الفيافي والقفار، يحمله الشوق والغرام، إلى النبي عليه السلام، راغبًا في الإسلام ونبذ عبادة الأصنام، فلما كان قريبًا من المدينة اعترضه بعض المشركين فسألوه عن أمره، فأخبرهم أنه جاء يريد لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ليُسلِم، فخافوا أن يُسلِم هذا الشاعر؛ فيقوى شأن النبي صلى الله عليه وسلم، فشاعر واحد وهو حسان بن ثابت قد فعل بهم الأفاعيل، فكيف لو أسلم شاعر العرب الأعشى بن قيس؟! فقالوا له: يا أعشى، دينك ودين آبائك خيرٌ لك، قال: بل دينه خير وأقوم، قالوا: يا أعشى، إنه يُحرِّم الزنا، قال: أنا شيخ كبير، ما لي في النساء حاجة.

فقالوا: إنه يحرم الخمر، فقال: إنها مذهبة للعقل، مُذِلَّة للرجل، ولا حاجة لي بها.

فلما رأوا أنه عازم على الإسلام، قالوا: نعطيك مائةَ بعير وترجع إلى أهلك وتترك الإسلام، قال: أمَّا المال فنعم، فجمعوها له فارتدَّ على عقبيه، وكرَّ راجعًا إلى قومه بكفره، واستاق الإبل أمامه فرحًا بها مستبشرًا، فلما كاد أن يبلغ دياره سقط من على ناقته فانكسرت رقبته ومات ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ [النحل: 107 - 109].

أيها المؤمنون، إن الغاية الكبرى من خلق الإنسان هي توحيد الله وعبادته بما شرع، والاستقامة على ذلك حتى يلقى الإنسان ربَّه وهو على ذلك، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ [آل عمران: 102]، وهذا الأمر يحتاج إلى رعاية واهتمام وبذل وعطاء ومجاهدة وصبر وتضحية؛ لأنه طريق موصل إلى الله ورضوانه وجنته، قال تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [العنكبوت: 69]، ويعقوب عليه السلام وهو على فراش الموت جمع بنيه ليسألهم عن الدين والتوحيد، لم يسألهم عن المال والمتاع والدنيا الفانية، قال تعالى: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ [البقرة: 133]، إن أكبر قضية في حياة الإنسان، هي قضية البحث عن الهداية، وقضية معرفة الله سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فإنه لا أكبر من الله، فلا إله إلا الله، ولا إله غير الله.
الله ربِّي لا أريد سواه
هل في الوجود حقيقة إلا هو
قد ضل من يرجو سواه وأفلست
من كل خير في العُلا يمناه


إننا ندعو كل يوم في الصلاة عند قراءة سورة الفاتحة بأن يهدينا الله الصراط المستقيم؛ لأنه طريق النجاة والفوز والفلاح، فالهداية لذلك من الله وحده كما قال سبحانه عن فرعون وهو يسأل: ﴿ قَالَ فَمَنْ رَبُّكُمَا يَامُوسَى * قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه: 49، 50]؛ أي: ثم هداه إلى ما يصلحه ويؤهله للقيام بالوظيفة التي خلق ووجد من أجلها.

أيها المسلمون، هناك موانع في الطريق إلى الله والثبات على دينه، تقف حائلًا بين العبد وبين ربه، قد يستسلم لها فيخسر دُنْياه وآخرته، وهناك من يصبر ويثبت ويتجاوزها وينجيه الله منها، رغم قوتها وشدتها وإغراءاتها، ومن هذه الموانع في طريق المسلم اليوم، اتِّبَاعُ الهوى، فإنه يحجب عن سُبُل الهداية ويصرف عنها، قال سبحانه: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ [الجاثية: 23]، فلا يحتكم إلى دين أو خُلُق أو عرف أو مروءة.

ومن ذلك: الكِبْر والغرور؛ لأنه يُعْمِي صاحبَه، ويصرفه عن الخير، قال سبحانه: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا [الأعراف: 146].

ومن ذلك: عدم الخضوع والاستجابة لأمر الله، والانقياد والالتزام بما أمر سبحانه، قال الله تعالى: ﴿ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا * وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا * وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا [النساء: 66 - 68]، قال ابن جرير رحمه الله: "ومعنى قـولـه: ولهديناهم: وَلَوَفَّقْنَاهُمْ للصراط المستقيم".

ومن هذه الموانع: كراهة الحق وأهله، فهو يُعمي ويصمُّ، ويحمل صاحبه على كل معصية إذا استحكم في صاحبه، وسبب ذلك الحسد، قال الله تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 109]، فكم صدَّ الحسد عن الحق والإيمان، واعتبِر ذلك بحال إبليس لعنه الله الذي حسد آدم عليه السلام.

عباد الله، ومن هذه الموانع: دعاة وعلماء تحسبهم كذلك وهم دعاة على أبواب جهنم، رَوى البخاري في "صحيحه" عن حُذَيفَة بن اليمان رضِي الله عنه؛ أنَّه قال: كان الناس يسألون رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الخير، وكنتُ أسأله عن الشر مخافة أن يُدرِكني، فقلتُ: يا رسول الله، إنَّا كنَّا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير مِن شر؟ قال: ((نعم))، قلتُ: وهل بعد ذلك الشر مِن خير؟ قال: ((نعم، وفيه دَخَنٌ))، قلتُ: وما دَخَنُه؟ قال: ((قومٌ يَهْدُون بغير هَدْيِي، تَعْرِف منهم وتُنْكِر))، قلتُ: فهل بعد ذلك الخير مِن شر؟ قال: ((نعم، دُعَاة على أبواب جهنَّم، مَن أجابَهُم إليها قذَفُوه فيها))، قلتُ: يا رسول الله، صِفْهُم لنا؟ قال: ((هُمْ مِن جِلدَتِنا، ويتكلَّمون بألسِنتِنا))، إنهم مِن الذين يُحِلُّون ما حرَّم الله، ويُحَرِّمون ما أحلَّ الله، ويُفتُون فيما يَعرِفون وما لا يَعرِفون، وهم الذين يقولون ما لا يفعَلون، هم دُعاة البدعة والضلالة الذين يُجامِلون الناس على حساب الدِّين، ويبتَغُون بدعوتهم وجْه الناس، لا وجْه الله، وهم كثيرٌ على مرِّ العصور والدُّهور، كلُّ غايتهم إدراكُ المَناصِب حتى يُشارَ إليهم بالبَنَان، وهم أَفْسَدُ لِلدِّين مِن أئمَّة الجور؛ يفتي في الدماء والأعراض والقيم والأخلاق والسلوك والمعاملات بغير حق أو هدى.

قال ابن المبارك:
وهلْ أفسدَ الدينَ إلا الملوكُ
وَأحبارُ سُوءٍ وَرُهبانها
فباعُوا النفوسَ ولمْ يربحَوا
ولمْ تغلُ في البيعِ أثمانها


قال تعالى: ﴿ وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ [آل عمران: 187]، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه.

الخطبة الثانية

الحمد لله على فضله وإحسانه، وأشكره على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
أيها المؤمنون، ومن هذه الموانع: الكلمة المضللة، والإعلام المضلل، سواء كان من شياطين الإنس أو الجن، ولكلِّ زمان إعلام بحسب الوسائل الممكنة في الأزمنة المختلفة، وأوَّل إعلامي ضالّ مضلّ يكره الحقَّ ويُنفِّر منه، ويزيِّن الباطلَ هو إبليس، قال الله تعالى عنه وعن آدم عليه السلام: ﴿ فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَاآدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى [طه: 120]، ﴿ وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ * وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ * فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا [الأعراف: 20 - 22]، واليوم ماذا تعمل كثير من وسائل الإعلام والاتصالات والفضائيات والصحف، ووسائل التواصل الاجتماعي في هذا العالم الفسيح، كيف تطمس الحقائق وتُزيِّن الباطل، وتثير العداوات وتُؤجِّج الصراعات، تُمجِّد الجلاد وتتَّهِم الضحية، وتُميِّع المبادئ والقيم والأخلاق وغير ذلك، قال الله تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ [الأنعام: 112]، قال الطفيل بن عمرو الدوسي رضي الله عنه: قدمتُ مكةَ فما زالت بي قريش حتى جعلت في أذني كرسفًا - أي: قُطْنًا - لئلا أسمع من محمد عليه الصلاة والسلام، ثم قلت: أنا عاقل، أعرفُ مواضع الكلام، فجئته فتلا القرآن ودعاني للإسلام، فأسلمت مكاني، ورجعت إلى قومي أدعوهم.

ومن هذه الموانع: الرفقة السيئة، وصديق السوء، أن خير لك أن تصحب رجلًا يذكرك بالله إذا نسيت، ويعينك على ذكر الله إذا ذكرته، وقد ذكر الله تعالى ما يبلغ أثرُ الصاحب في صاحبه فقال: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا [الفرقان: 27 - 29]، وعن أَبِي مُوسَى الأشعري رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَثَلُ الْجَلِيسِ الصَّالِحِ وَالْجَلِيسِ السَّوْءِ كَمَثَلِ صَاحِبِ الْمِسْكِ، وَكِيرِ الْحَدَّادِ، لا يَعْدَمُكَ مِنْ صَاحِبِ الْمِسْكِ إِمَّا تَشْتَرِيهِ، أَوْ تَجِدُ رِيحَهُ، وَكِيرُ الْحَدَّادِ يُحْرِقُ بَدَنَكَ أَوْ ثَوْبَكَ أَوْ تَجِدُ مِنْهُ رِيحًا خَبِيثَةً))؛ (صحيح).

عباد الله، هناك اليوم من تشتاق نفسه إلى الهداية لكن يمنعه حب الدنيا وزينتها وقول فلان وعلان، ورأي هذه وذاك، وإرضاء فلان وفلان، ومن الناس يرى الحق أمامه واضحًا جليًّا ومع ذلك لا يتبعه، وهناك من يسوف ويسترسل ويؤجل اللحاق بطريق الهداية؛ فيخسر ويندم في وقت لا ينفع فيه ندم، فالمسارعة والمبادرة إلى الله سلامة من الفتن، وحفظ للعبد من الضياع، ونجاة يوم القيامة، اللهم اهدنا بهداك ولا تولِّنا أحدًا سواك، وثبِّتْنا على الحق حتى نلقاك.

هـــذا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب: 56].

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، وانصر عبادك الموحِّدين، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ.

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات،

اللهم أَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبهم، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ، واهدهم سواء السبيل، ورُدَّنا جميعًا إلى دينك ردًّا جميلًا.

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا والمؤمنين عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.

عباد الله، ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [النحل: 90]، فاذكروا اللهَ يذكُرْكم، واشكُروه على نعمِه يزِدْكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ [العنكبوت: 45].

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.88 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 61.17 كيلو بايت... تم توفير 1.71 كيلو بايت...بمعدل (2.72%)]