|
|||||||
| ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
|
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#2
|
||||
|
||||
|
لنفاخر بها أجيالنا، يوم أن فقدت القدوةَ إلا قليلا ممن رحم الله. الناس صنفان موتى في حياتهم ![]() وآخرون ببطن الأرض أحياء ![]() ![]() ![]() لماذا هذا الرجل؟ لأنه يعلمنا أن العمل لله ولدينه هو سبيل المخلَصين الفالحين، وأن حياة بلا عيش مع الله هي موت مع الشيطان. لماذا هذا الرجل؟ لأنه يعلمنا كيف العملُ بصمت، وكيف تصنع من نفسك آثارًا تَفيض عليك بعد مماتك. كان طبيبًا مُتخصصًا في الأمراض الباطنية والجهاز الهضمي، شدِّ الرحال إلى القارَّةِ السوداء: أفريقيا. نعم، إلى أفريقيا، قارةُ الفقر والجوع والحرب، قارة الأمراض والأوبئة وشدَّة العيش. فلماذا يذهب إليها، ويترك وظيفته المرموقة، وراتبه الكبير، ويذهبُ إلى القارة التي هذه حالها وصفتُها. نعم، هاجر إلى أفريقيا، حينما شعر بخطر المجاعة التي تُهدد المسلمين فيها، وأدرك خطورة حملات التنصير، التي تجتاح صفوف فقرائهم، فترك عمله الطبيَّ طواعية، ليجسد مشروعًا خيريًّا رائدًا، في مواجهة الفقر وخطر التنصير. ولمعلوماتكم عدد المنصرين العاملين الآن في هيئات ولجان تنصيرية يزيدون على أكثر من 51 مليون منصر، ويبلغ عدد الطوائف النصرانية في العالم اليوم 35 ألف طائفة، ويملك العاملون في هذا المجال 365 ألف جهاز كمبيوتر لمتابعة الأعمال التي تقدمها الهيئات التنصيرية ولجانها العاملة، ويملكون أسطولا جويا لا يقل عن 360 طائرة تحمل المعونات والمواد التي يوزعونها والكتب التي تطير إلى مختلف أرجاء المعمورة بمعدل طائرة كل أربع دقائق على مدار الساعة، ويبلغ عدد الإذاعات التي يملكونها وتبث برامجها يوميا أكثر من 4050 إذاعة وتليفزيون، وأن حجم الأموال التي جمعت العام الماضي لأغراض الكنيسة تزيد على 300 مليار دولار، وحظ أفريقيا من النشاط التنصيري هو الأوفر... في إفريقيا كم داوى فيها من مريض؟ وكم عالج فيها من جريح؟ كم وقف بنفسه مع المنكوبين؟ وكم واسى الفقراء والمحتاجين، وأطعم الجائعين، وأغاث الملهوفين؟ كم مسح على رأس اليتامى؟ وكم سدَّ حاجات الأيامى؟ كم صبر وصابر في سبيل خدمة هذا الدين، والوقوفِ مع حاجات المسلمين؟ كم تعرض لمحاولات قتلٍ في أفريقيا، مِن قِبل المجرمين وأعداء الدين؟ كم حاصرته أفاعٍ سامَّةٍ ومُوحشة، صبر على لسعات البعوض الْمُؤذية، في تلك القرى والأدغال البعيدة، صبر على شحِّ الماء وانقطاع الكهرباء؟ تسلّق الجبالَ الشاهقة، وقطع القفار الواسعة، في سبيل الدعوة وتبليغ الرسالة. قضى تسعًا وعشرين سنةً في أفريقيا، وكان لا يأتي لوطنه إلا للزيارة أو العلاج. وكان في صُحبته زوجتُه الْمُوفقة، التي هجرتْ مع زوجها حياة الراحة والدَّعة، فأقاما في بيتٍ متواضعٍ في قرية هناك، يُمَارسان الدعوة للإسلام بنفسيهما، ويعيشان بين الناس في القرى والغابات، ويقدمان لهمُ الخدمات الطبية والاجتماعية والتعليمية. لقد تبرعتْ هذه الزوجةُ الصالحة، بجميع إرثها لصالح العمل الخيري، وأسَّستِ الكثير من الأعمال التعليمية والتنموية، وهي بدعمها ومؤازرتها لزوجها: من أعظم أسباب نجاحه وثباته. فيا ليت نساءنا يقتدين بهذه المرأة الصالحة، فكلُّ ما عمله وأنتجه زوجُها هو في ميزان حسناتها. كان يقودُ السيارة أحيانًا، لمدةٍ تزيدُ على العشرين ساعة، حتى يصل إلى الأماكن البعيدة، ورُبَّمَا سار في بعض الأيام على أقدامه، في الوحل والمستنقعات. كان أشدَّ ما يُؤلمه ويُؤَثِّر عليه، حينما يذهب إلى منطقةٍ أو قبيلة، ويدخل بعض أبنائها في الإسلام، ثم يصرخون ويبكون على آبائهم وأمهاتهم، الذين ماتوا على غير الإسلام، فيُعاتبونه قائلين: أين أنتم كلَّ هذه السنين؟ الآن بعد أنْ مات آباؤنا على الكفر جئتم إلينا؟ فكانت هذه الكلمات تجعله يبكي بحُرقة، ويشعر بعِظَم المسئولية، تجاه هؤلاء الذين ماتوا على الكفر. فقطع على نفسه العهد مع الله -تعالى-، أن يمضيَ بقية عمره في الدعوة إلى الله هناك. نال السميط عددًا من الأوسمة والجوائز والدروع والشهادات التقديرية، مكافأة له على جهوده في الأعمال الخيرية، ومن أرفع هذه الجوائز جائزة الملك فيصل العالمية لخدمة الإسلام، والتي تبرع بمكافأتها (750 ألف ريال سعودي) لتكون نواة للوقف التعليمي لأبناء أفريقيا، ومن عائد هذا الوقف تلقت أعداد كبيرة من أبناء أفريقيا تعليمها في الجامعات المختلفة. وكان إذا أرخى الليل سدوله، لا ينام حتى يقف على الحلقات المستديرة، التي يجتمع فيها أبناء الأيتام، يقرؤون ويتدارسون القرآن، وهو ينتقل من حلقةٍ إلى أخرى، ليطمئن على حفظهم، ويبتسم في وجوهم. كان مصابًا بداء السُّكريِّ، والكولسْترولِ، ونزيفٍ في العين، وأصيب بالملاريا مرتين، ويُعاني من آلامٍ في قدمه وظهره، ويتناول أكثرَ من عشرةِ أنواعٍ من الأدوية يومًا. ومع ذلك، لم تُثْنِه هذه الصُّعوباتُ عن السفر والبذل، في عمله ومشروعه الدعوي والإغاثي، ونشرِ دين الإسلام، وإقامةِ المشاريع التنموية والتعليمية، لأناسٍ نسيهم العالم خلف الأدغال. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول ما تسمعون وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما.أما بعد: أخي الحبيب: من السهل أن تكون مشهورا لكن من الصعب أن تكون عظيما. إن جهودَه ومُثابرتَه -رحمه الله-: آتت أُكُلَها، وأنتجت ثمارَها، فقد أسلم على يديه وعلى أيدي أتباعه وتلاميذه: ما لا يقل عن عشرةِ ملايينِ إنسان، وعشرات الألوف من القبائل بأكملها، الذين أسلموا فتحوَّلوا إلى دعـاةٍ للإسلام، أنقذهـم وساهم في مدِّ يد العون لهم، من خلال توفير المسكن والعمل، والمستشفيات والمدارس وغيرها من الاحتياجات. وأصبحت جمعية العَون المباشر، التي أسسها هناك، أكبرَ منظمةٍ عالميةٍ في أفريقيا كلِّها، يدرس تحت مظلَّتها أكثرُ من نصف مليون طالب، وتمتلك أكثر من أربع جامعات، وعددًا كبيرًا من الإذاعات والمطبوعات، وقامت بحفر وتأسيس أكثرَ من ثمانمائة بئر، وإعدادِ وتدريبِ أكثرَ مِنْ أربعة آلاف داعيةٍ ومعلمٍ ومفكر. إنَّ هذه الإنجازات الضخمة، لم تكن إلا بتوفيقِ الله وحده، ثم برفقه في الدعوة إلى الله، ولينِه ورحمتِه وحكمتِه، وعدمِ الصدام والمواجهةِ دائمًا مع الآخرين، فقارنوا ما أنْجَزَتْهُ أفعالُه وأخلاقُه، مع مَن رفع شعار العنفِ والشدَّة، وقابَل مُخالفيه بالسِّباب والغلظة، حيث ظنَّ أنَّ أعداءَ الإسلام لا يُواجَهون إلا بالسلاح والقوة، لا بالدعوةِ إلى الله بالحكمةِ والموعظةِ الحسنة. أيها المسلمون:لقد كانت همَّةُ هذا الداعيةُ الكبير لا مُنتهى لها، وهَمُّه لأمَّته لا نظير لها، فقد طَلَبَ منه كثيرٌ من الناس أنْ يرجع إلى وطنه، وخاصةً بعد كِبره وكثرةِ أمراضه، فكان يُجيبهم قائلًا: «سأُلقي عصا الترحال يوم أنْ تضمنَ الجنة لي، وما دمتُ دون ذلك فلا مفرَّ من العمل، حتى يأتيَ اليقين، من ينقذني من الحساب، يوم يشكوني الناس في أفريقيا، بأنني لم أسع إلى هدايتهم». لهُ هممٌ لا مُنتَهَى لِكِبارِها ![]() وهمَّتُهُ الصُّغرى أجلُّ منَ الدَّهْرِ ![]() لهُ راحةٌ لو أنَّ مِعشارَ جودِها ![]() على البَرِّ صارَ البرُّ أنْدى من البحرِ ![]() لم يفرِّق يومًا في إغاثته بين مسلمٍ وكافر، لم يطعمْ ويُكرمِ المسلم، ويحرمِ الكافرَ والمشرك الذي بجانبه، بل جعلهم سواءً في دعوته وإغاثته، فلذلك دخل هؤلاء الكفَّارُ الفقراءُ والمرضى، في دين الله أفواجًا. أسلمتْ هذه الأعداد الغفيرة؛ حينما رأوا من أخلاقه وسماحته، في الوقت الذي كانت فيه بعض الجمعيات النصرانيَّة، لا تعطي الطعام ولا تعالج الفقراء، إلا بشرطِ أنْ يتنصَّروا. رحم الله الدكتور عبد الرحمن السميط، وغفر له وهيأ للأمة رجالا أمثاله. اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا أخرتنا التي إليها معادنا. اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا، اللهم ارزقنا خشيتك في الغيب والشهادة. اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا وبين معاصيك، ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك، ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا. اللهم متعنا بأسماعنا وأبصارنا وقواتنا أبدًا ما أحييتنا، واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا، وانصرنا على من عادانا. واختم لنا بخير، واجعل عواقب أمورنا إلى خير، وتوفنا وأنت راضٍ عنا. اللهم انصر المجاهدين المسلمين الموحدين الذين يجاهدون في سبيلك في كل مكان، اللهم آمنا في أوطاننا ودورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا. واحشرنا يوم القيامة في زمرة نبينا ولواء حبيبنا، واسقنا بيده الشريفة شربة هنيئةً مرئيةً لا نظمأ بعدها أبدًا. اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وانصرنا على من عادانا، واختم بالباقيات الصالحات أعمالنا، وبلغنا فيما يرضيك آمالنا. آمين. ألا وصلوا على نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم كما أمركم ربكم سبحانه وتعالى حيث قال:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56] اللهم صلّ وسلم وبارك على رسولك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه.
__________________
|
| الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |