|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الإسلام حفِظَ الإنسان وحقوقه الشيخ عبدالعزيز بن محمد العقيل الحمد لله المتعزِّز بعظمة الربوبية، المتفرِّد بوحدانية الألوهية، القائم على النفوس بآجالها، العالم بتقلُّبها وأحوالها، أحمده - سبحانه - وأشكره، وهو المتفضِّل بجزيل آلائه، المنّان بسوابغ نعمائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، لا معقِّب لحُكمه ولا رادَّ لقضائه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُ الله ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه، وعلى آله وأصحابه، ما دار في السماء فلك، وما سبَّح في الملكوت مَلَك، والتابعين ومَن تبعهم بإحسان إلى يوم الدِّين. أما بعد: فقد جاءت الجاهلية الأولى فاحتَقرت الإنسان وأذلَّتْه؛ فقتَلوا الأولاد خشية الفقر، ووأدوا البنات خشية العار، وأكَل القويُّ الضعيف، وكان إذا ماتَ الرجل جاء قريبُه لزَوجته ومنعها من الزواج إلا بإذنه، ومنعها الإرث من زوجها وأخَذ مالها. وقد انتشرت في هذا الزمن الفوضى، وقامت الحربُ بين الناس عشرات السنين لأتفه الأسباب، فجاء الإسلام وأنقذ البشرية مِن وَيلات الجهل، وإهلاك الحرث والنسل، وحَفِظ الإنسان منذ نشأته في بطن أمه، وحَفِظ حقَّه قبْل أن يَخرُج إلى هذه الحياة، وسَعِدت البشرية في ظل الإسلام وتعاليمه السامية المتَّفقة مع فِطَرها السليمة. إن الذي خلق النفس البشرية هو العالِم بمصلحتها، وما يتَّفق مع فطرتها؛ فحصل الأمن والاستقرار، وعمرت الأرض على ما أراد الله للبشَر، وكَثُرت الخيرات، وحصل التكاتُف والتضامُن بين الأُسَر والشعوب. إن القوي الذي يَبذل جهدًا في الحصول على المال، ويأخذه مِن طرقه المشروعة، يتضاعف ماله ويَنمو، والضعيف والفقير له حقٌّ في مال الغني يأخذه بلا مَنٍّ، فيزيد مال الغني، ويَستغني الفقير، وتكون الأمة كالأسرة الواحدة، فلا حقْد ولا ضغينة، فالفقير يَفرح بزيادة مال الغني؛ لأن له فيه حقًّا مشروعًا، والغني يَبذل الجهد في زيادة ماله، ويسهل عليه ما يُنفقه منه؛ لأنه موعود بالزيادة فيه والأجر على ذلك، والفقير مطمئنٌّ على معيشته في هذه الحياة؛ لما وجد مِن تكاتُف وتضامُن بين الأُسَر والشعوب على ضوء تعاليم الإسلام، حتى جاءت جاهلية القرن العشرين، وتنكَّر أكثر الشعوب لتعاليم الإسلام، فظهَرت الرأسمالية والاشتراكية، وانتشَر الرياء، ومُحِقت بركة المال، وافتَقر الغني، وتضاعَف فقْر الفقير، وقلَّ الجدُّ في اكتساب المال لمَّا عرَف صاحب المال أن ما يَكسبه لن يكون خاصًّا به، بل هناك مُشارِك فيه، وطغَت الرأسمالية في الحصول على المال بدون جهْد ولا كلفة؛ بل بالطُّرُق المحرَّمة، وتكدَّست الأموال في أيدٍ قليلة لا ترى لأحد غيرها فيه حقًّا، وأصبَحت تمتصُّ أموال العامة بالتدريج، فهي تَدخُل ولا تخرج إلا بقدْر ما تشغل العامَّة بالأعمال العائد مردودها لها، فأصبح العامَّة يَكدحون ويعملون دون الحصول على ما يَقوتهم ويَكفيهم. إن متطلَّبات الحياة تضاعَفت؛ بسبب سياسة الدول الرأسمالية، التي تصنع وتُنتج وتُغرق الأسواق بالمصنوعات، والعامَّة يَكدحون ويعملون ويُنفِقون ما يَحصُلون عليه من مال في كماليات لا فائدة منها، بل ضَررُها متحقِّق؛ فقد أصبحت الأرض مزابلَ لمخلَّفات الصناعات، بل لم تَسلم البحار وحيواناتها مِن نفايات تلك المُصنَّعات، يضاف إلى ذلك شبح الموت والهلاك وإهلاك الحرث والنسل المتوقَّع بسبب آلات الحرب المدمِّرة والفتاكة والمُحدِثة التشويه بالبشَر، إلى غير ذلك مما يُصنع بقوت البشر الذي يموت جوعًا على أرصفة المدن وفي الغابات والصَّحاري وكهوف الجِبال؛ ومع هذا يَتباكى أعداء الإسلام على حقوق الإنسان مكرًا وخداعًا للبشرية، ويتَّهمون الإسلام والمسلمين بالتأخُّر عن الوصول لما وصَلوا إليه مِن حضارة زائفة، ولم يعلموا أنَّ ما قدَّموه للإنسان لا يُوازي ما نال ويَناله مِن أضرار ومخاوف، وأن الإسلام هو الذي حفظ الإنسان وحقوقه، وأسعَد المسلمين في حياتهم الدنيا، ووعدهم السعادة في الآخِرة، وجمَع للمسلمين الممتثلين لأوامره والمُجتنِبين نواهيَه بين سعادة الدنيا وسعادة الآخِرة. فهذه هي الحياة الحقيقية للإنسان المطيع لخالقه؛ حيث جمع له بين السعادة العاجلة والسعادة الآجِلة، ولن يَصلُح آخِرُ هذه الأمة إلا بما صَلَح به أولها. وفَّق الله المسلمين لإنقاذ البشرية مما تُعانيه مِن ويلات، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |