خطبة عن الفتوى - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شرح صحيح البخاري كاملا الشيخ مصطفى العدوي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 810 - عددالزوار : 75085 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 50 - عددالزوار : 32680 )           »          من أحكام سجود السهو (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          فضل الدعاء وأوقات الإجابة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          ملخص من شرح كتاب الحج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3 - عددالزوار : 2023 )           »          من مائدة الفقه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 1288 )           »          تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى حاجته، ثم استنجى من تور، ثم دلك يده بالأر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          مفهوم القرآن في الاصطلاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          تفسير سورة الكافرون (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 08-06-2021, 03:37 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 151,918
الدولة : Egypt
افتراضي خطبة عن الفتوى

خطبة عن الفتوى



الشيخ سليمان السلامة




إن الحمد لله نحمده ونستعينه؛ أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، وتمسكوا بفرائض دينكم، ولا تغرنَّكم الحياة الدنيا؛ فمقامنا فيها قصير، وعما قريب سنرحل حيث المصير، وحينذاك يسعد المتقون في ﴿ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا ﴾ [الفرقان: 15].

أيها الناس، إن مما يحتاجه المسلم في حياته السؤال والاستفتاء حول بعض المسائل التي تشكل عليه، فيا تُرى من يستفتي وإلى من يوجه سؤاله؟
عباد الله، شأن الفتوى ليس هينًا، وليست مجرد كلام لا قيمة له، إن الفتوى لها شأنها العظيم ومقامها الكبير في شريعة الإسلام؛ فالفتوى ليست حديثَ مجالسٍ تقطع به الأوقات، وليست توقعات، وليست كلأً مباحًا مِن كل مَن هبَّ ودبَّ يتجرأ على اقتحامها، كلا وألف كلا.

يا قوم، الفتوى توقيع عن رب العالمين، وإخبار بشرع الله المتين، فللفتوى هيبتُها وقدسيتها ومكانتها من دين الإسلام، والعجب العجاب أنك تجد فِئامًا من الناس عندهم جرأة على الفُتيا والإفتاء دون ورع ولا خوف، ولا مبالاة، ولا وازع ولا رادع، متكئٌ على أريكته يحلل ويحرِّم، ويبيح ويمنع، وحينما يُسأل في الطب أو الهندسة أو الفيزياء يتوقف عن الإجابة، فيا سبحان الله! أين احترام شرع الله والخوف من الله؟ لماذا يتورع ويمتنع عن الفتيا في مسائل العلوم الدنيوية، ولا يمتنع عن الإفتاء في المسائل الشرعية؟ ألم يعلم أولئك المقتحمون للفتوى بغير علم أن الفتوى توقيع عن رب العالمين؟ قال ابن القيم: "إذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا يُنكَر فضله ولا يُجهَل قدره، وهو من أعلى المراتب السَّنيَّات، فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسماوات؟".

أيها المؤمنون، كان السلف الصالح رحمهم الله يهابون الفتوى ويتدافعونها؛ يقول عبدالرحمن بن أبي ليلى: "أدركت عشرين ومائة من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسأل أحدهم عن المسألة، فيردها هذا إلى هذا، وهذا إلى هذا، حتى ترجع إلى الأول".

وعن الهيثم بن جميل قال: "شهِدتُ مالك بن أنس سُئل عن ثمانٍ وأربعين مسألة، فقال في اثنتين وثلاثين منها: لا أدري"، وعن الإمام مالك أنه ربما كان يُسأل عن خمسين مسألة، فلا يجيب في واحدة منها، وكان يقول: "من أجاب في مسألة، فينبغي قبل أن يجيب فيها أن يعرِضَ نفسه على الجنة والنار، وكيف يكون خلاصه في الآخرة، ثم يجيب فيها".

سأل رجل القاسم بن محمد فقال للرجل: لا أحسنه، فقال الرجل: إني دُفعتُ إليك لا أعرف غيرك، فقال القاسم: لا تنظر إلى طول لحيتي، وكثرة الناس حولي، والله ما أحسنه، وقال القاسم: "والله لأن يُقطع لساني أحب إليَّ من أن أتكلم بما لا علم لي به"، ورُوي عن أبي بكر الأثرم قال: "سمعت أحمد بن حنبل يفتي فيكثر أن يقول: لا أدري".

وقال الإمام أبو حنيفة: "لولا الفَرَقُ - أي: الخوف - من الله تعالى أن يضيع العلم ما أفتيت؛ يكون لهم المهنأ وعليَّ الوزر".
يا مسلمون، من التعدي المحرم - بل هو كبيرة من كبائر الذنوب - أن يفتيَ من ليس أهلًا للفتوى؛ قال الله جل ثناؤه: ﴿ وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ﴾ [الإسراء: 36]، وقال: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ﴾ [النحل: 116].

أيها الناس، التجرؤ على الإفتاء من غير الراسخين في العلم، يجُرُّ على المجتمعات التهلكاتِ، وتحلُّ بهم المثُلات، ويقع فيهم الضلال والانحراف، وينعدم استقرار أحكام الشريعة وتذهب هيبتها، وما أصدق الصادق الصدوق نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حينما قال: ((إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يُبْقِ عالمًا، اتخذ الناس رؤوسًا جُهَّالًا، فسُئلوا فأفتَوا بغير علم، فضلُّوا وأضلُّوا))؛ [رواه البخاري].

فكم من جاهل أفتى بتكفير المسلمين! وكم من جاهل أفتى باستباحة دماءٍ معصمومة! وكم من جاهل أفتى بترويع الآمنين! وكم من جاهل أفتى بجواز ترك فريضة من الفرائض! وكم من جاهل أفتى بجواز أمور محرمة أجمع العلماء على تحريمها! إن الإفتاء بغير علم يؤدي للشقاق والفوضى، والشك في المسلَّمات من أمور الدين، ويؤدي إلى الهلاك، تأملوا رعاكم الله ورحمكم هذه الحادثةَ والقصة التي رواها أبو داود عن جابر رضي الله عنه؛ حيث قال: ((خرجنا في سفر، فأصاب رجلًا منا حجرٌ، فشجَّه في رأسه ثم احتلم، فسأل أصحابه فقال: هل تجدون لي رخصة في التيمم؟ فقالوا: ما نجد لك رخصة وأنت تقدر على الماء، فاغتسل فمات، فلما قدِمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، أُخبر بذلك، فقال: قتلوه قتلهم الله، ألا سألوا إذا لم يعلموا؛ فإنما شفاء العِيِّ السؤال))، أرأيتم عباد الله، هؤلاء صحابة فضلاء لامهم رسول الله حينما أفتوا بغير علم، فلو رأى رسولنا صلى الله عليه وسلم اليوم حالَ أناسٍ متجرئين على الفتوى بغير علم، فماذا سيقول لهم؟

الخطبة الثانية
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:
فإن من المراوغات والحيل النفسية ما يقوله بعض من الناس حينما يريد فتوى حسب مزاجه وهواه - يقول: "اجعل بينك وبين النار شيخًا"، أو "اجعل بينك وبين النار مطوعًا"، أو "اجعل الفتوى في رقبة عالم واخرج منها سالمًا"، وهذا الكلام لا يبيح للمسلم أن يستفتيَ من يوافق هواه وشهواتِ نفسه، ولا يبيح للمستفتي أن يأخذ بفتوى غير الراسخين في العلم الذين قال الله عنهم: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].


وليعلم كلُّ مستفتٍ أنه ليس كل إمام مسجد أهلًا للفتوى، ولا كل خطيب أهلًا للفتوى، ولا كل حامل للشهادة الجامعية الشرعية أهلًا للفتوى، ولا كل متحدث بارع في حديثه أهلًا للفتوى ولا كل مشهور أهلًا للفتوى.


يا كرام، الفتوى دين، الفتوى علم؛ يقول محمد بن سيرين: "إن هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"، وكما يحتاط المسلم عند بحثه عن علاج في البحث عن أفضل طبيب وأحسن طبيب؛ فلأن يبحث لدينه عن الأفضل أولى وأحرى.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.41 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.74 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.32%)]