|
ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() خطبة: الغيرة في الحياة الزوجية عدنان بن سلمان الدريويش إنَّ الحمد لله، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا كثيرًا. قال تعالى: ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ ﴾ [النور: 30، 31]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: بيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: ((بيْنَا أنَا نَائِمٌ، رَأَيْتُنِي في الجَنَّةِ، فَإِذَا امْرَأَةٌ تَتَوَضَّأُ إلى جَانِبِ قَصْرٍ، قُلتُ: لِمَن هذا القَصْرُ؟ قالوا: لِعُمَرَ بنِ الخَطَّابِ، فَذَكَرْتُ غَيْرَتَهُ فَوَلَّيْتُ مُدْبِرًا))، قالَ أبو هُرَيْرَةَ: فَبَكَى عُمَرُ بنُ الخَطَّابِ، ثُمَّ قالَ: أعَلَيْكَ بأَبِي أنْتَ وأُمِّي يا رَسولَ اللَّهِ، أغَارُ؟؛ (رواه البخاري). يا عباد الله، الغَيْرَةُ هي أفكار وأحاسيس وتصرُّفات تحدث عندما يظن الشخص أن علاقته القوية بشخص ما تهدِّد من قبل طرف آخر منافس، وهذا الطرف الآخر قد يكون مدركًا أو غير مدرك، وقيل الغَيْرة: كراهة الرجل اشتراك غيره فيما هو حقه، والرجل الغيور ضده الرجل الدَّيُّوث الذي يرى المنكر في أهله ثمَّ لا يتحرَّك منه شيءٌ، فيوافق على ما يرى من معاصٍ ومنكراتٍ لا يرضاها الله سبحانه. يا عباد الله، تقول فتاة: "أنا متأكدة من خيانة زوجي لي، فإحساسي لا يخيب، فنار الغيرة تأكلني كلَّما تأخَّر عن المنزل، وعندما أسأله عن سبب غيابه يخترع لي أسبابًا غير منطقية، أعلم أنَّني لست جميلة بالقدر الكافي؛ لذلك أبقى في حالة خوف وغيرة شديدة على زوجي". ويقول شاب: "لقد مللتُ حالة الاستجواب التي تتعامل زوجتي بها معي، أشعر أنَّني أجلس مع محقِّق وليس مع زوجتي، أين كنت؟ ومع من جلست؟ وما الرائحة التي عليك؟ إنها تقتلني بغيرتها عليَّ". أيها المسلمون، إن الشعور بالغيرة أمرٌ طبيعي في العلاقة الزوجية، فالغيرة المنضبطة قد تكون مطلوبةً للمحافظة على استمرارية العلاقة الزوجية، وزيادة مشاعر الحب، ولكن تحدث المشكلة عندما تتحوَّل إلى غيرة مفرطة لا يُمكن التحكُّم بها؛ مما يُشعر الأزواج بالقلق والخوف وعدم الأمان، ويُهدِّد العلاقة بينهما، وقد يدمِّرها أيضًا؛ لذا من الضروري التمييز بين الغيرة المنضبطة وغير المنضبطة لضمان استمرار العلاقة بنجاح. والسؤال هنا: ما مظاهر وأسباب الغيرة عند الرجل والمرأة؟ وكيف التغلب عليها؟ أولًا: المرأة تغار على زوجها من امرأة أخرى حين تشعر بأنها أجمل منها، أما الرجل فيغار على زوجته من سائر الرجال خاصة إذا خرجت بكامل زينتها. ثانيًا: المرأة تفتعل أي مشكلة أو خلاف من أجل التعبير عن غيرتها، وتنتهز أي فرصة لذلك، أما الرجل فيواجه المرأة ثائرًا وغاضبًا؛ لأنَّ الغيرة تستفزُّه. ثالثًا: الاهتمام الزائد والمفاجئ دليل على الغيرة، خاصةً إذا لم يكن يُظهِر أيَّ اهتمام من قبلُ. رابعًا: قد تكون الغيرة بسبب تجارب مؤلِمة مرَّ بها أحدُ الزوجين في الماضي، فهما يخشيان من تكرارها وفِقدان من يحب. خامسًا: متابعة ومراقبة الشريك في وسائل التواصل الاجتماعي، فتجدهم يتابعون التعليقات والإعجابات والمشاركات، وقد يغضبون ويعاتبون لأجلها، وربما يصل بهم الأمر إلى طلب كلمات المرور لحسابات التواصل الاجتماعي. سادسًا: إظهار عيوب الآخرين، وأنهم غير جديرين بالثقة، سواء كانوا من العائلة أو من الأصدقاء. ياعباد الله، لما قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: «لو رأيت رجلًا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أَتَعْجَبُونَ مِنْ غَيْرَةِ سَعْدٍ، فَوَالله لَأَنَا أَغْيَرُ مِنْهُ وَالله أَغْيَرُ مِنِّي))؛ رواه البخاري. نفعني الله وإيَّاكم بهدي نبيِّه وبسُنَّة نبيِّه -صلى الله عليه وسلم- أقول قُولِي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم، ولسائر المسلمين والمسلمات، من كل خطيئة وإثم، فاستغفروه وتوبوا إليه، إن ربي لغفور رحيم. الخطبة الثانية الحمد لله، خلَق فسوَّى، وقدَّر فهَدَى، وَصَلَّى الله وسلم على نبي الرحمة والهدى، وعلى آله وصحبه ومن اقتفى.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِنَّ الله يَغَارُ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ يَغَارُ، وَغَيْرَةُ الله أَنْ يَأْتِيَ الْمُؤْمِنُ مَا حَرَّمَ عَلَيْهِ))؛ رواه البخاري، أما بعد: جاء الإسلام بعدة أوامر ونواهٍ للأسرة حتى يحفظها ويجعلها نظيفة ونقية، ومنها: أنه فرض على المسلمات ستر مفاتنهن، وعدم إبداء زينتهن، يقول الله عز وجل: ﴿ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ﴾ [النور: 31]، وأنه حرَّم الدخول على النساء لغير محارمهن، وأنه أوصى بالحياء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الْحَياءُ مِن الْإِيمَانِ))، ومنها أنه حضَّ على حماية الأعراض، وأمر بغَضِّ البصر، وأنه أمر المرأة بعدم الخضوع في القول. يا عباد الله، ولعلاج نار الغيرة عند الزوجين عليهما بالتالي: أولًا: تعزيز الثقة بينهما، فكلما وَثَقَ كلُّ شريك بشريكه انتفت دواعي الغيرة بينهما. ثانيًا: الصراحة والابتعاد عن الغموض في تصرُّفاتهما، فالصراحة تجعل العلاقة تسودها الشفافية دون الوصول إلى الشك بينهما بسبب الغيرة. ثالثًا: الابتعاد عن الهوس والشك غير المنطقي الذي تسبِّبه الغيرة؛ مما يؤثِّر سلبًا على العلاقة، فتهدم الاستقرار والسعادة الزوجية. رابعًا: التعامل مع هذه المشاعر بتفهُّم ودون غضبٍ، ومحاولة إشعار الشريك الغيور بالأمان، وتجنُّب التصرُّفات المثيرة للغيرة. خامسًا: إظهار الحب باستمرار، وإخبار الشريك الآخر بالحب، وأنه جزء مهم في حياته. سادسًا: البحث عن مصدر الشعور بعدم الأمان، وتجاهل جراح الماضي، فإذا كان سبب عدم الشعور بالأمان التعرُّض لصدمة في الطفولة مثلًا، يُمكن التغلُّب على ذلك من خلال الحصول على الدعم المناسب لتحويل المعاناة لمصدر قوَّة. أخيرًا: التركيز على الأمور الإيجابية في حياة الزوجين بدلًا من التركيز على ما يمتلكه الآخرون، وحسدهم على ذلك، مع تجنُّب الاختلاط بالأشخاص دائمي البحث عن الكماليَّة، والأزياء، والموضة، والإجازات، والسيارات الباهظة، التي تُشعِر البعض بالعجز والغيرة. هذا وصلُّوا وسلِّموا عباد الله، على نبيكم؛ استجابةً لأمر ربكم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]، اللهم صلِّ وسلِّم على محمد، وعلى آل محمد، كما صليتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم. اللهم أَعِزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأعْلِ بفضلكَ كلمةَ الحق والدين، اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا وولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين، اللهم وَفِّقْه لِمَا تحب وترضى، وخذ بناصيته للبِرِّ والتقوى، اللهم وفِّقْه ووليَّ عهده لما فيه صلاح البلاد والعباد، ولما فيه الخير للإسلام والمسلمين، اللهم ارزقهما البطانة الصالحة، يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، واحقن دماءهم، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام. اللهم احفظ على هذه البلاد عقيدتها، وقيادتها، وأمنها، ورخاءها واستقرارها، وسائرَ بلاد المسلمين، اللهم اجعلها دائمًا حائزة للخيرات والبركات، سالمة من الشرور والآفات، اللهم اصرف عَنَّا شر الأشرار وكيد الفجار، وشرَّ طوارق الليل والنهار، رُدَّ عَنَّا كيدَ الكائدين، وعدوانَ المعتدين، ومكرَ الماكرين، وحقدَ الحاقدينَ، وحسدَ الحاسدينَ، حسبُنا اللهُ ونِعْمَ الوكيلُ. اللهم أبرم لأمة الإسلام أمرًا رشدًا، يُعَز فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويؤمَر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر، يا سميع الدعاء. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وألِّف ذات بينهم، وأصلح قلوبهم وأعمالهم، واجمعهم يا حي يا قيوم على العطاء والسُّنة، يا ذا العطاء والفضل والمنة. اللهم انصر جنودنا، ورجال أمننا، المرابطين على ثغورنا وحدودنا، اللهم تقبَّل شهداءهم، اللهم اشفِ مرضاهم، وعافِ جرحاهم، وردَّهم سالمين غانمين. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201] ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127] ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128]، واغفر لنا ولوالدينا ووالديهم، والمسلمين والمسلمات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، ﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الصافات: 180 - 182].
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |